ترامب ونتنياهو.. شهر عسل بصل
تاريخ النشر: 4th, December 2025 GMT
كنت قد كتبت قبل أسابيع أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إذا استشعر أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو سيكون حجر عثرة أمام أهدافه وخططه ومشاريعه فى المنطقة والعالم؛ لن يتردد فى التخلى عنه وإلقائه فى أقرب هامش سياسي، وهذا بالطبع ليس معناه أن ترامب سيتخلى عن إسرائيل، فالتزام الولايات المتحدة تجاه إسرائيل شيء أشبه بالدستور الأمريكى سواء كان الرئيس جمهوريا أو ديمقراطيا، ولكن الولايات المتحدة الآن يحكمها رئيس من طراز براجماتى خاص، يدير شؤون حكمه بالخطط والصفقات الواحدة تلو الأخرى ويطمح فى أن يملك العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.
فى الفترة الأخيرة وتحديدا بعد توقيع اتفاق غزة فى شرم الشيخ، بدأ ترامب نفسه يكشف حيل نتنياهو التى مارسها لعدم اتمام الخطة والانقلاب على الاتفاق بخروقات واضحة وفاضحة والتوغل فيما أسماه نتنياهو بالخط الأصفر ناهيك عن التوغل الإسرائيلى فى الأراضى السورية واللبنانية، المشهد برمته يقول أن نتنياهو يمارس «بلطجة سياسية» فى المنطقة وهذا يسبب حرجا شديدا للولايات المتحدة أمام العالم ويظهرها فى موقف المتفرج، بما يتعارض مع حديث ووعود وتعهدات ترامب، ومن ثم قرر الأخير أن يتخذ موقفا معلنا تجاه ممارسات نتنياهو الأخيرة.
فى محادثتهما الهاتفية الأخيرة قبل أيام ركز الرئيس ترامب بشكل كبير على غزة وسوريا، وبحسب موقع إكسيوس الأمريكى ضغط ترامب على نتنياهو لتغيير مساره فى غزة، قائلا له: «ينبغى أن تكون شريكًا أفضل» فى تنفيذ اتفاق السلام، وسأل ترامب نتنياهو: لماذا تقتلون عناصر حماس المحاصرين فى الأنفاق فى المناطق التى تسيطر عليها إسرائيل فى غزة بدلاً من السماح لهم بالاستسلام؟.. وكان رد نتنياهو على ذلك قائلا إن السبب هو «أنهم مسلحون وخطيرون»، كانت الولايات المتحدة قد توسطت فى اتفاق بين إسرائيل وحماس، يقضى بمنح عناصر حماس المحاصرين عفوًا حال استسلامهم، ورأت إدارة ترامب فى ذلك نموذجًا محتملًا لنزع سلاح حماس.
زاوية أخرى من الخلاف -الذى بات معلنا- بين ترامب ونتنياهو أنه بينما يواصل الرئيس الأمريكى تأكيد رغبته فى استقرار سوريا ونجاحها وسعيه لتوقيع اتفاق أمنى بينها وبين إسرائيل، تواصل الأخيرة توغلاتها العسكرية فى الأراضى السورية، وتجول نتنياهو بنفسه مع كبار مسئوليه فى الأراضى السورية كما لو أنها أرض مستباحة، فى ما يعكس شعور نتنياهو بالقوة وأن سوريا لا تمثل أى تهديد له، وأن الرئيس الأمريكى بحاجة إليه فى معركته الانتخابية ضد الديمقراطيين، ومن ثم لن تتخلى واشنطن عنه، لكن ما لم يحسبه نتنياهو أن ترامب شخص غير متوقع وقد يصعد ضد نتنياهو فى أى وقت، فترامب يريد مساعدة سوريا كجزء من تقوية تحالفه مع تركيا والمملكة العربية السعودية، لكنه فى الوقت نفسه يريد من نتنياهو أمورا أخرى تتعلق بقطاع غزة وبيع مقاتلات «إف-35» لكل من أنقرة والرياض، فضلا عن حاجته لدعم مؤيدى إسرائيل داخل الولايات المتحدة، وكلها أمور تدفعه فى البداية إلى تجريب محاولة الإقناع قبل الانتقال إلى الضغط، لكنه لن يتردد فى الضغط عندما يكون السبيل الوحيد لضبط المعادلة، لاسيما بعدما طالب نتنياهو بجعل المساحة بين دمشق وبداية المنطقة التى تسيطر عليها إسرائيل فى جنوبى سوريا منزوعة السلاح، مؤكدا أنه لن ينسحب مطلقا من الأراضى التى دخلها بعد سقوط بشار الأسد، وأن أى اتفاق مع السوريين «لن يدفع تل أبيب للتخلى عن مبادئها».
فى البداية أعتقد ترامب أن نتنياهو يريد إجبار السوريين على توقيع اتفاق أمنى بشروطه، لكنه فوجئ لاحقا أنه يريد فرض رؤيته على شكل سوريا الجديدة مع نزع سلاح المسافة بين دمشق والأراضى التى احتلها مجددا، فنتنياهو لا يريد اتفاقا فى سوريا ولا فى لبنان، وهو يحاول الآن افشال اتفاق غزة الذى ندم عليه لأسباب داخلية بحتة، فى حين يستعد ترامب للضغط على نتنياهو خلال زيارته المرتقبة إلى واشنطن لتوقيع اتفاق أمنى مع سوريا، وهو عازم على إلزامه به، كما سبق أن ألزمه باتفاق فى غزة، لكنه فى هذا الملف سيكون بحاجة لممارسة أضعاف الجهد الذى بذله من أجل اتفاق غزة، والبديل سيكون حرق ورقة نتنياهو وإلقائه فى أقرب هامش سياسى حتى لا تقوم له قائمة بعد، وهذا بالمناسبة بديل لم يعد مستبعدا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د حسام فاروق يا خبر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
ضغوط بسبب سوريا.. ملفات ساخنة أمام لقاء ترامب ونتنياهو هذا الشهر
قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه تحدث مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاثنين، وذلك بعد وقت قصير من تحذير ترامب لإسرائيل من زعزعة استقرار سوريا .
