ميثاق تعاون بين قبائل المهرة وحضرموت والأصابع تشير لوقوف السعودية فما الدوافع؟
تاريخ النشر: 5th, November 2025 GMT
أعلنت قبائل في محافظتي المهرة وحضرموت (شرقي اليمن) التوقيع على وثيقة عُرفت بالميثاق الوطني، وتضمنت العديد من النقاط، وجرى الترحيب بها من عدة مكونات وشخصيات قبلية وحكومية، في ظل غموض الدوافع وراء هذا الإعلان.
ويعد هذا الاتفاق لافتا في ظل القطيعة التاريخية المهيمنة على العلاقات القبلية في المحافظتين، بسبب البعد التاريخي المليئ بمحطات الصراع، والتي خلفت حالة من الحساسية المهيمنة على علاقات تلك القبائل ببعضها البعض.
وتتواجد في المحافظتين العديد من القبائل التي لها امتداد تاريخي، كما تنشط في المحافظتين العديد من الأنشطة السياسية والمجتمعية التي برزت مؤخرا، خصوصا منذ بدء التواجد السعودي الإماراتي، والاضطرابات التي عاشتها المحافظتين منذ العام 2015م.
ويأتي هذا الاتفاق في ظل تطورات متصاعدة تشهدها المحافظتين، أبرزها التنافس السعودي الإماراتي في حضرموت، والحضور السعودي المكثف في محافظة المهرة، بما في ذلك التواجد المباشر عسكريا للدولتين، وهيمنة ملفات شائكة هناك، كالتهريب، وتواجد قوات مدعومة من الرياض، وكذلك حراك اجتماعي رافض لهذا التواجد.
بنود الاتفاق والالتزامات القبلية
وتضمن الاتفاق التوقيع على ستة بنود للقبائل في المهرة وحضرموت، والالتزام بستة بنود أخرى، وكان المبرر وفقا للإعلان الوقوف أمام جرائم عصابات التهريب والإرهاب، التي تنتهك حرمة حضرموت والمهرة، عبر تهريب المخدرات والأسلحة للميليشيا الحوثية، وتقويض الأمن والاستقرار والمصلحة العامة.
وجاءت بنود الاتفاق كالتالي:
1. دعم جهود الحكومة الشرعية اليمنية والتحالف العربي في اليمن بقيادة (المملكة) المكافحة التهريب والإرهاب.
2. تحقيق الامن والاستقرار من خلال التعاون مع التحالف والسلطة المحلية وعدم الانسياق وراء المعارضين.
3. تجريم التعامل أو التعاون مع المليشيا الحوثية بأي شكل من الاشكال.
4. تجريم كافة أشكال التهريب عبر أراضي حضرموت أو المهرة وساحله.
5. تجريم الإرهاب بكافة صوره وأشكاله والانتماء أو التعاطف أو التعاون مع أي جماعة إرهابية أو تنظیم متطرف.
6. تعزيز ودعم الامن والاستقرار ومكافحة التهريب والجريمة والإرهاب بنشر قوات إضافية من درع الوطن في حضرموت والمهرة.
بينما كانت نقاط الالتزام كالتالي:
1. تلزم كل قبيلة أفرادها بالامتناع عن التهريب والإرهاب والعصابات التي تقوم بذلك ، وتجريم مرتكبيها وعدم توفير أي غطاء قبلي لهم.
2. من يثبت تورطه في أي من الجرائم الواردة في هذا الميثاق يعتبر خارجاً عن العرف والعهد، ويسلم للعدالة ومقطوع من القبيلة لا عهد له ولا ذمه.
3. تلتزم القبائل مجتمعه عليها وعلى أبنائها بأن تكون سنداً للدولة والشرعية وأجهزتها الأمنية والقضائية في مكافحة جرائم التهريب والإرهاب والعصابات وردع مرتكبيها قبلياً وقانونياً.
4. أن تعلن قبائل حضرموت وقبائل المهرة براءتها الكاملة ممن يرتكب هذه الأفعال المشينة أو يدعمها أو يغطيها ومن كل من يشارك أو يخطط أو يسهل أو يتستر على أي من هذه الجرائم أياً كانت مكانته أو صفته.
5. على كل القبائل الوقوف ضد كل من يعارض المصلحة العامة لليمن ويدعو لشق صف المجتمع الحضرمي والمهري.
6. يجدد مشایخ قبائل حضرموت والمهرة باستمرار موقفهم مع أهداف وتوجهات تحالف دعم الشرعية في اليمن في فرض الامن والاستقرار ، ومساندة قوات درع الوطن والقوات الأمنية والعسكرية فيما يخدم تحقيق الامن والاستقرار.
