الديمقراطية الأفريقية بالمعايير الفرنسية
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
الديمقراطية الأفريقية بالمعايير الفرنسية
يتساءل عدد من أشقاء الجزائر في تونس: لماذا لم تبادر بطرح وساطة في أزمة تونس الخانقة وتدعو للعودة إلى المسار الدستوري كما في النيجر.
هناك انقلاب ترضاه فرنسا وتدعمه، وانقلاب ترفضه وتندد به. أما الدستور والمؤسسات والانتخابات والشرعية فهي مهمة حيناً وغير ذات بال حيناً آخر.
سبق أن فعلت الجزائر ونجحت عندما جمعت الباجي قايد السبسي وراشد الغنوشي وقرّبت بينهما، وكانت سبباً رئيسياً في التوصل إلى نزع فتيل الأزمة في البلاد.
الوزير الأسبق محمد عبو، أبرز مشجعي انقلاب قيس سعيّد يدعو اليوم إلى إسقاطه حالة تبيّن كم كانت النخبة التونسية قصيرة النظر وتُدفّع اليوم شعبَها ثمن ذلك.
"تونس تؤكد أهمية الاحتكام للقانون واستعادة النظام الدستوري، وتدعو جميع أطراف الغابون إلى ضبط النفس وإعلاء المصلحة الوطنية العليا حفاظاً على أمن واستقرار وسلامة البلد"!
لم تتذكر وزيرة الخارجية الفرنسية أن تونس التي لا تبعد عن النيجر كثيرا شهدت قتل المؤسسات الدستورية وسُجن رئيس البرلمان المنتخب شرعياً ودستورياً واعتُقل سياسيون وإعلاميون.
* * *
لا تتساوى الانقلابات في المعيار الفرنسي، فهناك انقلاب ترضاه وتدعمه، وانقلاب ترفضه وتندد به. أما الدستور والمؤسسات والانتخابات والشرعية فهي مهمة عندها حيناً وغير ذات بال حيناً آخر.
الأسبوع الماضي، اعتبرت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، أن ما حصل في النيجر "إنكار للديمقراطية"، وأكدت أن "باريس ستواصل دعم النظام الدستوري، حتى وإن تردد آخرون".
ورأت كولونا، في تصريح إعلامي، أن "الأحداث الأخيرة في النيجر تؤكد أن المؤسسات الديمقراطية مهمة والانقلابيين سيفشلون"، مشددة على أنه "لا يوجد انقلابيون ديمقراطيون".
نعم هكذا قالت، لا يوجد انقلابيون ديمقراطيون، من دون أن يرفّ لها جفن، أو تتذكر لوهلة صغيرة أن هناك بلداً اسمه تونس لا يبتعد عن النيجر كثيراً، حصل فيه ما يشبه قتل المؤسسات الدستورية، ووُضع رئيس برلمانه المنتخب شرعياً ودستورياً في السجن، ويُعتقل فيه سياسيون وإعلاميون ومدونون.
لكن ليست فرنسا وحدها، فالجزائر، الشقيقة الكبرى كما يسميها التونسيون، لا تلتفت شرقاً إلى جارتها تونس، بينما تطرح مبادرة سياسية لحل الأزمة في النيجر، وتتضمن "استعادة المسار الدستوري" في غضون ستة أشهر، بقيادة شخصية مدنية متوافق عليها.
يتساءل عدد من أشقاء الجزائر في تونس، لماذا لم تبادر بطرح وساطة في الأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد، والعودة إلى المسار الدستوري كما في النيجر، وقد سبق أن فعلت، ونجحت، عندما جمعت الباجي قايد السبسي وراشد الغنوشي وقرّبت بينهما، وكانت سبباً رئيسياً في التوصل إلى نزع فتيل الأزمة في البلاد.
لكن الغرابة لا تقف عند هذه المواقف فقط، فقد ذُهل تونسيون، للمرة الثانية بعد انقلاب النيجر، من بيان وزارة الخارجية التونسية من الانقلاب في الغابون!
