46 عامًا على أزمة الرهائن.. إيران تُحيي ذكرى اقتحام السفارة الأمريكية في طهران
تاريخ النشر: 4th, November 2025 GMT
قرر الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، رغم معارضة عدد من مستشاريه، إرسال قوة خاصة لتنفيذ عملية إنقاذ الرهائن في 24 أبريل/نيسان 1980، غير أن المهمة انتهت بالفشل إثر عاصفة رملية عطّلت عدة مروحيات، وأسفرت عن مقتل ثمانية جنود أمريكيين. وأحدثت العملية صدمة واسعة داخل الأوساط العسكرية والشعبية.
يحتفل الإيرانيون اليوم بالذكرى السنوية لاقتحام السفارة الأمريكية في طهران، حيث تجمع العشرات في موقعها السابق مرددين شعارات مثل: "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل".
وقد علّق بعض المشاركين دمى تمثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأحرقوا الأعلام الأمريكية والإسرائيلية. وذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن فعاليات مماثلة أقيمت في مدن وبلدات إيرانية أخرى.
وعلى هامش المسيرات، عُرضت مجسمات لصواريخ إيرانية نُقشت عليها عبارات مناهضة لما وصفوه بـ"الاستكبار العالمي"، إلى جانب نماذج لأجهزة طرد مركزي تُستخدم في تخصيب اليورانيوم.
ومع أن هذه الوقفة تُنظّم سنويًا، إلا أن هذه الذكرى تأتي في ظروف أكثر تعقيدًا، بعد مواجهة عسكرية عنيفة خاضتها طهران في يونيو الماضي مع تل أبيب، استمرت 12 يومًا وانتهت بتدخل الولايات المتحدة بقصف المنشآت النووية الإيرانية.
كما تأتي هذه الذكرى بعد إعادة مجلس الأمن فرض العقوبات الأممية على الجمهورية الإسلامية، عقب طلب الترويكا الأوروبية تفعيل "آلية الزناد" والعودة لما قبل اتفاقية العمل المشتركة لعام 2015، ما زاد من الضغوط على البلاد التي تواجه أصلاً وضعًا اقتصاديًا صعبًا.
أصل الأزمة: اقتحام السفارة واحتجاز الرهائنقبل 46 عامًا، وبعد 9 أشهر من قيام ثورة روح الله الخميني ضد حكم الشاه محمد رضا بهلوي، اقتحم طلاب إيرانيون السفارة الأمريكية وسيطروا عليها بعد تجاوزهم الحراس، واحتجزوا 66 رهينة، بينهم دبلوماسيون ومدنيون، مطالبين بتسليم الشاه الذي فرّ إلى الولايات المتحدة وحصل على حماية الرئيس جيمي كارتر لتلقي العلاج.
وقد ردّت الولايات المتحدة على العملية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وفرض عقوبات على واردات النفط الإيراني، وتجميد الأصول الإيرانية.
شكّلت هذه الخطوة منعطفاً حاسماً في المسار الديبلوماسي الإيراني، حيث مثلت لحظة مفصلية انتقلت فيها إيران من كونها حليفة ضمن المعسكر الغربي إلى قطب معادٍ للولايات المتحدة.
ولم يكن هذا الاحتجاز مجرد حدث عابر، بل كان إعلاناً صريحاً بالقطيعة مع الماضي، كما أسهم بشكل كبير في ترسيخ شرعية قائد الثورة وتعزيز نفوذه على الصعيدين المحلي والدولي.
ويرى بعض المراقبين أن أزمة الرهائن كانت عاملًا رئيسيًا في خسارة جيمي كارتر للانتخابات الرئاسية، ووصول رونالد ريغان إلى الحكم، مع انتشار شائعات عن تواصل فريق ريغان الانتخابي مع الإيرانيين لضمان عدم إطلاق الرهائن قبل الانتخابات، وهو ما نفاه ريغان بشكل قاطع.
Related رغم مرور 40 عاما .. أزمة الرهائن لا تزال تسمم العلاقات الأمريكية الإيرانية في الذكرى ال40 لأزمة الرهائن خامنئي يرفض التفاوض مع واشنطن كيف أطلق سراح الرهائن؟في اليوم نفسه من اقتحام السفارة، تمكن ستة دبلوماسيين أمريكيين من الهرب واختبأوا في منزل الدبلوماسي الكندي جون شيرون، ثم منحهم رئيس الوزراء الكندي جو كلارك جوازات سفر كندية ليتمكنوا من العودة إلى بلادهم جوًا، في حدث بات يعرف باسم "الوثبة الكندية".