مباركة سريعة
وفور نشر مضامين هذا الاتفاق سارعت مكونات تابعة للممكلة العربية السعودية لمباركة هذا الاتفاق، وعلى رأسها مجلس حضرموت الوطني، الذي تشكل مؤخرا، ومعروف بدعم الرياض لولادته، والذي عبر عن دعمه للاتفاق، بشكل واضح، وقال إن الميثاق يجسد روح المسؤولية الجماعية، ووحدة الصف بين أبناء المحافظتين، ويعكس موقفًا وطنيًا أصيلًا في مواجهة التحديات التي تستهدف أمن الوطن وسيادته، وقطع الطريق أمام محاولات المليشيا الحوثية والتنظيمات الإرهابية لاختراق النسيج الاجتماعي، أو استغلال الأراضي في أنشطة تمس استقرار البلاد.
وسارعت مرجعية قبائل حضرموت لمباركة هذا الاتفاق الذي قالت إنه يهدف لوحدة الصف وتعزيز الأمن والاستقرار في المحافظتين، واستند لتفاهمات جرت بين عدد من مشايخ القبائل، مؤكدة موقفها الثابت لدعم الحكومة اليمنية، والسعودية، والقوات الأمنية، وكذلك قوات درع الوطن.
بيانات التأييد لم تكن صادرة فقط من مشائخ القبائل، لكنها أيضا جاءت من السلطات المحلية في المحافظتين، وجميعها ترتبط بعلاقة تعاون وثيقة مع المملكة العربية السعودية، وأعلنت السلطة المحلية في حضرموت ترحيبها بهذا الاتفاق، واعتبرته تتويجا لروح المسؤلية الجماعية والحرص على وحدة الصف والحفاظ على النسيج الاجتماعي للمحافظتين.
سلطات حضرموت اعتبرت الميثاق يعد دعماً صريحاً وتأييداً كاملاً للشرعية الدستورية في بلادنا، وللجهود المبذولة من قبل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومتزامناً مع حزمة الإصلاحات التصحيحية التي ينتهجها مجلس القيادة الرئاسي والحكومة.
أما السلطة المحلية في محافظة المهرة فقد رحبت هي الأخرى بالاتفاق، واعتبرته انسجاماً مع الجهود الوطنية الهادفة إلى توحيد الصفوف وحماية النسيج الاجتماعي، من أي محاولات تستهدف زعزعته، ويمثل دعما صريحا للشرعية الدستورية، ومساندة حقيقية لجهود التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، خطوة وطنية رائدة على طريق ترسيخ الأمن والسلام الدائمين، ودعم مساعي الدولة في تعزيز الاستقرار بالمحافظات المحررة.
دلالات الاتفاق
وتشير بنود الاتفاق إلى أنها تتمحور حول نقاط رئيسية، هي التهريب، والتعامل مع الحوثيين، ومساندة قوات درع الوطن، ومباركة التواجد السعودي، وهذه المحاور هي ذاتها المحرك الأساسي الذي تعمل عليها السعودية في المحافظتين، منذ بداية تواجدها.
ولم يتضمن الاتفاق أي أسماء لقبائل المحافظتين، أو ختومات خاصة بها، فكل قبيلة في هذه المحافظات تمتلك ختما رسميا بها، ويتم التوقيع به عندي الاتفاقات المماثلة، وهو ما فتح باب التساؤل حول عملية صدور بيان بهذا الشكل، والحديث عن اتفاق بين قبائل المحافظتين.
وبدا واضحا تركيز التقرير حول قوات درع الوطن التي تتواجد في مناطق بمحافظتي حضرموت والمهرة، وتلقى الدعم والتمويل من السعودية، ويجري تهيئتها منذ سنوات لأدوار أمنية، خاصة في المهرة، التي تتعرض منذ سنوات لحملة مكثفة بمزاعم تواجد التهريب فيها، ووجود حضور لجماعة الحوثي.
وهذه التأكيدات التي تضمنها البيان الموقع من القبائل في المحافظتين تعد أحدث خطوات السعودية في احتواء الحاضنة الشعبية هناك، لتتكامل حاليا بين البعد القبلي والحكومي، وتمنح الرياض خطابا حاضرا بأبعاد عديدة يتسق مع ما تروج له في اليمن منذ بدء تدخلها العسكري في العام 2015م.
ويمكن الاستدلال من هذا الاتفاق أن السعودية تقدم ملف التهريب في المهرة وحضرموت باعتباره قضايا تخص السكان، وليس من اختصاص الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية، وهي بذلك تقدم ملفات حساسة للمجتمع للتغطية حول أدوار أخرى، وتستحضر القبيلة بما يخدم مصالحها، ويبقى تواجدها، بعيدا عن متطلبات الوضع الراهن هناك، وتصنع شرعية محلية موازية لتواجدها، وتبرر تواجدها الدائم، وتمهد لإجراءات مستقبلية.
