في الوقت الذي تبدو فيه المنطقة العربية غارقة في مشاريع التطبيع والتحالفات الجديدة، تشهد الساحة اليمنية تصعيداً خفياً ومتصلاً في الخطاب الإعلامي والسياسي الذي تقوده السعودية ضد مشروع المسيرة القرآنية، يصف مراقبون هذا التصعيد بأنه جزء من مخطط متكامل يستهدف اليمن على المستويين العسكري والفكري، بعدما فشلت الرياض في تحقيق أهدافها ميدانياً خلال سنوات العدوان، فتحوّلت إلى استخدام الإعلام والدعاية وحرب الأفكار لإضعاف البنية الفكرية والسياسية للمشروع القرآني.

يمانيون / تقرير / خاص

 

من العدوان العسكري إلى العدوان الناعم

بدأ التدخّل العسكري السعودي في اليمن عام 2015 لإعادة ما يسمى الشرعية ،  لكنّ النتائج الميدانية جاءت معاكسة لتطلعات تحالف العدوان، فبعد نحو عقد من هذا العدوان الغاشم، لم تستطع السعودية حسم عدوانها عسكرياً، بينما تكرّس وجود مشروع المسيرة القرآنية، في اليمن وخصوصاً المحافظات الحرة، مُكتسباً شرعيةً اجتماعية وشعبية واسعة.

هذا التحوّل الميداني دفع الرياض، إلى التحوّل نحو أدوات غير تقليدية، الحرب النفسية، التضليل الإعلامي، اختراق النسيج الاجتماعي، والضغط الاقتصادي، وكلها تصبّ في هدفٍ واحد، تحجيم مشروع المسيرة القرآنية وتجريده من حاضنته الشعبية والفكرية.

 

المسيرة القرآنية .. مشروع الوعي المقاوم 

مشروع المسيرة القرآنية هو منهج بنيوي لإصلاح الأمة وتوجيه طريقها نحو العزة والكرامة والاستقلال يستمد كل موجهاته على كافة المستويات الدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية من القرآن الكريم كمرجعية شاملة، رافضاً التبعية للخارج، ومناهضاً للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية.
أما في الإعلام السعودي، فيُقدَّم المشروع على النقيض تماماً، بأنه كيانٌ متطرّفٌ مرتبط بإيران، يُهدد استقرار المنطقة.
الفارق بين الخطابين ليس مجرد اختلاف في التوصيف، بل هو صراع سرديات يعكس جوهر المواجهة بين مشروعين:

مشروع يعتمد على الوعي الشعبي والهوية الدينية المقاومة،

ومشروع يسعى إلى تطويع المنطقة ضمن تحالفات أمريكية – إسرائيلية – خليجية.

 

أدوات المخطط السعودي

الإعلام كسلاح رئيسي ، خلال السنوات الأخيرة، تصاعدت الحملات الإعلامية الموجّهة من منصات سعودية ضد صنعاء والمشروع القرآني.

القنوات الفضائية السعودية مثل العربية والحدث خصصت مساحات يومية لتقارير تُصوّر المشروع كتهديد إرهابي، في المقابل، أطلقت الرياض عبر منصات التواصل حملات رقمية منسقة استخدمت وسوماً مثل: خطر_الحوثي وإيران_تحتل_اليمن، لإثارة الذعر الإقليمي وتبرير استمرار العدوان.

يقول أحد المحللين أن السعودية فشلت في كسب المعركة على الأرض، لذلك انتقلت إلى معركة تزييف الوعي، وأصبح الإعلام صاروخاً موجهاً، يهدف لتجريد المسيرة القرآنية من بعدها الديني والوطني.

 

التضليل والتشويه الممنهج

تتّبع الآلة الإعلامية السعودية استراتيجية تقوم على إعادة إنتاج الأكاذيب بشكل دوري، ترويج أخبار مزعومة عن انقسامات داخل صنعاء، ونشر تقارير مجهولة المصدر حول صراعات داخل البنية القيادية للمسيرة، والتركيز على شماعة التدخل الإيراني كحجة دائمة لتشويه المشروع.

