أوضح تحليل أمريكي نشره معهد دول الخليج العربية في واشنطن أن الأطفال المجندين في اليمن لن يختفوا ببساطة بغض النظر عن كيفية أو موعد انتهاء الصراع الحالي في البلد منذ سنوات.

وأشار التحليل إلى أن حمل الأطفال للأسلحة ليس ظاهرة جديدة؛ ولعدة قرون كان الصبية الصغار، ممن تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عامًا، يحملون السلاح لحماية أسرهم أو الدفاع عن الأراضي القبلية؛ لكن ما يحدث في اليمن الآن أمر مختلف تماما وأكثر إثارة للقلق.

 

وأوضح أن الأطفال يتم استهدافهم وتجنيدهم وتدريبهم، ثم تحويلهم في نهاية المطاف إلى جنود، حيث تم إضفاء الطابع المؤسسي على هذه العملية في الوقت الذي يتم فيه تمجيد الجنود الأطفال الذين تنتجهم.

التحليل، الذي أعده الباحث جريجوري د. جونسن، عضو سابق في فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن، ويشغل حاليًا منصب المدير المساعد لمعهد الصراع المستقبلي في أكاديمية القوات الجوية الأمريكية.. أوضح، أنه وبغض النظر عن كيفية أو موعد انتهاء الصراع الحالي، فإن الجنود الأطفال لن يختفوا ببساطة، وأن هذه مشكلة ستؤثر على اليمن وجيرانه لعقود قادمة، كون هؤلاء الجنود الأطفال هم بذور حروب اليمن المستقبلية.

تشير معظم التقارير -بما في ذلك تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول "الأطفال والنزاع المسلح"، وتقارير فريق الخبراء المعني باليمن التابع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتقارير فريق الأمم المتحدة المنحل الآن المكون من خبراء دوليين وإقليميين بارزين- تشير إلى أن الحوثيين مسؤولون عن أكثر من ثلثي الأطفال الجنود في اليمن. ويرجع ذلك جزئيًا إلى التاريخ الحديث، وجزئيًا، قد يجادل الحوثيون بأن هذا مدفوع بالضرورة العسكرية، لكنه كله متعمد.

وفي الثمانينيات، أنشأت الجماعة، التي أصبحت تعرف باسم الحوثيين، مخيمات صيفية في المرتفعات الشمالية في صعدة. ظاهرياً، كان الغرض من هذه المعسكرات هو تثقيف الجيل القادم حول أساسيات الزيدية، الطائفة الشيعية السائدة في شمال اليمن. ففي نهاية المطاف، حكم الأئمة الزيديون شمال اليمن طوال معظم الألفية الماضية إلى أن تمت الإطاحة بهم في عام 1962. لكن العقيدة الزيدية كانت تشتمل دائمًا على عنصر عسكري، والزيديون الذين شكلوا هذه المعسكرات الصيفية الأولى، بما في ذلك أفراد من عائلة الحوثي نفسها، أنشأت التدريب العسكري أيضًا.

وأوضح تحليل معهد دول الخليج العربية في واشنطن أن خريجي تلك المعسكرات الصيفية شكلوا نواة الحركة الحوثية في الفترة من 2004 إلى 2010، عندما قاتلت الجماعة حكومة الرئيس آنذاك علي عبد الله صالح، لافتا إلى أنه وطوال النزاع الحالي الذي بدأ في عام 2014، دفع الحوثيون الأطفال باستمرار إلى الخطوط الأمامية، لا سيما في الحديدة وما حولها في عامي 2018 و2019 وفي مأرب في عامي 2020 و2021، كوسيلة لتعويض نقص القوات. كما قام الحوثيون بتجنيد واستخدام الفتيات الصغيرات لزرع الألغام الأرضية وكطاهيات وجواسيس.

ولفت الباحث إلى أن الحوثيين يستخدمون نهج الدفع والجذب لتجنيد الأطفال، وبهذه العملية يعيدون تشكيل المجتمع اليمني، موضحا أن الحوثيين يستغلون الفقر الذي يعد الدافع الأكبر لتجنيد الأطفال في اليمن إلى جانب الاقتصاد السيئ في البلاد. كما أن الحوثيين استغلوا تفاقم معاناة العديد من الأسر وانعدام الأمن الغذائي، من خلال تقديم الوعد بتقديم سلال غذائية للعائلات التي تساهم بجنود، بما في ذلك الأطفال، لافتاً إلى أن الحوثيين استخدموا المساعدات الإنسانية كسلاح.