كما أُطلق سراح 14 رهينة من النساء والأمريكيين من أصول أفريقية ومواطنين من دول أخرى، إضافة إلى رهينة واحدة أُفرج عنها لأسباب صحية. وبحلول منتصف صيف 1980، بقي 52 رهينة في قبضة الطلاب.
وقد تعرض بعضهم لمعاملة وصفت بـ" المهينة"، إذ كانوا يُعصبون ويعرضون على كاميرات التلفزيون لمشاهدتهم من قبل الحشود، مع قلة السماح لهم بالكلام أو القراءة أو تغيير ملابسهم، ما سبب إحراجًا للولايات المتحدة التي فشلت محاولاتها الدبلوماسية.
عملية "مخلب النسر" الفاشلةقرر كارتر، رغم اعتراض مستشاريه، إرسال فريق إنقاذ من النخبة العسكرية لتحرير الرهائن في 24 أبريل 1980، إلا أن العملية فشلت بعد عاصفة رملية عطّلت عدة طائرات هليكوبتر، ما أدى إلى مقتل ثمانية جنود أمريكيين، وهو ما أحدث صدمة على المستوى العسكري والشعبي، وأدى لاستقالة وزير الخارجية آنذاك سايروس فانس.
في سبتمبر 1980، ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق، وجدت الجمهورية الإسلامية نفسها في حاجة إلى إنهاء أزمة الرهائن، فدخلت في مفاوضات مع الولايات المتحدة عبر وساطة جزائرية - حيث كانت الجزائر من أوائل الدول التي اعترفت بشرعية النظام الإيراني الجديد بعد الثورة.
وأسفرت هذه المفاوضات عن اتفاق شامل أُطلق بموجبه سراح الرهائن البالغ عددهم 52 في 20 يناير 1981، بعد ساعات فقط من تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد رونالد ريغان.
وجرت عملية الإطلاق تحت الإشراف المباشر لوزير الخارجية الجزائري محمد الصديق بن يحيى وبمشاركة فريق دبلوماسي جزائري متخصص.
وفي المقابل، التزمت الولايات المتحدة بسلسلة من الضمانات شملت: تعهداً بعدم التدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية، وإعادة الأموال الإيرانية المجمدة، ورفع العقوبات الاقتصادية، إلى جانب تجميد أصول الشاه في الولايات المتحدة.
وبذلك انتهت أزمة الرهائن التي استمرت 444 يوماً، تاركةً وراءها شرخاً تاريخياً في العلاقات الأمريكية-الإيرانية، ما زالت تداعياته تتردد حتى يومنا هذا.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة الجزائر الولايات المتحدة الأمريكية السياسة الإيرانية ذكرى سفارة
Loader Search
ابحث مفاتيح اليوم
المصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب حركة حماس الصحة غزة إسرائيل إيران دونالد ترامب حركة حماس الصحة غزة إسرائيل إيران الجزائر الولايات المتحدة الأمريكية السياسة الإيرانية ذكرى سفارة دونالد ترامب حركة حماس الصحة غزة إسرائيل إيران توسيع الاتحاد الاوروبي أوروبا بحث علمي قوات الدعم السريع السودان محكمة الحزب الديمقراطي السفارة الأمریکیة الولایات المتحدة الرئیس الأمریکی أزمة الرهائن جیمی کارتر فی طهران
إقرأ أيضاً:
هكذا قرأت الأوساط الإيرانية مقابلة عراقجي مع قناة الجزيرة
طهران- في خضم التجميد الذي يُخيم على المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة، أثارت مقابلة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بقناة الجزيرة، أمس الأحد، تساؤلات كبرى في الأوساط الإيرانية عن مستقبل برنامج طهران النووي والمسارات الدبلوماسية المحتملة.
وبين إصرار طهران على مواصلة تخصيب اليورانيوم وتجديد استعدادها للتفاوض وفق شروط "الاتفاق العادل"، حدد عراقجي معالم الموقف الإيراني بوضوح للمرحلة المقبلة، رافضا "الشروط الأميركية التعجيزية"، وخصّ بالذكر منها وقف التخصيب ومناقشة البرنامج الصاروخي، ذلك لأن "ما لم يؤخذ بالحرب لا يمكن منحه بالسياسة"، وفق تعبيره.
