عربي21:
2025-05-28@07:44:22 GMT

الطّريق إلى الحادي عشر من سبتمبر: الجزيرة.. سرّي للغاية

تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT

في الذّكرى 22 لأحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، ما زال العالم يقول.. يجترّ القديم ويأتي بالجديد على قلّته وعلّته، ما زالت حركة الكتابة كما حركة التأليف تنشط في هذه المناسبة، كثيرها للاستثمار وقليلها للتوثيق، وأقلّ من ذلك بكثير بحوث خالصة لوجه الأمانة العلميّة أو المعلوماتيّة.

لن نجتذب الحدث من عمق عقدين فأكثر ونخضعه إلى مشارط التقييم وإعادة إنتاج الآراء حوله، بل سنتنحّى عن قلب الحدث السبتمّبري ثمّ نطوف حول حيثيّاته.

وإذا ما فكّرنا من داخل اهتمامات الشّارع العربي وتعاطيه مع الحدث الرهيب، فلن نفكّر بمعزل عن قناة الجزيرة، تلك التي كانت خمرة شعوب الضادّ وثريدهم وزلالهم في محيط من العطش وبرك من الإعلام المحنّط.

أثناء أحداث أيلول/ سبتمبر وبعد نصف عقد من انبثاقها، كانت الجزيرة زينة البيت العربي والملاذ الوحيد للبحث عن معلومة نزيهة قويّة وجريئة، حينها كان الشّارع العربي يستعذب تغطية الجزيرة لنزاع في أفريقيا الجنوبيّة أو اضطرابات في أمريكا اللاتينيّة، فكيف إذا كان زلزال غير مسبوق في نيويورك وواشنطن والأيادي عربيّة هاوية غير محترفة، وبغداد على مرمى النّار والحصار، والنّار تضطرم في الأفئدة المتناثرة من محيطها إلى خليجها، حينها اشتبكت العواطف مع التعاطف، أفئدة عربيّة شبابيّة بالأخصّ متعاطفة مع الأبرياء في مانهاتن، مستاءة من مشاهد الموت الجماعي السّريع والبطيء، لكن عواطفها الضّخمة سكنت الخرطوم وطرابلس الغرب وبغداد وفلسطين، التي يقضمها الكيان على مهله قطعة قطعة تحت حراسة الكاوبوي الأمريكي.

في تلك الأيّام فشلت كلّ وسائل الإعلام في اجتذاب المشاهد العربي من أمام شاشة الجزيرة، ولو لبرنامج ولو لخبر ولو للقطة، لا شيء يتسيّد المشهد غير الشّاشة السّاحرة وقوافل المدمنين العرب يلتهمون موادها، هناك تسلطنت الجزيرة وصعّدت من الفارق بينها وبين بقيّة المشهد الإعلامي العربي، كما صعّدت من نسقها.. أخبار، تقارير، برامج، تغطيات.. وصولا إلى ذروة الأداء الإعلامي الذي جسّده برنامج سرّي للغاية، هناك شعرنا كعرب بأنّنا شركاء مع الجزيرة، وأنّنا لم نعد صبيان حرفة لدى "BBC" أو "Fox News" أو "CNN".. لم نعد نجتر مرويات إعلام الروم، بفضل قناة الدوحة دخلنا سوق إنتاج المعلومة من بوابته الضخمة..

كانت الجزيرة تصنع الاختراقات بالجملة، تحرم العالم الغربي من رواياته الجائرة المنحازة ضدّ العرب والمسلمين، وتحرم الحاكم العربي من احتكار المشهد برمّته، وتمنح فرصة للشّعوب كي تقول وتعبّر وتتدرّب على الخروج من دهاليز الضخّ الرسمي. كانت الجزيرة هناك في معمعة ما بعد 11 أيلول/ سبتمبر، وكان صحفيها يسري فودة يطرّز ويصنّف من فنون الإبداع الصّحفي من خلال برنامج سرّي للغاية، وخاصّة حلقة "الطّريق إلى 11 سبتمبر".

في أحداث أيلول/ سبتمبر، لم تكتفِ الجزيرة بلحن القول العربي الرسمي من قبيل شرذمة وفلول وأعداء الإنسانيّة وخوارج العصر وأياد خفيّة.. قدّمت الجزيرة باكورة من التفاصيل وقرّبت المشهد جدّا وكثيرا من المواطن العربي، ووضعته أمام مسؤوليّة التفكيك والفهم وألغت له خاصيّة التلقين الروبوتي الرسمي الذي نبتت منه الجينات الفكريّة للعرب عبر عقود.

