لتطبيع سعودي إسرائيلي.. الوقت يضغط على بايدن لتقديم تنازلات
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
يمكن لصفقة التطبيع المحتمل للعلاقات بين السعودية وإسرائيل، وهما من أكبر حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، أن تعيد تشكيل المنطقة بشكل كبير، لكن ليس من المتوقع أن يحدث ذلك في وقت قريب، بحسب ناتاشا توراك في مقال بموقع قناة "سي إن بي سي" الأمريكية (cnbc) ترجمه "الخليج الجديد".
ولا ترتبط الرياض وتل أبيب بعلاقات رسمية معلنة، وترهن السعودية الأمر بقبول إسرائيل بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.
وقالت ناتاشا إنه "بعد عقود من التوتر، شهدت السنوات الأخيرة تعاونا منفصلا ولكنه متزايد بين السعودية وإسرائيل"، معتبرة أن "تصور التهديد المشترك لإيران، الخصم المشترك للسعودية وإسرائيل منذ فترة طويلة، جعل البلدين أقرب من حيث التنسيق وتبادل المعلومات الاستخبارية، وفقا لتقارير واعترافات مسؤولين إسرائيليين".
وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، بينما استأنفت السعودية وإيران علاقتهما الدبلوماسية، بموجب اتفاق بوساطة الصين في مارس/ آذار الماضي، ما أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج صراعات عديدة في أنحاء المنطقة.
"كما سمحت السعودية لشركات الطيران الإسرائيلية بالتحليق فوق أراضيها في السنوات الأخيرة، وأفاد مسؤولون إسرائيليون بأن المملكة تلقت مساعدة من شركات الأمن السيبراني الإسرائيلية لدرء هجمات سيبرانية، كما أن التهديد الملحوظ الذي يشكله الإسلاميون السياسيون، خاصة في أعقاب الربيع العربي، قاد إلى شعور بمصالح مشتركة بين دول الخليج وإسرائيل"، وفقا لناتاشا.
والثلاثاء الماضي، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن الرياض تعرض استئناف تمويلها للسلطة الفلسطينية مقابل الحصول على دعم رئيسها محمود عباس لإقامة علاقات مفتوحة بين السعودية وسرائيل.
اقرأ أيضاً
الفلسطينيون أكثر المتضريين.. التطبيع السعودي الإسرائيلي: اتفاق أم مناورة؟
عوائق كبيرة
و"يمكن للصفقة بين إسرائيل والسعودية أن تعيد تشكيل الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط بشكل كبير، لكن لا تزال هناك عوائق كبيرة في طريق التطبيع الرسمي، وهو هدف رئيسي للسياسة الخارجية لإدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن ويحاول فريقه تحقيقه خلال ولاية الرئيس الحالية"، كما تابعت ناتاشا.
وأضافت أن "التنازلات بشأن فلسطين ستكون مهمة أيضا لمحمد بن سلمان (ولي العهد السعودي)، الذي لا تعتمد قيادته على التحول في السعودية فحسب، بل على التمتع بنفوذ إقليمي ودولي أوسع".
ورأت أن "التحدي الكبير الآخر هو ما تطلبه السعودية من واشنطن، إذ تريد الرياض ضمانة أمنية من الولايات المتحدة في مواجهة التهديدات أو الهجمات المحتملة، كما تريد المزيد من الوصول إلى الأسلحة الأمريكية المتقدمة وكذلك المساعدة في برنامج نووي مدني".
و"من المرجح أن تواجه مثل هذه المطالب مقاومة من العديد من أعضاء الكونجرس، وخاصة الديمقراطيين اليساريين التقدميين والجمهوريين اليمينيين المتشددين الذين يريدون مشاركة أمريكية أقل في الشؤون الخارجية"، بحسب ناتاشا.
واستدركت: "ولكن حتى لو تم استيفاء الضمانات الأمنية ومطالب الحصول على أسلحة أكثر تقدما، فمن المرجح أن يكون دعم الولايات المتحدة للبرنامج النووي السعودي أكثر صعوبة".
وأردفت: "لا يريد السعوديون الالتزام باتفاقية وفقا للمادة 123 الأمريكية، وقد أبرمت واشنطن بالفعل مثل هذه الاتفاقية مع الإمارات التي أطلقت أول برنامج للطاقة النووية في العالم العربي في 2020. وتمنع الاتفاقية رقم 123 الدول من تطوير تكنولوجيا ذات استخدام مزدوج (مدني وعسكري) عبر حظر تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة الوقود".