بحسب تحليل أعدّه مركز إعلامي مستقل في صنعاء عام 2024، فإن أكثر من 60% من الأخبار المتعلقة باليمن في وسائل سعودية تحمل طابعاً تضليلياً أو دعائياً، وتستند إلى مصادر مجهولة أو تقارير من مواقع مشبوهة.

 

الحصار الاقتصادي كسلاح سياسي

في موازاة الحرب الإعلامية، تستخدم السعودية الاقتصاد كسلاحٍ في معركتها ضد اليمن، من إغلاق المنافذ، وتجميد الموانئ، وتعطيل تصاريح الشحن، كلها أدوات ضغط تهدف إلى إضعاف قدرة المشروع القرآني على إدارة مؤسسات الدولة وتلبية احتياجات المواطنين، وبالتالي خلق تذمّر شعبي من الداخل.

لكن الواقع أظهر أن هذا الضغط الاقتصادي لم يُضعف تماسك المجتمع اليمني بقدر ما كشف الطابع العقابي للحصار العدواني، وجعل الخطاب الذي يفضح مخططات السعودية أكثر حضوراً بين الناس.

 

الاختراق الثقافي والديني

تعمل مؤسسات دينية سعودية على إعادة إنتاج خطاب ديني رسمي يُشيطن المشروع القرآني ويصفه بالانحراف المذهبي.
ويؤكد باحثون يمنيون أن هذه الخطابات تُضخ في المناهج التعليمية والخطاب الإعلامي الخليجي ضمن حرب هويةٍ طويلة المدى تستهدف وعي الأجيال الجديدة في اليمن والمنطقة.

 

قائد المشروع القرآني في اليمن ممثلاً بالسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله، يرى أن هذه الحملات ليست سوى امتدادٍ لمخطط صهيوني _ أمريكي تقوده السعودية في المنطقة.
وقد أكد في معرض خطاباته الموجهة للسعودية التي اشتملت على النصح للسعودية وكشف خلفيات تحركاتها العدوانية بأن العدو حين عجز عن إسقاط صنعاء بالقنابل، حاول إسقاطها بالدعاية، لكن الوعي القرآني أقوى من كل حملاتهم.

في المقابل، يرى محللون أن من الضرورة كسر احتكار الصورة، وتوثيق الأكاذيب إعلامياً، عبر إنشاء منصات تحقق مستقلة تعمل على كشف التضليل وإعادة سرد الحقائق بموضوعية.

 

البعد الإقليمي .. اليمن بين مشروعين

يُجمع المحللون على أن السعودية تسعى إلى تحييد أي نموذج مقاوم يمكن أن يشكّل خطراً فكرياً يهزم منهجها الفكري أو يؤثر فيه على المستوى الإقليمي، وشحذت كل إمكاناتها وسخرتها لعداء كل مشروع يشكل خطراً فكرياً على منهجها الذي بدأ يتكشف خطره في كل الدول العربية والإسلامية .
في المقابل، يواصل مشروع المسيرة القرآنية رفع شعارات التحرّر من الهيمنة والتطبيع، ما يجعله في مواجهة مباشرة مع المخطط الأمريكي – الصهيوني الذي تتبنّاه بعض الأنظمة الخليجية.

 

أخيراً ..

يبدو أن السعودية لم تتخلّ عن هدفها الاستراتيجي في تفكيك الوعي اليمني المقاوم، لكنها غيّرت الوسيلة، من القصف إلى الكلمة، ومن الصاروخ إلى الشائعة والتضليل.
ومع كل حملة دعائية جديدة، تتكشف الحقائق في حقيقة نوايا مملكة الشر، سواءً في داخل الشارع اليمني أو العربي، ولن تنجح الرياض في إسقاط المشروع القرآني ، بالحرب الإعلامية بعد أن فشلت في الحرب العسكرية
أما المشروع القرآني، فقد تَشكّل من رحم المعاناة والحصار، ووقف وحيداً في مواجهة قوى الاستكبار العالمي وسيواصل انتصاره وتوسعه بصفته مشروعاً للتحرر والإحياء القرآني في وجه الهيمنة

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: مشروع المسیرة القرآنیة المشروع القرآنی فی الیمن

إقرأ أيضاً:

اليمن يطلق التقرير الوطني بشأن العدوان الأمريكي الإسرائيلي الغربي “يناير 2024 – سبتمبر 2025م”

الثورة نت /..

