لم يكن الصحفي الفلسطيني محمد الأسطل يتخيل أن يتحول من مراسل يلاحق القصص الصحفية إلى عامل إغاثة يحمل أكياس الدقيق على كتفه، ويطرق أبواب العائلات بحثا عمن يحتاج المساعدة. لكن حرب الإبادة الجماعية التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي دفعت بسكان غزة -ومن بينهم الصحفيون- إلى أدوار غير مسبوقة، بعدما أطبقت المجاعة والانهيار الاقتصادي على القطاع.

الأسطل الذي فقد منزله في خان يونس (جنوبي قطاع غزة) ويعيش مع أسرته في خيمة، يقول في مقال نشره موقع "ذا نيو هيومانتاريان" إن تجربة الحرب التي استشهد فيها 254 صحفيا وصحفية، بالإضافة إلى انتشار الجوع والفقر إلى مستويات كارثية، جعلت من المستحيل على الصحفيين الفصل بين المهمة المهنية والواجب الإنساني.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2قطر الخيرية تدشن مشاريع لتعزيز التنمية المستدامة في سريلانكاlist 2 of 2الإغاثة الإسلامية تدعم مستشفيات اليمن وتوفر خدمات صحية لـ268 ألف شخصend of list

ويؤكد أن التحول الحقيقي من مجرد صحفي إلى شخص يوزع المساعدات الإنسانية بدأ في وقت مبكر من هذا العام، عندما فرضت إسرائيل حصاراً كاملاً على غزة في مارس/آذار، ولكن بحلول مايو/أيار أصبحت أزمة الجوع لا تُحتمل، مضيفا "كنت أكتب تقارير عن أشخاص يعانون من المجاعة لأسابيع، ثم بدأت المكالمات الهاتفية تصلني من عائلة في خيمة تقول لي إنها بلا دقيق. وأخرى تقول إنها نفد منها السكر. وكثيرون لم يعد لديهم شيء. وعندها لم أستطع الاكتفاء بالكتابة عن هذا. كان علي أن أتحرك".

وتابع الأسطل "في الوقت نفسه بدأ أشخاص من خارج غزة يعرفونني ويثقون بي من خلال عملي الصحفي يتواصلون ويسألون أين يمكنهم التبرع بالمال للمساعدة، وبدعمهم المالي جمعت مجموعة من الأصدقاء وبعض الجيران، وكنا نتجول في الأسواق في منطقة المواصي -التي دفعت أوامر الإخلاء والغزوات البرية الإسرائيلية معظم السكان للنزوح إليها- لعدة ساعات للبحث عن مؤن على رفوف فارغة".

ويضيف الصحفي الفلسطيني أنه حاول مع فريقه أن يصلوا إلى أكبر عدد ممكن من المحتاجين مع وصول المزيد من التبرعات، وأنهم كانوا يعطون الأولوية للنساء اللواتي جعلتهن الحرب أرامل، والأيتام والعائلات التي أصيب معيلوها أو أُسروا على يد جيش الاحتلال، ومع ذلك لم يكن هناك ما يكفي من الطعام مقارنة بعدد المحتاجين بسبب انتشار المجاعة.

التغطية مستمرة

ويقول الصحفي الفلسطيني في مقاله "أثناء التطوع واصلت التغطية الصحفية. كنت أحمل الدفاتر وأكياس الإغاثة في وقت واحد. كنت أرسم خريطة للاحتياجات، وأربط بين المتبرعين في الخارج والعائلات اليائسة هنا".

إعلان

ويضيف الأسطل "في أي مكان في العالم، يُتوقع من الصحفيين عدم خلط عملهم بأدوارهم المجتمعية الأخرى للحفاظ على الحياد والموضوعية، لكن في غزة لم يكن هذا ممكنا، فبالنسبة لنا كصحفيين لم تكن هناك مسافة، لأن المجاعة لم تكن عنوانا في صحيفة، لقد كانت شيئا نعيشه مع كل نفس نتنفسه".

وأردف قائلا "بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، تقدم فرق الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى مساعدات إنسانية للمخيمات التي شهدت الموت والجوع والصمت، لكن المواد الأساسية التي نحتاجها مثل حليب الأطفال، والمكملات الغذائية للحوامل والمرضعات، والدواجن واللحوم والحليب، ما زال الاحتلال يمنع دخوله إلى غزة، وفوق ذلك، تم تدمير اقتصاد غزة وكثير من الناس لا يملكون مصدر دخل ولا تستطيع الكثير من العائلات شراء الطعام حتى بأسعار مخفضة".

