لماذا العجز أمام مأساة السودان؟!
تاريخ النشر: 7th, November 2025 GMT
يعيش السودان الشقيق مأساة حقيقية منذ أكثر من سنتين وكأن يدًا خفية تريد القضاء عليه كدور وموقع وركيزة ثقافية وحضارية للأمة في القارة الإفريقية، فلماذا تعجز هذه الأمة عن الأخذ بيده للخروج من هذه المأساة؟ لماذا تبقى أدوار بعضها محدودة وأدوار البعض الآخر مشبوهة؟ لقد عجزت الدول العربية على إدخال الدواء والماء والغذاء لإخواننا في غزة وكان تبرير ذلك أن الصراع في فلسطين هو مع محتلٍّ صهيوني مدعوم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والغرب ولا قِبَل للعرب بمواجهته، ذلك أن أيَّ تدخل من شأنه أن يصل إلى درجة الحرب، وأي حرب من شأنها أن تهدد كيانات الدول، وأي تهديد لكيانات الدول من شأنه أن يتسبب في تعميم المأساة الفلسطينية على باقي الشعوب العربية! وقبلنا بمثل هذا المنطق المتخاذل المُغلَّف بغلاف “العقلانية” وحسابات الربح والخسارة، وصَمَد الفلسطينيون لوحدهم، بما بقي لديهم من حدٍّ أدنى ودفعوا الثمن غاليا، وحققوا بأنفسهم ما استطاعوا من أهداف عسكرية وسياسية وإعلامية عالمية، ومازالوا إلى اليوم دون حتى تطبيق ما اتُّفق عليه بضمانة من وسطاء عرب وأمريكيين وأتراك…
لِنفترض أن هذه حربٌ غير عادية بين متناحرين متناقضين إلى أبعد الحدود، ولِننطلق من كون المتصارعين في السودان يمتلكان أدوات صراع وارتباطات دولية محدودة، وإن هي وجدت فليست ذات طبيعة استراتيجية بالقدر التي هي عليه “إسرائيل” مع الولايات المتحدة.
ألا تعلم الدول العربية أنه بتفكُّك السودان أكثر مما هو مفكَّك، وبإبقائه ضمن حالة الحرب الأهلية التي هو عليها الآن، إنما تغلق على نفسها باب التعاون مع القارة الإفريقية وباب الامتداد للثقافتين العربية والإسلامية في عمق القارة بعد أن حاصرها وحاربها الاستعمارُ طيلة قرون؟ أين الوعي الاستراتيجي بالانعكاسات التي ستترتَّب عن تقسيم السودان للمرة الثانية إلى شرقيٍّ وغربيٍّ بعد الانتهاء من تقسيمه إلى شماليٍّ وجنوبيّ؟ ألن تكون هذه سابقة لإعادة تقسيم بلدان أخرى في المنطقة ضمن منطق -تقسيم المقسَّم- جوهر فكرة الشرق الأوسط الجديد الصهيونية الأمريكية؟
أبعد من هذا: أليس بالإمكان فقط الكفّ عن تشجيع الانفصاليين عن الانفصال من قبل البعض، والكف عن تسليحهم والدخول معهم في مفاوضات للحصول على مزايا اقتصادية أو عسكرية، وأحيانا حتى تشجيعهم علنا على الانفصال وبناء دولة أو حتى أكثر في الإقليم السوداني الواسع؟
أليست هذه هي الحقيقة التي ينبغي الوقوف عندها مليًّا؟
إن العجز أمام تقديم الدعم اللوجستي والمادي للفلسطينيين ثم العجز عن تقديمه للسودانيين والوقوف إلى جانب الأكثر شرعية موقفا واحدا، يدل على وجود خلل هيكلي في دول الجامعة العربية ينبغي أن يُفصَح عنه، وليس فقط خللا مرحليا نتيجة التوازنات الدولية والخوف من الدخول في صراع دولي، وعليه، فإن المطلوب من الحكومات العربية هو اتخاذ موقف واضح من الشرعية الوطنية السودانية ومن وحدة الجيش السوداني مهما كانت مبررات بعض المعارضين للبقاء ضمن منطق التمرد على السلطة المركزية…
أما المطلوب من الرأي العامّ، وهذا هو الحد الأدنى من نصرة السودان، أن يُعلن وينفذ تضامنه الشعبي بكافة الوسائل، إلى حين يتمكن السودانيون من تجاوز هذه المحنة التي طالت، ويتعزّز لديهم الشعور بالانتماء إلى أمة طالما وقفوا إلى جانبها في الحرب والسلم، ويتجاوزوا عن كونها نَستهم طوال هذه المدة، وقد يتجاوزون حتى عن كون بعض مكوِّنات هذه الأمة أجَّجوا الصراع الداخلي بين الأشقاء وبعضهم مازال إلى اليوم… فالشعبُ السوداني الطيب والحليم سيكون بكل تأكيد مستعدًّا لطي هذه الصفحة السوداء من تاريخه بشرط واحد: ساعدوه وكفوا أيديكم عنه.
الشروق الجزائرية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه السودان الجامعة العربية السودان الجامعة العربية الدعم السريع الفاشر مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي يناقشان قضايا الأمن في البحر الأحمر
عقد المندوبون الدائمون لدى جامعة الدول العربية، وسفراء اللجنة السياسية والأمنية لمجلس الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء، اجتماعهم العاشر في بلجيكا – بروكسل، برئاسة مشتركة بين كل من السفير حمد الزعابي، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى جمهورية مصر العربية والمندوب الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى جامعة الدول العربية (الرئاسة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري)، والسفيرة Delphine Pronk، رئيسة اللجنة السياسية والأمنية لمجلس الاتحاد الأوروبي.
جاء ذلك بحضور السفير خالد منزلاوي، الأمين العام المساعد للشئون السياسية الدولية، رئيس وفد الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
عكس الاجتماع استمرار الزخم في مسار الحوار العربي - الأوروبي، وتعزيز قنوات التشاور السياسي والأمني بين الجانبين في مرحلة دقيقة تتسم بتطورات متسارعة على الساحتين الإقليمية والدولية.
وناقش الجانبان باهتمامٍ عميق أبرز القضايا ذات الأولوية المشتركة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي تظل جوهر الصراع في المنطقة، إلى جانب تطورات الأوضاع في كل من سوريا ولبنان وليبيا والسودان والصومال واليمن، وما يرتبط بها من انعكاسات إنسانية وأمنية.
كما تطرق الاجتماع إلى قضايا الأمن في البحر الأحمر والأمن المائي والهجرة واللاجئين والنازحين، إضافةً إلى الأزمة الأوكرانية وتداعياتها على الأمن الإقليمي والدولي.
وأكد الجانبان أهمية مواصلة العمل المشترك لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تهدد الاستقرار في منطقتهم المشتركة، مجددين التزامهم بتوسيع نطاق الشراكة العربية - الأوروبية باعتبارها ركيزة أساسية للاستجابة الإقليمية.
كما شدد الجانبان على أهمية عقد الاجتماع الوزاري السادس في أقرب الآجال، تطلعاً إلى عقد القمة العربية - الأوروبية الثانية.