كم من انتهاكات إنسانية تقع من بعض البشر اتجاه من يقع تحت يدهم من الخدم وكم من مشاهد صادمة أدمت القلوب فى هذا الشأن، فوجدت من فقه التعريف بصحيح الإسلام أن أُبرز كيف كرم الإسلام الخدم ودعا إلى الإحسان إليهم فهم إما أخوة لنا فى الإسلام أوشركاء لنا فى الإنسانية، وقد ضرب لنا الرسول المثل التطبيقى والعملى فى هذا الشأن، فعن أنس بن مالك -رضى الله عنه- قال: «خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لى أف قط، وما قال لى لشىء صنعته: لم صنعته؟ ولا لشىء تركته: لم تركته؟» (رواه الترمذي)، وقَالَ أنس بن مالك أيضا: كَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، فَأَرْسَلَنِى يَوْمًا لِحَاجَةٍ فَقُلْتُ: وَاللّهِ لاَ أَذْهَبُ.
وقد أمر الإسلام مع حسن معاملة الخدم بإطعامهم وكسوتهم فعنِ المَعْرورِ قال: لَقِيتُ أبا ذَرٍّ بالرَّبَذةِ وعليهِ حُلَّة، وعلى غُلامِه حُلَّة، فسألتُه عنْ ذلكَ فقال: إِنِّى سابَبْتُ رَجُلًا فعَيَّرتُه بأمِّه، فقال لى النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذَرّ، أعَيَّرتَهُ بأمِّهِ؟ إِنَّكَ امرُؤٌ فيكَ جاهِليَّة. إخْوانُكمْ خَوَلُكمْ، جَعَلَهمُ اللّهُ تحتَ أيدِيكُمْ. فَمَنْ كانَ أخوهُ تحتَ يدِه فلْيُطْعِمْهُ ممّا يأكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، ولا تُكلِّفوهمُ ما يَغْلِبُهم، فإنْ كلَّفتموهُم فأعِينوهُم». (رواه البخاري). بل ودعا إلى عدم إثقالهم بكثرة الأعمال فعن عمرو بن حريث أن النبى صلى الله عليه وسلم: «ما خففت عن خادمك من عمله كان لك أجرًا فى موازينك» (رواه ابن حبان) وعن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه–رضى الله عنهما- أن رسول الله قال فى حجة الوداع: « أرقاءَكُمْ أَرقاءَكُمْ أَرقَاءَكُمْ أَطْعِمُوهُمْ مِمّا تَأْكُلُون وَاكْسُوهُمْ مِمّا تَلْبَسُونَ فَإنْ جَاؤوا بَذَنْبٍ لا تُرِيدُونَ أَنْ تَغْفِرُوهُ فَبِيعُوهُ عِبَادَ الله وَلا تُعَذِّبُوهُمْ » (رواه أحمد وأبو داود) وقد أوقف المسلمون أوقافا لجبر خاطر الخدم منها «وقف الأوانى» فكان الخادم إذا كُسر طبقه وهو فى السوق لشراء حوائج سيده كانوا يعطوه إناء مثله أو مال لشراء مثله فإنَّ سيده لا بُدَّ له أن يضربه على كسر الصحن أو ينهره، وهو ينكسر قلبه ويتغير لأجل ذلك، فكان هذا الوقف جبرًا للقلوب وللخاطر المكسور.
من علماء الأزهر والأوقاف
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: هذا هو الإسلام انتهاكات إنسانية صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
الإفتاء: الكذب من الأمور التي يستحق صاحبها اللعن
قالت دار الإفتاء المصرية إن الغشُّ والكذب وكتمانُ العيب من الأمور التي يستحق بها صاحبها اللعن والمقت والطرد من رحمة الله سبحانه وتعالى؛ فعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، يَقُولُ: «مَنْ باع عيبًا لم يُبَيِّنْهُ لم يَزَلْ في مَقْتِ الله، ولم تَزَلِ الملائكة تلعنه»، أخرجه ابن ماجه.
