المرسوم "قد يساعد معتقلين كثرا لا يزالون يقبعون في سجون النظام تحت وطأة هذه المحاكم الميدانية ينتظرون أحكام إعدامهم" صورة من سجن في حلب شهد اعتدادءات وتعذيب

أنهى الرئيس السوري بشار الأسد العمل بمحاكم الميدان العسكرية التي يؤكد حقوقيون أنها أصدرت أحكام إعدام بحق "الآلاف" خلال النزاع، في خطوة قابلها ناشطون بحذر في انتظار اتضاح مداها.

مختارات كيف لاحقت محاكم ألمانيا متورطين بجرائم حرب في سوريا؟ إدانة أحد رموز التعذيب.. هل تردع جلادي النظام السوري؟

في حكم تاريخي أدانت محكمة كوبلنز الألمانية، ضابطا سابقا في المخابرات السورية، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم قتل. ما أهمية هذا الحكم للضحايا وملاحقة متهمين آخرين؟ هل يردع النظام السوري عن ارتكاب مثل هذه الجرائم؟

ألمانيا: السجن مدى الحياة لضابط سابق في المخابرات السورية

وأعلنت الرئاسة السورية في بيان اليوم الأحد (الثالث من أيلول/ سبتمبر 2023) أن الأسد أصدر مرسوما ينهي العمل بمرسوم صادر في العام 1968 يتضمن "إحداث محاكم الميدان العسكرية".

وأوضحت أن القضايا المرفوعة أمام محاكم الميدان ستحال "بحالتها الحاضرة إلى القضاء العسكري لإجراء الملاحقة فيها وفق أحكام قانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية". وبات المرسوم نافذا من تاريخه.

وواجهت هذه المحاكم انتقادات خصوصا في فترة النزاع الذي بدأ عام 2011. وقالت منظمة العفو الدولية إن هذه المحاكم تعمل "خارج نطاق قواعد وأصول النظام القانوني السوري".

وفي تقرير أصدرته عام 2017، نقلت عن قاضِ سابق فيها قوله "يسأل القاضي عن اسم المحتجز، وعما إذا كان قد ارتكب الجريمة أم لا. وسوف تتم إدانة المحتجز بصرف النظر عن إجابته".

وأضافت "يخضع المحتجزون قبل إعدامهم لإجراءات قضائية صورية لا تستغرق أكثر من دقيقة واحدة أو اثنتين... وتتصف هذه الإجراءات بأنها من الإيجاز والتعسف بحيث يستحيل معهما أن يتم اعتبارها كإجراءات قضائية معتادة". ووصفت الإجراءات بـ"مهزلة... تنتهي بإعدام المحتجزين شنقاً".

وأفاد المحامي السوري غزوان قرنفل بأن محاكم الميدان التي أنشئت بعد حرب حزيران/يونيو 1967، توسّع اختصاصها ليشمل المدنيين في الثمانينات بعد أحداث مدينة حماه (وسط) التي قمعها النظام بالقوة.

وقال لوكالة فرانس برس إنها "لا تتقيد بقواعد الأصول وأحكامها لا تقبل الطعن"، و"لا دور للمحامي" في إجراءاتها. وأشار الى أن "الكثير من المعتقلين خلال سنوات الثورة والصراع المسلح صدرت بحقهم أحكام بالاعدام عن تلك المحاكم ونفذت فور المصادقة عليها".

وتشهدسوريانزاعاً دامياً منذ 2011 تسبّب بمقتل حوالى نصف مليون شخص وألحق دمارا هائلا بالبنى التحتيّة وأدّى إلى تهجير الملايين. وبدأ النزاع باحتجاجات شعبية قمعها النظام، وتشعّب مع انخراط أطراف خارجيين ومسلحين وتنظيمات جهادية.

ولا يزال مصير عشرات الآلاف من المفقودين والمخطوفين والمعتقلين لدى مختلف الأطراف وخصوصاً النظام، مجهولاً.

وقدّر قرنفل بأن يكون "الآلاف أعدموا بأحكام صادرة عن تلك المحاكم".

وقال ناشط لفرانس برس طالبا عدم كشف اسمه إن صدور المرسوم "تأخر كثيرا... بعدما قضى جراء تلك المحاكم آلاف السوريين وربما عشرات الآلاف".

