الطفلة المعجزة.. تحتاج تفسيراً!
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
استوقفنى خبر نشره موقع «قناة العربية» تحت عنوان «ظنتها نائمة.. طفلة فى مصر رقدت بجوار جثة أمها 6 أيام!».. وعلامة التعجب الموجودة آخر العنوان ليست من صنعى، إذن فهذا الخبر بشهادة كاتبيه يثير الدهشة ويلفت الانتباه، كان العنوان وحده كفيلاً بأن يطاردنى ويطرد النوم من قاموس أيامى، وكان كافياً بأن يجعل عقلى مشغولاً بالإجابة عن وابل من الأسئلة عن حال مجتمعنا، هل وصلنا إلى تلك الحالة من الجفاء وانقطاع المودة والتواصل بيننا؟ كيف تموت أم بجوار ابنتها لمدة 6 أيام دون أن يشعر أو يسأل أحد؟ أين الزوج؟ أين العائلة؟ أين الأقارب؟ أين الجيران؟ أين الأصدقاء؟ أين زملاء العمل؟ هل تبخروا جميعاً تاركين تلك الأم وحيدة بجوار طفلتها هكذا؟!
قررت الكتابة عن هذا الموضوع، وعدت لقراءة تفاصيل الخبر، لأجد طفلة عمرها ثلاث سنوات عاشت تئن وتقضم فى يدها من شدة الجوع والعطش، بجوار جثة أمها 6 أيام كاملة قبل أن يكتشف الجيران الأمر!، الأم تدعى «إيمان» 31 عاماً، مكان الحادث مدينة الغردقة، مع ذكر تفاصيل إبلاغ السلطات انتهاء باتخاذ اللازم ونقل الطفلة إلى المستشفى.
نحن إذن أمام حادثة لا يمكن التشكيك فى مصداقيتها، خاصة بعد هذا الاهتمام من برنامج «صباح العربية» الذى تناول القصة مع إضافة مؤثرات صوتية وبصرية ليزداد التأثر والتأثير والتفاعل مع تلك المأساة.
ورغم كل ما سبق، يرفض المنطق والعقل فكرة تعايش طفلة بجوار جثة أمها لمدة 6 أيام كاملة، وأصبحت أمام أمرين، الأول: أن تكون تلك الطفلة أشبه بالمعجزة فى زمن لا يعترف ولا يعرف المعجزات، ويجب إذن أن تخضع الطفلة للفحص العلمى ليجيب لنا عن الكيفية التى عاشت بها صاحبة الثلاث سنوات تلك الليالى، وكيف استطاعت الصمود بجوار جثة متحللة تلك الفترة؟ وكيف كانت تأكل وتشرب؟ وكيف كانت تنام وتستيقظ؟ وكيف كانت تلعب وتضحك، وتبكى وتصرخ؟ كيف ظلت على قيد الحياة فى هذا المكان؟، الأمر الثانى: أن تكون معلومة الـ6 أيام مغلوطة، وفى كلا الأمرين نكون أمام كارثة مجتمعية أو مأساة إعلامية.
بدأت أبحث أكثر لعلى أجد إجابة عن تلك الأسئلة الحائرة، فوجدت الآتى:
- كان موقع «صدى البلد»- وقد أكون مخطئاً- أول من نشر الخبر يوم الأحد 20 أغسطس 2023، وذكر أن الطفلة عاشت بجوار أمها لمدة قاربت الـ5 أيام !، تبعها موقع «القاهرة 24» فى النشر يوم الاثنين بنفس التفاصيل تقريباً، ثم نشرته «العربية» الثلاثاء، وكان الفارق الوحيد هو زيادة المدة الزمنية فصارت 6 أيام، ثم تناقلت بعد ذلك المنصات الإخبارية الرواية الأخيرة واعتمدتها فى النشر، حتى إن موقع «صدى البلد» الذى كان سباقاً فى نشر المأساة، أعاد نشرها مرة أخرى فى خبر منفصل نقلاً عن قناة «العربية»، وتلك مأساة أكبر من مأساة الطفلة ذاتها!