وبينما كشفت تصريحات الوزير الإيراني أن هوة الثقة بين طهران وواشنطن لا تزال عميقة وأن إصرار بلاده على برنامجها النووي ينبع من اعتباره مسألة سيادة وأمن قومي، لكنها تزامنت ودعوة نظيره العماني بدر البوسعيدي -خلال حلقة نقاش ضمن فعاليات مؤتمر "حوار المنامة" السنوي- لاستئناف المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة.
في غضون ذلك، تعمّد موقع "تابناك" الإيراني الإخباري أن يبرز مقتطفات من مواقف عراقجي في مقابلته للجزيرة تحت عنوان "الضوء الأخضر وشروط عراقجي للمفاوضات مع أميركا"، في حين اختارت صحيفة "جام جم" التابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون "خطوط إيران الحمراء للتفاوض" عنوانا لافتتاحيتها.
ثوابت ومبادئ
من جانبه، كشف الباحث المختص في النزاعات الإقليمية مصطفي نجفي، عن "خطوط حمراء حددتها طهران ردا على طلب واشنطن استئناف المفاوضات" موضحا -في منشور على منصة إكس– أن بلاده أبلغت الجانب الأميركي عن طريق الوسطاء، أن إصراره على المطالب السابقة مثل وقف التخصيب وتعطيل كافة الأنشطة النووية ومناقشة البرنامج الصاروخي، يجعل أي حوار "بلا جدوى" ولا يؤدي إلى اتفاق.
وفي السياق، قرأت صحيفة "آرمان ملي" تصريحات عراقجي في سياق عزم طهران عدم التراجع عن ثوابتها رغم تصاعد الضغوط الخارجية وبلوغ العلاقات الإيرانية الأميركية عتبة أزمة جديدة على خلفية البرنامج النووي والقدرات الصاروخية، مضيفة أنه يُنظر في طهران إلى قبول الشروط الأميركية على أنه تراجع عن المبادئ الأساسية واستسلام للضغوط الخارجية.
إعلانوفي تقرير تحت عنوان "رد سلبي على شروط ترامب غير المقبولة"، كتبت الصحيفة أن التصعيد في علاقات طهران وواشنطن يأتي في وقت تؤكد فيه طهران، أن برنامجيها النووي والصاروخي يشكلان خطين أحمرين غير قابلين للمساومة، باعتبارهما ركيزتين أساسيتين للأمن القومي الإيراني.
وتستنج الصحيفة أنه على الرغم من أن إيران تحافظ على باب الدبلوماسية مفتوحا، فإنها لا تتوانى عن التأكيد، في الوقت ذاته، على جاهزيتها لمواجهة أي سيناريو محتمل، في مؤشر على أن العلاقات الإيرانية الأميركية تمر بمنعطف بالغ الحساسية، حيث يتأرجح الطرفان عند مفترق طرق بين خيار العودة إلى طاولة المفاوضات أو الدخول في نزاع مفتوح.
في المقابل، يذهب طيف من الإيرانيين إلى أن تصريحات عراقجي تندرج في إطار الصورة النمطية لسياسة طهران الخارجية؛ حيث يطغى عليها الجمود وتغيب عنها المبادرة والحراك الدبلوماسي، في مشهد يعيد إنتاج خطاب "الاستعداد لجميع الاحتمالات" و"العدوان الإسرائيلي المحتمل" دون أي إضافة نوعية، مما يعكس استمرار نهج الردعية السلبية التي تبقي طهران في دوامة التردد.
وفي مقال بعنوان "في برزخ اتخاذ القرار"، يعتقد الباحث السياسي مهدي بازركان، أن عراقجي يسعى إلى تخفيف حدة التوتر بالتركيز المتكرر على "الضرر الذي لحق بالمنشآت النووية جراء القصف ودفن اليورانيوم عالي التخصيب تحت الركام".
وأضاف أن هذه المحاولات تتعارض مع خطاب الأصوات المتطرفة داخل البرلمان الداعية إلى استئناف الأنشطة النووية والانسحاب من الاتفاقات الدولية بما يزيد تعقيد المشهد.
