وسط رحلة فنية امتدت عقوداً طويلة بين المسرح والدراما والسينما، يطل علينا الفنان القدير رياض الخولى كأحد أهم الوجوه التى تركت بصمة قوية فى وجدان المشاهد، لم يكن طريقه مفروشاً بالورد، بل كان مليئاً بالتحديات والصعوبات التى صاغت شخصيته الفنية وجعلته أكثر صلابة وإصراراً، فمنذ بداياته الأولى على خشبة المسرح، مروراً بأدواره المؤثرة فى الدراما التليفزيونية وأعمال السينما، ظل الخولى متمسكاً بقيمة ما يقدمه، رافضاً الانجراف وراء الأدوار السهلة، ومؤمناً بأن الفن رسالة تعكس نبض المجتمع وتاريخه.
وفى حواره لـ«الوفد»، يتحدث رياض الخولى عن محطات مشواره، عن الصبر الذى كان مفتاحه الأول، وعن رؤيته للواقع الفنى والثقافى اليوم، كما يفتح قلبه للحديث عن علاقته بالمسرح والدراما والجمهور، وعن أبرز الشخصيات التى شكلت علاماته المضيئة فى مسيرته.
رسالتى للكتاب والمبدعين:
عليكم مسئولية توظيف قدراتنا الفنية ولاتهدروا رصيد سنوات الخبرة
● كيف تصف مسيرتك الفنية الممتدة منذ البدايات حتى اليوم؟
- مشوارى لم يكن سهلاً على الإطلاق، يمكننى القول إنه ملىء بالصعوبات، فيه طلعات ونزلات كثيرة، بعد تخرجى فى المعهد العالى للفنون المسرحية، انتظرت 18 عاماً كاملة قبل أن أبدأ العمل بشكل جاد ومستمر، هذه الفترة الطويلة علمتنى الصبر والإيمان بالله وبالموهبة، وأدركت أن كل شىء بقدر ونصيب، صحيح أن الطريق كان قاسياً، لكنه كون داخلى شخصية صلبة قادرة على مواجهة التحديات، ولذلك أنا راضٍ تماماً عن الرحلة لأنها منحتنى ذاتى.
● بدأت من المسرح.. ماذا يمثل لك هذا الفن؟
- المسرح هو البيت الأول بالنسبة لى، وهو الذى منحنى الثقة والقدرة على الأداء أمام الجمهور مباشرة، لكن المؤلم أن أغلب ما قدمته على خشبة المسرح لم يتم تصويره أو توثيقه بالصورة، كأن هذه الجهود ذهبت مع الريح، عملت مع أسماء كبيرة، من بينهم الفنان محمد صبحى فى مسرحيات مثل وجهة نظر وماما أمريكا، ومع الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة فى مسرحية الناس اللى فى التالت عام 2001، هذه الأعمال تظل محفورة فى ذاكرتى، حتى إن لم توثق بالصورة.
● صرحت من قبل بأن «المسرح انتهى».. هل ما زلت ترى ذلك؟
- أذكر أننى قلت هذا الكلام فى حوار جمعنى بالفنانة القديرة سميحة أيوب، فغضبت بشدة وقالت إنها «سيدة المسرح العربى»، أوضحت لها أننى لم أقصد التقليل من قيمة المسرح، بل قصدت أن التليفزيون صار يحقق عنصر الدهشة أكثر من المسرح، وأن الجمهور أصبح يجد فى الشاشة الصغيرة ما كان يجده سابقاً فى خشبة المسرح، ومع ذلك أنا أؤمن بأن المسرح سيظل فناً عظيماً، حتى إن مر بمراحل ضعف.
● ما محطات التحول فى مشوارك الفنى؟
- نقطة التحول الحقيقية كانت عام 1996، حين بدأت العروض الجادة تأتينى، فى البداية كنت متخوفاً من السينما، لكن ابنتى شجعتنى على خوض التجربة، ومع ذلك رفضت أعمالاً كثيرة لأنها لم تكن تليق باسمى أو بمشوارى، من أبرز المحطات التى لا أنساها مسلسل العائلة عام 1994، حيث جسدت شخصية «أمير الجماعة»، وكان هذا أول عمل قدمنى للجمهور بشكل واسع، ثم جاء فيلم طيور الظلام الذى فتح أمامى أفقاً جديداً، وبعد ذلك شكلت أعمال الكاتب الكبير محمد صفاء عامر علامة فارقة فى حياتى، وهو كان يؤمن بى بشكل كبير، وأحياناً أشعر بأنه كتب حدائق الشيطان خصيصاً لى، كذلك أعتبر العمل مع المخرج حسين المنباوى فى مسلسلى الفتوة وقهوة المحطة إضافة نوعية لمشوارى.
● كيف تنظر إلى التليفزيون مقارنة بالسينما؟
- أرى أن التليفزيون بالنسبة لى مثل السينما تماماً، كلاهما وسيلة للتعبير عن الشخصية والدراما، صحيح أن السينما لها بريق خاص، لكن التليفزيون يصل إلى كل بيت ويخلق علاقة يومية مع الجمهور، لذلك لا أضع حواجز بين الاثنين، المهم عندى هو جودة العمل وقيمته.
