بوابة الوفد:
2025-11-06@19:47:36 GMT

احترام الكبير.. بين الشرع والأخلاق

تاريخ النشر: 6th, November 2025 GMT

فى واقعة صادمة بالسويس، تداول رواد التواصل الاجتماعى فيديو يُظهر اعتداء شاب على رجل مسن داخل منزله، ما أثار موجة غضب كبيرة وأعاد النقاش حول احترام الكبير فى المجتمع المصرى، وقد دفع هذا الحادث الجهات الدينية الرسمية إلى التحذير والتأكيد أن توقير الكبير واجب شرعى وأخلاقى، وأن أى تعدٍ على حقه يمثل مخالفة صريحة للشرع والقيم الإنسانية.

واجب شرعي

علّقت دار الإفتاء المصرية على الحادث، مؤكدة أن الإسلام حثّ على توقير الكبير واحترامه، واعتبر ذلك من مظاهر الإيمان وسمات المجتمعات المتحضرة، واستشهدت بقول النبى صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا»، موضحة أن أى اعتداء على الكبير أو إهانته يُعد مخالفة صريحة لسنة النبى وسلوكًا مرفوضًا شرعًا وإنسانيًا.

وأضافت الدار أن احترام الكبير لا يقتصر على الكلام أو المظهر، بل يشمل الالتزام العملى فى التعامل اليومى، ومراعاة ظروفهم الصحية والنفسية، وتقديم المساعدة عند الحاجة، والتحدث معهم بلطف وتقدير.

وقال الدكتور إبراهيم عبدالسلام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الإنسان مكرم فى جميع مراحل حياته، مستشهدًا بقول الله تعالى: «ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلًا»، مشيرًا إلى أن مرحلة الكِبَر والضعف سنة من سنن الخلق، كما جاء فى القرآن: «الله الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفًا وشيبة».

وأوضح عبدالسلام، أن الاهتمام بكبار السن ليس مجرد خلق حسن، بل واجب شرعى وأصل من أصول الاعتقاد، مؤكدًا أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى فى الغزوات عن قتل أو محاربة الشيوخ، وأن التنمر أو الإساءة إليهم حرام شرعًا.

وأشار عبدالسلام إلى أن المجتمع المصرى يتميز بروح الرحمة والتسامح تجاه كبار السن، مستذكرًا موقف النبى صلى الله عليه وسلم مع والد سيدنا أبى بكر يوم فتح مكة، حيث سأل: «هلا تركت الشيخ فى بيته فنأتيه؟»، مشيرًا إلى أن هذا يعد تكريمًا عظيمًا لكبار السن.

التعدى على الكبير جريمة

وردًا على الواقعة، أكد مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية أن الاعتداء على كبار السن ليس مجرد مخالفة أخلاقية، بل جريمة فى ميزان الدين والقيم والفطرة، مستشهدًا بقول النبى صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا» (الترمذي).

وأوضح المركز أن احترام الكبير يشمل الترفق به، قضاء حوائجه، مخاطبته بلطف، وتقديمه فى الجلوس والحديث، مستدلًا بحديث الصحابى سمرة بن جندب رضى الله عنه: «لقد كنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلامًا، فكنت أحفظ عنه، فما يمنعنى من القول إلا أنهم رجال أسن مني» (متفق عليه).

وأشار المركز إلى أن احترام الكبير قيمة مجتمعية تحفظ توازن المجتمع، وتبنى جسور المودة والاحترام، محذرًا من أن ضعف هذا الخلق يؤدى إلى تفكك النسيج الاجتماعى وظهور سلوكيات سلبية كالجفاء والأنانية والغلظة.

الاحترام ليس ضعفًا

ومن جانبها عقبت وزارة الأوقاف ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك» أن توقير الكبير واحترامه من شيم المؤمنين وقيم الإسلام الراسخة، مشددة على أن الاحترام ليس ضعفًا، واللين ليس مهانة، بل هو خلق رفيع ومروءة.