ووفقا لعسل، فإن الهدنة وفرت بعض المساحة لالتقاط الأنفاس وتوزيع المساعدات بشكل أكثر أمانا، لكن أي جهد يظل ملاحقا بالخوف من تجدد القصف، كما أن الاحتياجات الإنسانية في غزة أكبر من قدرة وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية على تلبيتها.

ويختم مقاله قائلا "الآن أوازن بين عملي الصحفي وبين عمل الإغاثة وتوفير الطعام لأهالي غزة، لأنه في ظل المجاعة والتهديد المستمر، أصبح التطوع والتغطية الصحفية والحياة نفسها متشابكة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات غوث

إقرأ أيضاً:

"الفاو": المساعدات لا تكفي سوى 5 ‎%‎ من احتياجات غزة

لندن - صفا

قال خبير الأمن الغذائي ومستشار السياسات الإقليمي لشمال أفريقيا والشرق الأدنى في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، فاضل الزعبي، إن المساعدات الغذائية التي تصل إلى غزة لا تغطي سوى أقل من 5% من الاحتياجات الفعلية للسكان، رغم مرور أسابيع على وقف إطلاق النار.

وأوضح الزعبي في تصريح لموقع "عربي21"،  أن "حجم التدفق الحالي لا يوازي الانهيار الواسع في القدرة الإنتاجية وارتفاع معدلات الفقر والنزوح، ما يُبقي الوضع في دائرة الطوارئ الإنسانية الحرجة".

وأشار إلى أن "وقف إطلاق النار أتاح بعض الانفراج الهزيل في دخول المساعدات، لكنه لم يغيّر حقيقة أن الأمن الغذائي في غزة ما زال هشا للغاية، ويعتمد بشكل شبه كامل على المساعدات الإنسانية، مع استمرار خطر المجاعة إذا لم تُرفع القيود ويُعزّز التمويل الدولي.

وذكر أن "مؤشرات التصنيف المرحلي المتكامل (IPC) تُظهر أن غزة تواجه فعليا خطر المجاعة؛ إذ يحصل الفرد في كثير من الأحيان على أقل من 1,350 سعرة حرارية يوميا، مقابل حدّ أدنى يبلغ 2,200 سعرة"،.

ولفت إلى "غياب أصناف أساسية عن الأسواق، وتسجيل حالات متزايدة من سوء التغذية بين الأطفال والنساء في ظل محدودية البدائل المحلية".

وأكد الزعبي أنه "بعد الحرب، ومع تدمير البنية التحتية وارتفاع معدلات النزوح والفقر، ارتفع احتياج أهالي غزة للمساعدات إلى أكثر من 600 شاحنة يوميا، لأن السكان فقدوا القدرة على الإنتاج المحلي وأصبحوا يعتمدون بالكامل على المساعدات".

وشدد على ضرورة "وقف استخدام الغذاء كسلاح، وتحويل الإغاثة من تدفق متقطع إلى منظومة ثابتة تضمن الوصول العادل للفقراء والأكثر هشاشة".

مقالات مشابهة

  • "الفاو": المساعدات لا تكفي سوى 5 ‎%‎ من احتياجات غزة
  • ايداع الكاتب الصحفي سعد بوعقبة الحبس المؤقت والإفراج عن صحفيَّين اثنين بقناة إلكترونية
  • الرسالة التي جعلت من تشيخوف أديبًا ومن إينشتاين عالمًا 2
  • الزمالك يعقد مؤتمرًا صحفيًا قبل مواجهة كايزر تشيفز بجنوب أفريقيا
  • العفو الدولية: الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" بغزة لم تتوقف
  • غدًا.. أحمد عبد الرؤوف وعمر جابر فى المؤتمر الصحفي لمباراة كايرز تشيفز بالكونفدرالية
  • خيام تعليمية بغزة.. وإصرار عالٍ للالتحاق بها
  • هيئة حقوق الإنسان تناقش مع منظمة طفل الحرب الدولية تعزيز التعاون في مجال حماية الطفولة
  • بالصور: المعاهد الأزهرية في فلسطين تستقبل وفد من جامعة الأزهر بغزة والتربية والتعليم