صحيفة التغيير السودانية:
2025-10-30@22:32:10 GMT

ما بعد الإدانة!!

تاريخ النشر: 30th, October 2025 GMT

ما بعد الإدانة!!

صباح محمد الحسن

طيف أول:
للمعاني التي تلاشت في غسق الظلم، ولغيرها تلك المتعثرة فوق أشلاء الانتظار، تترقب أمنية يسيرة!!
وتضع الحربُ أطرافَ النزاع أمام مسؤولية إنسانية جسيمة، طالما أنها تجبر المواطن السوداني على الوقوف على حافة الموت في كل ساعة. مدن أنهكتها المعارك وشرّدت أهلها، وواقع مأساوي أليم، ولكن لا بد من نظرة وسط هذا الدمار والخسائر، بالوقوف أيضًا على رماد هذه المأساة.


فمنذ دخول قوات الدعم السريع إلى العاصمة الخرطوم، توالت الإدانات الرسمية والشعبية ضدها، وازدادت حدتها مع تمدد هذه القوات إلى ولاية الجزيرة، حيث تعالت المطالبات بتصنيفها جماعة إرهابية، بعد أن ارتكبت انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، وتكررت جرائمها لاحقًا في مدينة الفاشر، التي شهدت فظائع غير مسبوقة.
وفي ظل هذا التصاعد الدموي، يبرز سؤال جوهري: من يوقف هذا الخطر الداهم الذي بات يهدد المواطنين في مدن الحرب، وكذلك في المدن الآمنة، والتي قد تكون ضمن مخطط التوسع القادم الذي حملته خطابات قادة الدعم السريع بأن القادم أسوأ؟ فمتى تتجاوز السلطة الحاكمة دائرة الشجب والإدانة، لتنتقل إلى الفعل السياسي المسؤول؟ وهل سنظل نكرر بيانات الاستنكار مع كل ولاية تُستباح، أم أن الوقت قد حان لاختيار مسار آخر يضع حياة المواطنين في مقدمة الأولويات؟!
لقد تحولت ساحات القتال إلى مسارح عبثية، تُزهق فيها الأرواح على يد “المهرجين المجرمين”، الذين يمارسون القتل ببراعة وفن، وينتظرون التصفيق من جماهيرهم، في مشهد مأساوي يفتقر إلى أدنى درجات الإنسانية.
ويبقى السؤال الأكثر إلحاحًا: إلى متى سيظل الفريق أول عبد الفتاح البرهان متمسكًا برفضه للحل السياسي؟!
ولو تم تصنيف قوات الدعم السريع رسميًا كميليشيا إرهابية، هل سيوقف ذلك تمددها إلى ولايات جديدة؟ أم أننا سنعيد إنتاج ذات الشجب والإدانة، ونضيف أسماء جديدة إلى قائمة الضحايا؟!
إن وقف هذا النزيف لا يتحقق إلا بإعلان واضح وصريح من قائد الجيش عن استعداده الحقيقي للتفاوض، بعيدًا عن الحسابات الضيقة والارتباطات التنظيمية. فالقائد الذي يبرر انسحابه من المعركة بحجة حماية المدنيين، عليه أن ينسحب أيضًا من تحالفاته التي تعيق الوصول إلى طاولة الحوار. فالانسحاب الأول عرّض آلاف الأرواح للخطر، أما الثاني فقد ينقذ آلافًا من الأبرياء في الولايات التي لم تصلها بعد نيران الحرب.
نحن أمام مسرح دموي مفتوح على كل الاحتمالات: ساحة فوضوية، خلافات بين القوات العسكرية، تصاعد خطاب الكراهية والعنصرية، وانعدام الثقة بين القوى الميدانية، ما يجعل صوت التخوين أعلى من صوت الوحدة الوطنية. هذا الوضع الضبابي قد يفضي إلى واقع كارثي جديد، ربما يشهد مزيدًا من الفوضى التي قد تؤجج ضغائن التصفيات العشوائية أو الاغتيالات المنظمة، ما لم يُرجّح خيار السلام على ما سواه.
لكن هذا الخيار يواجه صراع عقلية قيادات تنظيم الإخوان، حتى لا يصبح أمرًا ممكنًا، لأنها تدرك أنها تقف الآن على نهاية الطريق، ولهذا لا تريد أن تُحرق وحدها، وتسعى إلى استغلال هذا الوضع لممارسة مزيد من العنف، خاصة وأنها عندما أشعلت فتيل الحرب، ما أشعلته إلا من أجل البقاء. وبعد أن أحرقت البلاد، لم يتبقَّ لها سوى أن… غير أن الحقد والغبن يدفعان الأبرياء من المواطنين إلى دفع أثمان باهظة، نظير فشلهم وزوالهم.
طيف أخير:
واشنطن بوست: مسؤولون من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بحثوا في واشنطن، يومي الخميس والجمعة الماضيين، مع دبلوماسيين أمريكيين وقفَ نارٍ لثلاثة أشهر، وفقًا لمسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية، أكد أن الطرفين “ما زالا يشعران بأن بإمكانهما تحقيق النصر”.
وهذا هو الاعتقاد الذي قتل آلاف الأبرياء.

نقلاً عن صحيفة الجريدة السودانية

الوسومصباح محمد الحسن

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: صباح محمد الحسن الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

"من أجل التسلية والترهيب".. كيف حولت "الدعم السريع" القتل إلى لعبة بالفاشر؟

يعرف القتل العمد قانونيا بأنه فعل يهدف إلى إزهاق الروح عن قصد وبطريقة غير مشروعة.