الكذب:كما أن الكذب من الأخلاق الذميمة التي يقع فيها كثير من الناس، وهو خُلُقٌ يجعل صاحبه يقول الشيء على غير حقيقته، ويخالف الواقع الذي هو من خلق الله سبحانه وتعالى،كما أن الكذب من صفات المنافقين، يقول تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون: 1].
الكذب في الإسلام:
وفي الحديث الشريف: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ» رواه البخاري، فالمؤمن ينقص إيمانه بالكذب وخلف الوعد وخيانة الأمانة.
صور الكذب:
والكذب له صور متعددة قد يغفل عنها كثير من الناس ويقعون فيها دون تقدير من جانبهم لمدى خطورة ما يفعلون، فهناك من يظهر للناس بمظهر المؤمن التقي الورع، وهو في حقيقة الأمر من أهل الشر والفجور والطغيان والبغي، وكذلك كذب التاجر ليروج سلعته، ويقسم بأغلظ الأيمان أن ثمنها كذا، على غير الحقيقة، أو أنها تمتاز بصفات ليست فيها ليرغِّبَ الناس في شرائها، فذلك كاذب.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ثَلاثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ» وذكر منهم: «رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهُوَ كَاذِبٌ» رواه البخاري.
وهناك كذب الوصوليين الذين ينافقون أصحاب المال والنفوذ ويبالغون في مدحهم والثناء عليهم بما ليس فيهم؛ طمعًا منهم في منفعة يحصلونها بسبب هذا المديح الكاذب، وهناك الكذب في شهادة الزور؛ للحصول على شيء غير مستحق.
مخاطر الكذب
ويتهاون الناس كثيرًا في الكذب لإضحاك غيرهم والسخرية والاستهزاء، قال صلى الله عليه وسلم: «لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ الْإِيمَانَ كُلَّهُ حَتَّى يَتْرُكَ الْكَذِبَ فِي الْمُزَاحَةِ» رواه الطبراني، وكذلك الكذب على الأولاد، وهو سلوك سيئ في التربية وله آثار شديدة الخطورة على أخلاقيات أطفالنا.
ومن الكذب الذي لا يوجب الوقوع في المعصية ما جرت به العادة في المبالغة كقول الإنسان لآخر: اتصلت بك مائة مرة، فإنه يُقْصَد بها المبالغة لا تحديد عدد المرات، فإن لم يكن اتصل به إلا مرة واحدة كان كاذبًا.
مواضع يباح فيها الكذب
واستثناءً من ذلك هناك ثلاثة مواضع يُبَاح فيها الكذب، ففي الحديث الذي رواه الإمام مسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِي خَيْرًا» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: "وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: الْحَرْبُ، وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا".
قال الإمام النووي: "قالوا: ولا خلاف أنه لو قصد ظالم قَتْلَ رجلٍ هو عنده مختفٍ وَجَبَ عليه الكذب في أنه لا يعلم أين هو، وقال آخرون، منهم الطبري: لا يجوز الكذب في شيء أصلًا، قالوا: وما جاء من الإباحة في هذا؛ المراد به التورية واستعمال المعاريض لا صريح الكذب؛ مثل أن يَعِدَ زوجته أن يحسن إليها ويكسوها كذا وينوي إن قدر الله ذلك، وحاصله أن يأتي بكلمات محتملة يفهم المخاطب منها ما يطيب قلبه، وإذا سعى في الإصلاح نقل عن هؤلاء إلى هؤلاء كلامًا جميلًا ومن هؤلاء إلى هؤلاء كذلك وورَّى، وكذا في الحرب بأن يقول لعدوه: مات إمامكم الأعظم وينوي إمامهم في الأزمان الماضية، أو غدًا يأتينا مدد؛ أي طعام ونحوه، هذا من المعاريض المباحة فكل هذا جائز، وتأوَّلوا قصة إبراهيم ويوسف وما جاء من هذا على المعاريض، والله أعلم. وأما كذبه لزوجته وكذبها له فالمراد به في إظهار الود والوعد بما لا يلزم ونحو ذلك، فأما المخادعة في منع ما عليه أو عليها أو أخذ ما ليس له أو لها فهو حرام بإجماع المسلمين، والله أعلم".