أطلق اليمن، اليوم، التقرير الوطني، بشأن العدوان الأمريكي الإسرائيلي الغربي على اليمن، خلال الفترة من يناير 2024 وحتى سبتمبر 2025م، نتيجة لموقف اليمن الديني والإنساني في دعم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وفي المؤتمر الصحفي الذي نظمته الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، لإطلاق التقرير، أكد رئيس الهيئة علي تيسير، أن اليمن استطاع بصموده وإسناده للشعب الفلسطيني أن يغير موازين القوى ومفاهيم الأكاديميات والمعاهد العسكرية، بعد أن استطاع هزيمة أقوى إمبراطوريات العالم.

وأوضح أن التقرير يهدف إلى إطلاع الرأي العام العالمي على شواهد وحقائق العدوان على اليمن، والتي غابت عن العالم نتيجة الماكينة الإعلامية الضخمة التي سعت إلى تشويه اليمن ومواقفه الإنسانية والبطولية.

وأشار إلى أن هذا التقرير الوطني يكشف عن حجم الخسائر التي تكبدها اليمن طوال عامين من هذا العدوان الذي جاء في أساسه امتداداً للعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، ومحاولة من الأعداء لإيقاف اليمن عن إسناد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي يتعرض لأبشع جريمة إبادة جماعية في التاريخ الحديث.

وذكر رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، أن التحالفات العديدة التي أقامتها أمريكا وحلفاؤها بهدف إيقاف إسناد اليمن لغزة، باءت جمعيها بالفشل أمام عزيمة رجال الرجال وصمود الشعب اليمني العظيم.

ولفت إلى أن هذه التحالفات العدوانية على اليمن، مفلسة لحق بها الفشل من كل جانب رغم التحشيدات الهائلة للعدوان من حاملات الطائرات ومختلف أنواع الأسلحة الفتاكة.

وأكد أن العدوان الأمريكي الإسرائيلي الغربي، ارتكب جرائم حرب مكتملة الأركان، واستهدف كل ما له علاقة بالإنسان في اليمن ولم تسلم منه حتى مقابر الموتى، دون أدنى وازع من ضمير، أو مراعاة للقوانين الإنسانية والدولية.

وأشار تيسير إلى أن محاولات العدوان لتشويه مواقف اليمن لم ولن تفلح.. داعياً مختلف وسائل الإعلام المحلية والخارجية إلى كشف وإيضاح جرائم العدوان بحق اليمن وشعبه.

وجدد التأكيد على أن اليمن، وتحت قيادته الحكيمة ممثلة بالسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، قدم كل ما يمكن تقديمه لنصرة غزة، ودفع أثمانا باهظة من أجل ذلك.. مبيناً أنه تم إعداد دعوى قضائية بشأن جرائم العدوان الأمريكي الإسرائيلي الغربي على اليمن، لرفعها في القضاء اليمني ومن ثم للقضاء الدولي في أقرب وقت.

وفي المؤتمر الصحفي، استعرض المستشار القانوني لوزارة العدل وحقوق الإنسان حميد الرفيق، التقرير الوطني بشأن العدوان الأمريكي الإسرائيلي الغربي على اليمن، خلال الفترة من يناير 2024 وحتى سبتمبر 2025م، نتيجة للموقف الديني والإنساني في دعم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وأشار التقرير إلى هذا العدوان الذي نفذ ألفين و801 غارة على اليمن، أسفر عن استشهاد وإصابة ألف و669 مدنياً بينهم 441 شهيداً، وألف و228 جريحاً.. موضحاً أن من بين الشهداء 38 طفلاً و23 امرأة، ومن بين الجرحى 197 طفلاً و96 امرأة.