- وجدت حادثة مشابهة لتلك المأساة تكاد تكون متطابقة معها من حيث المكان والتفاصيل والكيفية والأسماء منذ عامين تقريباً، ففى الثلاثاء 6 يوليو 2021، نشرت المواقع خبراً تحت عنوان «ظنتها نائمة.. طفلة مصرية تجلس بجوار جثة أمها يومين»، وكان اسم الأم « إيمان» 36 سنة، الطفلة 3 سنوات، مكان الواقعة مدينة الغردقة، وجاء فى التفاصيل أنه عندما اتصلت شقيقة المتوفاة على أختها، أكثر من مرة، ردت الطفلة على التليفون قائلةً: «ماما نايمة»، وعندما تكرر الأمر جاءت شقيقتها إلى الشقة، وبمساعدة الجيران تم كسر الباب، لتفاجأ بأختها جثة هامدة، وأفادت التحريات بأن زوجها تركها منذ ثلاثة أيام، حيث يقيم لدى زوجته الثانية، وقال الدكتور شادى باسم، مدير إدارة الطوارئ بالبحر الأحمر، كما جاء فى جريدة «الوطن» وقتها إن فسيولوجية جسم الطفل يمكنه تخزين الماء لمدة يومين، ولكن لو كان الأمر استمر أكثر من يومين، كانت الطفلة ستدخل فى مشاكل صحية، ولم يعلم الدكتور شادى باسم وقتها أننا سنقف أمام حادثة مشابهة، وسنحتاج إلى تفسير طبى عن: كيف تعيش طفلة 6 أيام بجوار جثة متحللة؟!
الخلاصة.. فى زمن ولَّت فيه المعجزات وانتهت، يبدو أن اللجوء إلى الاقتناع بأن هناك شيئاً يحتاج إلى تصويب خير ألف مرة من التصديق بأن هناك طفلة عاشت بجوار جثة أمها 6 أيام دون أن يشعر بهما أحد.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قناة العربية طفلة الجفاء الزوج العائلة الأقارب الجيران الأصدقاء زملاء العمل
إقرأ أيضاً:
عماد الدين حسين: حماية المستهلك مهمة لكنها تحتاج دعما وتشريعا أفضل
قال الكاتب الصحفي عماد الدين حسين، إن جهاز حماية المستهلك يؤدي دورًا مهمًا في حماية المواطنين، لكنه لا يزال بحاجة إلى تعزيز فعاليته وتوسيع سلطاته، مشددًا على أن الجهاز يجب أن يكون أكثر حزمًا في مواجهة المخالفات التي يرتكبها بعض التجار والشركات.
أضاف حسين، في مداخلة مع الإعلامي هشام عبدالتواب، على قناة «إكسترا نيوز»، أن الجهاز لديه بعض الصلاحيات القانونية مثل إحالة المخالفين إلى النيابة العامة، لكنه بحاجة إلى أدوات تشريعية أقوى تمكّنه من إنفاذ القانون بشكل أكثر فاعلية.
وتابع: «الحكومة تبذل جهودًا كبيرة، مثل ما يحدث عند الاتفاق على وزن رغيف الخبز السياحي، لكن بعض المخابز الخاصة لا تلتزم، من هنا تظهر الحاجة لوجود رقابة حقيقية وعقوبات رادعة، وهو ما يتطلب تفعيلًا أقوى للجهاز».
وأشار إلى أن الجهاز أعلن مؤخرًا تلقي أكثر من 271 ألف شكوى، تم حل 95% منها، وهو رقم جيد، لكنه لا يزال محدودًا بالنظر إلى عدد السكان البالغ 110 ملايين نسمة، موضحًا أن الأمر لا يقتصر على حل الشكاوى الفردية، بل يجب أن يكون جزءًا من تغيير ثقافي أوسع يُشعر التاجر أو المنتج بأن هناك جهة رقابية قادرة على محاسبته.
وشدد حسين على أن تطوير الجهاز لا يجب أن يكون لوجستيًا فقط، بل لا بد من تطوير الأداء الرقابي والتشريعي معًا، مؤكدًا أن التحرك في كل المسارات المتوازية هو الحل.
وأضاف: «هناك دعم غير مسبوق من الدولة للجهاز، سواء من رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، وهذا هو الوقت الأنسب لاستثمار هذا الدعم في تفعيل رقابة حقيقية على الأرض».
وختم بالتأكيد على أهمية تدريب الكوادر العاملة في الجهاز، قائلًا: «لابد من التأكد من أن موظفي الجهاز مؤهلون ومدربون جيدًا، حتى لا تعيق البيروقراطية أو سوء الفهم تنفيذ السياسات الطموحة التي تضعها القيادة السياسية».