لماذا ترفضون المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة؟.. وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يجيب#الأخبار pic.twitter.com/eb9Trgzokz
— قناة الجزيرة (@AJArabic) November 2, 2025
وفي رأيه، فإن هذه الازدواجية في الخطاب والمواقف تشكل بيئة خصبة لتجدد التوترات الإقليمية، حيث يمكن لأي تصريح غير محسوب أو رد فعل انفعالي من الداخل أن يتحول إلى ذريعة تستغلها القوى المعادية للتصعيد وتبني سيناريوهات مواجهة جديدة في دائرة مغلقة من الفعل ورد الفعل.
ولدى قراءته مواقف عراقجي الأخيرة، يعتقد بازركان أن دبلوماسية بلاده تتأرجح بين رغبة حذرة في الانخراط في حوار لإدارة الأزمات وإصرار على خطاب المواجهة واستعراض دور الضحية، مما يُكرِّس حلقة مفرغة من التكرار والسلبية التي تعيق أي تقدم ملموس على طاولة المفاوضات.
وخلص بازركان إلى أن مستقبل السياسة الخارجية الإيرانية رهن بالقدرة على تجاوز هذه المعضلة والخروج من مأزق الارتباك الحالي، بإعادة تعريف الدور الإقليمي والدولي لطهران، والانتقال من موقع رد الفعل إلى موقع الفاعل المؤثر في المعادلات الجيوسياسية، قبل فوات الأوان.
وبين هذا وذاك، يقرأ مراقبون آخرون في إيران أن التزامن بتأكيد طهران استعدادها "لمفاوضات عادلة ومنصفة تضمن مصالح الجميع" والزيارات المكوكية من وإلى مسقط مؤشر على أن الطريق الدبلوماسي، رغم وعورته، لا يزال الخيار الوحيد المتاح لتجنب مواجهة أشد خطرا من حرب يونيو/حزيران الماضي.
إعلانمن ناحيتها، تستذكر صحيفة "دنياي اقتصاد" التقارير الإعلامية التي سبق وأفادت بتبادل رسائل غير مباشرة بين طهران وواشنطن إلى جانب استمرار التواصل بين عراقجي ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي.
واعتبرت أن تكذيب طهران تلقيها رسالة أميركية عبر الوسيط العماني على خلفية زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانچي إلى مسقط وغيرها من التطورات المشابهة تزيد الغموض على طبيعة التحركات الدبلوماسية الجارية.
وفي تقرير بعنوان "غموض المفاوضات بين إيران وأميركا"، كتبت الصحيفة، أن وراء مواقف عراقجي، تبرز عدة تساؤلات مصيرية تطرح نفسها بإلحاح: ما حظوظ عقد جولة جديدة من المفاوضات؟ وهل يمكن تحقيق تقدم عبر قنوات غير مباشرة؟ وما معالم "الاتفاق العادل" الذي تحدث عنه؟ وإلى أي مدى يمكن تحقيقه؟
4 قناعاتوبينما اعتبرت الصحيفة، أن هذه الأسئلة تكتسب أهمية خاصة على ضوء فشل المفاوضات الأخيرة قبيل مواجهة يونيو العسكرية، نقلت عن الأكاديمي بجامعة طهران ساسان كريمي، إن إيران -ولكي تنخرط في مفاوضات ناجحة- عليها الاقتناع بأربعة أمور أساسية:
الهدف الأميركي ليس إلقاء اللوم وتحميل طهران مسؤولية الفشل المحتمل في المفاوضات. واشنطن تدخل المفاوضات من "موقع مستقل" غير خاضع للضغوط الإقليمية خاصة من إسرائيل. المفاوضات تقوم على أساس "الندية والمساواة" وليس "الغطرسة". أن تدرك طهران أن لأميركا "مصالح حقيقية" في التوصل لاتفاق يمكن أن تلتقي مع المصالح الإيرانية، وليس هدفها تقويض طهران.وبالرغم من أن مقابلة عراقجي مع قناة الجزيرة كشفت وجود رغبة مشتركة لدى واشنطن وطهران في التفاوض، إلا أن الوزير الإيراني يسلط الضوء، في الوقت ذاته، عن شروط أميركية وخطوط حمراء إيرانية.
وبالنظر إلى ملاحظات الجانبين، يتساءل مراقبون إيرانيون عما إذا سيتمكن الطرفان من بدء التفاوض قريبا أم أن وصولهما لطاولة المفاوضات سيبقى بعيدا.