قوة إنفاذ لا حفظ سلام.. مسودة أميركية تعيد تعريف التدخل الدولي في غزة
تاريخ النشر: 6th, November 2025 GMT
تنشط تحركات دبلوماسية أميركية لوضع ترتيبات المرحلة الثانية من اتفاق وقف الحرب على قطاع غزة، حيث كشف موقع "أكسيوس" الإخباري عن مسودة قرار أميركي لإنشاء قوة دولية تتمتع بتفويض واسع لحكم غزة وتوفير الأمن فيها حتى نهاية 2027 مع إمكانية التمديد.
وتتزامن الخطوة مع مطالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش باستمداد أي كيان لضبط الاستقرار شرعيته من مجلس الأمن الدولي.
وتثير المسودة الأميركية تساؤلات استعرضها برنامج "مسار الأحداث" حول أهمية استصدار تفويض أممي لهذه القوة؟، ولماذا تُعرّف كقوة "إنفاذ" وليست "حفظ سلام"؟ وكيف ستتعامل الأطراف مع قضية نزع السلاح الشائكة دون وضع القرار تحت الفصل السابع؟ وما موقف إسرائيل والدول العربية من جعل المرجعية لمجلس السلام بدلا من مجلس الأمن؟
وفيما يتعلق بالمرجعية، أكد أستاذ النزاعات الدولية الدكتور إبراهيم فريحات أن غياب المرجعية للقوات الدولية يجعلها قوة احتلال عسكرية لا أكثر، مشيرا إلى أن إصرار الدول العربية على عدم المشاركة إلا باستناد القوة لمرجعية مجلس الأمن دفع باتجاه هذه الخطوة.
غير أنه حذر من مشاكل جوهرية في المسودة، أبرزها اعتبار القوة "تنفيذية" وليست "حفظ سلام"، وهو فرق شاسع في المهام والصلاحيات.
المهام المقترحة
وعلى صعيد المهام المقترحة، يقترح مشروع القرار الأميركي تكليف القوة الدولية بتأمين حدود غزة مع إسرائيل ومصر، وحماية المدنيين والممرات الإنسانية، وتدريب قوة شرطة فلسطينية.
لكن المختلف، أن الوثيقة الأميركية اعتبرت قضية نزع السلاح في غزة، التي يشوبها الكثير من الغموض، جزءا من دور القوة الدولية، بنصها على تدمير ومنع إعادة بناء البنية التحتية العسكرية في القطاع.
وفي هذا السياق، أكد فريحات على أن المشكلة الجوهرية تكمن في أنه عندما توكل للقوة مهمة تنفيذية، سيُطلب منها الاشتباك مع حركة حماس لنزع سلاحها بالقوة بتفويض من مجلس الأمن.
إعلانوبالتوازي مع ذلك، أضاف أن المشكلة الثانية تتمثل في أن مرجعية القوة ليست مجلس الأمن، بل مجلس السلام الذي يرأسه دونالد ترامب، بمعنى أنها تحولت إلى "قوة احتلال ولكن بشرعية دولية".
أما فيما يتعلق بالشأن الإسرائيلي، فقد لفت الخبير بالشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى إلى نقطتين تعتبرهما إسرائيل إنجازا:
أولا، أن المرجعية ليست لمجلس الأمن بل لمجلس السلام، خلافا لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل). ثانيا، أن هدف القوة "إنفاذ الأمن" ونزع السلاح وليس حفظ السلام.وفي المقابل، أشار إلى 3 مخاوف إسرائيلية:
عدم وضوح آلية نزع السلاح. اضطرار إسرائيل للانسحاب وتسليم أمن الحدود للقوة الدولية. تثبيت مبدأ عودة السلطة الفلسطينية لغزة عام 2027.وأوضح مصطفى أن إسرائيل غير مقتنعة بنجاح هذه القوة في نزع السلاح، وتعول على إقناع الإدارة الأميركية بالعودة لعمليات عسكرية مكثفة في حال فشلت القوة، مشيرا إلى تصريحات بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية المتكررة بأنه إذا لم يتم نزع السلاح بالطرق الدبلوماسية، فستنزعه إسرائيل بالطرق العسكرية.
وعلى مستوى القانون الدولي، أوضح المحلل المختص في شؤون الأمم المتحدة علي بردى أن المسودة تتضمن محاباة لإسرائيل، حيث تطلب واشنطن وتل أبيب نزع سلاح حركة المقاومة الإسلامية (حماس) دون وضع القرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وأكد على أنه لا يمكن لأي قوة يشكلها مجلس الأمن استخدام القوة إلا إذا كانت بموجب الفصل السابع، مشيرا إلى أن إسرائيل ترفض ذلك لأنه سيعطي القوات حق التدخل ضد القوات الإسرائيلية في حال انتهكت القرار.
وفي الوقت نفسه، أضاف أن القوات العربية والمسلمة لن تسمح لنفسها باستخدام القوة ضد الشعب الفلسطيني، مما يضع المسودة أمام تحديات جوهرية.
تعاون دولي
وفي السياق ذاته، أشار بردى إلى أن مشروع القرار الأميركي يتضمن تعاونا بين القوة الدولية وجيش الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ عملية نزع السلاح، دون وضع القرار تحت الفصل السابع، وهو ما يرفضه المفاوضون العرب بشكل قاطع.
انطلاقا من هذه المعطيات، حذر فريحات من أن منح القوة صلاحية نزع السلاح دون تفاوض مع الفصائل الفلسطينية يضع المنطقة على مسار صدام مستقبلي، مشددا على أن حق الدفاع عن النفس مسألة يجب أن تُحسم على طاولة المفاوضات.
