لجريدة عمان:
2025-06-01@08:13:42 GMT

أوروبا تتجه نحو متاعب اقتصادية

تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT

صيف أوروبا هذا العام كان مزيجا غريبا من الأمطار الغزيرة وحرائق الغابات، اقتصاد القارة أيضا ابتُلي بأوضاع متطرفة. فالتضخم ظل محتدما. إذ ارتفعت الأسعار بنسبة 5.3% في شهر أغسطس مقارنة بمستواها قبل عام.

ويزداد قلق المسؤولين من المستقبل الضبابي للنمو. فالهبوط الذي حدث مؤخرا في مؤشر مديري المشتريات يشير إلى أن الكتلة الأوروبية تواجه انكماشا اقتصاديا.

قبل انعقاد الاجتماع القادم للبنك المركزي الأوروبي في 14 سبتمبر الحالي سينتاب واضعي السياسات القلق من احتمال ظهور التضخم الركودي (وهو الوضع الذي يقترن فيه النمو المنخفض برسوخ التضخم).

ومؤخرا جددت كريستيان لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي تعهدها بخفض معدل التضخم وتحديد أسعار الفائدة «عند مستويات تقييدية كافية طالما ظل ذلك ضروريا لتحقيق عودة التضخم في إطار زمني معقول إلى المعدل الذي نستهدفه في الأجل المتوسط وهو 2%،» حسبما ذكرت.

بعبارة واضحة البنك المركزي الأوروبي سيفضل كثيرا هبوطا خشنا ومُؤلِما للاقتصاد على الفشل في خفض ارتفاعات الأسعار. (حسب موسوعة انفستوبيديا الهبوط الخشن تعبير مستعار من عالم الطيران ويُقصَد به إحداث تباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي بعد فترة نمو سريع من خلال تطبيق سياسة نقدية تستهدف كبح التضخم وقد تترتب عنه توترات وأضرار بل ربما يقود حتى إلى انكماش - المترجم).

المشكلة هي أن البنك بتفضيله الهبوط الخشن يخاطر بتحطيم الطائرة (تدمير الاقتصاد). فالتضخم في منطقة اليورو يصعب القضاء عليه كما هي الحال أيضا مع نسخته الأمريكية.

في أوروبا ارتفاع الأسعار أطلقته الزيادات التي شهدتها تكاليف الوقود. أما في الولايات المتحدة فهو مدفوع أكثر بازدياد الطلب على السلع والخدمات. لكن في كل من أوروبا والولايات المتحدة اتبع التضخم المسار نفسه تقريبا مع تأخره زمنيا بقدر طفيف في أوروبا.

في الوقت الحالي السؤال هو: هل سيتراجع التضخم الأساسي الذي يستبعد أسعار الطاقة والوقود «المتقلِّبة»؟ لقد ظل حتى الآن متشبثا بارتفاعه.

هذا يعود في جزء منه إلى أن أوروبا مثلها في ذلك مثل أمريكا تمكنت حتى الآن من تجنب الانكماش. ففي نهاية العام الماضي عندما توقع العديدون تراجعا أوروبيا لم يكن تشديد السياسة النقدية قد أثَّر بعد على الاقتصاد. وقدمت الحكومات الوطنية مساعدات اقتصادية سخية لتحييد صدمة الطاقة. وكشف قطاع الخدمات عن مستوى معقول من النمو فيما ظلت سجلات الطلبات الصناعية مملوءة (بالطلبات) بفضل ازدهار ما بعد جائحة كوفيد-19.

مشاعر الكآبة الآن تنتشر حول القارة. فالاقتصاد العالمي يضعف، وسجلات الطلبات الصناعية بها عدد كبير من الصفحات الفارغة. والدعم الحكومي للعائلات أيضا يقل أو ينفد. ولا تزال أسعار شراء الوقود بالتجزئة أعلى من مستواها قبل أزمة العام الماضي. فالدخول الحقيقية لم تتعاف بعد. والنشاط في قطاع الخدمات شهد انكماشا في أغسطس، بحسب مؤشر مديري المشتريات. فالقطاع في أضعف أوضاعه خلال عامين ونصف العام.

كما بدأت أسعار الفائدة المرتفعة في التأثير على الاقتصاد الأوروبي وذلك على النحو الذي سعى إليه واستهدفه واضعو السياسات (النقدية) بالبنك المركزي الأوروبي. وقطاع الإنشاءات الحساس تقليديا لأسعار الفائدة يعاني من ارتفاعها. ويقود التضييق في الإقراض المصرفي إلى انخفاض بنسبة 0.4% في نمو الناتج المحلي الإجمالي في كل ربع سنة (ثلاثة أشهر)، بحسب بنك جولدمان ساكس.

كما ارتفع معدل الإفلاس بأكثر من 8% في الربع الثاني من العام مقارنة بالربع الأول وبلغ أعلى مستوى له منذ عام 2015. ويتوقع أوليفر راكاو المسؤول بشركة أوكسفورد إيكونوميكس الاستشارية وصول أثر سياسة التشديد النقدي (رفع أسعار الفائدة) إلى ذروته في النصف الثاني من هذا العام.

وهكذا أصبح الهبوط الخشن مؤكدا تقريبا. لكن عودة التضخم إلى معدل 2% الذي يستهدفه البنك المركزي الأوروبي تظل بعيدة بعض الشيء عن التحقق.

