علي جمعة: التكامل بين الناس هو أساس السكينة والمودة وعمارة الأرض
تاريخ النشر: 27th, November 2025 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان التكامل هو الذي يجعل العلاقة بين الرجل والمرأة مآلَها إلى السكن والسكينة، وإلى المودة والرحمة، وإلى التعاون وعمارة الأرض بالنسل الصالح القوي.
واستشهد جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ان الله عز وجل يقول تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا، وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].
وأشار إلى ان ذلك التكامل هو الذي يجعل الحاكمَ والمحكومَ في خندقٍ واحد أمام كيد الكائدين، ويجعل الحاكم رفيقًا رحيمًا بالمحكومين، راعيًا لشؤونهم، قائمًا بمسؤوليته على أكمل وجه، حيث يتمثّل كلُّ حاكمٍ وصيةَ الإمام علي بن أبي طالب لمالك بن الحارث الأشتر حين ولاه مصر، عندما قال له: «وأَشْعِرْ قلبَكَ الرحمةَ للرعية، والمحبّةَ لهم، واللطفَ بهم، ولا تكوننَّ عليهم سَبُعًا ضاريًا تغتنم أكلهم، فإنهم صِنْفان: إمّا أخٌ لك في الدين، أو نظيرٌ لك في الخلق، يَفْرُطُ منهم الزَّلَلُ، وتعرض لهم العلل، ويُؤتَى على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطِهِمْ من عفوك وصفحك مثلَ الذي تحبُّ أن يعطيكَ اللهُ من عفوه وصفحه». والتكاملُ يجعل المحكوم متعاونًا متفهّمًا لحاكمه، معرضًا عمّا لا فائدة من ذكره، مقبلًا على صالح بلاده ونمائها.
إنه التكامل الذي يجعل صاحبَ العمل يتعاون مع العمال، وصاحبَ رأس المال يتكامل مع القوة البشرية التي تدير المشروع، فلا يكون هناك نَهَمٌ من صاحب المال بحيث يطمع ويستغلّ ظروفَ سوق العمل، ولا يكون هناك ضغطٌ من العمال لأخذ ما لا يستحقون، بل يتعاون الجميع على تنمية اقتصاد البلاد وصلاح أحوالهم المعيشية بما يرضي الله.
إنه التكامل الذي يجعل صاحب البناء متعاونًا ومتفهمًا مع المستأجرين، فيتعاون الجميع على نظافة وجمال بنايتهم، فيصبح الحي كله نظيفًا جميلًا، ومن ثَمَّ يكون البلد كله متحضّرًا، وعنوانًا على نظافة المسلمين وتعاونهم.
ذلك التكامل هو الذي يجعل الغنيَّ يساعد الفقير، ويجعل الفقيرَ منتجًا ويتخلّص من فقره، ويجعل الشعورَ السائد بين الأغنياء والفقراء هو الحبَّ والتعاون؛ فلا يرى الغنيُّ في نفسه فضلًا على الفقير، ولا يرى الفقيرُ في نفسه دناءة.
هذا التكامل الذي إذا ما تمّ في كل تلك المجالات يتحقّق فينا وصفُ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم إذ يقول: «تَرَى المؤمنين في تَراحُمِهِم وتوادِّهم وتعاطفهم كمَثَلِ الجسدِ؛ إذا اشتكى منه عضوٌ تَداعَى له سائرُ جسده بالسهر والحمّى» [أخرجه البخاري ومسلم].
هذا التكامل الذي أراده الله لصلاح الناس وإصلاح الأرض وإعمارها، رزقنا اللهُ فَهْمَ سنّةِ التكامل وتطبيقَها على الأرض.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التكامل الأغنياء والفقراء التکامل الذی الذی یجعل
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: ذكر الله قبل النوم يرسّخ المقاصد في القلوب ويهذّب السلوك
اوضح الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، الحِكْمَةُ أن نتدبَّر كلامَ ربِّنا سبحانه وتعالى، ونجعله منهاجَ حياةٍ كي نسير بخطوات ثابتة في الطريق إلى الله، فإن الله هو المقصودُ من الجميع. وكلما كان ذكرُ الله حاضرًا في قلوبنا وألسنتنا، ازددنا قربًا منه، وقلَّتْ عثراتُنا في السير إليه.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ولهذا، كان أهلُ الله يعلِّمون أتباعَهم أن يردِّدوا هذه العبارة سبع مرات قبل النوم: «اللهُ مقصودي، ورضاه مطلوبي».
لماذا التكرار سبع مرات؟
إن للعقل البشري قوانينَ تؤثِّر في كيفية استيعابه للأفكار وترسيخها، ومن أهمها:
١-قانون التكرار: كلما كرَّرتَ شيئًا، انتقل في دماغك من مستوى الفكرة إلى مستوى المفهوم، وإذا زدت في التكرار ترسَّخ في أعماق الشعور. فمثلًا، نكرِّر سورةَ الفاتحة على الأقل سبعَ عشرةَ مرَّةً يوميًّا، مما يجعلنا نقرؤها صحيحةً حتى لو كنَّا غافلين؛ لأن التكرار رسَّخها في أعماق الشعور، فأصبحت جزءًا من وعينا التلقائي.
٢-قانون الأوَّلية: وهو أن أوَّل ما تقوله أو تفكِّر فيه يؤثِّر في وعيك وسلوكك على مدار اليوم؛ ولذلك نجد أن الشريعة الإسلامية اهتمَّت بـ "أذكار الصباح" لتكون أوَّل ما ينطق به اللسان بعد الاستيقاظ.
٣-قانون الآخِرِيَّة: وهو أن آخر ما تقوله قبل النوم يترسَّخ في شعورك العميق، فيؤثِّر في عقلك الباطن أثناء النوم. ولهذا، فإن ترديدَ عبارة «اللهُ مقصودي، ورضاه مطلوبي» قبل النوم يجعلها محفورةً في القلب، بحيث تصبح دافعًا داخليًّا يمنعك من الوقوع في المعصية استحياءً من الله تعالى.
جرِّب أن تردِّد هذه العبارة لسبعةِ أيَّامٍ متتالية قبل النوم، وتأمَّلْ كيف سيؤثِّر ذلك في وعيك وسلوكك؛ ستجد نفسك أكثر يقظةً في مواجهة الذنوب، وأكثر طمأنينةً في السير إلى الله، لأنك غرستَ في قلبك وعيًا صافيًا بمقصدك الحقيقي في الحياة.
حين يصبح ذِكْرُ الله آخرَ ما يتردَّد في ذهنك قبل أن تنام، وأوَّلَ ما يطرق قلبك عند الاستيقاظ، ستجد نفسك تسير في الحياة بنورٍ وطمأنينةٍ لا مثيل لهما. فاجعل قلبك عامرًا بذكر الله، واجعل خطواتك ثابتةً في الطريق إليه؛ فهو وحده المقصود، ورضاه هو أعظمُ مطلوب.