فقد ذكر أن "تونس تؤكد أهمية الاحتكام للقانون واستعادة النظام الدستوري، وتدعو جميع الأطراف الغابونية إلى ضبط النفس وإعلاء المصلحة الوطنية العليا حفاظاً على أمن واستقرار وسلامة هذا البلد". نعم تدعو تونس إلى استعادة النظام الدستوري.
وحديث الغرابة لا يتوقف، وكم يحتاج المتابع إلى صبر خرافي لتحمّل كل هذا العذاب. فقد تابع تونسيون، الأسبوع الماضي، حديث الوزير الأسبق محمد عبو، الذي كان أبرز مشجعي الرئيس قيس سعيّد على تفعيل الفصل 80، على مدى أشهر من الزمن، وهو يدعو اليوم إلى إسقاطه. ورغم أن في هذا شجاعة تُحسب لعبّو في محاولة إصلاح خطأ جسيم، فإنّها تبيّن كم أن النخبة التونسية كانت قصيرة النظر، وتُدفّع اليوم شعبَها ثمن ذلك.
*وليد التليلي كاتب صحفي تونسي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الديمقراطية الانقلابات فرنسا الشرعية أفريقيا الجزائر تونس الدستور المؤسسات انقلاب النيجر الانتخابات النظام الدستوری فی النیجر
إقرأ أيضاً:
انطلاق القمة العالمية للمحيطات بمدية نيس الفرنسية
فرنسا – انطلق في مدينة نيس الفرنسية مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات حيث دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى “رص الصفوف وحشد الجهود لمواجهة احترار الأرض وغليان المحيطات”.
واعتبر ماكرون أن “الرد الأول على ذلك يكون متعدد الأطراف”. وأضاف “المناخ كما التنوع البيولوجي ليس مسألة رأي بل مسألة وقائع مثبتة علميا”.
ويتوقع أن تقوم الدول بسلسلة من الالتزامات الجديدة في نيس، حيث ينتظر أن يشارك 63 من قادة الدول والحكومات، الكثير منهم من دول المحيط الهادئ وأمريكا اللاتينية.
وهو ما وصفه إنريك سالا، مدير مشروع “بريتين سيز” في ناشونال جيوغرافيك، بأنه مشاركة “عدد تاريخي من قادة الدول”، داعيا إلى “تحويل الكلام إلى أفعال جريئة وطموحة”.
وفي هذا الإطار بادرت جزر ساموا إلى استحداث تسع محميات بحرية جديدة يحظر فيها صيد الأسماك وتغطي 30% من مياهها الوطنية، على مساحة 36 ألف كيلومتر مربع.
ويتوقع أن تستغل دول أخرى فرصة انعقاد القمة لإعلان استحداث مناطق بحرية محمية جديدة في مياهها الوطنية.
وأعلنت فرنسا، البلد المضيف، على لسان رئيسها السبت الحد من الصيد بشباك الجر في المناطق البحرية المحمية لحماية قاع البحر.
وينتظر أن تعلن الحكومة البريطانية الإثنين نيتها منع الصيد بشباك الجر في 41 منطقة محمية تمتد على 30 ألف كيلومتر مربع.
وينتقد هذا النوع من الصيد بسبب بصمته الكربونية والأضرار التي يلحقها بالموائل البحرية الحساسة مثل الأعشاب البحرية والمرجان وغيرها.
وحدد المجتمع الدولي هدفا يتمثل بحماية 30% من البحار والمحيطات. لكن نسبة 8,36% فقط من المحيطات تحظى بالحماية. واستنادا إلى الوتيرة الراهنة، لن يحقق هذا الهدف قبل 2107 بحسب منظمة غرينبيس المدافعة عن البيئة.
ومن شأن الالتزامات التي ستعلن في نيس أن تسمح بتجاوز الحماية نسبة 10% على المستوى العالمي، على ما أفاد مكتب وزيرة الانتقال البيئي الفرنسية.
ومن الملفات الرئيسية أيضا المصادقة على معاهدة أعالي البحار التي ستتم خلال مراسم خاصة مساء الإثنين.
المصدر: “فرانس برس”