هنالك قوتان تدفعان الأسعار في اتجاهين مختلفين. إحداهما الوضع في سوق العمل. فالبطالة لا تزال في انخفاض قياسي. وعلى الرغم من أن الشركات توظف عددا أقل من العاملين ليس هنالك خطر وشيك باستغناء جماعي عن الأيدي العاملة. أحد أسباب ذلك أن رؤساء الشركات يرغبون في التمسك بالعاملين الذين تقل أعدادهم باطراد في أوروبا التي تعاني من شيخوخة سكانها. نتيجة لذلك تشهد الأجور ارتفاعا في أرجاء الكتلة الأوروبية حتى إذا لم تكن كافية للتعويض عن الارتفاع السابق في مستوى التضخم.

القوة الثانية والتي تدفع بالتضخم نحو الهبوط هي ضعف الطلب على السلع والخدمات. في أثناء جائحة كوفيد بدأ ارتفاع الأسعار قبل نمو الأجور. وهذا ما أدى إلى ارتفاع حاد لأرباح الشركات إلى جانب التضخم. وإذا وجدت الشركات الآن أن ذلك الطلب ينحسر من الممكن أن يهبط التضخم في نفس الوقت الذي يظل فيه نمو الأجور مرتفعا مما سيقود إلى انخفاض الأرباح.

واقع الحال أن الأسعار في أسواق الجملة للسلع تهبط بوتيرة متسارعة. وأسعار الواردات تتراجع أيضا. وفي لحظة ما، سيتم تمرير هذه الأسعار المنخفضة إلى المستهلكين.

أي هاتين القوتين ستكون لها الغلبة؟ في الوقت الحاضر يبدو كأنما الإجابة ستكون ضَعفَ الطلب بما أنه زحف أيضا إلى قطاع الخدمات.

هذا يشير إلى أن التضخم في منطقة اليورو ربما يهبط في وقت قريب نسبيا. لكن يظهر أن البنك المركزي الأوروبي غير مقتنع ويبدو على استعداد لرفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 4.5% من 4.25%.

لكن سيكون واضعو السياسة بالبنك أفضل حالا إذا حافظوا على سياساتهم النقدية (معدلات الفائدة) الحالية حتى يتمكنوا من تقييم مخاطر احتمال حدوث انهيار مالي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البنک المرکزی الأوروبی أسعار الفائدة التضخم فی

إقرأ أيضاً:

خلال حفل تسليم جائزة شارلمان: ملك إسبانيا يرفض بشدة الدعوات إلى تفكيك الاتحاد الأوروبي

آخن (ألمانيا) "د ب أ": رفض ملك إسبانيا، فيليبي السادس، بشدة الدعوات إلى تفكيك الاتحاد الأوروبي، محذرا من تصاعد "أصوات خطيرة ومضللة" تدعو إلى العودة إلى سياسات وطنية انعزالية.

وأدلى الملك الإسباني بهذه التصريحات، اليوم، خلال كلمة ألقاها في حفل تسليم جائزة شارلمان في مدينة آخن بألمانيا.

وقال ملك إسبانيا "علينا أن نواجههم! تلك الأصوات الخطيرة والمضللة التي تزعم أن الأوروبيين سيكونون أكثر حرية واستقلالية وسيادة إذا ما سكنوا في مجتمعات سياسية وطنية منفصلة وعملوا بمفردهم لمواجهة التحديات العالمية".

وأضاف الملك "أعتقد بقوة أن البيئة الدولية تدعو إلى المزيد من أوروبا. لقد حان الوقت بالفعل لأجل أوروبا، لا من أجل رؤية عالمية أكثر "تمركزا على أوروبا".

وتعد جائزة شارلمان على نطاق واسع أرفع تكريم يمنح للمساهمات في تعزيز الوحدة الأوروبية.

وأشادت لجنة الجائزة بالفائزة هذا العام، رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، لدورها في "الحفاظ على وحدة أوروبا وصمودها وقدرتها على العمل".

ويقام حفل توزيع الجوائز في مبنى بلدية مدينة آخن العريقة التي تقع على الحدود مع بلجيكا وهولندا، وترتبط بالإمبراطور الأوروبي شارلمان في القرنين الثامن والتاسع.

مقالات مشابهة

  • "بنك قطر الوطني" يتوقع تراجع النمو العالمي وسط تحديات اقتصادية متصاعدة
  • تتجه أنظار عشاق كرة القدم مساء اليوم، السبت، إلى ملعب أليانز أرينا في مدينة ميونخ الألمانية، حيث تُقام المباراة المرتقبة في نهائي دوري أبطال أوروبا
  • وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي: نعزز قوتنا العسكرية بسبب ترامب
  • «دبي للسلة» يكتب التاريخ بالانضمام إلى الدوري الأوروبي
  • البنك المركزي التونسي يبقي على سعر الفائدة الرئيسي عند 7.5%
  • الاقتصاد التركي ينمو أقل من التوقعات
  • الاقتصاد التركي ينمو 2% في الربع الأول
  • تباطؤ نمو الاقتصاد التركي ليسجل 2% في الربع الأول 2025
  • خبير اقتصادي: التضخم انخفض إلى النصف والمواطن لم يشعر بالتحسن حتى الآن
  • خلال حفل تسليم جائزة شارلمان: ملك إسبانيا يرفض بشدة الدعوات إلى تفكيك الاتحاد الأوروبي