وأكد أن الفلسطينيين لم يوافقوا على نزع السلاح، وأن حماس وافقت فقط على المرحلة الأولى المتعلقة بالرهائن، معتبرا نزع السلاح قضية تتعلق بحق الدفاع عن النفس المكفول بالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
وأشار إلى ضرورة وجود موقف فلسطيني موحد وتنسيق بين الفصائل والسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، مع ضمانات دولية قبل أي حديث عن نزع السلاح.
من جهته، أكد مستشار الرئيس الأميركي السابق لشؤون الأمن القومي مارك فايفل أن الولايات المتحدة تسعى للحصول على موافقة الأسرة الدولية، مع وضع مهلة زمنية للانسحاب بحلول 2027 لتفادي تكرار تجربة اليونيفيل التي استمرت عقودا.
أما على صعيد المفاوضات الدولية، فأشار بردى إلى أن النقاشات بدأت بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، مع تحفظات عربية وإسلامية على وضع القوة تحت قيادة مجلس السلام بدلا من الأمم المتحدة، ورفض استخدام القوة ضد الفلسطينيين، وضرورة دعم حل الدولتين.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: شفافية غوث حريات دراسات الأمم المتحدة الفصل السابع مجلس السلام مجلس الأمن نزع السلاح إلى أن
إقرأ أيضاً:
تقرير: "إسرائيل" تسعى لتقليص التفويض الأممي بغزة
واشنطن - صفا
كشفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن أن "إسرائيل شاركت في صياغة مشروع القرار الأميركي بشأن إنشاء قوة دولية متعددة الجنسيات في قطاع غزة، وتسعى إلى تقليص صلاحيات الأمم المتحدة في الإشراف على عمل هذه القوة".
ونقلت الشبكة عن مسؤول إسرائيلي، قوله، إن حكومة "بنيامين نتنياهو" تراجعت عن رفضها التفويض الأممي تحت ضغط مباشر من واشنطن، مضيفًا أن حكومته تحاول التأثير على نص المشروع للحفاظ على حرية عمل القوة الدولية دون رقابة دورية من مجلس الأمن.
ويأتي ذلك في وقت تسعى فيه إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى استصدار قرار من مجلس الأمن يمنح "قوة الاستقرار الدولية" (ISF) تفويضًا حتى نهاية عام 2027، مع إمكانية تمديده بالتشاور بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" ومصر، في إطار المرحلة الثانية من خطة ترامب لإنهاء الحرب على غزة.
ووفقاً لتقرير "سي إن إن"، فإن القوة الدولية ستكون مكلفة بتأمين القطاع وتنفيذ بنود وقف إطلاق النار، بما في ذلك نزع السلاح من غزة وتدمير البنية العسكرية لفصائل المقاومة، على أن تعمل بالتنسيق الكامل مع الجانبين الإسرائيلي والمصري.
كما أشار التقرير إلى أن القوة لن تضم جنودًا أميركيين على الأرض، بل ستتولى واشنطن دورًا تنسيقيًا وإشرافيًا من خارج غزة. ولفت إلى تصريح صدر عن وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الشهر الماضي، بأن بعض الدول المرشحة للمشاركة "لن تنضم ما لم تحصل القوة على تفويض دولي واضح"، وهو ما دفع واشنطن إلى طرح مشروع القرار في مجلس الأمن.
وقال المصدر إن واشنطن بدأت بالفعل مناقشة الصيغة الأولية للقرار مع أعضاء مجلس الأمن، بعد أن أظهرت عدة دول استعدادًا مبدئيًا للمشاركة في القوة، بشرط أن تعمل تحت تفويض رسمي من الأمم المتحدة.
ونقلت "سي إن إن" عن مصدر دبلوماسي أن "إسرائيل" رفضت السماح بأي وجود عسكري تركي داخل القطاع، بينما تبدي واشنطن رغبة في إشراك دول إسلامية "معتدلة" في القوة لتفادي الطابع الغربي الخالص لها.
ويشير التقرير إلى أنّ الولايات المتحدة تعتبر نشر القوة الدولية خطوة مركزية في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة، الذي يتضمن انسحابًا تدريجيًا لقوات الاحتلال من بعض المناطق، مقابل انتشار القوة الدولية، ثم تسليم إدارة القطاع لاحقًا إلى السلطة الفلسطينية بعد تنفيذ إصلاحات داخلية.
وكانت الولايات المتحدة قد وزّعت، مطلع الأسبوع، مسودة أولية لمشروع القرار بشأن القوة الدولة، وتنص المسودة على أن القوة ستكون "قوة إنفاذ" لا "حفظ سلام"، وتشمل وحدات من عدة دول، تعمل بتنسيق وثيق مع إسرائيل ومصر، وتكلّف بتأمين الحدود، وتطبيق عملية نزع السلاح في قطاع غزة.
كما تشير المسودة إلى تشكيل هيئة مؤقتة تحت اسم "مجلس السلام في غزة" برئاسة الرئيس الأميركي، لتكون بمثابة إدارة انتقالية تتولى الإشراف على عمل القوة الدولية إلى جانب عملية إعادة الإعمار، إلى حين استكمال السلطة الفلسطينية إصلاحاتها الداخلية.
وأفاد تقرير لموقع "أكسيوس" بأن واشنطن تسعى لطرح المشروع للتصويت خلال الأسابيع المقبلة، تمهيدًا لبدء انتشار القوة مطلع كانون الثاني/ يناير المقبل، فيما أبدت دول من بينها إندونيسيا وتركيا ومصر استعدادًا مبدئيًا للمشاركة في المهمة، شريطة أن يجري تفويضها رسميًا من الأمم المتحدة.