ناتاشا استطردت: "لقد أوضح السعوديون أن هذه ليست الاتفاقية التي يريدونها، ما يثير قلق العديد من المشرعين وخبراء منع الانتشار النووي، خاصة بالنظر إلى دور السعودية في حرب اليمن (جار المملكة)، التي دخلت الآن عامها الثامن. إن أي صفقة في هذا الشأن معقدة أيضا بسبب حقيقة أن المملكة لديها احتياطياتها الطبيعية من اليورانيوم وتنوي استخراجها بنفسها".
اقرأ أيضاً
مخاطر على السعودية من احتمال التطبيع مع إسرائيل.. ماذا تعني؟
الانتخابات الأمريكية
وقال ريان بول، محلل لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إنه "إذا تراجعت الرياض عن تلك المطالب، فأعتقد أن التطبيع سيصبح أكثر احتمالا بشكل كبير".
لكن "الأهم من ذلك، أن الوقت ينفد للتوصل إلى اتفاق قبل أن تنشغل إدارة بايدن بحملة إعادة انتخابها (في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024)"، بحسب ناتاشا.
ورأت أنه "قد يكون للرياض مصلحة في تأخير الأمور؛ لأن ذلك قد يضغط على إدارة بايدن لتقديم المزيد من التنازلات قبل الانتخابات".
بوهل رجح أنه "في حالة خسارة بايدن، فإنه سيضع إطارا تفاوضيا محتملا للإدارة المقبلة.. والتطبيع مع إسرائيل سيسمح للسعودية بإحراز تقدم استراتيجي مع قوة عسكرية وتكنولوجية إقليمية (يقصد إسرائيل) ستكون أساسية لأمنها مع استمرار الولايات المتحدة في انسحابها من المنطقة".
ويقول خبراء إن الشرق الأوسط تراجع في قائمة أولويات واشنطن لصالح مواجهة ما تعتبره نفوذا صينيا متصاعدا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ والتصدي لحرب تشنها روسيا في جارتها أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022 وتبررها بأن خطط الأخيرة للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمن القومي الروسي.
وأعربت ناتاشا عن اعتقادها بأن "السعودية وإسرائيل ستواصلان محاولة إيجاد طريق نحو التطبيع، ولكن يبقى أن نرى متى يتمكن أي من الجانبين من ترويض حواجزهما السياسية الداخلية التي تجعل تحقيق اختراق واسع النطاق ممكنا".
وفي أكثر من مناسبة، قال مسؤولون أمريكيون إن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل يخدم المصالح الأمريكية، لاسيما في مواجهة تصاعد نفود كل من إيران والصين وروسيا في الشرق الأوسط، وهو منطقة استراتيجية للعالم في مجال الطاقة ومسرح تاريخي لنفوذ الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً
واشنطن أم الرياض أم تل أبيب.. أين العقبة الأكبر أمام التطبيع؟
المصدر | ناتاشا توراك/ قناة سي إن بي سي- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية إسرائيل تطبيع الولايات المتحدة عوائق إيران السعودیة وإسرائیل الولایات المتحدة بین السعودیة الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
الصين تستعد لتقديم المساهمة في تخفيف التوترات بين إسرائيل وإيران
تشو شيوان **
كثيرٌ من المتابعين العرب ينظرون متسائلين أين هو الموقف الصيني تجاه الصراع بين إسرائيل وإيران؟ وإلى أين تتجه بكين في هذا الصراع؟ خصوصًا الآن بعد دخول قرار وقف إطلاق النار بين الطرفين حيز التنفيذ، لذا أردت من خلال هذا الطرح أن أتناول معكم تحليلًا شاملًا يتناول الموقف الصيني من عدة جوانب وزوايا.
في ظل التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران الذي شهدناه على مدار 12 يومًا وبعد استهداف القوات الأمريكية لمواقع نووية إيرانية، تبنّت الصين موقفًا دقيقًا ومتزنًا يجمع بين دعمها لإيران من جهة والدعم هنا يمكننا تسميته بالدعم العقلاني الذي يضمن عدم تصعيد الأمور، وسعيها للحفاظ على الاستقرار الإقليمي من جهة مع الترويج لحلول دبلوماسية كبديل عن المواجهات العسكرية، وأجد أن الصين يمكنها أن تلعب أدوارًا كبرى أهمها صيانة قرار وقف إطلاق النار وضمان سريانه، خصوصًا وأن علاقتها بطهران تسمح لها بأن تلعب هذا الدور.
