لم يكن في حسبان الليبيين أنهم قد يستفيقوا في يوم من الأيام على فاجعة كالتي خلّفتها العاصفة دانيال، التي سهّل مهمتها إرثٌ ثقيل من الإهمال المتعاقب منذ عقود من الزمن للبنية التحتية والمنشآت الحيوية، في عموم مناطق وقرى ليبيا.

خلفت "دانيال" حتى الآن أكثر من 2000 قتيل ونحو 7 آلاف مفقود، فهي لم تجد أي مقاومة تذكر من البنية التحتية المتهالكة أصلا في مناطق الجبل الأخضر شرق ليبيا، وعصفت بكل ما ينبض بالحياة في معظم مناطق مدينة درنة المنكوبة، وصاحبة الضرر الأكبر من العاصفة المتوسطية.

وبالرغم من أن العاصفة المتوسطية مرّت قبل وصولها إلى مناطق الجبل الأخضر بمدينة بنغازي الساحلية وذات الطبيعة المنبسطة، غير أنها لم تخلف أضرارا جسيمة بسبب طبيعة المدينة.


أسباب الكارثة

تعود أسباب ارتفاع أعداد ضحايا العاصفة إلى انهيار السدود المائية بمدينة درنة وطبيعتها الجغرافية المنخفضة، كما أن غياب الاستقرار السياسي أدى إلى إهمال المشروعات التنموية ومشروعات الصيانة في البلاد.

وأرجع عضو المجلس البلدي في درنة، أحمد امدودر في تصريح للجزيرة نت، أسباب ارتفاع أعداد ضحايا الفيضانات التي سببتها "عاصفة دانيال" إلى انهيار سدي المياه بالمدينة، بسبب امتلائهما نتيجة هطول كميات كبيرة من الأمطار.

وتابع امدودر، أن انهيار السدين تسببا في انهيار 4 جسور رئيسة تربط أنحاء المدينة، وجسر آخر في اتجاه ساحل درنة، مضيفا أن السيول جرفت العديد من المباني والعمارات السكنية المأهولة بالسكان، والواقعة ما بين السدين وشاطئ المدينة.

ويشير امدودر في معرض حديثه إلى أن هناك عددا من الأحياء السكنية اختفت بالكامل، وتحتوي على عمارات سكنية يصل عدد الطوابق في بعضها إلى 12 طابقا سكنيا.

وباتت درنة بعد السيول التي اجتاحتها مدينة مقطعة الأوصال، بعد انهيار كل الطرق التي كانت تربط أطراف المدينة المتناثرة، التي أضحت أجزاء معزولة.

الفيضانات اجتاحت مناطق شاسعة أخرى مثل منطقة المخيلي (رويترز) سدود متهالكة

تأسست المدينة على ضفاف وادي درنة الذي يمر بوسط المدينة البالغ طوله نحو 60 كم، وحوض بمساحة 575 كم مربع، وكانت درنة قد شهدت في العصر الحديث نحو 7 فيضانات، كان أولها في 1941، وهو ما دفع الدولة الليبية في ستينيات القرن الماضي إلى إنشاء سد إضافي لحماية المدينة، بعد أن كان بها سد واحد، لتكون مهمة سدي وادي درنة وبو منصور، تعزيز حجز المياه وحماية المدينة من الفيضانات.

طبيعة المدينة الجغرافية ووقوعها في منطقة جبلية منخفضة ضمن منطقة الجبل الأخضر، كانا أحد العوامل الرئيسة لتفاقم الكارثة في المدينة، وفق وزير الموارد المائية بالحكومة الليبية المكلفة من البرلمان شرق ليبيا، محمد دومة.

وأوضح دومة في تصريح للجزيرة نت، أن أغلب المياه التي تسبب فيها إعصار دانيال في مناطق الجبل الأخضر المحاذية لدرنة، تجمعت في المرتفعات الواقعة أعلى المدينة مباشرة، ما أدى إلى امتلاء السدود المائية بالمدينة وانهيارها.

وأكد دومة أن السدود المائية في مدينة درنة قديمة جدا وبحاجة إلى صيانة، وأنها لم تُبن وفق المواصفات والمعايير الحديثة، ما جعلها لا تستطيع الوقوف في وجه مثل هذه الظواهر الطبيعية الغريبة عن المنطقة.

وذكرت وزارة الموارد المائية بحكومة الوحدة الوطنية -عبر حسابها في فيسبوك- أن المياه تدفقت بأضعاف القدرة الاستعيابية للسدود في مدينة درنة، وأن كمية المياه المخزونة بلغت نحو 22 مليون متر مكعب بسد وادي درنة بومنصور، ومليون ونصف متر مكعب بوادي درنة.

