الخليج الجديد:
2025-06-28@01:28:56 GMT

«بريكس» تتكرس خياراً لـ«التوازن» الدولي

تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT

«بريكس» تتكرس خياراً لـ«التوازن» الدولي

«بريكس» تتكرس خياراً لـ«التوازن» الدولي

رغم أن روسيا تعتبر وجود السعودية والإمارات في المجموعة «يعطي زخماً لمسألة الطاقة»، فإنهما لا تُخضعان إنتاجَهما النفطي لأي صراعات دولية.

إبراز «التخلص من الدولار الأميركي» كهدف وشيك لـ«بريكس» يبدو متسرّعاً، إذ يجب أن يسبقه نجاح التعامل بالعملات الوطنية، وهو ما لا يزال محدوداً.

المهم ألا تتعجّل «بريكس» في تقديم أجندة مناهضة ومتحدّية للغرب، وتحديداً للولايات المتحدة، فالكثير من «أصدقاء بريكس» هم من «أصدقاء الغرب»

وضع دولي مضطرب سلّط الأضواء على بريكس في خضم أزمات اقتصادية وغذائية وطاقوية فرضتها حرب أوكرانيا وأنها كان يمكن (بل كان ينبغي) تجنّبها، لا تركها تشتعل لأي سبب.

مارست الصين دبلوماسية هادئة أعطت وزناً لخيار «بريكس» ويمكن بلورة قيادة عقلانية، مع الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، لأي تغيير متوقع بالنظام الدولي بمعزل عن مخرجات حرب أوكرانيا.

* * *

سيتوقف نجاح مجموعة «بريكس» على تحقيق أهدافها في ما يتعلّق بالاقتصاد العالمي، وفي رعايتها للدول النامية، فهذا ما سيصنع الفارق مع الغرب. أما النفوذ والتأثير السياسيان فسيأتيان تباعاً وليس تلقائياً، لأن المسيرة طويلة.

والأكيد أن لدى «بريكس» قدرات تمكّنها من إحداث تغيير مهم على المستوى العالمي، إذا حافظ عملها على وتيرة طبيعية ومعايير موضوعية، فانضمام بعض الدول إليها مؤخراً عكس حاجةً دولية أكبر إلى أن تُحترم القيمُ الإنسانية الأساسية وتُطبّق على أرض الواقع.

ويُفترض أن تبرهن «بريكس» أنه يمكن أن يُعوَّل عليها في هذا الشأن، طالما أن أقطابها يعلنون التزامهم القانونَ الدولي وينتقدون الانحراف في تطبيقه.

العنصر الآخر للنجاح أن تعمل بهدوء وتأنٍ على «تأسيس نظام اقتصادي عالمي متعدّد الأقطاب»، ومتى ما وُجد وأصبح واقعاً سيكون منافساً نزيهاً يقيم «التوازن» المنشود مع منظومة الغرب، ويبدّد كل هيمنة اقتصادية مالية كانت ولا تزال مقلقة لغالبية بلدان العالم وشعوبها.

لكن المهم ألا تتعجّل «بريكس» في تقديم أجندة مناهضة ومتحدّية للغرب، وتحديداً للولايات المتحدة، فالكثير من «أصدقاء بريكس» هم من «أصدقاء الغرب»، ورغم مآخذهم الكثيرة عليه، فهم غير مندفعين أو مُقبلين على الاختصام معه، سواء لأن بينهم وبينه تاريخاً طويلاً ومصالح باقية ومستمرّة، ما لم تتوفّر بدائل أفضل لتأمينها، أو لأن «الاقتصادات الناشئة» تركّز على نموّها الداخلي وتبحث خصوصاً عمّا يدعّم الاستقرار، وبالتالي فهي معنية بالانفتاح على العالم ولا يعنيها أن تنحاز إلى أي صراعات أو تصطفّ في استقطابات قائمة أو لاحقة.

كانت دول «بريكس» خمساً وستصبح بعد قمة جوهانسبرغ إحدى عشرة، وقد تزيد في قمة موسكو السنة المقبلة إلى عشرين، فضلاً عن أن عشرات أخرى مرشحة للانضمام.

وهنا تجدر الإشارة إلى اعتبارين: أولاً، أن الوضع الدولي المضطرب سلّط الأضواء على هذه المجموعة في خضم أزمات اقتصادية وغذائية وطاقوية فرضتها الحرب في أوكرانيا، ونتج عن ذلك تقويم متنامٍ مفاده أن تلك حرب كان يمكن (بل كان ينبغي) تجنّبها، لا تركها تشتعل لأي سبب. ومع أن معظم الدول رفضها مفضّلاً الحياد بين طرفيها، إلا أنه يتعامل مضطراً مع تداعياتها بأي وسيلة.

