كشفت لجنة الرقابة والإصلاح الحكومي في مجلس النواب الأمريكي، الثلاثاء الماضي، عن أكثر من 33 ألف وثيقة في ملفات رجل الأعمال الراحل المُدان بجرائم جنسية، جيفري إبستين، وتساؤلات حول علاقته بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقادة وزعماء سياسيين بارزين.

أكدت الوثائق ارتباط أسماء زعماء وساسة بالقضية، إلى جانب ترامب، الرئيس الأسبق بيل كلينتون، والأمير أندرو شقيق ملك بريطانيا، والسفير البريطاني لدى الولايات المتحدة، بيتر ماندلسون، فضلاً عن مشاهير آخرين منهم بيل جيتس صاحب شركة مايكروسوفت.

تشير الوقائع إلى النفوذ الذي امتلكه الملياردير الأمريكي جيفري إبستين عبر جمع معلومات مسيئة عن الأثرياء والنافذين لاستغلالها لصالح تنفيذ أجندات سياسية لصالح جهات استخبارية معينة، وذلك وسط تواتر تقارير تؤكد علاقة الملياردير الأمريكي بجهاز الموساد الإسرائيلي.

عادت قضية إبستين إلى الضوء مجددًا رغم مصرعه في السجن عام 2018، بعدما تقدم عدد من الضحايا بشكوى لوزارة العدل والمدعي العام لفتح القضية مرة أخرى، وتورط أسماء شخصيات سياسية بارزة فيها.

وسارع الكونجرس إلى إقرار مشروع قانون يُلزم وزارة العدل بالإفراج عن الوثائق المتبقية المتعلقة بتحقيقاتها ومحاكماتها مع إبستين بعد أشهر من التأخير، حيث أنهت إدارة ترامب الإفراج الطوعي عن ملفات إبستين في يوليو الماضي.

وفيما أشار ترامب إلى أنه سيوقع على مشروع القانون الذي سيمنح وزارة العدل مهلة 30 يومًا للإفراج عن الملفات المتبقية، فيما لا تزال بعض الملفات مخفية، فقد بدأت القضية عام 2005 عندما تقدمت عائلة فتاة قاصر بولاية فلوريدا بشكوى إلى الشرطة.

اتهمت العائلة إبستين بالاعتداء الجنسي، وقادت الشكوى إلى تحقيق موسع دام أكثر من عام من قبل شرطة «بالم بيتش»، وكشف التحقيق عن وجود عدد كبير من الضحايا القاصرات اللاتي كانت أعمارهن تتراوح بين 15 إلى 17 عامًا.

وتم فتح قضية اتحادية حول استغلال قاصرات لأغراض جنسية، وأحيل الملف إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي، حيث كان يتم استدراج هذه الفتيات للعمل كمتخصصات في عمل المساج بجزيرته الخاصة في البحر الكاريبي، حيث يتم الاعتداء عليهن جنسيًا من قبل ضيوف الملياردير الشهير.

وتقدمت عائلات الضحايا بشكاوى لوزارة العدل، وحصل إبستين على حكم مخفف من خلال اتفاق بينه وبين الادعاء الفيدرالي عام 2008 سُمّي بـ«صفقة القرن القضائية»، لأنه سمح له بالإفلات من المحاكمة الفيدرالية مقابل حكم مخفف جدًا (13 شهرًا فقط).

تضمّن الاتفاق الاعتراف باستدراج فتيات للعمل في الدعارة والخروج من السجن يوميًا لمدة 6 ساعات لممارسة عمله اليومي، وهو حكم غير مسبوق في القضاء الأمريكي، وتضمّن أيضًا عدم ملاحقة شركائه المحتملين في القضية، وبعدها خرج إبستين من السجن.

غير أن صحيفة «ميامي هيرالد» لعبت دورًا حاسمًا في فتح القضية مجددًا، وبعد تحقيق استقصائي قامت به الصحيفة، والكشف عن المزيد من الضحايا أُعيد اعتقال إبستين عام 2019، وحينها تم ضبط أدلة جديدة كشف عنها الإعلام تضمنت شهادات الضحايا وصورًا ومضبوطات.

