وقد أمضى ولد الوالد يومين في رحلته حتى وصل إلى بلاده مساء، وذلك بعد 15 عاما من الغياب قضى 10 منها في السجون الإيرانية، حسب ما قاله في برنامج "مع تيسير".

وكان مفتي القاعدة السابق يتوقع استقبالا أمنيا في موريتانيا، لكنه لم يجد أيا من رجال الشرطة حتى تجاوز بوابة الجوازات، فوجد رجلا بثياب مدنية في انتظاره.

وهكذا، اصطحبه الرجل إلى حيث أمتعته فأخذوها دون تفتيش ثم استقلا سيارة أجرة من أمام المطار، وعندما طلب ولد الوالد الاتصال بأهله من هاتف السائق، أبلغوه بأنهم مكلفون باصطحابه إلى بيت بعينه قبل عودته إلى منزله.

وتم وضع ولد الوالد في أحد البيوت، وتم إبلاغه بأن عليه الانتظار في هذا المكان وممارسة حياته بشكل طبيعي حتى يصل إليه من يريد الحديث معه.

وفي ظهيرة اليوم التالي، استقبل ولد الوالد مسؤولا موريتانيا أبلغه بأنه سيخضع للإجراءات القانونية المتبعة وطمأنه بأنه ليس مطلوبا ولا معتقلا وأن المسألة كلها في إطار إخلاء مسؤولية الدولة من أي علاقة بينها وبين القاعدة.

لقاءات مع الأميركيين

وخضع ولد الوالد لتحقيق سريع لكنه لم يكن شديدا، وبعد 3 أيام استفسر من المسؤولين عما يتعين القيام به لتمكينه من العودة لبيته، فعرف أن الموريتانيين لم يبلغوا الأميركيين بوصوله إلا بعدما وصل إلى نواكشوط.

ورغم حصوله على وعد بأنه لن يمكث أكثر من أسبوعين وأنه ليس مدانا بأي شيء، إلا أنه أمضى 6 أسابيع في هذا المكان، فتسلل إليه الغضب حتى أتى والده لزيارته.

وبعدها، سمع ولد الوالد من وسائل الإعلام أن وفدا أميركيا وصل نواكشوط للتحقيق معه، وعندما تم إبلاغه رسميا بالأمر رفض لأنه لم يتفق على أي تعامل مع أي طرف غير موريتاني، لكنه شعر بأن الدولة أعطت وعدا للولايات المتحدة بتمكينهم من التحقيق معه.

ويبدو أن الموريتانيين كانوا يريدون ترتيب هذا اللقاء حتى تسقط الولايات المتحدة اسم ولد الوالد من قائمة المطلوبين وتلغي مكافأة الـ25 مليون دولار التي وضعتها على رأسه، حسب قوله.

إعلان

واشترط مفتي القاعدة السابق أن يلتقي الأميركيين مرة واحدة فقط وأن يكون الأمر في سياق النقاش وليس التحقيق وبحضور مسؤول موريتاني، فتم اللقاء بينه وبين 5 أشخاص كان بعضهم من أصول عربية وتمت معاملته باحترام واضح.

وكان أول سؤال من قِبل الأميركيون لولد الوالد عن الطريق التي وصل بها إلى موريتانيا، فأجابهم بأنه لا يحق لهم أن يسألوا إنسانا كيف ولا لماذا عاد إلى وطنه، فتجاوزوا هذه النقطة، وانتقلوا للحديث عن القاعدة.

كما رفض الحديث عن الأمور العسكرية والأمنية للقاعدة ولا عن أعضائه المسجونين في إيران، وطالبهم بحصر الحوار كله فيما يخص شخصه هو فقط.

وعندئذ سألوه عن أسباب كراهية المسلمين لأميركا، فأجابهم بأن السبب الحقيقي هو اعتداء الولايات المتحدة على بلاد المسلمين بالعراق وأفغانستان ومن قبلهما فلسطين، وليس حسدا على الديمقراطية والحرية كما يقول الساسة الأميركيون.

وخلال الحديث، نصح ولد الوالد الأميركيين بإعادة النظر في سياستهم الخارجية تجاه المسلمين لأنها هي التي تغذي عداءهم لأميركا وتدفعهم للعمل ضدها، ونصحهم أيضا بإيجاد طريقة للتفاهم مع حركة طالبان حتى لا تصبح أفغانستان عاجلا أو آجلا منطلقا جديدا للصراع.

نهاية التحقيقات والبراءة

وبعد الجلسة التي استمرت 4 ساعات، وافق ولد الوالد -بعد مماطلة- على لقاء ثانٍ، لأنه شعر بأنهم يمنحونه فرصة توضيح بعض الأمور التي يريد توضيحها وخصوصا ما يتعلق بعداء المسلمين مع أميركا.

لكن ولد الوالد اشترط أن يطلق سراحه بعد الجلسة الثانية، وأن يترأسها مسؤول موريتاني ويتم تسجيلها لأنه عرف أن تفاصيل الجلسة الأولى وصلت مغلوطة إلى الرئيس الموريتاني.

وعندما سألوه عن رغبته في رفع اسمه من قوائم المطلوبين كان رده أن طلبه لن يؤثر لو كانت الولايات المتحدة غير مقتنعة فعليا بعدم صحة وضعه عليها، وأبلغهم أيضا أنه لا يخشى تعرضه لأذى من القاعدة، وطالبهم بإطلاق الموريتانيين الثلاثة الذين كانوا محتجزين في غوانتانامو، رغم تبرئتهم من القضاء الأميركي.