وبحسب التحليل الأميركي، فإن الفرص التعليمية في اليمن تبخرت وتم تحويل المعلمين الذين لا يحصل الكثير منهم على رواتبهم لعدة أشهر، للانضمام إلى جماعات الميليشيات. وفي حالات أخرى، لم يتم إعادة بناء المدارس التي تعرضت للقصف، مما زاد الطين بلة.

وأشار التحاليل إلى أنه ووفقاً لمقابلات مع أشخاص على الأرض، بدأ الحوثيون في فرض ما يرقى إلى ضريبة على الأطفال الملتحقين بالمدارس الحكومية. المبلغ المضاف حوالي 1000 ريال يمني شهرياً، وهذا أثنى بعض الأسر عن إرسال أطفالها إلى المدرسة، موضحا أن مجندي الحوثيين يقومون بالهمس في آذان الآباء بدلاً من دفع الرسوم المدرسية، يمكن أن تتلقى العائلات في حال انضم أطفالهم للقتال فقط.

وفي أبريل/نيسان 2022، وبالتزامن مع الهدنة الوطنية، وقع الحوثيون اتفاقا مع الأمم المتحدة ألزمت الجماعة بالتوقف عن تجنيد الأطفال. ولكن على الرغم من هذا الاتفاق، وجد فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن أن الحوثيين "يواصلون التلقين والتجنيد، وفي بعض الحالات، التدريب العسكري للأطفال في المعسكرات الصيفية". وفي الواقع، زاد الحوثيون من جهودهم لتجنيد الأطفال وتدريبهم.

وبحسب الباحث د. جونسن، فإن الكتب المدرسية الحوثية تحتوي الآن على أقسام عن "الشهداء" الأطفال الذين قاتلوا وماتوا في الحرب الحالية. غالبًا ما تحمل شوارع صنعاء ومدن أخرى في الشمال ملصقات لجنود أطفال تُلصق على جدران المتاجر. الزامل، الشعر الشعبي المنشَد الذي غالباً ما يُعرض على الإذاعة التي يسيطر عليها الحوثيون، يعظم ويمجد الأطفال الذين "ضحوا" بأنفسهم للدفاع عن اليمن.

وأكد تحليل معهد دول الخليج العربية في واشنطن، أن الأولاد والبنات في اليمن اليوم تم التلاعب بهم ودفعهم لحمل السلاح؛ وأن هؤلاء هم نفسهم الشبان والشابات الذين سيخوضون حروب اليمن القادمة.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: الأمم المتحدة أن الحوثیین فی الیمن إلى أن

إقرأ أيضاً:

الرئيس العليمي يطلب من روسيا تزويد اليمن بمنظومة دفاع جوي ويكشف: الحوثيون هددوا بقصف مطاراتنا (شاهد المقابلة كاملة)

طالب الرئيس اليمني رشاد العليمي، من روسيا، تزويد بلاده بمنظومات دفاع جوي، معربا عن تطلعه بأن تلعب موسكو في مجلس الأمن دورا لرفع اليمن من تحت البند السابع الذي يحول دون وصول مثل هذه المنظومة الى اليمن.

وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، إن اليمن بحاجة ماسة إلى منظومات دفاع جوي لحماية المطارات والبنية التحتية المدنية من هجمات جماعة الحوثي المستمرة، غير أن القيود الدولية المفروضة على البلاد بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، تعيق تزوّد الحكومة بهذه الأنظمة.

وفي مقابلة مع قناة "روسيا اليوم" خلال زيارته التي أجراها إلى روسيا، عبّر العليمي عن أمله في أن تلعب موسكو دوراً إيجابياً في هذا الإطار، قائلاً: "نحتاج إلى الدفاع الجوي، روسيا لديها من الأنظمة ما يمكن أن يساعدنا، لكننا تحت الفصل السابع، وهذا يُعقد الأمور"، مضيفاً أن "أي دعم لليمن يجب أن يأخذ في الاعتبار هذه القيود القانونية والدولية".

واستبعد العليمي، وفقا لخبر المقابلة المنشور على موقع القناة، الادعاءات التي تروّج حول وجود دعم روسي للحوثيين، مؤكداً أن "روسيا، بتاريخها ومواقفها، لا يمكن أن تقف مع جماعة عنصرية وثيوقراطية مثل الحوثيين".