وبالعودة لبداية الصراع نجد أن التصريحات الرسمية الصينية أدانت بشكل صريح الضربات الأمريكية ومن قبلها الضربات الإسرائيلية، وقد حذرت الصين من أن هذه المسألة لها تبعات غير مضمونة على المنطقة والعالم، كما حذرت من عواقب التدخل العسكري الأمريكي، فمثل هذه التدخلات من دولة بحجم الولايات المتحدة والتي من المفترض بها أن ترى الأمور من زاوية الدول العظمى التي يقع على عاتقها حفظ الأمن والاستقرار العالمي بدلًا من استخدام قوتها واستعراض لهيمنتها الدولية، وهذا ما تراه الصين ففي اتصال هاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ أن "القوى الكبرى ذات النفوذ يجب أن تعمل على تهدئة الوضع لا تصعيده"، ولكن ربما هذا الأمر لا يجيده المسؤولين في واشنطن فالقوة العسكرية التي لديهم هم أكثر ما يتذكرونه في مثل هذه المواقف الصعبة.
وفي قمة آسيا الوسطى في أستانا، حذَّر الرئيس الصيني شي جين بينغ من أن "العملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران فاقمت التوترات بشكل حاد"، مؤكدًا أن "النزاعات العسكرية ليست حلًا للخلافات"، وهو ما يتماشى مع موقف الصين التاريخي المستند على موقف دبلوماسي قائم على الحلول السياسية، وتاريخيا تبنت بكين سياسة عدم التدخل، لكنها في الوقت ذاته رفضت بشدة سياسة "الضغوط القصوى" التي تمارسها واشنطن على طهران، وفي تصريحات رسمية لوزارة الخارجية الصينية في أبريل الماضي، دعت بكين الولايات المتحدة إلى "وقف التهديد باستخدام القوة" و"الامتناع عن فرض العقوبات الأحادية"، مشددة على أن المسار الدبلوماسي هو الخيار الوحيد لحل الملف النووي الإيراني.
وخلال السنوات الماضية أظهرت الصين رغبتها في القيام بدورها البناء في حل الخلافات في منطقة الشرق الأوسط، كما نعرف أنها قد نجحت في تحقيق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران في عام 2023، كما نجحت في تحقيق الوساطة بين الفصائل الفلسطينية في العام الماضي، كما أعربت الصين عن استعدادها في لعب دور الوسيط في الصراع بين إسرائيل وإيران في وقت سابق، وقد يتجدد هذا الأمر بشكل أكبر في الأيام القادمة، وأيضًا تسعى الصين لحماية منظومة عدم الانتشار النووي، وهذا يوضح الموقف الصيني من الأزمة الإسرائيلية الإيرانية والتي قد تدفع التطورات الصين نحو إعادة تعريف دورها كقوة وسيطة فاعلة، خاصة إذا استمرت أمريكا في سياسة "الضغط الأقصى" التي تهدد المصالح العالمية، ويبقى التحدي الأكبر هو تحويل الخطاب الدبلوماسي إلى آلية فعالة لمنع انزلاق المنطقة إلى حرب لا تحقق سوى مزيدًا من الدمار وعدم الاستقرار.
في النهاية.. وفي منطقة تتصاعد فيها التوترات وتتشابك فيها المصالح، تتمثل السياسة الصينية تجاه الصراع الإسرائيلي الإيراني في تطبيق مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي، فهي تعمل على التوازن بين تحقيق الوسيط الدولي، والحفاظ على أمن الطاقة، من دون الدخول في صراع أو الانحياز الصريح لطرف على حساب آخر، وهذا الموقف يعكس سعي الصين الدائم إلى بناء علاقات هادئة في الشرق الأوسط، مما يؤهلها في المستقبل للعب دور أكبر في صياغة معادلات التوازن الإقليمي، خصوصًا مع تكرار نفس الأخطاء الأمريكية في المنطقة، وسعيها الدائم لاستخدام القوة بدلًا من الحوار والذي بسببه أدخل الشرق الأوسط في مشاكل لا حصر لها، ولهذا تجد الصين أنه من الواجب تغيير الأسلوب والوجهة وتلقي بنموذجها الجديد القائم على الانفتاح والحوار لأن فيه نجاة الجميع وعدم هدر المزيد من الفرص لإحلال السلام في المنطقة والعالم.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية
رابط مختصر