وثانياً، أن الصين التي حافظت على دبلوماسية هادئة هي التي أعطت وزناً للخيار الذي تمثّله «بريكس»، ويمكن أن تبلور قيادة عقلانية - بوجود الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا - لأي تغيير متوقع في النظام الدولي، بمعزل عن مخرجات الحرب في أوكرانيا.

لا بدّ أن انضمام السعودية والإمارات ومصر، استناداً إلى ما لديها من «نفوذ إقليمي وعالمي»، يضيف إلى «بريكس» بعداً جيواقتصادياً وآخر جيوسياسياً يحققان توازناً مهماً داخل المجموعة نفسها، ويؤكّدان حرصها على مسار موضوعي مستقبلي. فهذه الدول العربية تتناغم مع بكين في قولها إن «بريكس لا تعادي الغرب ولا تشارك في مواجهة مع أي معسكرات»، وإن توسيع عضوية المجموعة يهدف إلى تعزيز «التضامن والتعاون مع الدول النامية» و«قوة السلام والتنمية في العالم».

ورغم أن روسيا تعتبر وجود السعودية والإمارات في المجموعة «يعطي زخماً لمسألة الطاقة»، فإنهما لا تُخضعان إنتاجَهما النفطي لأي صراعات دولية. أما إبراز «التخلص من الدولار الأميركي» كهدف وشيك لـ«بريكس» فيبدو متسرّعاً، إذ يجب أن يسبقه نجاح التعامل بالعملات الوطنية، وهو ما لا يزال محدوداً.

*عبدالوهاب بدرخان كاتب صحفي لبناني

المصدر | الاتحاد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغرب بريكس الصين الإمارات السعودية روسيا الدولار الأميركي العملات الوطنية التوازن الدولي

إقرأ أيضاً:

