ازدياد الفقر في الولايات المتحدة وسط مرحلة من التضخم التاريخي
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
بلغ عدد الأطفال الذين يعيشون في حالة من الفقر نحو 9 ملايين في 2022 مقارنة بأقل من 4 ملايين في 2021.
أعلن مكتب الإحصاء الثلاثاء أن التضخم تسبب في تراجع الدخل الحقيقي بنسبة 2.3% في الولايات المتحدة في عام 2022 رغم رفع الأجور، فيما ازداد الفقر مع وقف المساعدات الحكومية التي قدمت خلال الجائحة.
وأوضحت ليانا فوكس مسؤولة مكتب الإحصاء خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت "أدى التضخم المرتفع بشكل تاريخي إلى تراجع متوسط دخل الأسرة الحقيقي" الذي بلغ 47.
وظل معدل الفقر الرسمي مستقراً مقارنة بالعام الماضي عند 11.5% أو 37.9 مليون شخص يعيشون بأقل من 14.880 دولاراً سنوياً، أو 29.950 دولاراً لأسرة مكونة من أربعة أفراد.
لكن قياساً آخر يظهر حقيقة مختلفة تماماً.
وهذا القياس الذي نشره أيضاً مكتب الإحصاء الثلاثاء يعدل الدخل الذي يعتبر الشخص دونه فقيراً، مع أخذ في الاعتبار المساعدات الحكومية وتكلفة رعاية الأطفال والنفقات الطبية.
على أسرة مكونة من أربعة أفراد وتستأجر منزلها أن تحصل على دخل سنوي لا يقل عن 34.518 دولاراً لكي لا تعيش في الفقر.
وفقاً لهذا المقياس ارتفع معدل الفقر لأول مرة منذ عام 2010، حيث زاد من 7.8% إلى 12.4% بين عامي 2021 و2022. كما تضاعف معدل الفقر لدى الأطفال حيث ارتفع إلى 12.4% في حين كان 5.2% في عام 2021 في أدنى مستوى تاريخي.
المصادر الإضافية • وكالات
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاهد: صنعاء القديمة تقاوم ويلات الحرب في أفقر دول شبه الجزيرة العربية البابا فرنسيس يحثّ الشباب على مواجهة تحدي أزمة المناخ ومحاربة الفقر موجة الحر في فينيكس الأميركية تبرز الهوة بين الأغنياء والفقراء الولايات المتحدة الأمريكية كوفيد-19 فقر تضخمالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الولايات المتحدة الأمريكية كوفيد 19 فقر تضخم فلاديمير بوتين ضحايا روسيا زلزال المغرب محكمة المغرب الشرق الأوسط جو بايدن ليبيا إيران كارثة طبيعية فلاديمير بوتين ضحايا روسيا زلزال المغرب محكمة المغرب
إقرأ أيضاً:
الولايات المتحدة الأمريكية والمجال الحيوي
تُعد نظرية المجال الحيوي (Lebensraum) من أكثر المفاهيم الجيوسياسية إثارة للجدل، لارتباطها بالممارسات التوسعية لألمانيا النازية. وتعود جذورها إلى فريدريك راتزل الذي رأى الدولة ككائن حي يحتاج لمساحة للنمو. لكن كارل إرنست هاوسهوفر حوّل هذا المفهوم الوصفي إلى أداة سياسية تبرر التوسع والهيمنة والاستحواذ على موارد الشعوب الأضعف لضمان الاكتفاء الذاتي من الموارد.
إن إعادة قراءة هذا المفهوم في سياق السياسة الأمريكية المعاصرة، خاصة مع طموحات إدارة دونالد ترامب، خطوة ضرورية لفهم الدوافع الجيوسياسية الخفية.
أولاً، كشفت مساعي ترامب لضم كندا وجرينلاند وبنما عن عقلية توسعية غير تقليدية. لم يكن الهدف غزواً عسكرياً، بل "شراء" أو استحواذ لتأمين الموارد الاستراتيجية (جرينلاند)، وتعزيز الأمن القومي (قناة بنما)، وتوسيع النفوذ الاقتصادي. هذه الرغبة في "تأمين" أصول جغرافية خارج الحدود التقليدية تحمل في طياتها روح التوسع لضمان المجال الحيوي.
ثانياً، تُعزز أزمة الاقتصاد الأمريكي، التي يبرزها بلوغ الدين العام مستويات غير مسبوقة تلامس 38 تريليون دولار بحلول نهاية عام 2025. في ظل هذه الضغوط المالية وتحديات الحفاظ على الرفاهية الداخلية، تتحول النظرة للخارج كحل محتمل. هذا يتجلى في البحث عن مصادر جديدة للموارد الرخيصة، أو فتح أسواق جديدة، أو تقليل التبعية الاقتصادية لمنافسين.
وهذا يعكس حاجة ضمنية لـ"مجال حيوي اقتصادي" يضمن استمرارية الازدهار ويقلل نقاط الضعف، حتى لو تطلب نفوذاً سياسياً واقتصادياً على حساب الآخرين.
ثالثاً، تتضمن خطط أمريكا الاستراتيجية، في الدفاع والتجارة والتكنولوجيا، عنصراً قوياً للهيمنة العالمية. السيطرة على سلاسل التوريد الحيوية، تأمين مصادر الطاقة، نشر القواعد العسكرية في مناطق استراتيجية، وفرض المعايير التعريفات الجمركية، كلها أشكال معاصرة لتأمين "المجال الحيوي" الذي يتجاوز الحدود الوطنية. الحفاظ على مركزية الدولار وهيمنة الشركات التكنولوجية الأمريكية جزء من هذا "المجال الحيوي" غير الإقليمي.
رابعاً، يؤثر هذا السعي على شكل المستقبل والنظام العالمي. في عالم يتجه نحو التعددية القطبية، قد تسعى القوى العظمى، ومنها الولايات المتحدة، لتعزيز "مجالها الحيوي" عبر كتل اقتصادية أو تحالفات عسكرية، مما يؤدي إلى تزايد التنافس الجيوسياسي وصراعات بالوكالة.
خامساً، تمثل هذه التحركات التمهيد للاستعمار الجديد. فبدلاً من الاحتلال المباشر، يتجسد في السيطرة الاقتصادية والسياسية غير المتكافئة، والتدخل في شؤون الدول السيادية عبر القوة الناعمة والخشنة. عندما تسعى دولة قوية لتأمين موارد أو ممرات استراتيجية عبر صفقات غير متكافئة، فإنها تعيد صياغة مفهوم "المجال الحيوي" في قالب معاصر يحقق أهداف الهيمنة الأساسية.
في الختام، توفر دراسة مفهوم المجال الحيوي في سياق هاوسهوفر عدسة نقدية لتحليل الدوافع التوسعية غير المباشرة. السعي الدائم لأي قوة عظمى لضمان أمنها وازدهارها عبر السيطرة على الموارد والأسواق والمناطق الاستراتيجية يعكس جوهر هذا المفهوم السياسي، حتى وإن اتخذ أشكالاً أكثر تطوراً وتخفياً في القرن الحادي والعشرين. الواجب النقدي يكمن في كشف هذه الدوافع، وفهم تأثيرها على الاستقرار العالمي ومستقبل العلاقات الدولية.