لماذا أصبح المستثمرون يفضلون الأسواق الناشئة على المتقدمة؟
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
في تطور يعكس تغيرًا عميقًا في معايير تقييم المخاطر في أسواق الديون الدولية، تشير وكالة بلومبيرغ إلى أن شريحة واسعة من المستثمرين العالميين باتت تتعامل مع مجموعة مختارة من الأسواق الناشئة بوصفها أكثر استقرارًا وأمانًا من اقتصادات متقدمة لطالما احتفظت بصفة "الملاذات الآمنة".
وتصف الوكالة هذا التحول بأنه لحظة فارقة في المشهد الاستثماري، إذ يُعيد رسم علاقة المستثمرين بمخاطر الديون السيادية والشركات حول العالم، ويمهّد لمرحلة جديدة من تفوق الأداء المستدام لصناديق السندات في الأسواق الناشئة.
وبحسب بلومبيرغ، يتجلى هذا التحول بأوضح صورة في أداء السندات الصادرة عن دول تحمل تصنيفا ائتمانيا عند مستوى "إيه إيه"، مثل الإمارات وقطر وتايوان وكوريا الجنوبية والتشيك.
وقد حققت هذه الدول عوائد إجمالية أقوى خلال عام 2025 مقارنة بالسندات الصادرة عن دول متقدمة تحمل التصنيف نفسه، وذلك سواء عند احتساب العائد بالدولار أو بالعُملات المحلية.
وتذكر الوكالة أن تكلفة الاقتراض بالدولار بالنسبة لبعض هذه الدول أصبحت تقترب من تكلفة الاقتراض في السوق الأميركية، وهي سوق تُعتبر تقليديا الأكثر أمانا على مستوى العالم.
كما تشير إلى وجود علامات متزايدة على تقارب مستويات المخاطر بين الاقتصادات الناشئة وبعض الاقتصادات المتقدمة، في حركة تعكس إعادة تقييم واسعة لمصادر الانضباط المالي حول العالم.
انضباط مالي ملاحظ في الدول الناميةوتوضح بلومبيرغ أن عددًا كبيرًا من الاقتصادات النامية استطاع خلال السنوات الأخيرة خفض مستويات الدَّين العام، والسيطرة على التضخم، وتحسين مراكز الحساب الجاري.
في المقابل، تركت اقتصادات مجموعة السبع العنان لارتفاع كبير في نسب الدَّين إلى الناتج المحلي الإجمالي، مما أدى إلى تآكل مكانتها كوجهات مضمونة للمستثمرين الباحثين عن الأمان.
إعلانوفي هذا السياق، تنقل الوكالة عن جيمس آثي، مدير المحافظ الاستثمارية في مارلبورو لإدارة الاستثمار، قوله: "إذا أردتُ سياسات مالية منضبطة وأطرًا أرثوذكسية واضحة، فإنني أتجه في الوقت الحالي إلى الأسواق الناشئة لا إلى الاقتصادات المتقدمة".
ويضيف أنه عزز استثماراته مؤخرًا في البيزو المكسيكي والسندات المحلية التشيلية وسندات جنوب أفريقيا المقومة بالدولار، مما يعكس ثقة متزايدة في الأساسيات الاقتصادية لهذه الأسواق.
عام 2025 أفضل عام للسندات الناشئةوتؤكد بلومبيرغ أن البيانات المتاحة تظهر أن عام 2025 يسير ليكون أفضل عام في أداء السندات الناشئة منذ فترة ما قبل الجائحة، ففي سوق السندات السيادية المقوَّمة بالدولار، انخفض الفارق الذي يطلبه المستثمرون فوق عائد سندات الخزانة الأميركية إلى أدنى مستوى له منذ 7 أعوام. أما بالنسبة للمُصدِّرين من فئة "إيه إيه"، فقد انكمش الفارق إلى 31 نقطة أساس فقط، وهو مستوى قياسي غير مسبوق.
كما توضّح البيانات أن عوائد السندات المقوَّمة بالعُملات المحلية في الأسواق الناشئة باتت أدنى من عوائد سندات الخزانة الأميركية منذ أواخر 2024، وأن هذا الخصم اتسع ليبلغ مستوى قياسيا خلال أغسطس/آب 2025، مما يعزز اتجاه المستثمرين نحو هذه الفئة.
