لماذا يجب وقف أي نقاش مع مسعد بولس حول الهدنة ولو على سبيل المناورة السياسية؟!
تاريخ النشر: 4th, November 2025 GMT
لماذا يجب وقف أي نقاش مع مسعد بولس حول الهدنة ولو على سبيل المناورة السياسية؟!
 صرّح مبعوث ترامب مُسعد بولوس عن تلقيه موافقة مبدئية على وقف اطلاق نار لمدة تلاثة شهور! بين الجيش –وليس الحكومة– ومليشيا أبوظبي الإرهابية، ومتبقى النقاش حول التفاصيل الفنية واللوجستية للتوقيع والتطبيق.
 الأمر دة اذا صحّ واكتمل فهو كارثة استراتيجية على وحدة وسيادة السودان.
                
      
				
يا الفريق البرهان: إن مجرد استمرار النقاش حول وقف اطلاق نار أو هدنة بعد سقوط الفاشر والتصعيد الاماراتي العسكري والدبلوماسي والاستخباري الذي رأيناه في معركتها الأخيرة، حتى ولو هدف الطرف الحكومي هو المناورة السياسية وكسب الوقت فإن هذا المسار يكشف عن ضعف في قدرة الدولة على حماية ثوابتها الاستراتيجية وسرديتها الوطنية، وحماية أمنها القومي، وتهاون تجاه مجموعة من المحددات السياسية والعسكرية وخضوع للضغط في الآتي:
١- وقف اطلاق النار عبث حقيقي بمبدأ عدالة الحرب التي يخوضها السودانيين مع جيشهم لتحرير بلدهم واسترداد كرامتهم الوطنية والفردية، وضد العدوان والغزو الاماراتي بحسب تعريف مجلس الأمن والدفاع. بمجرد إقرار الهدنة سيتحول النقاش بالكامل من اطار التحرير والغزو للاشتكاء حول الخروقات ومنطق “تبادل السيطرة” ، والاشتكاء لمن؟ للولايات المتحدة التي تفرض على السودان عقوبات بناء على طلب ابوظبي؟! هل سنقبل بأن تكون استجابتنا لتكتيكات سلطة أبوظبي عبر عصا الجنجويد وعصا العقوبات الأميركية؟
٢- تكثيف مسعد بولوس، تاجر الخردة في نيجريا، لحديثه مرة حول الهدنة ومرة حول وقف اطلاق النار بعد سقوط الفاشر وضغطه على الحكومة لقبولها هو جزء من تواطئه المستمر مع محاولة تغيير الانتباه وتقليل زخم الحملة الاعلامية المحلية والدولية في كشف دور أبوظبي العدائي الكولونيالي ضد وحدة وسيادة السودان، ومنعها من الوصول لأي خلاصات سياساتية في بريطانيا والولايات المتحدة وكندا مع تصاعد المطالبات لدى المُشرّعين في هذه الدول بوقف تصدير السلاح لأبوظبي بسبب أنها تعيد تصديره لمليشيات الجنجويد. وقف إطلاق النار بين “الجيش والدعم السريع” يستعيد سردية الطرفين ويعطّل أي تعميق لتعريف الحرب كعدوان إماراتي.
٣- الموافقة على وقف اطلاق النار بعد سقوط الفاشر هي عملياً تثبيت لخطوط المواجهة ما يعني سياسياً الاعتراف بتقسيم السودان ومنح سلطة أبوظبي أجواء آمنة فوق دارفور لتحصين ليس نيالا فقط، بل كامل الاقليم، وبناء تحصينات وقدرات عسكرية تعاود بها الكرّة على بقية السودان، ولن تتمكن الدولة من إمداد قواتها المنتشرة في وادي هور وكرنوي والطينة وأمبرو وأبو قمرة وغيرها من مناطق شمال دارفور، بينما ستستطيع مليشيات أبوظبي بالحماية الدبلوماسية الإماراتية من تقوية قدراتها بعد أن كانت قد أعادت بناء المليشيا بعد طردها من وسط السودان. إذا كنا نعاني الآن من المرتزقة الكولومبيين والافارقة وغيرهم في السودان، فمع وقف إطلاق النار ستتواجد جيوش اجنبية ووكالات استخبارات بعتادها وتحصيناتها في غرب البلاد.
