شركات أميركية كبرى تقلّص الوظائف وسط مخاوف من تباطؤ اقتصادي
تاريخ النشر: 3rd, November 2025 GMT
كشفت وكالة بلومبيرغ في تقرير حديث أن موجة واسعة من التسريحات بدأت تجتاح كبرى الشركات الأميركية، من شركات التجزئة إلى التكنولوجيا والطيران.
وأوضحت الوكالة أن عدد الوظائف الملغاة تجاوز 950 ألف وظيفة حتى نهاية سبتمبر/أيلول، وهو الأعلى منذ عام 2020، مما يشير إلى تحوّل في سياسات التوظيف بعد سنوات من الحفاظ على العمالة لتفادي أزمة النقص خلال الجائحة.
                
      
				
ويأتي هذا التراجع مع تزايد اعتماد الشركات على الذكاء الاصطناعي وخفض التكاليف التشغيلية لحماية الأرباح، في وقت تزداد فيه المخاوف من أن تكون هذه التسريحات مقدمة لتباطؤ اقتصادي واسع في الولايات المتحدة.
بداية دورة التسريحوأوضحت بلومبيرغ أن ما يُعرف بـ"تكديس العمالة" -أي احتفاظ الشركات بالموظفين تحسبا لأي نقص مستقبلي- بدأ يتراجع بشكل حاد، إذ تتجه إدارات الشركات إلى خفض النفقات عبر تقليص العمالة بدل رفع الأسعار للحفاظ على هوامش الربح.
وقال دان نورث، كبير الاقتصاديين في شركة أليانز تريد أميركاز، إن "عددا كبيرا من الشركات الكبرى بدأ بخفض واسع في أعداد العاملين"، محذرا من أن هذه الموجة "ليست عشوائية بل تعكس تحولا هيكليا في السوق".
وأشار التقرير إلى أن
ستاربكس فصلت 900 موظف في سبتمبر/أيلول بعد حملة مماثلة في فبراير/شباط. ألغت تارغت 1800 وظيفة في أكتوبر/تشرين الأول لتسريع الأداء التشغيلي. أمازون خفّضت 14 ألف وظيفة في إداراتها المتأثرة بتقنيات الذكاء الاصطناعي. استغنت باراماونت عن ألف عامل بعد اندماجها مع "سكاي دانس". مولسون كورز سرّحت 400 موظف بسبب تراجع مبيعات الجعة منخفضة الكربوهيدرات. أرقام تنذر بمرحلة انكماشواستندت بلومبيرغ إلى بيانات مؤسسة تشالنجر، غراي آند كريسمس التي أظهرت أن عدد التسريحات المعلنة في أميركا حتى سبتمبر/أيلول بلغ 950 ألف وظيفة، وهو الأعلى منذ ذروة جائحة كورونا.
إعلانوأضاف التقرير أن القطاع الحكومي تصدّر الموجة بنحو 300 ألف وظيفة ملغاة، بينما طالت التخفيضات قطاعات التكنولوجيا والتجزئة والطيران.
وقالت فيرونيكا كلارك، الخبيرة الاقتصادية في سيتي غروب، إن السوق الأميركي "خرج من مرحلة الاقتصاد منخفض التوظيف والتسريح، ودخل مرحلة جديدة عنوانها: نحن في طور التسريح".
الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل سوق العملورأت بلومبيرغ أن التطور السريع في الذكاء الاصطناعي والأتمتة الصناعية غيّر قواعد اللعبة، إذ لم تعد الشركات تخشى فقدان المهارات البشرية كما في السابق.
وأظهر استطلاع لمنصة "لينكد إن" أن 60% من المديرين التنفيذيين يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي سيتولى مهام يؤديها موظفون مبتدئون اليوم.
وقال نورث إن "المديرين فقدوا خوفهم من التسريح، وأصبحوا أكثر اقتناعا بأن الآلات يمكن أن تسدّ النقص البشري".
ورغم هذا التدهور، قلّل رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول من المخاوف، قائلا إن "تباطؤ سوق العمل ما زال تدريجيا جدا ولا يشير إلى ركود".
لكن محللين نقلت عنهم بلومبيرغ حذروا من أن المؤشرات الحالية "تشبه بدايات التراجع الاقتصادي في عام 2008".
وقالت فيرونيكا كلارك إنها ستشعر بالقلق إذا تجاوزت طلبات إعانات البطالة الأسبوعية 260 ألفا، بعدما تراوحت مؤخرا بين 220 و240 ألفا، فيما اعتبر كوري ستاهل، كبير الاقتصاديين في منصة إنديد، أن "الخطر سيبدأ عندما تمتد التسريحات إلى قطاعي النقل والتجزئة".
عمال مؤقتون بدل وظائف مستقرةوأشارت بلومبيرغ إلى أن الشركات باتت تعتمد أكثر على العمالة المؤقتة لتجنب الالتزامات طويلة الأمد، وقال نواه يوسف، كبير الاقتصاديين في جمعية التوظيف الأميركية، إن "الطلب على العمالة المؤقتة ارتفع بعد ركود دام ثلاث سنوات"، موضحا أن هذه الظاهرة "تعكس حذر الشركات من المستقبل أكثر من كونها انتعاشا حقيقيا".
وأوردت بلومبيرغ شهادة العامل الأميركي جون ستيغلر (65 عاما) من شيكاغو، الذي فُصل بعد عقدين من العمل في مجال الأنظمة السمعية والبصرية.
وقال "أخبرني المدير بعد يوم عمل طويل أنه لم يعد هناك عمل. أنا محظوظ لأنني قريب من التقاعد، لكن زملائي في الثلاثينيات لا يعرفون ماذا سيفعلون غدا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: شفافية غوث حريات دراسات الذکاء الاصطناعی سبتمبر أیلول ألف وظیفة
إقرأ أيضاً:
التوازن بين الذكاء الاصطناعي والنزاهة الأكاديمية
#التوازن بين #الذكاء_الاصطناعي و #النزاهة_الأكاديمية… من السياسات التفاعلية إلى الحوكمة الاستباقية
الأستاذ #الدكتور_أمجد_الفاهوم
يشهد العالم الأكاديمي في المنطقة العربية تحولاً نوعياً عميقاً مع تسارع دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى مجالات البحث والنشر والتعليم، وهو تحول يفرض على الجامعات والمراكز البحثية إعادة النظر في أدواتها ومنهجياتها ومعاييرها الأخلاقية. وقد شكّلت حلقة النقاش “التوازن بين الذكاء الاصطناعي والنزاهة في منظومة البحث العلمي المعاصرة”، التي عُقدت ضمن فعاليات منتدى QS العربي 2025 في مسقط – سلطنة عُمان، محطة فكرية مهمة لتبادل الرؤى حول كيفية توظيف هذه التقنيات في خدمة جودة البحث العلمي دون الإخلال بمبادئ النزاهة الأكاديمية التي تُعد أساس الثقة في المعرفة.
يُعدّ الذكاء الاصطناعي اليوم أحد أبرز المحركات التي تعيد رسم خريطة البحث العلمي العالمي. فهو يسرّع التحليل، ويرفع دقة النتائج، ويتيح الوصول إلى كمّ هائل من البيانات في وقت قياسي. غير أن هذه القوة التحليلية غير المسبوقة تثير في المقابل تساؤلات أخلاقية وقانونية معقدة، تتعلق بالأصالة الفكرية وحقوق الملكية، ومدى موثوقية المخرجات البحثية التي تنتجها الأدوات التوليدية. فغياب الحوكمة المؤسسية يجعل قرارات الاستخدام فردية ومتفاوتة بين جامعة وأخرى، ويزيد من خطر الاعتماد المفرط على التقنيات دون تحقق نقدي أو إشراف علمي دقيق.
مقالات ذات صلة ترمب والوساطة العربية والإسلامية في الميزان ! 2025/10/31وتبرز هنا مجموعة من التحديات التي تستدعي معالجة جادة، في مقدمتها ضعف التشريعات الداخلية في الجامعات، ما يؤدي إلى تضارب الممارسات البحثية وتفاوت معايير الجودة. يضاف إلى ذلك قصور الوعي البحثي والتقني لدى بعض الأكاديميين والطلبة، مما يجعلهم غير قادرين على التمييز بين المساعدة التحليلية المشروعة والاستخدام غير الأخلاقي للأدوات الذكية. كما يشكّل غياب الشفافية في الإفصاح عن دور الذكاء الاصطناعي في إعداد الأبحاث تحدياً آخر، إلى جانب تأخر تبنّي أنظمة حوكمة رقمية متكاملة تضمن الموازنة بين التقنية والقيم الأكاديمية الأصيلة. هذه التحديات، إن لم تُواجه برؤية مؤسسية واضحة، قد تُضعف ثقة المجتمع العلمي بالمخرجات العربية وتحدّ من قدرتها على المنافسة الدولية.
ومن بين الحلول المقترحة، تبرز أهمية وضع سياسات مؤسسية محددة وواضحة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث والنشر، وإنشاء وحدات متخصصة داخل الجامعات تُعنى بحوكمة هذه التقنيات ومتابعة تطبيقها. كما يُوصى بدمج مساقات “أخلاقيات الذكاء الاصطناعي” في برامج الدراسات العليا، وتشجيع الباحثين على الإفصاح الصريح عن استخدامهم للأدوات الذكية في جميع مراحل العمل البحثي. ومن الضروري كذلك الاستفادة من التجارب العالمية في مجال “الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي”، مع تكييف هذه المعايير لتلائم البيئة الثقافية والقيمية للمجتمعات العربية.
إن الذكاء الاصطناعي ليس تهديداً للنزاهة الأكاديمية، بل فرصة لإعادة تعريفها. الجامعات التي تمتلك أنظمة شفافة وتتبنّى ثقافة مؤسسية استباقية قادرة على تحويل هذه التقنيات إلى قوة داعمة للإبداع العلمي. أما الاكتفاء بالتحذير دون تنظيم فسيُبقي الذكاء الاصطناعي منطقة رمادية بين الابتكار والمخاطرة. الطريق نحو التوازن الحقيقي بين الابتكار والنزاهة يبدأ من الاعتراف بأن الذكاء الاصطناعي غيّر طبيعة البحث ذاته، وأن استيعاب هذا التحول بوعي وشفافية سيجعل من الذكاء الاصطناعي رافعةً عربيةً للبحث العلمي، تدفعه نحو مزيد من الأصالة، والمساءلة، والتنافسية العالمية.