كوب 30 وسط تحديات المناخ والسياسة والمصالح والتمويل
تاريخ النشر: 6th, November 2025 GMT
على مدى 30 عاما، اجتمع زعماء العالم والدبلوماسيون في جلسات التفاوض التابعة للأمم المتحدة لمحاولة الحد من تغير المناخ، لكن درجة حرارة الأرض تستمر في الارتفاع وتتفاقم الأحوال الجوية المتطرفة، لذا فإنهم يأملون هذا الشهر رؤية وعود أقل وأفعال أكثر.
يقول الخبراء إن التعهدات السابقة من نحو 200 دولة لم تُلبَ بعد، وإن الخطط الجديدة المُقدمة هذا العام بالكاد تُسرّع جهود مكافحة التلوث، إذا لم تكن الأرقام مُثيرة للقلق بما يكفي لقادة العالم عند انطلاق فعالياتهم اليوم الخميس إلى غاية يوم 21 من الشهر الجاري.
بخلاف مفاوضات المناخ السابقة، وخاصة تلك التي عُقدت قبل 10 سنوات وأفضت إلى اتفاق باريس للمناخ، لا يهدف هذا المؤتمر السنوي للأمم المتحدة في المقام الأول إلى التوصل إلى اتفاق أو بيان شامل خلال أسبوعين.
ويُطلق المنظمون والمحللون على مؤتمر الأطراف هذا -المعروف اختصارا باسم (COP30)- اسم "مؤتمر الأطراف التنفيذي". ويصل عدد من الزعماء اليوم الخميس لحضور قمة تمهيدية تستمر يومين لمناقشة تكثيف الجهود لمكافحة تغير المناخ.
وكان الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا قد أكد الثلاثاء أن القمة التي تحتضنها بلاده ستكون بمثابة "مؤتمر الحقيقة" وتقدم حلولا حقيقية، مؤكد أن الفشل في الوفاء بالاتفاقيات المناخية السابقة، بما في ذلك بروتوكول كيوتو والتمويل المناخي الموعود، سيكون أمرا محبطا للناس في جميع أنحاء العالم.
وعن الآمال المتعلقة بنتائج المؤتمر، قالت كريستيانا فيغيريس، رئيسة المناخ السابقة في الأمم المتحدة، التي ساعدت في رعاية اتفاق باريس لعام 2015 الذي يهدف إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، إن "الأمر في الواقع سيتعلق أكثر بما نفعله على الأرض".
وأكدت فيغيريس، وأكثر من 33 خبيرا قابلتهم وكالة أسوشيتد برس، أن المفاوضين قد حددوا الهدف بالفعل. ما نحتاجه الآن هو المزيد من المال والإرادة السياسية لتمكين الدول من ترجمة عقود من الأقوال والوعود إلى أفعال وسياسات للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري ووقف إزالة الغابات.
وفي بيليم، سيناقش الدبلوماسيون والناشطون والعلماء وقادة الأعمال خططا وطنية جديدة لمكافحة تغير المناخ، والحاجة إلى إنقاذ الغابات التي تمتص تلوث الكربون، وكيف يمكن للمجتمعات التكيف مع الاحتباس الحراري، وكيفية تقديم المساعدة المالية للدول النامية الأكثر تضررا من تغير المناخ.
إعلانوستترأس البرازيل، الدولة المضيفة، المحادثات وتضع جدول أعمالها. ولنجاح المحادثات، يتعين على قادة العالم تكثيف الجهود والتمويل للتكيف مع تغير المناخ، وتمويل جهود بمليارات الدولارات لمنع إزالة الغابات وتدهور الأراضي، وفقا لسولي فاز، التي كانت تدير وكالة البيئة البرازيلية.
وقال إيريل تشيكوي ديرانجر، المدير التنفيذي لمنظمة العمل المناخي للسكان الأصليين غير الربحية في كندا: "إن عقد مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في الأمازون بحد ذاته يُرسي مستوى جديدا من المساءلة. لا يُمكن الحديث عن حلول المناخ، بينما تقف على أرض تمتص كربون الكوكب وتتجاهل من يحمونها".