دروس وعبر

#دروس_وعبر

د. #هاشم_غرايبه

العاقل يتعظ بما حدث معه، ويستنبط من التجربة التي مر بها العبر والدروس، أما الحكيم فيستفيد من كل ذلك من غير أن تقع معه، بل بالتفكر والتدبر فيما جرى مع الآخرين، حتى لا يقع فيما وقعوا فيه.
أمتنا وطوال القرن الماضي، وهي تعاني من الفشل والتخبط والهزائم، مما يدل على أن قادتها لا يحسنون التعلم مما يوقع بهم، ولا مما يقع على غيرهم، فهم ليسوا بحكماء ولا حتى بعقلاء، أو أنهم يعلمون لكن لا يجرؤون على اتخاذ القرار الحكيم، وذلك عائد إلى أنهم يخشون فقدان المنصب ان تصرفوا بما تقتضيه مصلحة أمتهم، المعاكسة قطعا لمصلحة أعدائها الذين يملكون إبقاءهم في الحكم أو إقصاءهم عنه.
لكن ذلك ليس حجة لقعود الحريصين على مصلحة أمتهم والساعين الى استنهاض همتها، عن مداومة النفخ في القربة المخرومة، فلعل الله يقيض من يرتق شرخها، عندها يحقق النفخ المراد.
في العدوان الأخير الذي شنه الغرب على إيران بواسطة مخلبه القذر (الكيان اللقيط) الذي أقامه في قلب الأمة لمثل ذلك، الكثير من الدروس التي يجب استيعابها من قبل أولي الألباب:
1 – لقد ثبت ان مسمى التحالف الذي تعقده أي من أقطار الأمة مع أمريكا، بعيد كل البعد عن مدلوله، وما هو في حقيقته الا مسمى تجميلي للتبعية والعمالة للغرب، فهولا يعطي لذلك القطر أية ميزة، بل ناقض لاستقلاله، والقواعد العسكرية التي يمنحها ذلك القطر على أرضه للدولة المستعمرة تؤكد ذلك عمليا، فهي لا تستعملها للدفاع عن القطر، بل لحراسة الكيان اللقيط أو للعدوان على بلد شقيق يفترض ان رابط العقيدة والأخوة والقومية أقوى بكثير من العلاقة مع الغرب، كما أنه لو كانت العلاقة هي تحالف حقيقي لوجب وجوب شرط أن لا تستعمل تلك القواعد في الاعتداء على بلد شقيق تربطه مواثيق الدفاع المشترك.
لكننا رأينا القوات الأجنبية في تلك القواعد همها الأول التصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية حماية للكيان اللقيط ، غير آبهة بما يشكله اسقاطها من خطورة على القطر المجودة فيه القاعدة.
2 – على الرغم من انكشاف زيف جميع الذرائع السابقة التي استخدمها الغرب لضرب المسلمين بهدف اعاقة تقدمهم ونهوضهم، بدءا من مساعدتهم في الاستقلال عن الدولة العثمانية، ثم اقامة الكيان اللقيط، ثم تأميم قناة السويس، ثم شن عدوان 67 بهدف اختلال ما بقي من فلسطين، فتنظيم اختراق ثغرة الدفرسوار لتحويل الانتصار بالعبور الى هزيمة لأجل تمرير معاهدة كامب ديفد، ثم توريط صدام في حرب إيران لاستنزاف القطرين، ثم تدبير تفجيرات نيويورك لتبرير احتلال افغانستان، وقصة اسلحة الدمار الشامل للتمهيد لاحتلال العراق، ثم صنع الإرهاب ممثلا بداعش لمحاولة اجتثاث المجاهدين الاسلاميين، ثم تدبير تحالف الأنظمة الرجعية العربية للانقضاض على الثورات العربية، وآخرها ولن تكون الأخيرة كانت قصة السلاح النووي الإيراني، التي هدفت لتدمير القدرات العلمية والتقنية لإعاقة التقدم الإيراني.
على الرغم من انكشاف الزيف في كل ذلك، إلا أن الأنظمة العربية ما زالت تنجر وراء الغرب، وتساعد في تنفيذ مآربه، فهل يعقل أنه ليس من بين تلك الأنظمة رجل رشيد؟.
الأمر لا يتوقف على الأنظمة فقد تكون مغلوبة على أمرها ويسيطر عليها هاجس أن يستبدلها المستعمر إن لم تماشيه في كذبته، لكن ماذا نقول لجيوش العلمانيين العرب الذين يبررون للغرب في كل مرة طمعا بالقضاء على الإسلاميين، الذين يكرهونهم أكثر بكثير من المستعمر المحتل، ويفضلون بقاء الأنظمة العميلة له على أن تقام الدولة الإسلامية.
3- مع كل ما سبق، فهنالك استخلاصات ايجابية لصالح الأمة، فقد كان اصطفاف الغالبية العظمى من ابناء الأمة مع ايران دافعه الأخوّة الاسلامية مترفعين عن الطائفية، ومتجاوزين لممارساتها الاجرامية بحق السنة، مما يدل على الوعي لموجبات العقيدة.
كما أعاد الرد الإيراني القوي على العدوان الحياة للروح النضالية التي افتقدتها الأمة في ظل انظمة (سايكس – بيكو) المتخاذلة، وأحيا الآمال بعودة الكرامة الى الأمة التي حاول المطبعون وأدها.
والأهم أنه ثبت أنه لا يرهب العدو ويحمي الديار غير المبدأ الإلهي “وأعدوا لهم ما استطعتم..”، فلا يفلّ الحديد الا الحديد وليس الاستجداء.
القوة تصنعها الإرادة والعزيمة، وليس بالمساعدات الأمريكية.

مقالات ذات صلة مصطلحات إسلامية: الولاء والبراء 2025/06/23

مقالات مشابهة

  • حينما يجفُّ الحبر.. كتاب يدعو لإعادة تنظيم الحياة وتحقيق التوازن
  • «بريكس» تتجاوز تريليون دولار في تجارتها.. صعود كتلة اقتصادية عالمية جديدة
  • العراق يشارك في الاجتماع الاستشاري الرابع لتنسيق مبادرات السلام والجهود في السودان
  • هل تنتقل اتفاقية التجارة الحرة بين المغرب و تركيا إلى شراكة استراتيجية حقيقية ؟
  • قمة أوروبية في بروكسل تبحث دعم أوكرانيا واتفاق الشراكة مع إسرائيل
  • برج العقرب .. حظك اليوم الخميس 26 يونيو 2025: حافظ على التوازن
  • الشورى يطالب الخطوط السعودية بخفض أسعار التذاكر للمرابطين وذوي الإعاقة
  • دروس وعبر
  • شومان: الهجرة قرار رباني مدروس.. ولم تكن خيارا سهلا
  • بريكس تدعو إلى شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية وتطالب بكسر دائرة العنف