وأضاف: "روسيا وقفت مع الجمهورية اليمنية في الستينيات ضد ذات الجماعة التي تدّعي اليوم أحقيتها بالحكم بموجب النسب والسلالة، ولن تكون اليوم في صفهم وهم يحملون ذات الفكر السلالي، الذي يتناقض جذرياً مع قيم روسيا التاريخية في مناهضة النازية والعنصرية".

وشدد العليمي على أن موسكو دعمت القرارات الدولية المتعلقة باليمن، وخصوصاً القرار 2216، وأن مواقفها في مجلس الأمن أثبتت أنها تتعامل وفق مصالحها الاستراتيجية بعيداً عن الاصطفافات الطائفية، مشيراً إلى أن "موسكو حريصة على علاقتها مع دول الخليج، وتفهم جيداً أن الحوثيين يشكلون ذراعاً عسكرية لمشروع إيراني توسعي في المنطقة".

وفي سياق حديثه عن عرقلة الحوثيين للعمليات الإنسانية والمدنية، كشف العليمي تفاصيل لافتة تتعلق بأزمة وقعت خلال موسم الحج العام الماضي، حين حاولت الحكومة الشرعية إعادة حجاج يمنيين من جدة إلى صنعاء، عبر طائرات خاصة تم استئجارها خصيصاً لهذا الغرض.

وقال إن الحكومة أرسلت ثلاث طائرات إلى مطار صنعاء، لكن الحوثيين احتجزوها هناك، رغم تحذيرات من خطر استهداف إسرائيلي متوقع.

وأوضح: "قلنا لهم دعونا نُخرج الطائرات إلى عدن أو حضرموت أو حتى إلى سلطنة عمان، فقط حفاظاً على سلامة الأرواح والممتلكات، لكنهم رفضوا، فجاءت الضربات الإسرائيلية وأحرقت الطائرات الثلاث في أرض المطار"، مضيفاً أن طائرة رابعة أُرسلت بعد أيام، وتم تدميرها لاحقاً بنفس الطريقة بسبب الإصرار الحوثي على تعطيل أي نشاط لا يخضع لسيطرتهم الكاملة.

ورداً على سؤال حول فرص السلام مع الحوثيين، قال العليمي إن مجلس القيادة الرئاسي وتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات لا يزالان متمسكين بخيار الحل السياسي، غير أن كل المحاولات – بما في ذلك خارطة الطريق التي ترعاها الرياض – اصطدمت بجدار رفض حوثي صلب، نتيجة "عقيدة الجماعة الرافضة لفكرة الدولة والمواطنة".

وتابع: "الحوثيون لا يؤمنون بالشراكة، ولا يعترفون بالسلام. هم جماعة ترى نفسها مصطفاة من الله لحكم اليمن، وبالتالي لا يمكن أن تقبل بانتخابات أو شراكة سياسية أو تداول سلمي للسلطة"، مشدداً على أن هذا الفكر "السلالي الطائفي لا يمكن أن يقبل به اليمنيون الذين ثاروا من أجل دولة جمهورية ومواطنة متساوية".

وتطرق العليمي إلى تصاعد الأنشطة الحوثية في البحر الأحمر، قائلاً إن الجماعة تستغل شعار دعم غزة من أجل تمرير أجندتها التوسعية المرتبطة بطهران، مضيفاً: "هم يدّعون أنهم يقصفون إسرائيل، لكن صواريخهم تنفجر في الجو ولا تصل أصلاً، بينما تسببوا في تدمير الموانئ والمطارات والمصانع في اليمن بحجة الدفاع عن القضية الفلسطينية".

وشدد على أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وضد السفن التجارية أثارت قلقاً دولياً واسعاً، وأعادت الجماعة إلى واجهة الاهتمام الأمني العالمي باعتبارها تهديداً للملاحة الدولية.

وفي ما يتعلق بالأداء الداخلي لمجلس القيادة الرئاسي، قال العليمي إن المجلس يعكس تركيبة متوازنة تمثل مختلف الأطياف والمناطق اليمنية من صعدة حتى المهرة، مؤكداً أن الخلافات داخله طبيعية وتُحسم وفق آليات محددة، منها اللجوء إلى صوت الرئيس المرجّح في حال تعادل الأصوات.

