المشهد الانتخابي وهندسة القوائم "٣"
تاريخ النشر: 6th, November 2025 GMT
ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية وبداية التصويت لأخطر برلمان في تاريخ مصر ، بدا واضحا أن المشهد الحزبي يسير في اتجاهٍ واحدٍ لا يحتمل التعدد، فالأحزاب التي كانت يوما صوتًا للتاريخ والنضال الوطني تتراجع إلى المقاعد الخلفية، بينما تتقدّم أحزاب بعينها لتتصدر المشهد السياسي والانتخابي وكأنها الوكيل الحصري لإرادة الدولة .
المفارقة أن كثيراً من القيادات الحزبية القديمة ترى أن ما يحدث الآن هو تصفية ناعمة للتعددية السياسية، وتحويل الأحزاب من كيانات فاعلة إلى لافتات شكلية ترفع فقط وقت الانتخابات، لكن الخطر الحقيقي لا يكمن في سيطرة حزب أو اثنين، بل في اختناق المجال السياسي بالكامل ، فعندما يُقصى الصوت المختلف، وتهمّش الأحزاب التاريخية التي كانت تمثل ضمير الوطن، يصبح البرلمان القادم غرفة مغلقة بلا هواء سياسي، وبلا توازنات حقيقية ، إن ما يحدث اليوم يعيدنا إلى لحظة فارقة في تاريخ الحياة السياسية المصرية ، هل نريد تعددية حقيقية تعبّر عن الشعب، أم مشهدًا مهندسا بأحزاب تدار بالريموت؟ وهل ستظل الأحزاب التاريخية متفرجة على الساحة التي صنعتها بعرقها ونضالها؟ أم ستعيد تنظيم صفوفها لتسترد مكانتها في مواجهة من يسعون إلى احتكار السياسة؟..الانتخابات على الأبواب، والمشهد يتحدث بصراحة، أحزاب تصنع على المقاس، وأخرى تدفن بصمت والشارع يراقب ، لكنه لم يعد يصدق بسهولة .
ما يحدث اليوم لا يمكن وصفه إلا بأنه زواج بين السلطة والمال على حساب السياسة والشارع، فالأحزاب التي تفترض أنها مؤسسات تمثل الناس، تحولت إلى شركات انتخابية تدار وفق ميزانيات وحسابات بنكية، لا وفق مبادئ أو برامج وطنية، أسماء تُفرض على القوائم بقرارات مغلقة، وأخرى تُقصى لأنها لا تملك المال أو العلاقات، وكأن الترشح للبرلمان أصبح صفقة مدفوعة الثمن، لا استحقاقًا شعبيًا ، والخطير في هذا النموذج أنه يفرغ العملية الانتخابية من مضمونها الديمقراطي، ويحول البرلمان إلى نادٍ للنخبة المالية، لا ساحة تعبير عن المواطن العادي ده بصراحه شديده ، فالمرشح الذي يدخل البرلمان بفضل المال، لن يعرف قيمة صوت الناخب البسيط، ولن يحمل هموم الناس بقدر ما يحمل دفاتر حساباته فالمال السياسي اليوم هو اللاعب الأخطر، والأكثر قدرة على إعادة تشكيل الخريطة البرلمانية ، والمشهد يبدو وكأننا أمام إعادة إنتاج لنظام سياسي مغلق، تُحسم فيه النتائج قبل أن تفتح صناديق الاقتراع ، في ظل هذا الواقع، تُطرح أسئلة مشروعة في الشارع المصري:هل ما يحدث هو انتخابات فعلًا، أم توزيع منظم للمقاعد بين أصحاب النفوذ المالي والسياسي؟ وهل يمكن لدولة تطمح إلى بناء حياة سياسية حقيقية أن تسمح بأن تُدار العملية الانتخابية بهذه الطريقة التي تُقصي الكفاءات وتُكرّس للمال والولاء؟ ، لقد ولدت بعض الأحزاب في ظروف استثنائية، لكنها اليوم تلتهم المجال العام كله، لتترك خلفها فراغًا سياسيا خطيرا ، وشارعا فقد الثقة في أي حديث عن الديمقراطية أو التمثيل الشعبي ، إن الخطر الحقيقي لا يكمن في حزبٍ يملك المال، بل في نظام انتخابي يسمح للمال أن يشتري السياسة، وللقوائم المغلقة أن تغلق الباب في وجه إرادة الناس ، فهل نعيد الاعتبار للسياسة كقيمة؟ أم نترك المال يكتب مستقبل البرلمان... ومصير الوطن؟.
رئيس لجنة المرأة بالقليوبية وسكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المشهد الانتخابي وهندسة القوائم ٣ الانتخابات البرلمانية تاريخ مصر ما یحدث
إقرأ أيضاً:
أحمد عبدالجواد: «مستقبل وطن» يخوض الاستحقاق الانتخابي برؤية «شراكة وطنية» وتغليب المصلحة العامة
أكد أحمد عبد الجواد، نائب رئيس حزب مستقبل وطن والأمين العام للحزب، أن الحزب يخوض الاستحقاق الانتخابي القادم برؤية واضحة تقوم على الشراكة الوطنية وتغليب المصلحة العامة، مشددًا على أن البرلمان هو منصة للتعبير عن صوت المواطن، وليس ساحة للشعارات أو المزايدات السياسية.
وقال عبد الجواد، خلال كلمته في المؤتمر الختامي لقطاعي الصعيد وغرب الدلتا استعدادًا لانتخابات مجلس النواب 2025، إن الحزب اختار منذ البداية مبدأ المشاركة لا المغالبة في العمل السياسي، وهو ما ظهر جليًا في تشكيل القائمة الوطنية التي ضمت مختلف القوى والأحزاب، على أرضية سياسية مشتركة هدفها دعم الدولة المصرية ومؤسساتها في مرحلة دقيقة.
وأضاف أن مستقبل وطن قدم نموذجًا سياسيًا قائمًا على احترام قواعد المنافسة الديمقراطية، واختيار مرشحين قادرين على تمثيل المواطنين تحت قبة البرلمان بكفاءة ومسؤولية، لافتًا إلى أن الحزب منح فرصًا واسعة للشباب والمرأة، وقام بتجديد الدماء داخل صفوفه البرلمانية في خطوة تهدف لضخ طاقات جديدة في الحياة السياسية.
وأشار الأمين العام إلى أن رجال الأعمال داخل الحزب يمثلون نسبة محدودة لا تتجاوز 10% من المرشحين، وأن وجودهم طبيعي لأنهم جزء من النسيج الاجتماعي المصري، موضحًا أن اختيارهم جاء وفق معايير موضوعية تشمل الثقل الشعبي والقدرة على خدمة المواطنين.
ووجه عبد الجواد الشكر لكوادر الحزب الذين اختاروا عدم الترشح التزامًا برؤية الحزب وإيمانًا بأهمية إتاحة الفرصة لوجوه جديدة، كما دعا مرشحي الحزب إلى الالتزام بالانضباط الحزبي والتفاعل المباشر مع المواطنين، قائلاً:
"أنتم تمثلون الحزب أمام الشعب المصري، والمطلوب دائمًا تقديم نموذج مشرف للحياة السياسية والعمل العام."