وتناول عددا من أبرز جرائم العدوان الأمريكي البريطاني الإسرائيلي على اليمن، ومنها اغتيال حكومة البناء والتغيير، واستهداف الموانئ والمطارات والمدن والأحياء السكنية والمستشفيات والمراكز الصحية، بالإضافة إلى الهجمات التي استهدفت التجمعات والأعيان المدنية، وقطاعات الاتصالات والكهرباء ومنشآت خدمية واقتصادية أخرى.

وتطرق التقرير إلى تحركات العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن في مختلف المجالات، ودوافع أمريكا وحلفائها وتحركاتها العسكرية وأنواع الأسلحة الأمريكية والبريطانية والصهيونية المستخدمة في العدوان.

وتناول الهجمات الجوية والبحرية على المدنيين في اليمن، والآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية جراء العدوان.

وأورد التقرير تفاصيل انتهاكات العدوان والتي طالت أمانة العاصمة ومختلف المحافظات اليمنية.. مؤكدا أن ما تعرض له اليمن خلال هذا العدوان، ليس مجرد عمليات عسكرية محدودة، بل عدوان ممنهج استهدف الإنسان، والأرض والبنى التحتية بصورة شاملة، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي الإنساني ومواثيق الأمم المتحدة، واتفاقيات جنيف الرابعة.

ولفت الرفيق إلى الأضرار غير المباشرة جراء العدوان على اليمن والتي أدت إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة.

من جانبه استعرض مدير مكتب الحقوق والحريات بمكتب رئاسة الجمهورية علي جسار، توصيات التقرير الوطني، ومن أبرزها المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة بإشراف مجلس حقوق الإنسان أو مجلس الأمن الدولي للتحقيق في جرائم العدوان الأمريكي البريطاني الإسرائيلي على اليمن.

كما طالبت التوصيات بإحالة مرتكبي الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية طبقاً لأحكام نظام روما الأساسي، وضمان عدم إفلات أي من قيادات العدو الأمريكي البريطاني الإسرائيلي من المساءلة.

ودعت الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية، لتوثيق الأضرار الإنسانية والاقتصادية والعمل على إنشاء صندوق دولي لجبر الضرر وتعويض الضحايا.

وحثت التوصيات على إدانة الحصار الاقتصادي والإجراءات العقابية التي تمارسها أمريكا وبريطانيا والكيان الإسرائيلي ضد الشعب اليمني واعتبارها شكلاً من أشكال العقاب الجماعي المحظور دوليا، والعمل على رفع القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية وضمان وصولها إلى جميع المحتاجين دون تسييس أو تمييز.

كما دعت إلى إطلاق حملات تضامن إنسانية ودولية لمساندة الشعب اليمني ورفع الحصار عنه، وتوسيع الشراكة مع المنظمات الحقوقية الدولية لتوثيق الأضرار وإيصال صوت الضحايا إلى الرأي العام العالمي.

مقالات مشابهة

  • المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تجذب أول استثمار كوري في صناعة الملابس الجاهزة
  • مرتزقة العدوان يواصلون نهب ثروات اليمن النفطية والغازية في البحر
  • باسمير ينال الماجستير في العلوم العسكرية برسالة عن الجرائم الإلكترونية في اليمن
  • نائب وزير الخارجية: اليمن على أتم الجهوزية لاستئناف العمليات العسكرية ضد الكيان
  • حصيلة العدوان الأمريكي الإسرائيلي البريطاني على اليمن منذ يناير 2024 وحتى سبتمبر 2025م
  • 2901 غارة نفذها العدوان على اليمن أسفرت عن استشهاد وإصابة 1669 مدنياً
  • اليمن يطلق التقرير الوطني بشأن العدوان الأمريكي الإسرائيلي
  • 1669 شهيدًا وجريحًا في اليمن ضحايا العدوان الأمريكي الصهيوني البريطاني
  • اليمن يطلق التقرير الوطني بشأن العدوان الأمريكي الإسرائيلي الغربي “يناير 2024 – سبتمبر 2025م”