وأضاف: "انتقلنا من صراعات داخل الشرعية إلى إطار تمثيلي جامع يتيح العمل المنظم"، مشيراً إلى أن مجلس القيادة يمثل مرحلة انتقالية هدفها نقل البلاد نحو حوار شامل لتحديد شكل الدولة الجديدة، سواء كان اتحادياً أو غير ذلك، بما يتوافق عليه اليمنيون لاحقاً.

وفي سياق الحديث عن القضية الجنوبية، شدد العليمي على أن الدولة اليمنية لا تؤمن بفرض الوحدة بالقوة، ولا بقبول الانفصال بالعنف: "نحن مع حوار وطني شامل يشارك فيه كل اليمنيين بعد استعادة الدولة، يقررون فيه مستقبلهم. لا يمكن فرض الوحدة بالقوة، ولا نقبل بالانفصال بالقوة".

وفي ما يتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة، قال العليمي إن واشنطن دعمت الشرعية اليمنية، لكنه أبدى خيبة أمل من ما وصفه بـ"المد والجزر" في الموقف الأميركي، خاصة خلال فترات سابقة حين تم الضغط على الحكومة للانسحاب من مشارف الحديدة بموجب اتفاق ستوكهولم، ما منح الحوثيين فرصة لإعادة التموضع وتوسيع نفوذهم.

كما انتقد قرار إدارة بايدن المبكر برفع الحوثيين من قائمة الإرهاب، قائلاً إن الجماعة استغلت ذلك لتكثيف هجماتها، قبل أن تضطر الإدارة الأميركية لاحقاً لإعادة تصنيفهم بعد استهدافهم للسفن في البحر الأحمر. وأردف: "الحوثيون لا يفهمون إلا لغة القوة. حين ضربت الولايات المتحدة بعض مخازنهم وقياداتهم توقفوا عن الهجمات فوراً".

واختتم العليمي المقابلة بالتأكيد على أن معركة اليمنيين ليست فقط عسكرية، بل أيضاً سياسية واقتصادية وثقافية، ضد مشروع طائفي توسعي تدعمه إيران عبر جماعة الحوثي.

وقال: "نحن نمثل كل اليمن، من صعدة إلى المهرة، وهم يمثلون أنفسهم، وسنستعيد دولتنا، سلماً أو حرباً، ولن نقبل بالعيش تحت حكم جماعة ترى نفسها فوق الشعب".

وأكد أن المجلس الرئاسي ليس نهاية المطاف، بل محطة مؤقتة نحو عملية سياسية أوسع يشارك فيها جميع اليمنيين لتحديد مستقبلهم ونظامهم السياسي، مشدداً: "نحن مع الدولة، مع الجمهورية، مع المواطنة المتساوية، وهم مع السلالة والولاية والغلبة. ولهذا لا يمكن أن نلتقي".

  

مقالات مشابهة

  • الحوثيون يهددون بالرد على دول في المنطقة في حال تورطها مع إسرائيل بإستهداف اليمن
  • موقع أمريكي: إسرائيل تشعر بتداعيات وقف إطلاق النار الذي أعلنه ترامب مع الحوثيين (ترجمة خاصة)
  • رئيس هيئة الأركان: أمن اليمن والمنطقة مرهون بهزيمة الحوثيين وقطع التدخلات الإيرانية
  • مسؤول أمريكي: لا نهاية لهجمات الحوثيين على إسرائيل وواشنطن توقف المواجهة
  • بين التأييد والنقد.. تصريحات العليمي عن الحوثيين وطائرات اليمنية تُثير الجدل في اليمن
  • تصاعد التضامن ’’العالمي’’ مع غزة تنديداً بجرائم الإبادة الصهيونية بحق الأطفال والنساء .. اليمن نموذجًا للموقف المشرّف
  • الرئيس العليمي يطلب من روسيا تزويد اليمن بمنظومة دفاع جوي ويكشف: الحوثيون هددوا بقصف مطاراتنا (شاهد المقابلة كاملة)
  • الحوثيون: إسرائيل دمرت 8 طائرات مدنية منذ بدء عدوانها على اليمن
  • العليمي: اليمن عازم اليوم أكثر من أي وقت مضى لإسقاط مشروع الحوثيين
  • مجلة أمريكية: إسرائيل لا تمتلك ورقة رابحة ضد الحوثيين سوى قصف ما تبقى من بنية تحتية في اليمن (ترجمة خاصة)