في أحداث أيلول/ سبتمبر، لم تكتفِ الجزيرة بلحن القول العربي الرسمي من قبيل شرذمة وفلول وأعداء الإنسانيّة وخوارج العصر وأياد خفيّة.. قدّمت الجزيرة باكورة من التفاصيل وقرّبت المشهد جدّا وكثيرا من المواطن العربي، ووضعته أمام مسؤوليّة التفكيك والفهم وألغت له خاصيّة التلقين الروبوتي الرسمي الذي نبتت منه الجينات الفكريّة للعرب عبر عقود
من خلال الجزيرة وعلى وقع أحداث أيلول/ سبتمّبر تعرّفنا على مفردات تحمّلنا مسؤوليّة ترتيبها بعيدا عن وزارات الإعلام العربي، من تلك الشّاشة وفي تلك الأيّام استمعنا إلى أسماء ومسميّات من قبيل: محمّد الأمير، يونايتيد إيرلاينز، السّاحل الشّرقي لفلوريدا، عصايتين وبينهم شرطة، كعكاية منها عصاية مدلّاية، يعني إيه... الماجستير التي تمّ تصديرها بالآيتين الكريمتين "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ".

كما تعرّفنا على الرّموز الأخطر والأشهر: "قبل ثلاثة أسابيع من ساعة الصّفر يتقمّص أبو عبد الرّحمن شخصيّة شاب يبعث من أمريكا لحبيبته جيني في ألمانيا برسالة عبر إحدى غرف الدردشة على الإنترنت، لم تكن جيني هذه سوى رمزي بين الشيبة، كتب لها حبيبها بالألمانيّة يقول: سيبدأ الفصل الدراسي الأوّل بعد ثلاثة أسابيع، ليس هناك أي تغييرات، كلّ شيء يسير على ما يرام، وهناك مبشّرات جيّدة وأفكار مشجّعة، مدرستان للدراسات العليا وجامعتان، كلّ شيء يسير حسب الخطّة، لهذا الصّيف سيكون بالتأكيد حارّاً، أريد أن أتحدّث إليكِ عن بعض التفاصيل، تسعة عشر شهادة للدراسة الخاصّة، وأربعة امتحانات، سلامي للبروفيسور. إلى اللقاء".

دشّنت الجزيرة عصر إعلام الشّعوب العربيّة، لكنّهم سرعان ما أطلقوا عليها قناة العربيّة وترسانة من قنوات أخرى لا همّ لها إلّا تشويه منبر الجماهير وسحب الكلمة من الشّوارع وإعادتها إلى القصور. لقد تجرّأت الجزيرة ودشّنت إعلام الشّعوب، لكنّها ظلّت وحيدة لسنوات وتحمّلت هالة من الضّغط الرّهيب، ثمّ لاحقا تمكّنت الدعاية الرسميّة ورأس حربتها "قناة 2003" من تشويه "قناة 1996" ودخلت قوافل الغباء الشّعبي على الخطّ، وانطلت عليهم الحيلة، وبعد أن تعلّموا التفكير الإعلامي من خارج صندوق الحاكم العربي، عادوا يشوّهون الجزيرة ويساعدون العربيّة وأشباهها على إعادتهم إلى الحظيرة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجزيرة الإعلام 11 سبتمبر امريكا الجزيرة 11 سبتمبر الإعلام مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

مقترح (مجلس تنسيق ولاية الجزيرة)

mohamedyousif1@yahoo.com


بقلم: محمد يوسف محمد


تحدث الفريق الكباشي في لقائه بولاة الولايات الشهر الماضي عن ضرورة الوحدة ولم الشمل والبعد عن الحزبية وأهمية قيام الولاة بدورهم في تثبيت الأمن ومعالجة أمر الخدمات حتى تختفي الوفود المطلبية التي تذهب للمركز وفي هذا المقال ساركز علي هذه النقطة بالتحديد.


ولاية الجزيرة ذات طبيعة خاصة ولها مطالب مثل كل الولايات وزيادة!! فولاية الجزيرة منطقة إنتاج وتحتضن أكبر مشروع زراعي يطعم مواطن الولاية ويفيض خيره علي كل السودان وهذا المشروع طالته يد الدمار فهل يتحرك مواطن الجزيرة لبحث الأمر أم يضع يده في خده وينتظر حتي تاتيه السلطات وتساله ماذا تريد؟


بلا شك سيتحرك المواطن في كل مكان بحثاً عن الحلول للمشاكل سواء كانت مشاكل تتعلق بالمشروع أو غيره من الخدمات والذي يعاني يتحدث بالف لسان والتجربة أثبتت أنه لاتوجد رؤية محددة لترتيب الأولويات وهذا ما شاهدناه في ملف الكهرباء التي أعيدت لمناطق وأحياء قبل شهور ومناطق وأحياء أخرى لازالت غارقة في الظلام والعطش منذ أكثر من عام ولا يعرف مواطن هذه المناطق سبب التاخير ولا متى ستعود هذه الخدمات.


فإما انه لايوجد برنامج لترتيب الأولويات .. وان وجد برنامج فلا يُمَلَّك للمواطن واذا تُرك المواطن للشائعات ولم يُمَلك بما تغعله السلطات حالياً وماتنوي فعله غداً في هذه الحالة يجب ان لا نلومه إذا كثرت الأصوات المطالبة هنا وهناك!! وأبناء الجزيرة تطوعوا في تحرير الجزيرة وأيضاً الخرطوم مع القوات المسلحة ويمضون نحو دارفور، والجزيرة هي الولاية الوحيدة التي قدمت قوة كبيرة من أبنائها المتطوعين وكان لهم دور واضح وبارز في سير العمليات ولا غرابة في هذا فهؤلاء هم أبناء الجزيرة أرض الكرم والإبداع وهؤلاء هم أبناء مزارعي مشروع الجزيرة سلة الغذاء يد تحمل البندقية ويد تحمل المحراث ولابد أن يشعر هؤلاء أن السلطة في المركز تهتم بشؤون معايشهم حتى يتفرغوا للحرب ولاينظروا للخلف.