 

 

بنية تحتية ضعيفة

وأشار دومة إلى أن الانقسام السياسي الذي تشهده ليبيا طيلة الأعوام السابقة، ووجود حكومتان في البلاد حال دون الالتفات إلى عمليات الصيانة وتأهيل البنى التحتية في جميع مناطق البلاد، منوها إلى أن مدينة درنة كانت تشهد حروبا وحالة من عدم الاستقرار في أغلب السنوات الماضية.

وقال عميد بلدية سوسة خالد ابريك، أن المدينة والمناطق المجاورة لها شهدت انهيارا كاملا للبنية التحتية وعددا من الطرق والجسور بالمدينة، إضافة إلى انقطاع شبكتي الاتصالات والكهرباء بالمنطقة بالكامل.

وأضاف ابريك في تصريح للجزيرة نت، أن الطريق المؤدي لمدخل مدينة سوسة البالغ طوله نحو 18 كيلومترا انهار بالكامل، فضلا عن انهيار 4 جسور رئيسة بالمدينة.

وعزا ابريك عدم قدرة مدن الجبل الأخضر (شرق ليبيا) على مواجهة "عاصفة دانيال" إلى تهالك البنية التحتية التي تشهدها المنطقة منذ عقود من الزمن، وإهمال صيانة المباني والطرقات والجسور من السلطات المتعاقبة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الجبل الأخضر مدینة درنة

إقرأ أيضاً:

شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة

أفاد مراسل قناة “القاهرة الإخبارية ” في خبر عاجل، بسقوط شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.

الأمم المتحدة تطالب بفتح جميع معابر قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانيةالاحتلال يشن سلسلة غارات عنيفة تستهدف جباليا شمال غزةالعاهل الأردني يشدد على ضرورة تكثيف الجهود لوقف الحرب في غزةوزير الخارجية البلجيكي: نتجه لفرض عقوبات على إسرائيل بسبب الوضع في غزة

وفي وقت سابق، قال يوسف أبو كويك، مراسل "القاهرة الإخبارية" من غزة: إن قوات الاحتلال الإسرائيلي وسّعت خلال الساعات الأخيرة من عملياتها البرية، تزامنا مع شن غارات جوية مكثفة وقصف مدفعي استهدف الأحياء الشرقية من مدينة غزة، خاصة حي التفاح والشجاعية، وهي مناطق تخضع لعمليات عسكرية إسرائيلية منذ أكثر من شهر ونصف، وقد تسببت هذه الهجمات في تدمير واسع للمنازل والبنية التحتية، وتغيير واضح في ملامح المكان.

وأضاف، أنه في الجنوب جدد الاحتلال قصفه لمناطق شرقي محافظة خان يونس، بعد إصدار أوامر إخلاء شاملة للبلدات المحيطة، وأسفرت إحدى الغارات عن استشهاد ثلاثة فلسطينيين داخل مطبخ ميداني بحي التفاح، إضافة إلى شهيدين في قصف طال منطقة الصفطاوي شمال غزة، كما استهدفت قوات الاحتلال مناطق في جباليا وبيت لاهيا، ما أدى إلى استشهاد ثلاثة آخرين. 

طباعة شارك غزة قطاع غزة اخبار التوك شو الاحتلال فلسطين

مقالات مشابهة

  • انقطاع المياه عن مدينة أبوتيج فى أسيوط لمدة 6 ساعات
  • الرئيس الشرع: نلتقي اليوم على ثرى حلب الشهباء هذه المدينة التي ما انحنت لريح ولا خضعت لعاصفة بل كانت القلعة وكانت الجدار وكانت الشاهد على الصمود
  • شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة
  • والي الخرطوم: توقعات بانخفاض إصابات الإسهالات المائية بعد تشغيل محطات المياه وانطلاق حملة التطعيم
  • كبسولات في عين العاصفة : رسالة رقم [190]
  • الأرصاد: طقس معتدل في ليبيا واستقرار حتى الجمعة
  • الضابطة المائية تنفذ حملة لإزالة التعديات على شبكة المياه في منطقة البارك الشرقي بدمشق
  • وزير المياه: خطة جادة وصارمة لتحقيق عدالة التوزيع في جميع مناطق المملكة
  • المجلس الأعلى لامازيغ ليبيا ينفي صلته بالمجموعة التي التقت الدبيبة
  • أزمة غير مسبوقة.. احتياطي المياه في العراق عند أدنى مستوياته منذ ثمانية عقود