٤- ما هي الرسالة السياسية التي ترسلها الحكومة لملايين السودانيين في دارفور وكردفان وفي معسكرات التهجير واللجوء وضحايا الإبادة؟ أن ثمن كل ما تعرضتم له هو تنازل عن أهداف استرداد الكرامة الوطنية؟ أمام ماذا؟ ضغوط من مبعوث يمثل إدارة منقسمة على ذاتها حول توزيع غنائم المعادن والنفط في الكونغو وليبيا وغيرها؟. منذ قدوم ترامب للبيت الأبيض ظلّ يضغط على بوتن للقبول بوقف إطلاق نار حتى يتمكّن الأوروبيين من إعادة تسليح أوكرانيا، ورفض بوتن أي وقف لإطلاق نار بدون النقاش حول الضمانات الأمنية التي تحفظ سيادة وأمن روسيا القومي في عدم إنضمام أوكرانيا للناتو، وعدم إعادة تسليح أوكرانيا واعتراف بأن المناطق التي احتلّاها في أوكرانيا هي أراضٍ روسية .. وقال “هذه الحرب هي أن نكون أو لا نكون، هي أن تكون لنا سيادة أو لا”، هذا مثال للقيادة التي لديها رؤية واضحة ماذا يجري ولماذا وماذا تريد أن تفعل.
٥- من ناحية موضوعية، فإن مجرد مناقشة وقف إطلاق نار خارج منبر جدة ومرجعيتها، وفي إطار الرباعية، هو استجابة لمحاولة جديدة مشابهة لمحاولة سئ الذكر بيريللو العام الماضي بتجاوز جدة وإنشاء منبر جنيف لغسل تورط سلطة أبوظبي كطرف وليس وسيط أو مراقب، وتفريط في المكاسب الصلبة التي نشأت في منبر جدة من حصره في منبر أمني عسكري وليس سياسي، إلى منبر ليس فيه إعلان مبادئ ويمكن تحويله لمنبر يسعى لإعادة انتاج المليشيا عسكرياً وسياسياً.
٦- إن قبول إنشاء منبر جديد سواء رباعي أو سداسي أو عشاري، فهو عملياً تعدد خطير للمرجعيات التفاوضية يحول السردية من “حرب عدوان أبوظبي على وحدة وسيادة السودان” إلى مطاردة لا تنتهي بين المنابر لحل ما سيصبح “المشكلة السودانية”، ذلك التعدد الذي يمثل الاستراتيجية الدولية المعتمدة لتمييع القضية الفلسطينية وإدارتها بدل حلها منذ نهاية الحرب الباردة، ودة خطأ استراتيجي كبير.
٧- صرّح الرئيس التركي اليوم لأول مرة بضرورة “حماية وحدة وسيادة السودان وأن نقف إلى جانب شعبه”، مثل هذه الرسائل كانت تصدر عن الخارجية التركية، ما يكشف عن تطور مهم في مساعي تعميق التحالف الاستراتيجي بين البلدين. الرسالة التي ترسلها بقبول وقف إطلاق النار في لحظة احتدام الصراع والمهددات الوجودية للدول في الإقليم هو ببساطة عدم صفريتك وعدم جديتك، مأخوذة مع تعيين شخص ذو وشائح وعلائق عميقة مع سلطة أبوظبي وزير في الحكومة.
٨- الكلام دة كله لا يعني التوقف عن التواصل والدخول مع الولايات المتحدة بمختلف مؤسساتها في حوارات تحاول الدولة من خلالها تصنيف مليشيا أبوظبي كمنظمة إرهابية، أو الضغط على سلطة أبوظبي لوقف دعمها للمليشيا. ولكن التواصل لا يعني القبول بكل ما يقوله بولوس فهو ليس أميركا ولا حتى الإدارة الأميركية. بالأخص ينبغي إدراك حدود ما يمكن أن يقدمه بولوس، فهناك أجنحة أخرى داخل الإدارة الأميركية والحكومة الأميركية والكونغرس ومجتمع الاستخبارات يمكن التواصل معها. وهنا بدلا من تصعيد ادوات السياسة الخارجية لاستثمار تصاعد الرأي العام ضد المليشيا في الكونغرس الاميركي وفي ببريطانيا واوروبا للضغط على ابوظبي، والتواصل مع مؤسسات أمريكية مختلفة، اختارت القيادة السياسية الموافقة على ما سيبدو للجبهة الداخلية خضوع لمخطط التقسيم وتجميد خطوط المواجهة بطلب من طرف واحد من أطراف أمريكا.
