إجبار فتاة على البشعة لإثبات صدقها.. دار الإفتاء: لا أصل لها في الشرع
تاريخ النشر: 4th, December 2025 GMT
تداول رواد موقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو مثير للجدل لواقعة فتاة ذهبت إلى ما يعرف بـ البشعة لإثبات إنها عذراء وقت زواجها، بعد أن اتهمها زوجها بأنها لم تكن عذراء ذلك الوقت.
وظهرت الفتاة التي تدعى بوسي، جالسة تحكي واقعتها في خوف شديد بعد تعرضها للظلم والاتهام من قبل زوجها.
ووضع شخص أداة معدنية ساخنة على لسان الفتاة ثلاث مرات، ثم تناولت رشفات من المياه، وقال بعدها إنه أثبت صدق الفتاة وأنها كانت عذراء وقت زواجها، واستقبلت أسرتها النتيجة بالزغاريد والفرحة فيما انهارت الفتاة من البكاء.
ما هي البشعة ؟
«البشعة» -بكسر الباء- هي قطعة معدنية أشبه بـ«الملعقة» الضخمة يتم وضعها على نار ملتهبة حتى يصبح لونها مثل الجمر لتوضع على لسان المتنازعين.
يجتمع الخصوم في مجلس عربي عند شخص يقال له المبشّع ويقوم بإحماء «المحماس» وتجهيز زجاجة ماء أمامها، لكي يقوم "المتهم" بلعقها بلسانه قبل أن يشرب القليل من الماء.
أنواع البشعة
«بشعة العيادي»: وهي محصورة في عائلة أبو عويمر من المحاسنة من السلاطنة من قبيلة العيايدة فى سيناء، ومقرها اليوم فى الإسماعيلية.
«بشعة الدِّبِرْ»: وهى محصورة في الدّبُور من العمران من قبيلة الحويطات في جنوبي الأردن «العقبة»، وقد انتهت هذه البشعة فعليًا عام 1976م، بموت أخر مبشع وهو على بن مساعد الدبر، وإلغاء قوانين الإشراف على البدو.
بشعة العلى: وهى محصورة في عائلة العلى من القواعين من مخلد من قبيلة بلى الحجاز «وليس بلى سيناء»، ومقرها شمال غرب الحجاز، وقد انتهت كما بشعة الدبر ولم تبقى إلا بشعة العيادي.إجبار فتاة على البشعة يشعل غضبا واسعا في مصر ويؤدي للانفصال
حقيقة أم تريند؟.. 4 دقائق تثير الجدل في فيديو "البشعة" والبلوجر بوسي
يُوضع "المحماس" في النار حتى يُصبح شديد الإحمرار، ثم يُخرج المبشع المحماس ثم يفرك به ذراعه ثلاث مرات لكي يؤكد أن النار لا تضر الأبرياء، ثم يمد المبشع المحماس إلى الشخص المتهم ويقول له «أبشع»، وعلى المتهم أن يمد لسانه للحاضرين كي يريهم أن لسانه سليم وليميزوا حالة لسانه قبل البشعة وبعدها، ويلحس المتهم المحماس ثلاث مرات وهو بيد المبشع ثم يتمضمض ببعض الماء، إذا ظهر على لسانه أي أثر للنار قالوا «موغوف» أي مذنب وإلا فهو بريء.
فسر البعض هذه الظاهرة فقالوا إن الإنسان الصادق يكون واثقًا من نفسه بحيث لا يجف ريقه ويكون لسانه مبتلًا، فلا تؤثر فيه حرارة المعدن، وأما الكاذب فيكون مضطربًا لدرجة أن ريقه يجف مما يجعل المعدن يلتصق بلسانه.
حكم البشعة
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، إن البشعة ليس لها أصلٌ في الشرع في إثباتِ التُّهَمِ أو مَعرِفة فاعِلِها، والتعامل بها حرامٌ ولا يجوز شرعًا؛ لِمَا فيها مِن الإيذاء والتعذيب، ولَمَا فيها مِن التَّخَرُّص بالباطل بدعوى إثبات الحَقِّ.
وأضاف مفتي الجمهورية السابق: أنه يجب أن نَعمَل بالطُّرُق الشرعية التي سَنَّتْها لنا الشريعة مِن التراضي أو التقاضي، مُستَهْدِينَ بنحو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «البَيِّنةُ على مَنِ ادَّعى واليَمِينُ على مَن أَنكَرَ» رواه الدارقطني.
وأشار إلى أن الشريعة السَّمْحَة رَسَمَت لنا طُرُقَ المُطالَبَةِ بالحَقِّ وإثباته، أو نَفي الادِّعاءِ الباطل، وهذا ما يجب على المسلمين أن يَتمسَّكوا به دون سواه مِن الطُّرُق السيِّئة التي لا أصلَ لها في الشرع؛ فإن الشرع لم يَجعل إثباتَ التُّهَمِ مَنوطًا بغيرِ ما رَتَّبه طريقًا لإثباتِ ذلك مِن إقرارٍ أو بَيِّناتٍ أو نَحوِها.
من جهته، أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق، أن البَشعة اعتقاد خاطئ لدى البعض وهي «تسخين إناء أو سكين حتى الإحمرار ووضعها على لسان الإنسان، فإذا أصيب فهو كاذب، وإذا لم يصب فإنه بريء لم يسرق».
