اعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن تشكيل "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية" في سوريا يمثل فرصة ضائعة لعدالة شاملة تضع الضحايا في مركزها. فبدلاً من أن تؤسس الهيئة لمسار جامع للمساءلة، جاءت محدودة الصلاحيات، تُقصي انتهاكات فاعلين خارج النظام السابق، ولا توفر إطارًا شفافًا لمشاركة الضحايا أنفسهم.

في تقريرها الصادر عقب إعلان المرسوم الرئاسي، شددت المنظمة على أن العدالة الانتقالية ليست مجرد آلية رسمية أو هيكل إداري، بل "مسار تاريخي ومجتمعي يجب أن يُصاغ بمشاركة الناجين والمجتمعات المتضررة، لا أن يُفرض من الأعلى".



وأضافت: "ما لم تضع السلطات السورية الضحايا في قلب العملية، وتُقرّ بانتهاكات كل الأطراف، فستبقى العدالة منقوصة، ومحدودة الأثر، بل وقد تعيد إنتاج التهميش الذي عانى منه السوريون طويلاً".

إقصاء الضحايا من خارج النظام السابق

الانتقاد الأبرز في تقرير هيومن رايتس ووتش أن مرسوم تشكيل الهيئة ركّز فقط على انتهاكات النظام البائد، متجاهلًا ما ارتكبته أطراف أخرى في النزاع السوري، من جماعات مسلحة إلى قوى أجنبية حليفة أو معارضة. وهذا، بحسب المنظمة، ينسف مبدأ العدالة الشاملة الذي كان من المفترض أن يُبنى عليه المسار الانتقالي بعد عقود من القمع والانقسام.

كما حذرت المنظمة من غياب الآليات التشاركية التي تسمح للضحايا والناجين والمجتمع المدني بالمشاركة الحقيقية في وضع أهداف الهيئة وتقييم عملها، معتبرة أن هذا ينزع عنها شرعية التمثيل الأخلاقي والقانوني لمن عانوا من جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة.

مرسوم رئاسي بصياغة سياسية

وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" قد نشرت مرسومًا رئاسيًا موقعًا من الرئيس أحمد الشرع، بتاريخ 17 مايو/أيار 2025، يقضي بتشكيل "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية"، كهيئة مستقلة معنية بـ"كشف الحقيقة، ومحاسبة المسؤولين، وجبر الضرر الواقع على الضحايا".

وصف المرسوم الهيئة بأنها خطوة نحو "المصالحة الوطنية الشاملة"، مؤكدًا تمتعها بـ"الاستقلال المالي والإداري"، وتكليف عبد الباسط عبد اللطيف برئاستها. لكنه لم يأتِ على ذكر الآليات العملية لإشراك الضحايا أو معايير الشفافية والمحاسبة، كما أغفل أي إشارات لانتهاكات من غير النظام السابق.

رغم الصياغة الحقوقية التي تبنّاها المرسوم، إلا أن كثيرين في الأوساط الحقوقية السورية والدولية اعتبروه ردًا تجميليًا لا يرقى إلى تحديات المرحلة الانتقالية، خاصة في ظل تجاهل ملايين السوريين الذين عانوا من الانتهاكات على يد قوى متعددة.

العدالة.. خيار استراتيجي أم أداة سياسية؟

يرى مراقبون أن السياق السياسي الذي أُصدر فيه المرسوم ـ بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024 ـ يشير إلى أن العدالة الانتقالية تُستخدم أداة لإعادة تشكيل المشهد السياسي، أكثر مما هي التزام حقيقي بمحاسبة جميع الجناة.

وكان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قد صرح في مارس بأن سوريا "تمضي قدما لمحاسبة المجرمين"، لكن دون تقديم إطار قانوني واضح لتلك المحاسبة، أو تحديد الجهات المعنية بتحقيقها.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية الهيئة العدالة السورية سورية هيئة عدالة تحفظات المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

بريطانيا ترحب بتشكيل هيئتي العدالة الانتقالية والمفقودين في سوريا

لندن-سانا

رحبت بريطانيا بتشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية والهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية على منصة (X): “إن هذه الخطوة مهمة تجاه تحقيق العدالة والمصالحة للشعب السوري، ونواصل إعطاء أولوية للجهود في هذا المجال، ونقف على أهبة الاستعداد للتعاون بهذا الصدد”.

 ‏تابعوا أخبار سانا على

مقالات مشابهة

  • هيومن رايتس ووتش: هيئة العدالة الانتقالية في سورية تُفرّغ العدالة من معناها
  • هيئة للعدالة الانتقالية.. هل تمهّد لمسار مصالحة حقيقي بسوريا؟
  • بريطانيا ترحب بتشكيل هيئتي العدالة الانتقالية والمفقودين في سوريا
  • رايتس ووتش: سريلانكيات ينتظرن العدالة بعد 16 عاما من انتهاء الحرب
  • سوريا تشكل هيئة للعدالة الانتقالية لمحاسبة النظام المخلوع على جرائمه
  • سوريا تنشئ هيئتين لـ”العدالة الانتقالية” والكشف عن مصير “المفقودين”
  • الرئيس السوري يشكل هيئة للعدالة الانتقالية
  • سوريا.. مرسوم رئاسي بتشكيل هيئة للعدالة الانتقالية
  • رئاسة الجمهورية: المرسوم الرئاسي رقم (20) القاضي بتشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية