فك لغز الضوء الساطع الذي سبق زلزال المغرب وتكرر بزلازل أخرى.. ماذا يقول العلماء؟
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
(CNN)-- تعود التقارير عن "أضواء الزلازل"، مثل تلك التي شوهدت في مقاطع الفيديو التي تم التقاطها قبل الزلزال الذي ضرب المغرب يوم الجمعة بقوة 6.8 درجة، إلى قرون مضت تعود إلى اليونان القديمة.
وقال جون دير، عالم الجيوفيزياء المتقاعد الذي كان يعمل في هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، إن هذه الانفجارات من الضوء الساطع المتراقص بألوان مختلفة حيرت العلماء لفترة طويلة، ولا يوجد حتى الآن إجماع حول أسبابها، لكنها "حقيقية بالتأكيد"، لافتا إلى أن الفيديو الأخير من المغرب الذي تمت مشاركته عبر الإنترنت يشبه أضواء الزلزال التي التقطتها الكاميرات الأمنية خلال زلزال عام 2007 في بيسكو، بالبيرو.
يمكن أن تتخذ أضواء الزلازل عدة أشكال مختلفة، وفقًا لما ورد عن الظاهرة بكتاب شارك في تأليفه دير ونُشر في طبعة 2019 من موسوعة جيوفيزياء الأرض الصلبة، وورد فيه أنه وفي بعض الأحيان، قد تبدو الأضواء مشابهة للبرق العادي، أو قد تكون مثل شريط مضيء في الغلاف الجوي يشبه الشفق القطبي، وفي أحيان أخرى تشبه الكرات المتوهجة العائمة في الجو. وقد تبدو أيضًا مثل ألسنة اللهب الصغيرة التي تومض أو تزحف على طول الأرض أو بالقرب منها، أو مثل ألسنة اللهب الأكبر الخارجة من الأرض.
ولفهم أضواء الزلازل بشكل أفضل، قام دير وزملاؤه بجمع معلومات عن 65 زلزالًا أمريكيًا وأوروبيًا مرتبطًا بتقارير جديرة بالثقة عن أضواء الزلازل التي يعود تاريخها إلى عام 1600. وقد شاركوا عملهم في ورقة بحثية عام 2014 نُشرت في مجلة Seismological Research Letters.
ووجد الباحثون أن حوالي 80% من هذه الحالات التي تمت دراستها بعد ملاحظتها في الزلازل التي تزيد قوتها عن 5.05 درجات في معظم الحالات، لوحظ أن هذه الظاهرة تحدث قبل وقت قصير من وقوع الزلزال أو أثناءه، وكانت مرئية على بعد 600 كيلومتر (372.8 ميل) من مركز الزلزال.
ومن المرجح أن تحدث الزلازل، وخاصة القوية منها، على طول أو بالقرب من المناطق التي تلتقي فيها الصفائح التكتونية. ومع ذلك، وجدت دراسة عام 2014 أن الغالبية العظمى من الزلازل المرتبطة بالظواهر المضيئة حدثت داخل الصفائح التكتونية، وليس عند حدودها.
علاوة على ذلك، كان من المرجح أن تحدث أضواء الزلازل في الوديان المتصدعة أو بالقرب منها، وهي الأماكن التي تمزقت فيها قشرة الأرض - في مرحلة ما في الماضي - مما أدى إلى إنشاء منطقة منخفضة طويلة تقع بين كتلتين أعلى من الأرض.
الأسباب المحتملة للضوء الساطع قبل الزلزال:توصل فريدمان فرويند، المتعاون مع دير والأستاذ المساعد في جامعة سان خوسيه والباحث السابق في مركز أبحاث أميس التابع لناسا، إلى نظرية واحدة لأضواء الزلازل، حيث أوضح أنه عندما تتعرض عيوب أو شوائب معينة في بلورات الصخور لضغط ميكانيكي - كما هو الحال أثناء تراكم الضغوط التكتونية قبل أو أثناء وقوع زلزال كبير - فإنها تتفكك على الفور وتولد الكهرباء.
وتابع أن الصخور هي مادة عازلة، وعندما تتعرض للضغط الميكانيكي، تصبح شبه موصلة، وأن الأمر "مثل تشغيل البطارية، وتوليد شحنات كهربائية يمكن أن تتدفق من الصخور المجهدة إلى الصخور غير المجهدة وعبرها"، لافتا في مقال نشر عام 2014 في The Conversation أن الشحنات تنتقل بسرعة تصل إلى حوالي 200 متر في الثانية.
وتشمل النظريات الأخرى حول أسباب أضواء الزلازل، الكهرباء الساكنة الناتجة عن تكسر الصخور وانبعاث غاز الرادون، وفي الوقت الحاضر لا يوجد إجماع بين علماء الزلازل على الآلية التي تسبب أضواء الزلزال، وما زال العلماء يحاولون فك ألغاز هذه الظواهر.
وقال خوان أنطونيو ليرا كاتشو، أستاذ الفيزياء في جامعة ناسيونال مايور دي سان ماركوس في بيرو والجامعة البابوية الكاثوليكية في بيرو، الذي درس هذه الظاهرة، إن فيديو الهاتف الخليوي والاستخدام الواسع النطاق للكاميرات الأمنية جعل دراسة أضواء الزلازل أسهل، قائلا: "قبل أربعين عاماً، كان الأمر مستحيلاً.. لو رأيته لن يصدق أحد ما رأيته".
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: زلازل ظواهر طبيعية زلزال ا
إقرأ أيضاً:
فيديو يثير جدلا علميا.. كوكب الأرض يمتلك قلبا ينبض
أعاد مقطع فيديو جديد نشره مشروع "Heritage Matters" إشعال النقاش العلمي والجماهيري حول ما إذا كانت الأرض "تنــبض" فعلا.
الفيديو الذي تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم، يمزج بين بيانات أقمار صناعية حقيقية توثق التمثيل الضوئي على مستوى الكوكب، وأصوات طبيعية مثل هبوب الرياح، إضافة إلى إيقاع منتظم يشبه نبض قلب بطيء وثابت.
فهل للأرض قلب ونبض..؟
رغم أن هذا الفيديو يمزج بين الواقع والخيال، إلا أن هناك بالفعل ظواهر طبيعية حقيقية تضفي بعض المصداقية على فكرة امتلاك كوكب الأرض لقلب ينبض.
ومن أبرز هذه الظواهر "رنين شومان"، وهي موجات كهرومغناطيسية ناتجة عن العواصف الرعدية، تدور باستمرار حول الغلاف الجوي للأرض. تتكرر هذه الترددات بشكل منتظم، ما ينتج عنه اهتزازات إيقاعية يمكن قياسها.
وهناك ظاهرة أخرى، تعرف باسم "النبضات الزلزالية الدقيقة"، وهي اهتزازات غير مفسرة تجّلت كل 26 ثانية تقريب.
يقول العماء إن هذا "النبض" يشبه الزلازل الصغيرة، تبين أن للأرض ما يشبه "نبض القلب"، لكنهم لم يتمكنوا حتى الآن من معرفة السبب وراء حدوثه.
هذا "النبض" يحدث تقريبًا كل 26 ثانية، وهو أبطأ بكثير من نبض قلب الإنسان، الذي يمكن أن يصل إلى 100 نبضة في الدقيقة.
وقد تم تسجيل هذه الظاهرة لأول مرة في أوائل ستينيات القرن الماضي على يد الجيولوجي جاك أوليفر، الذي رجّح أن هذه "الزلازل الصغيرة" قد يكون مصدرها منطقة ما في المحيط الأطلسي الجنوبي أو الاستوائي.
لكن في تلك الحقبة، لم تكن تتوفر التقنيات المتطورة التي تتوفر اليوم، ولهذا لم يكن أوليفر قادرا على دراسة هذه النبضات بشكل دقيق.
وفي وقت لاحق، أعاد عالم الزلازل مايك ريتزولر من جامعة كولورادو بالولايات المتحدة، وفريقه، اكتشاف هذه النبضات بعد مرور عقود على رصدها لأول مرة.
وفي تصريح لمجلة Discover، قال ريتزولر عن أوليفر: "لم يكن لدى جاك في عام 1962 الإمكانات التي كانت لدينا في عام 2005، ولم يكن يملك أجهزة قياس الزلازل الرقمية، بل كان يعتمد على تسجيلات ورقية".
ومنذ ذلك الحين، حاول علماء الزلازل أمثال ريتزولر فهم مصدر هذه النبضات، التي تُعرف أيضا بالزلازل الدقيقة، وأسباب حدوثها. ومن بين هؤلاء العلماء، غاريت أولر، الذي تحدث في مؤتمر لجمعية الزلازل الأمريكية سنة 2013، موضحا أنه استطاع تحديد المصدر المحتمل لهذه النبضات بشكل أدق، وهو جزء من خليج غينيا يُعرف بـ"خليج بوني".
أما عن سبب حدوث هذه الظاهرة، فيرى أولر أنها مرتبطة بحركة أمواج المحيط. وحسب تفسيره، عندما تمر الأمواج عبر المحيط، فإن فرق الضغط في المياه قد لا يؤثر كثيرا على قاع البحر، لكن عندما تصطدم بمنحدر القارة، حيث تكون اليابسة أقرب إلى السطح، فإن ذلك يؤدي إلى ضغط يُشوه قاع البحر، مولدا بذلك نبضات زلزالية تعكس حركة الأمواج.
لكن في ورقة علمية نشرت لاحقا في نفس العام، اقترح الباحث يينغجي شيا من معهد الجيوديسيا والجيوفيزياء في ووهان، الصين، أن السبب ليس الأمواج، بل البراكين.
وأوضح أن مصدر النبض قريب بشكل ملحوظ من بركان موجود في جزيرة ساو تومي الواقعة في خليج بوني. مضيفا أن هناك منطقة أخرى يشكل فيها بركان مصدرا لزلازل دقيقة مشابهة، وهي بركان آسو في اليابان.
ورغم هذه الفرضيات، لا تزال الظاهرة لغزا غير محلول، ويُرجع بعض العلماء ذلك إلى أن هذه القضية ليست من ضمن أولويات علم الزلازل في الوقت الحالي، رغم اهتمام بعض الباحثين بفهمها.
وفي هذا السياق، قال العالم دوغ وينز لمجلة Discover: "هناك مواضيع محددة نركز عليها في علم الزلازل. نحن نسعى إلى فهم البنية الداخلية للقارات، وأشياء من هذا القبيل. أما هذا النوع من الظواهر، فهو خارج نطاق ما ندرسه عادة، لأنه لا يرتبط بفهم البنية العميقة للأرض". وعليه، يرى ريتزولر أن حل هذا اللغز قد يكون من مهام الأجيال القادمة من العلماء.