ترحيب وحذر
وتبدي كيانات قبلية في المهرة ترحيبها الحذر بهذه الخطوة، لكنها لا تخف وجود دوافع للسعودية من وراء هذه المواقف الجديدة، وقال مصدر قبلي – تحفظ على هويته – لـ"الموقع بوست" إن فكرة البيان والتوحد القبلي جيدة، لكن طريقة ظهورها الغامضة، ومضامين البنود المشبوهة، وغياب مسميات وأختام القبائل تثير الشكوك حول الدوافع في المحافظتين.
وتعتبر ما جرى استغفال للسكان واليمنيين بشكل عام، مشيرة إلى أن الهدف الواضح من الاتفاق هو الصاق تهمة التهريب بالمهرة، وفرض السيطرة على المحافظتين، عبر قوات جديد لا تخضع للدولة، ومؤسساتها، في إشارة لقوات درع الوطن التي تحظى بدعم سعودي.
ويعلق المصدر على هذه الخطوة بالقول أن الجميع ضد التهريب، وضد كل الظواهر المخلة، ومع استقرار كل اليمن، لكن ما يبدو مستغربا هي عملية تمرير هذا البيان، دون معرفة من وقع عليه، أو أعده، أو من صاغه، أو يقف خلفه.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: قبائل المهرة قبائل حضرموت السعودية في المهرة السعودية في حضرموت لجنة الاعتصام السلمي العربیة السعودیة الامن والاستقرار حضرموت والمهرة المهرة وحضرموت قوات درع الوطن فی المحافظتین هذا الاتفاق فی المهرة
إقرأ أيضاً:
الحوثيون يحرضون القبائل على التصعيد ضد السعودية بشعارات زائفة لخدمة أجندة إيران وهروبا من أزماتهم الداخلية
في تصعيد جديد يعكس محاولات ميليشيا الحوثي جرّ القبائل اليمنية إلى صدام جديد مع السعودية، كثفت الجماعة خلال الأيام الماضية لقاءاتها وتحركاتها في مناطق سيطرتها، داعيةً زعماء القبائل إلى “النفير العام” و“مواجهة التهديدات الأمريكية والإسرائيلية”، في خطابٍ دعائيٍّ يسعى لتوجيه البوصلة بعيدًا عن أزماتها الداخلية وفشلها في إدارة المناطق الواقعة تحت قبضتها.
ووفقًا لمصادر محلية، عقدت الميليشيا لقاءً موسعًا لقبائل خولان الطيال في صنعاء، أعلنت خلاله القبائل ما وصفته بـ“الجهوزية القتالية والنفير العام وفاءً لدماء الشهداء”، موجهةً تهديدات للسعودية، ومؤكدةً تفويضها لما تسميه “قائد الثورة” لاتخاذ أي قرارات مستقبلية.
ويقول مراقبون إن هذه المظاهر ليست سوى نتاج تعبئة ممنهجة يقودها الحوثيون لتوريط القبائل في مشاريعهم العدائية، مستغلين بساطة الناس وجهل بعضهم بطبيعة الصراع الحقيقي الذي تحركه أجندة إيران في المنطقة.
وشهدت محافظات صعدة وصنعاء وذمار والحديدة وحجة وريمة وتعز والضالع فعاليات مشابهة خلال الأيام الماضية، حملت الخطاب ذاته المليء بالتحريض والتحدي للسعودية، في وقتٍ تتجاهل فيه الميليشيا معاناة المواطنين المعيشية وانعدام الخدمات وارتفاع الأسعار في مناطق سيطرتها.
ويرى محللون أن الجماعة تحاول من خلال هذا التصعيد إعادة تدوير خطاب العداء للسعودية للهروب من الضغوط الداخلية المتزايدة، بعد تفاقم السخط الشعبي ضدها بسبب الجبايات والنهب وفرض الإتاوات على التجار والمواطنين، مشيرين إلى أن الحوثيين يسعون لخلق واجهة قبلية جديدة تبرر استمرارهم في الحرب وتمنحهم غطاءً اجتماعيًا زائفًا.
ويؤكد مراقبون أن ما يجري هو استغلال متعمد للقبائل اليمنية عبر الخطاب الديني والمذهبي، لزجّها في صراعات إقليمية لا تخدم مصالح اليمن ولا قضاياه الوطنية، وإنما تعكس ولاء الميليشيا الكامل لإيران ومشروعها التخريبي في المنطقة.