من المرجح أن يغيب عن هذا الاجتماع الرفيع المستوى كبار قادة أكبر الدول الملوثة للكربون: الصين والولايات المتحدة والهند. فهذه الدول مسؤولة عن حوالي 52% من ثاني أكسيد الكربون المُسبب للاحتباس الحراري في العالم، والناجم عن حرق الفحم والنفط والغاز الطبيعي.
وأرسلت الصين نائب رئيس وزرائها، أما الولايات المتحدة فغالبا ما تغيب عن هذا المؤتمر في عهد الرئيس دونالد ترامب المشكك في تغير المناخ والذي بدأ عملية الانسحاب من اتفاقية باريس.
وصرحت جينا مكارثي، الرئيسة السابقة لوكالة حماية البيئة الأميركية والرئيسة المشاركة لمجموعة تُدعى "أميركا كلها تشارك"، بأن بعض المدن والولايات الأميركية ستحضر المؤتمر لإظهار جديتها واهتمامها بتغير المناخ.
وقال رئيس بالاو، سورانجيل ويبس جونيور، الدولة الواقعة في غرب المحيط الهادي، إنه من المهم أن يفهم قادة العالم التهديد الذي تواجهه دول مثل بلاده: "من دون الولايات المتحدة والصين والتزام الهند، لن يكون لدينا أمل حقا".
وأضاف جونيور: "نريد أن نرى إجراءاتٍ عملية، وخاصة من أكبر الجهات المُلوِّثة.. مجتمعاتنا تعيش في الخطوط الأمامية، ولا نملك القدرة على تحمل المزيد من الوعود".
من جانبها، تقول فيغيريس إنها تأمل "بسبب الجنون في الولايات المتحدة الذي يتزايد الشعور به، فإن هذه هي اللحظة المناسبة للتكاتف".
لكن وزير البيئة البنمي، خوان كارلوس نافارو، أكد لوكالة أسوشيتد برس بأنه لا يتوقع الكثير من المحادثات، مضيفا أن مثل هذه الاجتماعات أصبحت "حفلة غنائية للبيروقراطيين الذين يسافرون حول العالم ببصمة كربونية هائلة دون تحقيق أي شيء".
يعقد المؤتمر في ظل خلافات وانقسامات حول طبيعة الأهداف والخطط. ففي حين تُشدد البرازيل على تنفيذ الخطط السابقة، بالإضافة إلى ما تتضمنه خطط خفض الانبعاثات الجديدة المُقدمة هذا العام، تصر الدول الجزرية الصغيرة، مثل بالاو، كذلك علماء المناخ على أن هذا ليس كافيا.
ويضيف هؤلاء أن غياب خطة فعالة يُعرّض الأرض لارتفاع في درجة الحرارة بمقدار 3 درجات مئوية (5.4 درجات فهرنهايت) مُقارنة بعصر ما قبل الصناعة.
إعلانوتريد دولة بالاو ودول جزرية أخرى من المفاوضين أن يطلبوا من الدول أن تكون أكثر طموحا في خططها الجديدة لخفض التلوث الكربوني، الذي يؤثر بشكل أكبر على الدولة الصغيرة والضعيفة النمو.
وفي هذا السياق تؤكد أديل توماس، رئيسة قسم التكيف في مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية، إن "تطبيق ما يسمى بالحلول الوسطية لا يخلق مستقبلا للدول الضعيفة".
وإذا التزمت الدول بما وعدت به في خططها السابقة لمكافحة تغير المناخ، فقد يؤدي ذلك إلى خفض درجة الحرارة المتوقعة بمقدار درجة مئوية كاملة (1.8 درجة فهرنهايت) وفقا لآني داسغوبتا، الرئيس التنفيذي لمعهد الموارد العالمية، ويتفق العلماء مع هذا التقدير.
وتقول داسغوبتا إن المفاوضين ركزوا لفترة طويلة على الالتزامات الكبيرة بدلا من النتائج في الاقتصاد الحقيقي، وهو ما وصفه بأنه "الأمر الأكثر فوضوية" الذي لا يحظى باهتمام كبير.