ورفض ولد الوالد إجراء لقاء ثالث، مما دفع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز للتدخل عبر وسيط لإقناعه بترتيب هذه المقابلة الأخيرة التي سينتهي بعدها كل شيء، فقبل.

لكن الأميركيين كانوا مختلفين خلال هذا اللقاء الأخير وحرصوا على إظهار جفاء يناقض ما أظهروه في الجلستين الأولى والثانية، وأبلغوه بأنهم لا يصدقون أنه استقال من القاعدة أو انقطع عنها، وأنه ما عاد لموريتانيا إلا بعدما تقطعت به السبل.

ورد ولد الوالد على هذا الكلام بأنه لم يأخذ موافقة واشنطن عندما انضم للقاعدة ولم يكن ليستأذنهم حتى يستقيل منها، وأنه ليس معنيا أساسا بنظرة أميركا له، فكان ردهم "أنت خدعت بلدك والآن تريد أن تخدعنا" فطالبهم بسحب الكلام وعندما رفضوا غادر المكان وانصرف.

وبهذه النهاية المتوترة، طلب ولد الوالد من المسؤول الأمني العودة إلى بيته أو إحالته للمحكمة، لأنه لم يكن متأكدا أن الأميركيين قد غادروا إلى واشنطن على أن يعودوا لمقابلته مجددا ومناقشة بعض النقاط معه.

ولم يكن ولد الوالد يعرف بهذه التفاصيل، وعندما اضطر للجلوس معهم للمرة الرابعة كانت جلسة جافة وتضمنت الحديث عن علاقته بمحمد ولد صلاحي الذي قضى 4 سنوات في غوانتانامو، بسبب تحويل مفتي القاعدة السابق أموالا إلى عائلته عن طريقه.

إعلان

وانتهى الأمر بولد الوالد واقفا أمام القضاء الموريتاني الذي حكم بتبرئته وإطلاق سراحه وعودته إلى بيته ليواصل حياته بشكل طبيعي.

تيسير علوني ومحفوظ ولد الوالد

Published On 29/10/202529/10/2025|آخر تحديث: 17:39 (توقيت مكة)آخر تحديث: 17:39 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

أزمة السوبر.. تفاصيل تحقيق أبو ريدة في اختفاء قرار عقوبة ثلاثي الزمالك

كشف الإعلامي خالد الغندور، عن كواليس أزمة اختفاء عقوبة ثلاثي الزمالك في أزمة السوبر.

وقال الغندور خلال برنامجه ستاد المحور، إنه قبل تولي مجلس إدارة الاتحاد الحالي المهمة، هاني أبو ريدة كان على علم باتخاذ المجلس السابق برئاسة جمال علام، عقوبة إيقاف ضد الثلاثي عبدالواحد السيد مدير الكرة السابق بالزمالك وثنائي الفريق نبيل عماد دونجا ومصطفى شلبي، في أزمة السوبر المصري بالإمارات.

وأضاف، بعد تولي أبو ريدة المسؤولية بشكل رسمي، اطلع على جميع المستندات، لكن خطاب إيقاف ثلاثي الزمالك لم يكن ضمن الأوراق في اتحاد الكرة.

وتابع، الزمالك أرسل استفسارا عن موقف دونجا، واتحاد الكرة لا يعلم هل اللاعب معاقب أم لا، وصباح اليوم، عقد أبو ريدة اجتماعا طارئا مع إدارتي المسابقات والشؤون المالية ولم يجد خطاب العقوبة، أو الغرامة المالية الموقعة على نادي الزمالك.

وأكد، تحدث أبو ريدة مع جمال علام وأبلغه بأن مجلسه أصدر عقوبة ضد ثلاثي الزمالك، وأرسل له الخطاب الرسمي لكن الخطاب لم يكن فيه صادر أو ما يثبت تسلم الزمالك له.

واختتم، أبو ريدة تحدث مع وليد العطار المدير التنفيذي السابق لاتحاد الكرة، وفوجئ بأن الاتحاد لم يرسل خطاب رسمي للزمالك لكنه أرسل العقوبة عن طريق البريد الإلكتروني، إلى أحمد إبراهيم إداري الأبيض السابق.

طباعة شارك الزمالك دونجا مصطفي شلبي اخبار الرياضة

مقالات مشابهة

  • تفاصيل جديدة عن جريمة صوفر التي أودت بزوجين.. هذه خلفياتها
  • علاء عبد الغني يروي تفاصيل «محطة الزمالك الفاصلة» في مسيرته الكروية
  • ضربت واحد في أسبانيا.. المخرج محمد سامي يروي تفاصيل أزمة ابنته الصحية ومُعاكسة زوجته
  • مفتي القاعدة السابق يروي قصة هروبه من الأمن الإيراني وعودته لموريتانيا
  • تفاصيل مفاجئة في أزمة إيقاف دونجا من المشاركة في السوبر.. شوبير يكشف
  • وزير السياحة السابق يناقش التحديات التي تواجه الأسواق الناشئة بالجامعة اليابانية بالإسكندرية
  • أزمة السوبر.. تفاصيل تحقيق أبو ريدة في اختفاء قرار عقوبة ثلاثي الزمالك
  • ياسر فرج يروي تفاصيل لأول مرة عن طلاق زوجته وإصابتها بالسرطان
  • مفتي القاعدة السابق يروي قصة هروب ابنة ابن لادن من طهران