وأوضحت الوزارة أن احترام الكبير يعكس أصالة المجتمع ووعيه الأخلاقى، ويعزز الاستقرار النفسى والقيمى داخل الأسرة والمجتمع، داعية الجميع إلى جعل الاحترام لغة التعامل اليومية.

وأكدت الداعية الدكتورة نورا عادل، الواعظة بوزارة الأوقاف، أن احترام الكبير وتوقيره ومساعدته على قضاء احتياجاته، وتقديمه فى الكلام والمجالس، واجب وفرض على كل مسلم، وأن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إن من إجلال الله إكرام ذى الشيبة المسلم»، مشيرة إلى أن توقير الكبير فيه إجلال وتعظيم لله سبحانه وتعالى.

وأوضحت الداعية أن احترام الكبير ليس مجرد سلوك ظاهر، بل قيمة أخلاقية متجذرة فى تعاليم الإسلام، مستشهدة بقصة الصحابى الجليل سمرة بن جندب الذى كان صغير السن لكنه امتنع عن تعليم الناس السنة احترامًا لمن هو أكبر وأفقه منه، مؤكدة أن هذا التصرف يعكس مدى أهمية التواضع والتقدير للكبار.

وأضافت نورا أن النبى صلى الله عليه وسلم نفسه كان يحرص على احترام من هم أكبر سنًا، حيث روت الروايات أن أبا بكر الصديق جاء مع والده لمقابلة النبى، فقام له النبى صلى الله عليه وسلم وأجلس والده فى مكانه، وقال: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا»، مؤكدة أن هذه التعاليم تمثل نموذجًا للسلوك الإنسانى القويم الذى يجب أن يتبعه المسلمون فى حياتهم اليومية.

وكانت قد أوضحت التحقيقات أن المعتدى عليه (عم غريب 64 سنة) مقيم فى شقة إيجار قديم، ويعانى من أمراض مزمنة منها فشل كلوى، وأن الاعتداء جاء على يد تاجر ملابس وشقيقه اللذين حاولا طرد الأسرة بالقوة.

وأوضحت الأسرة أن ما حدث لم يكن مجرد خلاف عابر، بل اعتداء على كرامة إنسان مسن ومريض، ما أثار حالة استياء واسعة على وسائل التواصل الاجتماعى، وتمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط المتهمين وإحالتهم للنيابة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ت الدينية الرسمية إلى النبى صلى الله علیه وسلم إلى أن

إقرأ أيضاً:

كيفية التعامل مع العدوى في الإسلام

العدوى.. أمر الشرع الشريف الإنسان باتقاء الأمراض المعدية، والفرار من المصابين بها؛ خوفًا من انتقال العدوى؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ» أخرجه البخاري في "صحيحه". وفي رواية: «اتَّقُوا الْمَجْذُومَ كَمَا يُتَّقَى الْأَسَدُ» أخرجه ابن وهب في "جامعه"، والفاكهي في "فوائده" وأبو نعيم في "الطب النبوي" وابن بشران في "أماليه".

كيف نتعامل مع العدوى:

وعن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السلام، أن النبي صلَّى الله عَليْهِ وآله وسلَّم قال: «لا تُدِيمُواْ النَظَرَ إلى المُجَذَّمِينَ، وَإِذَا كَلَّمْتُمُوهُمْ فَلْيَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ قِيدُ رُمْحٍ» أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" وأبو يعلى في "مسنده". وأخرجه ابن السُّنّي وأبو نعيم في "الطب النبوي⅘" من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه مرفوعًا: «كَلِّمِ المَجْذُومَ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قِيدُ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ».

وعن عمرو بن الشريد، عن أبيه رضي الله عنه قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ» أخرجه الإمام مسلم.