● كيف تقيِّم حال الفن والثقافة فى مصر اليوم مقارنة بالماضى؟
- الفن بطبيعته يمر بمراحل من الازدهار والاضمحلال تبعاً للظروف السياسية والاجتماعية، فى السبعينيات مثلاً عشنا حالة من التنوير الثقافى الحقيقى، حيث كان المسرح والفنون فى أوج عطائها، أما اليوم فلا أبالغ إذا قلت إننا نمر بعصور أشبه بالظلام، هناك ضعف فى الرؤية العامة وغياب لمشاريع التنوير الكبرى، لكن رغم ذلك أنا متفائل لأن مصر ما زالت ولادة، خلال تجربتى الأخيرة كعضو لجنة تحكيم فى المهرجان القومى للمسرح، شاهدت 34 عرضاً لشباب موهوب مبشر، وهذا منحنى الأمل بأن المستقبل ما زال يحمل الخير، وأن مصر ستظل رائدة كما كانت عبر التاريخ.
● ما رؤيتك لدور المبدعين والكتَّاب فى المرحلة الحالية؟
- أرى أن الكتَّاب والمبدعين عليهم مسئولية كبيرة، يجب أن يصيغوا أدواراً تناسب الممثلين الكبار فى هذه المرحلة العمرية، نحن نملك خبرة ونضجاً فنياً وإنسانياً هائلاً، ومن الظلم أن يختصر وجودنا فى أدوار هامشية، على العكس، هذا النضج يمكن أن يقدم شخصيات أكثر عمقاً وتأثيراً، والجمهور يتوق لرؤية ذلك.
● كيف تصف علاقتك بالجمهور؟
- أعتبر الجمهور هو الشريك الأساسى فى أى نجاح حققته، منذ شخصية «أمير الجماعة» فى العائلة حتى أدوارى الأخيرة، كنت أشعر دوماً بأن الناس يتابعوننى بدقة وينتظرون منى الجديد، هذه العلاقة تمنحنى طاقة وحافزاً للاستمرار.
● هل ترى أن مشوارك شهد قفزات مفاجئة؟
- على العكس، مشوارى كان أقرب إلى الصعود التدريجى، بلا قفزات كبيرة، أشبهه بما وصفه الإغريق بـ«أسطورة سيزيف والموت»، أى أن الطريق كان مليئاً بالصعوبات ومحاولات مستمرة للصعود رغم كل العراقيل، لكن فى النهاية أشعر بالرضا والفخر بأننى وصلت إلى مكانة تستحق كل هذا العناء.
● وجه رسالة لجمهورك ولجيل الشباب؟
- أقول للشباب اصبروا وآمنوا بموهبتكم، لا تستعجلوا النجاح، فالموهبة الحقيقية تحتاج لوقت حتى تثبت نفسها، وأقول لجمهورى العزيز أنتم سر استمرارى ودعمى الأول، وسأظل أبحث عن أعمال تليق بكم وباسم الفن المصرى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رحلة فنية الفنان القدير رياض الخولي وجدان المشاهد
إقرأ أيضاً:
4 ضباط يونانيين يواجهون اتهامات بالتورط في غرق مئات المهاجرين
وجه المدعي العام اليوناني اتهامات لأربعة من كبار ضباط خفر السواحل في واقعة غرق قارب في 2023، والذي راح ضحيته المئات قبالة بلدة بيلوس جنوب غرب البلاد، والتي واحدة من أكثر الوقائع دموية في البحر المتوسط.
وقالت مصادر لرويترز إن الاتهامات جاءت بعد استئناف قدمه محامون يمثلون الضحايا.وتسبب تحطم قارب المهاجرين أدريانا الذي كان محملا بحمولة زائدة بالمياه الدولية في 14 حزيران/ يونيو 2023 في صدمة في أنحاء أوروبا. ولا تزال محكمة بحرية يونانية تحقق في الملابسات المحيطة بالواقعة.
وكانت سفينة خفر سواحل تراقب قارب المهاجرين لمدة 15 ساعة قبل أن ينقلب ويغرق. وغادر قارب المهاجرين من ليبيا متجها إلى إيطاليا وعلى متنه نحو 750 شخصا. ويعتقد أن 104 منهم فقط نجوا. وفي آيار/ مايو وجهت محكمة بحرية اتهامات لنحو 17 من أفراد خفر السواحل.
ولطالما اتُهمت الحكومة اليونانية بالإعادة القسرية للمهاجرين، ودفعهم إلى العودة إلى تركيا، من حيث عبروا، وهو أمر غير قانوني بموجب القانون الدولي.
وكانت "بي بي سي" نقلت عن شهود عيان منتصف العام الماضي قولهم، إن خفر السواحل اليوناني تسبب في مقتل عشرات المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط على مدى ثلاث سنوات، من بينهم تسعة ألقي بهم عمدا في المياه ليموتوا.