وقال أن الإجراء "مطلب قديم للناشطين"لكن توقيته "ليس واضحا"، داعيا الى "التعامل مع القرار بحذر وانتظار ما قد ينتج عنه قبل الترحيب به خاصة أن النظام لم يعترف يوما بمخالفة هذه المحاكم لحقوق الانسان والمعتقلين".

وأشار الى أن المرسوم "قد يساعد معتقلين كثرا لا يزالون يقبعون في سجون النظام تحت وطأة هذه المحاكم الميدانية ينتظرون أحكام إعدامهم"، متحدثا عن أن بعض العائلات "كانت تدفع آلاف الدولارات لوسطاء ومحامين فقط لإنقاذ المعتقل بإخراجه من محكمة الميدان الى محاكم عسكرية عادية".

وأوضح دياب سرية من "رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا" أنه "اذا تمّت إحالة المعتقل إلى المحاكم العسكرية، سيسمح له بمحامٍ على الأقل".

وأشار الى أن "حوالي 70 بالمئة من المعتقلين في سجن صيدنايا بعد العام 2011، عرضوا على محكمة الميدان العسكري التي حكمت على أغلبهم بالإعدام".

وأمل في أنه "إذا سُمِح بالاطلاع على أرشيف تلك المحاكم... أن يعلم الأهالي مصير أحبائهم المفقودين والمختفين قسرا منذ سنوات".

23 قتيلا في اشتباكات بين قوات النظام وفصائل موالية لتركيا 

وفي سياق مختلف أسفرت اشتباكات الأحد في شمال شرق سوريا بين قوات النظام وفصائل موالية لتركيا عن 23 قتيلاً بعدما حاولت الفصائل المذكورة تنفيذ عملية تسلّل، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن "قُتل 18 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا وخمسة من قوات النظام في اشتباكات اندلعت إثر محاولة تسلل الفصائل الى منطقة تل تمر في ريف الحسكة الغربي"، لافتاً الى إصابة آخرين.

ووقعت الاشتباكات في منطقة تل تمر في شمال غرب محافظة الحسكة التي يسيطر عليها الاكراد، وفق ما أفاد المرصد الذي يعتمد على شبكة واسعة من المصادر داخل سوريا.

وتقع منطقة تل تمر قرب شريط حدودي يقع تحت سيطرة أنقرة والموالين لها.

ومنذ عام 2016 شنت تركيا عمليات عسكرية عدة ضد القوات الكردية في شمال سوريا سمحت لها بالسيطرة على مناطق حدودية.

وسعى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لإقامة "منطقة آمنة" بعمق 30 كيلومترا على طول الحدود.

وإثر التوصل إلى اتفاق بوساطة روسية عام 2019 انتشرت القوات الحكومية السورية على طول أجزاء من المنطقة الحدودية الشمالية مقابل وقف تركيا لهجوم شنته.

ع.أ.ج/ ص ش (أ ف ب)

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: سوريا الحرب في سوريا سوريا الحرب في سوريا محاکم المیدان هذه المحاکم

إقرأ أيضاً:

هيومن رايتس ووتش: هيئة العدالة الانتقالية في سوريا تُفرّغ العدالة من معناها

اعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن تشكيل "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية" في سوريا يمثل فرصة ضائعة لعدالة شاملة تضع الضحايا في مركزها. فبدلاً من أن تؤسس الهيئة لمسار جامع للمساءلة، جاءت محدودة الصلاحيات، تُقصي انتهاكات فاعلين خارج النظام السابق، ولا توفر إطارًا شفافًا لمشاركة الضحايا أنفسهم.

في تقريرها الصادر عقب إعلان المرسوم الرئاسي، شددت المنظمة على أن العدالة الانتقالية ليست مجرد آلية رسمية أو هيكل إداري، بل "مسار تاريخي ومجتمعي يجب أن يُصاغ بمشاركة الناجين والمجتمعات المتضررة، لا أن يُفرض من الأعلى".

وأضافت: "ما لم تضع السلطات السورية الضحايا في قلب العملية، وتُقرّ بانتهاكات كل الأطراف، فستبقى العدالة منقوصة، ومحدودة الأثر، بل وقد تعيد إنتاج التهميش الذي عانى منه السوريون طويلاً".