وشدد عضو هيئة كبار العلماء، على أن البشعة «خرافة وغير جائزة شرعًا، وربما تظلم الشخص إن لم يكن سارقًا»، مضيفًا: «البشعة أساسها التهديد والضغط للاعتراف، وظهرت وفقًا لثقافة معينة، ففي البدو كان السارق يعترف خوفًا من انفضاح أمره بين الناس».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البشعة فتاة البشعة حكم البشعة
إقرأ أيضاً:
الأزهر: البشعة جريمة دينية وإنسانية ودجل وكهانة مُحرم شرعاً
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن اللجوء إلى البشعة لإثبات الاتهام أو نفيه ممارسة جاهلية، وجريمة دينية وإنسانية، وصورة مستحدثة من الدجل والكهانة، واعتداء على منظومة العدل التي جاء بها الإسلام.
البشعة تُهين الإنسان وتظلمهوشدد الأزهر في بيان له، على أن الإسلام أقام منظومة العدل على قواعد ثابتة تحفظ الحقوق وتصون الكرامة، ونهى عن كل وسيلة تُهين الإنسان أو تظلمه أو تُعرِّضه للضرر، ومن أخطر هذه الوسائل ما يعرف بـ«البَشِعَة»، التي هي ممارسة قائمة على الإكراه والإذلال، ولا تمتّ إلى القضاء ولا إلى البينات الشرعية بصلة، بل هي من بقايا الجاهلية التي جاء الإسلام بإبطالها.
«البشعة» كهانة وادعاء لمعرفة الغيبونبه على أن «البشعة» كهانة وادعاء لمعرفة الغيب، تُشبِه ما كان يفعله أهل الجاهلية من الاستقسام بالأزلام، الذي قال المولى سبحانه عنه: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة: 3]، فهي باب من أبواب الفساد والباطل، يحرم العمل به والتحاكم إليه.
ولفت إلى أن «البشعَة» تحمل في طياتها أشكالًا من التعذيب البدني والنفسي؛ ففيها إذلال وتخويف، وتعذيب بالنار، الذي قال عنه سيدنا النبي ﷺ: «إنَّ النَّارَ لا يُعَذِّبُ بهَا إلَّا اللَّهُ» [أخرجه البخاري]، وقال أيضا ﷺ: «إنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ في الدُّنْيَا» [أخرجه مسلم]، وفيها تمثيل بالإنسان الذي كرمه الحق سبحانه، وقد «نَهى النبيُّ ﷺ عَنِ النُّهْبى والمُثْلَةِ» [أخرجه البخاري]، وفي المثول لخرافة البشعة وصمٌ يلازم من تعرض لها طوال حياته، حتى وإن ثبتت براءته لاحقًا، فتترك بذلك أثرًا وألمًا نفسيًّا واجتماعيًّا -يسبق هذه الممارسة ويتبعها- يعيق حياته ويشوّه سمعته؛ سيما مع ما فيها من اتساع دوائر العقوبة للمشتبه فيهم دون بينة أو دليل؛ بما يخالف قواعد الشرع والقانون.
تهمة عقوبتها تصل إلى 3 سنين مع الشغل..تعليق ياسمين الخطيب على فيديو البشعة
إجبار فتاة على البشعة لإثبات صدقها.. دار الإفتاء: لا أصل لها في الشرع
إجبار فتاة على البشعة يشعل غضبا واسعا في مصر ويؤدي للانفصال
حقيقة أم تريند؟.. 4 دقائق تثير الجدل في فيديو "البشعة" والبلوجر بوسي
وأفاد بأن الشرع أغلق أبواب الخرافة في إثبات الحقوق، ومنع وسائلها التي تُستخدم في الابتزاز والترهيب والتلاعب بمصائر الناس، وجعل مرجع الفصل في الخصومات هو البينة لا الادعاء، صيانةً لكرامة الناس وحقوقهم، فقال سيدنا النبي ﷺ: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» [متفق عليه]، وعند الترمذي، قال سيدنا ﷺ: «البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي، وَاليَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ».
طرق الإثبات في الشرعأوضح أن طرق الإثبات في الشرع محددة ومنضبطة، وممارسة «البشعة» ليست مجرد خطأ، بل جريمة شرعية وإنسانية؛ لما تشتمل عليه من الإكراه، والإيذاء الجسدي والنفسي، واستغلال الضعفاء، والتعدي على اختصاص القضاء، والإضرار بالأبرياء، وقد قال ﷺ: «لا ضَررَ ولا ضِرَار». [أخرجه الحاكم].
وحذر من أنه لا يجوز التحاكم إلى «البشعة»، والعمل فيها، وإكراه أحد الناس عليها، ولا الاعتداد بنتائجها؛ بل الواجب ردُّ النزاعات إلى القضاء المختص، حيث البينات، والإجراءات العادلة، وصونُ الحقوق بعيدًا عن أساليب الترهيب والابتزاز.
وختم: وبما أن «البشعة» ممارسة محرمة، فإنه لا يجوز نشر المقاطع أو الصور أو الأخبار المروجة لها؛ لما يسببه من إحياء للعادات الجاهلية، وإشاعةٍ للباطل، وتعدٍّ على كرامة الإنسان، وإذكاءِ الفتنة والنزاعات في المجتمع، فضلًا عن كونه تشويهًا للوعي وهبوطًا بالذوق العام.