صرح مكتب نتنياهو بأنهما ناقشا نزع سلاح حركة حماس الفلسطينية ونزع سلاح قطاع غزة.
كما ناقشا إقامة إسرائيل علاقات مع الدول التي لا تعترف بها.
ودعا ترامب نتنياهو أيضا للقاء في البيت الأبيض "في المستقبل القريب"، حسبما قال مكتب رئيس الوزراء، دون تحديد موعد.
وفي وقت سابق من اليوم الاثنين، حذر ترامب إسرائيل من زعزعة استقرار سوريا وقيادتها الجديدة، بعد أيام من عملية دامية نفذتها القوات الإسرائيلية في جنوب البلاد.
قال ترامب في كلمة له على منصة "تروث سوشيال" الخاصة به: "من المهم للغاية أن تحافظ إسرائيل على حوار قوي وحقيقي مع سوريا، وألا يحدث أي شيء من شأنه أن يتعارض مع تطور سوريا إلى دولة مزدهرة".
اتفاق أمني بين إسرائيل وسوريايسعى ترامب إلى التوصل إلى اتفاق أمني بين إسرائيل وسوريا منذ أن أطاحت قوات المعارضة السورية بالرئيس بشار الأسد قبل عام.
لكن التوترات تصاعدت بسبب مئات الغارات الإسرائيلية على سوريا.
وفي أعنفها حتى الآن، قتلت القوات الإسرائيلية 13 شخصًا يوم الجمعة في عملية جنوب سوريا، قائلةً إنها استهدفت جماعة مسلحة.
وقال ترامب إنه "راضٍ للغاية" عن أداء سوريا في عهد الرئيس أحمد الشرع، الذي قام بزيارة تاريخية إلى البيت الأبيض في نوفمبر.
ذكر الرئيس الأمريكي إن الشرع "يعمل بجد لضمان حدوث أمور جيدة، وأن تتمتع سوريا وإسرائيل بعلاقة طويلة ومزدهرة معاً".
وأضاف ترامب أن الولايات المتحدة "تفعل كل ما في وسعها لضمان استمرار حكومة سوريا في القيام بما هو مقصود" لإعادة بناء البلاد التي مزقتها الحرب.
اتصال ترامب ونتنياهو
كما أفادت تقارير أنّ مسألة العفو التي طلبها نتنياهو من الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج طُرحت خلال الاتصال، وأن ترامب يمنحه دعمًا شخصيًا قويًا في هذا الشأن، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت.
وفي المقابل، ينقل مقرّبون من مستشاري ترامب صورة مختلفة تمامًا، ويعبّرون عن استياء عميق من نتنياهو ومحيطه بدعوى أنهم لا ينسجمون مع خطط الإدارة الأمريكية المتعلقة بغزة والشرق الأوسط، إلى حد أنّ البعض في البيت الأبيض يرى أنه ربما حان الوقت لممارسة ضغط أكبر على الحكومة الإسرائيلية.
وتأتي الدعوة في توقيت حساس، وسط توتر في مختلف الجبهات: وقف إطلاق النار في غزة هش، والانتقال إلى المرحلة الثانية من الحرب يواجه عقبات لعدم القدرة على نزع سلاح حماس، فيما يواجه الأمريكيون صعوبات في تشكيل قوة الاستقرار الدولية.
وتشير التقديرات إلى أن ترامب سيحاول خلال لقائه المتوقع مع نتنياهو إقناعه بالسماح بدخول قوات تركية إلى قطاع غزة، ودفعه للموافقة على الانتقال للمرحلة الثانية حتى من دون استعادة جثتي الرهائن، وهو ما تعارضه إسرائيل بشدة.
ملف إيرانكما تضغط واشنطن على إسرائيل للموافقة على دخول السلطة الفلسطينية في جهود إعادة إعمار غزة، ويبرز أيضًا ملف إيران فيما ستحتاج إسرائيل والولايات المتحدة إلى تنسيق المواقف حيال أي تحرك محتمل، في ظل عدم وضوح ما إذا كان ترامب سيمنح إسرائيل الضوء الأخضر.
ومن المتوقع أن يعرض نتنياهو على ترامب معلومات استخبارية حول ما تعتبره إسرائيل تقاعس النظام السوري في مواجهة التنظيمات المسلحة داخل أراضيه.
حزب اللهأما في الملف اللبناني، فيتفق الأمريكيون مع إسرائيل على أن الجيش اللبناني عاجز عن مواجهة حزب الله ونزع سلاحه، وقد وضعت واشنطن مهلة للحكومة اللبنانية، وخلال اللقاء سيبحث ترامب ونتنياهو إمكانية إنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُبرم العام الماضي، أو البحث في خيارات أخرى في حال فشل المسار الدبلوماسي.