ولايمكن ترك أمر المشروع الذي يمثل أمن إقتصادي قومي وأمن غذائي لإدارة المشروع وحدها في هذه الظروف الإستثنائية ولابد من سند شعبي لإدارة المشروع في هذا الظرف الإستثتائي.. وكذلك أمر الخدمات بكل أنواعها سواء كهرباء أو مياه أو صحة أو أمن لايمكن أن يترك لحكومة الولاية لتواجهه بمفردها في هذه الظرف العصيب ولابد من المساندة الشعبية فالإمكانيات الرسمية في المركز محدودة وكل ولايات السودان في حاجة للدعم وحتي لا تتحرك وفود للمركز من الولاية تطالب بالخدمات (كما ذكر الكباشي) لابد من فتح قناة تواصل قوية بين حكومة الولاية وبين ممثلي المواطنين المهتمين في كل المجالات سواء أمر مشروع الجزيرة أو أمر الصحة أو التعليم وذلك أولاً حتى يقوى النسيج الإجتماعي وحتي يتم تنوير المواطن بجهود وإمكانيات الجهات الرسمية وذلك حتى لا يتهموها بالتقصير أو المحاباة ثم بحث مايستطيع المواطن تقديمه من دعم حتي وإن لم يكن في مقدور المواطن تقديم شيء مادي فإنه سيقدم الصبر والمساندة المعنوية للحكومة وهو أفضل من السخط والشعور بالظلم والذي يولد التشاحن والتحركات العشوائية الغير مرغوب فيها.


وقناة التواصل هذه تتحقق بتكوين جسم يمثل مواطنين كل المناطق جغرافياً ويتم إختيارهم من المهتمين بشؤون الخدمات في كل منطقة ويجب الحرص علي أن يكون المختارين بعيدين عن أي أطماع شخصية أو حزبية ومن الحريصين على خدمة المواطن وليس الإستعلاء عليه ويضاف ممثلين لكل المبادرات الطوعية الحالية .. ويتم تنوير هؤلاء المختارين بجهود حكومة الولاية وما تسمح لها الامكانيات بتقديمه وبحث كيفية ترتيب الأولويات مع هذا الجسم وإذا إستدعي الأمر أي تحرك للمركز يتحرك هذا الجسم بقيادة حكومة الولاية ليساند الحكومة ويعكس حجم التنسيق والسند الشعبي الموجود في الولاية ولا يضطر المواطن للتحرك تحركات عشوائية بمعزل عن الحكومة كما ذكر الفريق الكباشي.


وقد اقترحت أنا لهذا الجسم إسم (مجلس تنسيق ولاية الجزيرة) وحتي ينجح هذا العمل أكرر لابد من إبعاد أصحاب الأغراض الشخصية والحزبية والتركيز على من لهم خبرة سابقة في متابعة شؤون الخدمات وتمثل فيه كل الاجسام الطوعية الحالية في كل المناطق والتي تكونت بشكل عفوي ويكون العمل في هذا الجسم طوعي بدون أي مقابل مادي ولا يكلف الولاية أي شيء وهذا الجسم سيقرب الحكومة من المواطن ويوحد رؤية الحكومة والمواطنين معاً ويقوى موقف الولاية كولاية رائدة ويوحد كلمتها بتوحيد الهدف وهو خدمة المواطن فقط ويقوى النسيج الإجتماعي ويستوعب كل الجهود والمبادرات الفردية التي تكونت بشكل تلقائي في كل مكان.


mohamedyousif1@yahoo.com


 

مقالات مشابهة

  • إما مؤثر أو تقليدي.. الإعلام العربي في مفترق طرق
  • ميدفيديف يرد .. الحرب العالمية الثالثة أمر سيء للغاية وعلى ترامب فهم ذلك
  • أحمد بن محمد يشهد الافتتاح الرسمي لقمة الإعلام العربي 2025
  • التربية تحذف وحدة من كتاب اللغة الإنجليزية للصف الحادي عشر / الفصل الثاني- وثيقة
  • مقترح (مجلس تنسيق ولاية الجزيرة)
  • طولان يستقر على إقامة أول معسكر لمنتخب مصر فى سبتمبر استعدادا لكأس العرب
  • أحمد موسى يعلق على حادث انفجار أنبوبة بوتاجاز في المنيا: أمر بسيط تحول كأنه 11 سبتمبر
  • ثالوث غير مقدس للنظام العربي الرسمي
  • العجز الرسمي العربي يمتد للقمة الاقتصادية
  • منافس “الخضر” يُلغي تربص جوان بسبب غياب الأموال !