وبعد القبض عليه وُضع إبستين في المركز الفيدرالي للاحتجاز بنيويورك، وهو سجن شديد الحراسة، وتم وضعه تحت مراقبة الانتحار بعد حادثة أولى لمحاولة انتحار، وبعد ستة أيام فقط تمت إزالة هذه المراقبة رغم اعتراض محاميه لاحقًا، وتم نقله بعدها إلى زنزانة عادية.

وفى 10 أغسطس 2019 وُجد إبستين فاقد الوعي في زنزانته عند الساعة السادسة والنصف صباحًا، وأعلنت السلطات الفيدرالية وقتها أن سبب الوفاة نتيجة الانتحار شنقًا، غير أن ملابسات الوفاة أثارت الكثير من الشكوك حول قتله عمدًا، وليس انتحاره.

الكاميرات خارج زنزانته تعرّضت لعطل في الفترة التي وجدوه فيها ميتًا، كما تغيب الحراس المسؤولون عن التفقد كل 30 دقيقة لساعات طويلة، فيما وثّق التحقيق أن الحارسين كانا نائمين ولم يؤديا واجبهما.

ورغم أن الطبيب الشرعي لمقاطعة نيويورك أكد الانتحار رسميًا، إلا أن الطبيب الشرعي الذي استعانت به عائلة إبستين أشار إلى وجود بعض الكسور في الرقبة، وهي علامات على الخنق القسري.

ملابسات وفاة الملياردير الأمريكي تشير إلى احتمال تورط شخصيات سياسية بارزة في مقتله تخشى الكشف عن علاقتها بإبستين، أو احتمال وجود جهات سيادية واستخبارية وراء مقتله خشية الكشف عنها، وكشفت مراسلات بين إبستين وشخصيات سياسية ورجال أعمال منهم ترامب.

ولم تسلم أسرة كينيدي الأمريكية من الفضيحة، عبر ورود اسم روبرت كينيدي (شقيق الرئيس الراحل جون كينيدي) ضمن دائرة معارف إبستين، إلى جانب ساسة داخل البيت الأبيض مثل كاثرين روملر المستشارة القانونية، ووزير الخزانة الأسبق لاري سامرز.

بلغت ثروة إبستين حوالي 600 مليون دولار عند وفاته، وكان يمتلك مجموعة من المنازل الفخمة وجزيرتين خاصتين في البحر الكاريبي، وحوالي 380 مليون دولار نقدًا واستثمارات، وذلك بشكل منفصل عن أعماله المشبوهة في الاتجار بالبشر، وأعمال أخرى قد تكون لصالح الموساد الإسرائيلي.

يرى مراقبون أن الكشف عن الوثائق المتبقية خلال الأيام المقبلة سيعرض الكثير من الشخصيات السياسية البارزة لأزمات، وفضائح قد تعصف بمستقبلهم السياسي، وتعرضهم للمحاكمة إذا أثبتت الأدلة تورطهم.

ويبقى السؤال: هل تستجيب إدارة ترامب للضغوط التي تطالب بالكشف عن المزيد من المراسلات والوثائق الخاصة بفضيحة إبستين مهما كانت التكلفة، بما في ذلك التضحية ببعض الشخصيات المهمة أو العلاقات مع بعض الدول؟ وهذا ما ستكشفه الأيام المقبلة.

اقرأ أيضاًانفجار كارثي في إثيوبيا.. هل يتأثر سد النهضة بثوران بركان «هايلي جوبي»؟

مصر وإيطاليا على أعتاب أكبر توسع في التعليم الفني بإطلاق 89 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية جديدة

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: جيفري إبستين دونالد ترامب فضيحة إبستين مجلس النواب الأمريكي

إقرأ أيضاً:

هوية منفذ إطلاق النار في واشنطن تثير عاصفة سياسية.. وترامب يتحرك فورا

كشفت التحقيقات أن رحمان الله لخانوال، المشتبه بإطلاق النار الذي أصاب جنديين من الحرس الوطني الأمريكي بجروح خطيرة قرب البيت الأبيض، هو شاب أفغاني يبلغ من العمر 29 عامًا وصل إلى الولايات المتحدة عام 2021 بعد سقوط كابل بيد طالبان. ووفق شهادة أحد أقاربه، فقد خدم لخانوال لمدة عقد كامل في الجيش الأفغاني إلى جانب القوات الأمريكية وضد طالبان، وكان متمركزًا في قاعدة قندهار.