ليست كل الأسواق الناشئة متماثلةورغم الاتجاه التصاعدي، تشدد بلومبيرغ على أن الأسواق الناشئة ليست كتلة واحدة متجانسة، فهناك دول، خصوصًا في أفريقيا وأميركا اللاتينية، لا تزال تعاني مستويات عالية من الهشاشة السياسية والمالية، إضافة إلى أزمات ديون متكررة.
كما تدعو الوكالة إلى عدم إغفال أن عدد الدول الناشئة الحاصلة على تصنيف "إيه إيه" محدود للغاية، وأن جزءًا معتبرًا من الأداء المتميز هذا العام يعود إلى ضعف الدولار وتراجع أسعار الفائدة في أميركا.
ومع ذلك، تسجّل بلومبيرغ ما تصفه بـ"تحول ملموس في دوافع المستثمرين"، إذ لم يعد التركيز منصبًا فقط على العوائد العالية، بل باتت الأساسيات الاقتصادية الكلية في صالح العديد من الأسواق الناشئة، مما يجعل الالتزام طويل الأجل بها خيارًا أقل مخاطرة مما كان عليه في السابق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات الأسواق الناشئة
إقرأ أيضاً:
بلومبيرغ: مايكروسوفت ساعدت الجيش الإسرائيلي في إخفاء أدلة على التجسس
تواجه "مايكروسوفت" تُهمًا بخرق قوانين الاتحاد الأوروبي لحماية البيانات على خلفية مساعدتها لجيش الاحتلال الإسرائيلي في إخفاء أدلة على مراقبته للفلسطينيين، وفق تقرير "بلومبيرغ".
وجاءت الشكوى من المجلس الأيرلندي للحريات المدنية بدعم من منظمة "إيكو" (Ekō) الحقوقية التي واجهت الشركات التقنية في العديد من الأزمات الاجتماعية السابقة، وذلك عقب ورود معلومات إلى المجلس من داخل "مايكروسوفت".
ويشير تقرير "بلومبيرغ" إلى أن الشكوى طالبت في التحقيق مع "مايكروسوفت" لمساعدتها إخفاء مجموعة من البيانات التي تدين جيش الاحتلال الإسرائيلي والشركة على حد سواء، وقدمت الشكوى إلى هيئة حماية البيانات الأيرلندية حيث يقع مقر "مايكروسوفت" في أوروبا تحت سلطتها.
ومن جانبها، أكدت "مايكروسوفت" على لسان المتحدث الرسمي الخاص بها في رسالة إلى الوكالة أن ملكية البيانات تعود لعملائها، وطلب الجيش الإسرائيلي من الشركة نقل البيانات في أغسطس/آب الماضي، مشيرة إلى أن نقل البيانات لم يُعِق التحقيقات التي أجرتها الشركة.
وكانت "مايكروسوفت" بدأت مجموعة من التحقيقات الداخلية عقب ظهور تقرير من صحيفة "غارديان" يشير إلى أن الشركة سهّلت مراقبة مكالمات الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية وتسجيل مئات الملايين من ساعات المكالمات لصالح جيش الاحتلال.
ويشير التقرير إلى أن "مايكروسوفت" أوقفت بعض الخدمات التي كانت تقدمها سابقا لجيش الاحتلال في سبتمبر/أيلول بعد انتهاء التحقيقات الداخلية الخاصة بها.
ولكن لا تزال الشركة تقدم مجموعة من الخدمات للجيش الإسرائيلي من بينها تطبيق "المنسق" الذي أطلقته إسرائيل لمراقبة الفلسطينيين والضروري للحصول على تأشيرات العمل والزيارة داخل وخارج البلاد.
إعلانيذكر أن جيش الاحتلال يواجه انتقادا دوليا وقانونيا بسبب انتهاكات حقوق الإنسان والمدنيين في غزة منذ بدء الحرب، لدرجة أن محكمة العدل الدولية أصدرت قرارا باعتقال مجموعة من كبار قادة الجيش الإسرائيلي.
ويتوقع بأن يصوّت حملة أسهم "مايكروسوفت" في الأيام المقبلة على كفاءة قسم حماية حقوق الإنسان الموجود بالشركة عقب التقارير والشكاوى المتتالية الموجهة لها نتيجة تعاونها المستمر مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.