٩- كل من يحاول التذرّع بالاحتياج الإنساني وتوصيل المساعدات لابتزاز الحكومة، عليه أن يثبت ما الحوجة لذلك؟ لقد كانت المساعدات قبل سقوط الفاشر تصل كل مناطق انتشار مليشيات أبوظبي، بينما تُمنع عن الفاشر والدلنج وكادوقلي في حصار وتجويع متعمد، هل تحدث أحدهم؟ هل اعترض أحد هذه الأبواق عند رفض مليشيات أبوظبي هدنة الأمين العام للأمم المتحدة في يونيو الماضي؟ هل أدان أحدهم إحاطة أبوظبي للفاشر بخندق دائري لمنع تهريب الغذاء ومنع هروب المدنيين من المدينة؟ هل اعترض أي أحد منهم على اتخاذ مليشيات أبوظبي عشرات آلاف المدنيين رهائن ودروع بشرية داخل الفاشر ومنعهم من مغادرتها؟ هل إطلاق النار ما يمنع إغاثة عشرات آلاف المواطنين الرهائن الآن داخل الفاشر أم سلطة أبوظبي لعدم كشف بشاعة ما ارتكبته مليشياتها؟
لا يمكن أن نخضع أو نقبل لأن تقوم أبوظبي عبر مليشياتها بإرهابنا وتهجيرنا وإبادتنا وإفقارنا، ثم تأتي عبر أدواتها السياسية والدبلوماسية ليفرضوا علينا بالتفاوض وتعدد المرجعيات التفاوضية وعبثية المنابر المختلفة ما لم تستطعه بالإرهاب والحصار والتجويع.
Ahmad Shomokh إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: وحدة وسیادة السودان القیادة السیاسیة إطلاق النار سقوط الفاشر سلطة أبوظبی وقف اطلاق وقف إطلاق
إقرأ أيضاً:
هل يلتقي البرهان وحميدتي بعد أحداث الفاشر ؟.. مستشار ترامب يكشف الحقيقة
أكد كبير مستشاري ترمب للشؤون العربية والإفريقية مسعد بولس، اليوم الاثنين أن واشنطن لم تعلن عن أي لقاء محتمل بين قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقائد ميلشيات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، موضحا أن هناك تواصل مع الطرفين بشكل منفصل.
وقال كبير مستشاري ترمب للشؤون العربية والإفريقية، في تصريحات صحيفة عقب لقائه بوزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي، في القاهرة إنه لم تكن هناك أي مفاوضات بشأن عقد لقاء بين البرهان وحميدتي معربا عن أمله في التوصل لاتفاق.
وأوضح بولس، أعلمنا الدعم السريع بضرورة المضي قُدما بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات في الفاشر، ويجب أن تكون محاسبة علنية لمرتكبي الانتهاكات الغير مقبولة.
وفيما يتعلق بالمقترح الأمريكي للهدنة، أوضح بولس أن هناك بعض التفاصيل التي يجري الانتهاء منها، معربا عن أمله في الإعن عن الهدنة في السودان قريبا، لافتا إلى أن الطرح الأمريكي لاقى ترحيبا مبدئيا من قبل الطرفين، وهناك مبادرة أمريكية للتوصل إلى هدنة في الفاشر.
وجاءت تصريحات بولس بعد اختتام أعمال جولة الحوار الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة حول القضايا الأفريقية، حيث ترأس الجانب المصرى الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، فيما ترأس الجانب الأمريكي مسعد بولس كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشئون العربية والأفريقية، وبحضور مايكل ريجاس نائب وزير الخارجية للإدارة والموارد، أمس الاحد.
وشهدت المشاورات تناول عدد من القضايا أبرزها التطورات فى السودان وليبيا ومنطقة البحيرات العظمى والساحل الافريقى والقرن الافريقى، فضلا عن ملف الامن المائى المصرى.
وقال بيان وزارة الخارجية إن المباحثات تناولت عدداً من القضايا الإقليمية والتي تضمنت مستجدات الأوضاع في السودان، حيث أكد الوزير عبد العاطي على ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة واستقرار السودان ومؤسساته الوطنية.
وأشار الدكتور عبد العاطي إلى الجهود التي تبذلها مصر في إطار الآلية الرباعية المعنية بالسودان لدعم جهود التهدئة والتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، مشددا على أهمية تضافر الجهود للتوصل إلى هدنة إنسانية ووقف لإطلاق النار في جميع أنحاء السودان بما يمهد الطريق لإطلاق عملية سياسية شاملة في البلاد.