من جهته، يقول العالم يوهان روكستروم، مدير معهد بوتسدام لأبحاث المناخ في ألمانيا: "ما نحتاج إلى القيام به الآن هو الوفاء بما اتفقنا عليه".
ويؤكد روكستروم أن"التحدي اليوم ليس ما إذا كنا سنتخلص تدريجيا من الوقود الأحفوري، بل هو: هل سنتأخر كثيرا؟ نحن نتجه نحو ارتفاع كارثي في درجة الحرارة بمقدار 3 درجات مئوية".
من جانبها، تشير فيغيريس، الرئيسة السابقة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ، إلى أن الوضع يبدو سيئا، لكنها شاركت في تأسيس منظمة تُدعى "التفاؤل العالمي"، وأعربت عن ثقتها بقدرة العالم على تحقيق ذلك رغم أوجه القصور الكثيرة.
وتقول فيغيريس "تفاؤلي ليس ساذجا، أعرف ما نواجهه. لكن تفاؤلي نابع من العزيمة. يتعلق الأمر بمواجهتنا لتهديد بالغ الصعوبة يتعرض له الكوكب، ولن نستسلم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: شفافية غوث حريات دراسات مبادرات بيئية الأمم المتحدة تغیر المناخ أسوشیتد برس
إقرأ أيضاً:
أمير قطر: مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية يمثل قمة محورية في إطار الالتزامات
أكد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، أن مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية، الذي تستضيفه قطر حاليا، يعكس الشراكة الفاعلة مع الأمم المتحدة لترسيخ التعاون متعدد الأطراف بما يحقق النماء والتقدم والازدهار المأمول لجميع شعوب العالم.
وقال الشيخ تميم بن حمد، في منشور عبر حسابه الرسمي على منصة (إكس)، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء القطرية (قنا) - إن مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية يمثل قمة محورية في إطار الالتزامات والتعهدات الدولية بشأن التنمية المستدامة، ويعكس الشراكة الفاعلة التي تجمع بلاده مع الأمم المتحدة لترسيخ التعاون متعدد الأطراف بما يحقق النماء والتقدم والازدهار المأمول لجميع شعوب العالم.
وفي السياق، اعتمد قادة العالم المشاركون في مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية، اليوم، "إعلان الدوحة السياسي"، مجددين الالتزام العالمي ببناء مجتمعات أكثر عدلا وشمولا.
ويمثل اعتماد الإعلان تعهدا مشتركا من الحكومات بمعالجة الفقر وخلق فرص عمل لائقة، ومكافحة التمييز، وتوسيع نطاق الوصول إلى الحماية الاجتماعية، وحماية حقوق الإنسان، كما يشدد الإعلان على أن التنمية الاجتماعية ليست مجرد ضرورة أخلاقية، بل هي أيضا شرط مسبق للسلام والاستقرار والنمو المستدام.
ويؤكد الإعلان التزام القادة بإعلان كوبنهاجن لعام 1995 وخطة التنمية المستدامة لعام 2030، مع التركيز على التنمية الاجتماعية ضمن ثلاث ركائز يعزز بعضها بعضا، وهي: القضاء على الفقر، والعمالة الكاملة والمنتجة والعمل اللائق للجميع، والإدماج الاجتماعي.
كما يربط "إعلان الدوحة السياسي" العدالة الاجتماعية بالسلام والأمن وحقوق الإنسان، ويتعهد بعدم ترك أي أحد خلف الركب، كما يحث على اتخاذ إجراءات مناخية عاجلة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس، مجددا التأكيد على "مبادئ ريو دي جانيرو"، بما في ذلك المسؤوليات المشتركة.
ويؤكد الإعلان على أن "خطة عمل أديس أبابا" جزء لا يتجزأ من خطة 2030، ويرحب بالتزام إشبيلية لتجديد إطار التمويل، ويدعو إلى مؤسسات متعددة الأطراف تكون أقوى وأكثر تمثيلا، مع تولي لجنة التنمية الاجتماعية مسؤولية المتابعة، مع عملية مراجعة تستغرق خمس سنوات لتقييم التقدم وسد الفجوات.