إقصاء الضحايا من خارج النظام السابق

الانتقاد الأبرز في تقرير هيومن رايتس ووتش أن مرسوم تشكيل الهيئة ركّز فقط على انتهاكات النظام البائد، متجاهلًا ما ارتكبته أطراف أخرى في النزاع السوري، من جماعات مسلحة إلى قوى أجنبية حليفة أو معارضة. وهذا، بحسب المنظمة، ينسف مبدأ العدالة الشاملة الذي كان من المفترض أن يُبنى عليه المسار الانتقالي بعد عقود من القمع والانقسام.

كما حذرت المنظمة من غياب الآليات التشاركية التي تسمح للضحايا والناجين والمجتمع المدني بالمشاركة الحقيقية في وضع أهداف الهيئة وتقييم عملها، معتبرة أن هذا ينزع عنها شرعية التمثيل الأخلاقي والقانوني لمن عانوا من جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة.

مرسوم رئاسي بصياغة سياسية

وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" قد نشرت مرسومًا رئاسيًا موقعًا من الرئيس أحمد الشرع، بتاريخ 17 مايو/أيار 2025، يقضي بتشكيل "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية"، كهيئة مستقلة معنية بـ"كشف الحقيقة، ومحاسبة المسؤولين، وجبر الضرر الواقع على الضحايا".

وصف المرسوم الهيئة بأنها خطوة نحو "المصالحة الوطنية الشاملة"، مؤكدًا تمتعها بـ"الاستقلال المالي والإداري"، وتكليف عبد الباسط عبد اللطيف برئاستها. لكنه لم يأتِ على ذكر الآليات العملية لإشراك الضحايا أو معايير الشفافية والمحاسبة، كما أغفل أي إشارات لانتهاكات من غير النظام السابق.

رغم الصياغة الحقوقية التي تبنّاها المرسوم، إلا أن كثيرين في الأوساط الحقوقية السورية والدولية اعتبروه ردًا تجميليًا لا يرقى إلى تحديات المرحلة الانتقالية، خاصة في ظل تجاهل ملايين السوريين الذين عانوا من الانتهاكات على يد قوى متعددة.

العدالة.. خيار استراتيجي أم أداة سياسية؟

يرى مراقبون أن السياق السياسي الذي أُصدر فيه المرسوم ـ بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024 ـ يشير إلى أن العدالة الانتقالية تُستخدم أداة لإعادة تشكيل المشهد السياسي، أكثر مما هي التزام حقيقي بمحاسبة جميع الجناة.

وكان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قد صرح في مارس بأن سوريا "تمضي قدما لمحاسبة المجرمين"، لكن دون تقديم إطار قانوني واضح لتلك المحاسبة، أو تحديد الجهات المعنية بتحقيقها.


مقالات مشابهة

  • الصحة العالمية تدعم النظام الصحي في سوريا بـ 3 ملايين دولار
  • وثائق إعدام حفيد الأمير «عبد القادر الجزائري» في سوريا.. حقيقة أم إشاعة؟
  • بت اقرب الان لقول المسؤولة الأمريكية التي قالت قبل أشهر ان السودان فاشل في عرض قضيته
  • ما الذي تعنيه عودة نظام سويفت للاقتصاد السوري؟
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة في تغريدة عبر X: تلقى الشعب السوري اليوم قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وإننا نثمن هذه الخطوة التي تعكس توجهاً إيجابياً يصب في مصلحة سوريا وشعبها، الذي يستحق السلام والازدهار، كما نتوجه بال
  • هيومن رايتس ووتش: هيئة العدالة الانتقالية في سوريا تُفرّغ العدالة من معناها
  • وزير الخارجية السوري: رفع العقوبات يعبّر عن إرادة اقليمية ودولية في دعم سوريا  
  • الإعلان الدستوري السوري.. كيف تُبنى العدالة على أنقاض الانتهاكات؟ (3)
  • أكسيوس: فانس يلغي زيارة لإسرائيل بعد توسيع العملية العسكرية بغزة
  • بعد 60 عامًا على إعدام إيلي كوهين.. هل تتسلم إسرائيل رفات أشهر جواسيسها من سوريا؟