إثر الحادث، أصدر الرئيس دونالد ترامب بيانًا وصف فيه أفغانستان بـ"الجحيم"، ودعا إلى "إعادة فحص ملفات كل من دخل من أفغانستان خلال عهد بايدن"، قبل أن تعلن هيئة الهجرة وقف طلبات الهجرة من أفغانستان بشكل فوري ومفتوح لحين استكمال مراجعة أمنية مشددة.


القريب الذي تحدّث لشبكة NBC قال إنه "مصدوم" من تورط لخانوال في الهجوم، مشيرًا إلى أنه أب لخمسة أطفال، وأنهما كانا معًا هدفًا لطالبان خلال خدمتهما العسكرية. وأضاف باكيًا: "لا أصدق أنه فعل هذا… أحتاج أن أفهم ما الذي جرى".
الهجوم وقع قرب محطة مترو على مسافة قصيرة من البيت الأبيض، حيث تعرض الجنديان لإطلاق نار من مسافة قريبة. وفيما تحدث حاكم ولاية فرجينيا الغربية عن وفاتهما، تراجعت المعلومات لاحقًا وسط تقارير متضاربة، بينما أكد مكتب التحقيقات الفيدرالي أن إصابتهما خطيرة.


وصف ترامب الهجوم بأنه "عمل شرير وكراهية وإرهاب، وجريمة بحق الأمة والبشرية"، مضيفًا أن الحادث يُسلّط الضوء على "أكبر تهديد للأمن القومي". وطالب باتخاذ إجراءات فورية لترحيل أي أجنبي "لا يضيف قيمة للبلاد" على حد تعبيره.


كما  استدعت السلطات فريقًا من الـFBI، وتوقف نشاط الطيران في مطار رونالد ريغان لمدة ساعة بسبب تحليق طائرات استجابـة للحادث، قبل أن تُستأنف العمليات لاحقًا. ولم يكن ترامب موجودًا في واشنطن وقت الحادث، بل كان في ملعب الغولف في فلوريدا، حيث كتب لاحقًا على "تروث سوشيال" أن "المجرم سيواجه ثمنًا باهظًا"، داعيًا بالسلامة للجنديين.

طباعة شارك رحمان الله لخانوال الحرس الوطني الأمريكي البيت الأبيض الولايات المتحدة الجيش الأفغاني

مقالات مشابهة

  • هوية منفذ إطلاق النار في واشنطن تثير عاصفة سياسية.. وترامب يتحرك فورا
  • الاستعمار الأمريكي لفلسطين
  • مهمة الملياردير ستيف ويتكوف في موسكو لفرض إنهاء حرب أوكرانيا
  • رسائل مسربة تكشف تدمير إبستين سمعة أكاديميين لفضحهم لوبيات الاحتلال
  • مصادر: خطة واشنطن لإنهاء حرب أوكرانيا مستمدة من وثيقة روسية
  • رويترز: خطة واشنطن لإنهاء حرب أوكرانيا‭ ‬مستمدة من وثيقة روسية
  • وثيقة روسية تكشف تفاصيل خطة السلام الأميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • رئيس الدولة يبحث علاقات البلدين وفرص تطوير تعاونهما المشترك بما يخدم مصالحهما المتبادلة مع وزير العدل الأذري
  • نيويورك تايمز: رسائل إبستين تكشف ألاعيب النخبة الأميركية عندما لا ينتبه إليها أحد
  • كاتب أمريكي: قضية إبستين تكشف وجها مظلما لنخبة عالمية تحمي مجرما جنسيا