 

ولكن حين تحول قوات الدعم السريع في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور في السودان القتل إلى "لعبة موت بهدف التسلية، الانتقام، والترهيب"، فإن الأمر يتحول إلى "إبادة جماعية ممنهجة بحق المدنيين العزل".

 

وفقا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، عرّفت المادة (8) جرائم الحرب بأنها تشمل: القتل العمد للمدنيين أو لأسرى الحرب.

 

والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، وأخذ الرهائن، وتدمير الممتلكات دون مبرر عسكري.

 

جميع هذه البنود خرقتها عناصر قوات الدعم السريع خلال استباحتهم لمدينة الفاشر بحسب رأي رواد العالم الافتراضي.

 

"القتل من أجل التسلية والترهيب" هذا ما لاحظه جمهور منصات التواصل الاجتماعي في المقاطع التي ينشرها عناصر قوات الدعم السريع لعمليات التصفية التي ينفذونها بحق أهالي الفاشر منذ انسحاب الجيش السوداني منها.

 

وقال مغردون إنهم لا يستبعدون أن تكون اللقطات التي تصورها قوات الدعم السريع أثناء ارتكاب جرائمها وذبحها للناس مشاهد تم تصويرها وإذاعتها بتوصية مباشرة من الجهات الداعمة.

 

وأضافوا أن بث الصور والفيديوهات بهذا الشكل المكثف لا يعبر فقط عن حالة انتقام فردي عشوائي، وإنما هو أقرب لحملة إعلامية ممنهجة هدفها إعلان السيطرة المطلقة، وتفريغ الأرض تماماً من مؤيدي الجيش السوداني، تمهيداً لإعلان التقسيم والانفصال عن السودان.

 

وأشار ناشطون إلى أن ما يحدث في الفاشر ليس انتصارا لحركات مسلحة، بل هو دفن حي للضمائر الإنسانية.

 

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تدعم هذه القوات الدعم السريع؟ ولصالح من تُفتح لهم طرق النهب والقتل والتوحش؟

 

وأكد متابعون سودانيون أن فيديوهات التطهير العرقي بدأت تظهر بوضوح، حيث يتم ذبح مواطني دارفور من الوريد إلى الوريد مثل الشاة "هل تتخيل يا إنسان كيف يمكننا أن نعيش مع الجنجويد المرتزقة؟ أين الضمير الإنساني العالمي؟".

 

وقالت شبكة أطباء السودان عبر منشور على صفحتها في فيسبوك إن المجازر التي يشاهدها العالم اليوم هي امتداد لما جرى في الفاشر منذ أكثر من عام ونصف؛ إذ قُتل بالقصف والتجويع والتصفية أكثر من 14 ألف مدني، في ظل حصار مطبق وتجويع ممنهج واستهداف متعمد للمرافق المدنية والأسواق ومعسكرات النزوح.

 

وخلال 3 أيام فقط، قتلت قوات الدعم السريع قرابة 1500 مدني في الفاشر، جميعهم تم تصفيتهم أثناء محاولتهم الخروج من المدينة هرباً من الاشتباكات التي بلغت ذروتها.

 

وأضافت الشبكة أن ما يحدث في الفاشر يمثل إبادة حقيقية على أساس إثني، وسط تجاهل دولي وإقليمي ودون أي رد فعل بحجم المجازر التي ترتكب بحق المدنيين، والتي يبثها الجناة في تحدٍ واضح وتعمد في القتل والتصفية بصورة ممنهجة.

 

في المقابل، خرج قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بمقطع فيديو قال فيه:

 

"نعبر عن أسفنا لما وقع في مدينة الفاشر، ولكن الحرب فُرضت علينا. طوينا صفحة الحرب في مدينة الفاشر، ونفتح الآن صفحة السلم، وأعلن تشكيل لجنة تحقيق في ما وقع بمدينة الفاشر. ونعلن السماح بحركة المدنيين في الفاشر بشكل فوري وكامل ودون عوائق".

 

وأضاف حميدتي أنه أمر قواته بالخروج من الفاشر بعد إزالة العوائق لتتولى الشرطة الأمن فيها.


مقالات مشابهة

  • الهجرة الدولية: نزوح آلاف المدنيين من شمال كردفان مع تصاعد هجمات الدعم السريع
  • “وجه الرعب” في الفاشر..من هو السفاح “أبو لولو” الذي تفاخر بقتل مئات السودانيين؟ / فيديو و صور
  • "من أجل التسلية والترهيب".. كيف حولت "الدعم السريع" القتل إلى لعبة بالفاشر؟
  • الدعم السريع والخسران المبين
  • الجامعة العربية: ندعو إلى وقف إطلاق النار في الفاشر السودانية التي تتعرض لحصار من قوات الدعم السريع
  • كارثة إنسانية في دارفور.. آلاف القتلى في الفاشر وتصاعد هجمات الرد السريع
  • ارتكبتها الدعم السريع.. الاتحاد الأفريقي يدين الفظائع وجرائم الحرب في الفاشر
  • خالد سلك .. جرائم الدعم السريع تستدعي محاسبة فورية
  • حكومة السودان تدين الجرائم الإرهابية التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع في مدينة الفاشر