 

الوقاية من العدوى

وسبقت الشريعة الإسلامية إلى نظم الوقاية من الأمراض المعدية والاحتراز من تفشيها وانتشارها؛ منعًا للضرر، ودفعًا للأذى، ورفعًا للحرج؛ حيث أمرت باجتناب ذوي الأمراض المعدية ومخالطتهم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضًا، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يُورِدَنَّ مُمرِضٌ على مُصِحٍّ» متفق عليه.


وبذلك تُرسي الشريعة الإسلامية مبادئ الحجر الصحي المتعارف عليه الآن، والذي يحدد حرية التنقل للشخص المُصاب بالمرض المعدي وعزله عن الأصحاء مدة من الزمان تستغرق في الغالب مدة احتضان المرض، وقد ثبت أن هذه الطريقة هي من أهم التدابير الوقائية والأساليب الاحترازية في الحد من انتشار الأمراض المعدية.

كيف نتعامل مع العدوى في الشريعة الإسلامية

كما نهت الشريعة أيضًا عن الدخول إلى أرض انتشر فيها الوباء أو الخروج منها؛ حمايةً للأنفس وصيانةً لها من التعرض للتلف؛ فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الطَّاعُونُ رِجْزٌ أَوْ عَذَابٌ أُرْسِلَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ» متفقٌ عليه.

 

الاهتمام بالطهارة والنظافة لتجنب العدوى

الاهتمام بالطهارة والنظافة من طرق الوقاية من الأمراض
النظافة أمر مطلوبٌ عقلًا وشرعًا وعرفًا، وهي باب من أبواب الفوز بمحبة الله سبحانه وتعالى، فمن أسمائه تعالى "القدوس"، وهو الْمُنزَّه عن كل نقص، والطاهر من كل عيب، ومن تخلق بشيء من صفاته ومعاني أسمائه الحسنى كان محبوبًا له مقربًا عنده؛ فقد أخرج الترمذي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطِّيبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ، جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ، فَنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ».

وقد حث الشرع الشريف على أهمية النظافة والتطهير؛ في الثوب والبدن والمكان؛ قال تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: 4]، وقال سبحانه عن مسجد قباء: ﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة: 108].

وجعل ذلك شرطًا في صحة الصلاة التي يقف فيها المسلم بين يدي ربه؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 6]. فلا تقبل صلاة أحد إلا بالطهارة.

كما جعل الشرع الشريف الطهارة شطر الإيمان في الأجر والثواب؛ تأكيدًا على أهميتها ومبالغة في الحث على فعلها؛ ففي الحديث: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ» أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح"، من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه.
 

وقد تضافرت النصوص والآثار حول هذا المعنى:
فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببناء المَساجِدِ في الدُّورِ، وأن تُنَظَّفَ وتُطَيَّبَ" أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، والترمذي وابن ماجه في "سننهما"، وابن حبان في "الصحيح".

العدوى
وعن عائشة رضي الله عنها أيضًا قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الْإِسْلَامُ نَظِيفٌ فَتَنَظَّفُوا، فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَظِيفٌ» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط".

وعن عائشة رضي الله عنها أيضًا قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ». قال زكريا: "قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة". زاد قتيبة: قال وكيع: "انتقاص الماء: يعني الاستنجاء" أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

مقالات مشابهة

  • 7 سُنن.. كيف تستقبل يوم الجمعة كما أوصى النبي؟
  • موالد الأولياء ... احتفال تقليد أم بدعة؟!
  • «تكريمه للخدم»
  • علامة للرزق الكبير.. تفسير رؤيا «زيارة قبر الرسول» في المنام لابن سيرين
  • هل الحب حرام؟.. علي جمعة يوضح
  • كيفية التعامل مع العدوى في الإسلام
  • عالم بالأوقاف: احترام الكبير مش زمن فات.. دي عبادة وأصل من أصول الدين |فيديو
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • لماذا أمر الشرع بالاستغفار 3 مرات بعد الصلاة؟.. اعرف الحكمة