طريق التنمية والممر الاقتصادي.. فصل جديد من تنافس الصين وأمريكا بالشرق الأوسط
تاريخ النشر: 21st, September 2023 GMT
خلال الأسابيع الماضية، برز الحديث في منطقة الشرق الأوسط عن طريقين جديدين يهدفان إلى ربط دول المنطقة مع أوروبا، أولهما هو "طريق التنمية"، الذي يبدأ من ميناء الفاو بالعراق ويمر بتركيا ويصل منها عبر أوروبا، وهو طريق تستثمر فيه الصين، حيث يتقاطع مع مبادرتها الأشهر "الحزام والطريق"، أما الثاني فهو "الممر الاقتصادي IMEC"، والذي أعلنته الولايات المتحدة خلال قمة العشرين الأخيرة، والذي يبدأ من الهند مرورا بدول خليجية وعربية حتى أوروبا.
ووفقا لتحليل نشره موقع "جيوبولوتيكال فيوتشرز"، وترجمه "الخليج الجديد"، فإن المنافسة المزمعة بين الطريقين ستكون حديث المنطقة والعالم خلال الفترة المقبلة، وليست سوى أحدث إشارة إلى أن الولايات المتحدة والصين قد دخلتا فترة جديدة من المنافسة العالمية، مما أدى إلى تعزيز تحالفاتهما وبناء طرق تجارية متنافسة تخدم مصالحهما الاقتصادية.
اقرأ أيضاً
خبير: لهذا يتفوق طريق التنمية على الممر الاقتصادي في ربط أوروبا بالشرق الأوسط
"طريق التنمية".. استثمار قوي للصينوبالنسبة إلى "طريق التنمية"، تشير التقارير إلى أن نقطة البداية له "ميناء الفاو" في العراق يستعد للاكتمال، حيث أنهت شركة "دايو" الكورية الجنوبية المنفذة له نحو ثلثيه بالفعل.
ويمتد ميناء الفاو على مساحة تزيد عن 16 كيلومترًا مربعًا، ومن المتوقع أن يتمتع بقدرة استيعابية سنوية لمناولة 99 مليون طن.
وسيتم ربط ميناء الفاو بتركيا من خلال شبكة طرق وسكك حديدية بطول 1200 كيلومتر سيتم بناؤها ضمن نطاق مشروع "طريق التنمية".
ويهدف هذا المشروع - الذي تبلغ كلفته 17 مليار دولار - إلى إنشاء طريق نقل من آسيا إلى أوروبا.
ويقول الخبراء إن "طريق التنمية"، الذي يبدأ من البصرة ويخطط للوصول إلى تركيا مروراً بمحافظات النجف وكربلاء وبغداد والموصل، لديه القدرة على توفير وقت نقل أقصر من قناة السويس، مع القدرة على الاتصال بأوروبا من ميناء مرسين التركي.
وتبرز الصين كواحدة من الدول التي دعمت بناء ميناء الفاو وإنشاء طريق التنمية. وبالإضافة إلى إبرام صفقة بقيمة 10 مليارات دولار مع العراق، أعربت الحكومة الصينية عن عزمها المساهمة مالياً في كلا المشروعين.
وتتميز هذه المشاريع بسمات أساسية تعزز مصالح الصين في المنطقة.
اقرأ أيضاً
ممر الهند أوروبا.. أهداف جيوسياسية تتجاوز التنمية الاقتصادية
فوائد لبكينومن المعروف أن الصين تستورد ما يقرب من 10 ملايين برميل من النفط الخام يوميًا وتشتري معظم هذا النفط من دول الشرق الأوسط. وتعد المملكة العربية السعودية والعراق من بين الدول التي تزود الصين بأكبر قدر من النفط، حيث تصدر ما يزيد عن 110 مليارات دولار من النفط الخام سنويًا.
ويساعد كل من ميناء الفاو وطريق التنمية على ربط الصين بشكل أفضل بموارد النفط التي تستوردها من الخليج العربي.
ومن المتوقع أن يصبح ميناء الفاو أحد أكبر موانئ الحاويات في الشرق الأوسط، مما قد يعني المزيد من واردات النفط الخام من العراق إلى الصين.
الإضافة إلى ذلك، فإن الممر التجاري الممتد إلى تركيا وأوروبا مع شبكة الطرق والسكك الحديدية التي تم بناؤها عبر ميناء الفاو سيسمح للصين بإيصال منتجاتها غير النفطية إلى السوق الأوروبية بشكل أكثر فعالية.
ومن الممكن أن يؤدي ميناء الفاو إلى زيادة حجم التجارة العالمية عبر العراق، الذي تتمتع الصين معه بالفعل بترابط قوي.
ومن المتوقع أن يتمتع طريق التنمية، الذي سيتم ربطه بأوروبا، خاصة عبر تركيا، بالقدرة على إيصال المنتجات إلى أوروبا في وقت أقصر وبتكلفة أقل من قناة السويس.
ويتقاطع مشروع ميناء الفاو و"طريق التنمية" في العراق مع مبادرة "الحزام والطريق" ومشروع الطريق البحري التابع لها، ولديهما القدرة على تقديم طريق بديل في نقاط معينة.
وباستخدام هذا الطريق، تستطيع الصين توسيع شبكتها التجارية العالمية من خلال دول الخليج مثل العراق، كما تتاح لها الفرصة لتعزيز مبادرة الحزام والطريق، التي تتابعها الولايات المتحدة عن كثب.
وتشكل هذه المشاريع، التي توفر إمكانية تقصير طرق التجارة وإدخال الصين في عملية التكامل الإقليمي، تهديدًا لمصالح الولايات المتحدة بسبب المزايا التي توفرها للصين.
وبعد الإعلان عن مبادرة "الحزام والطريق" في عام 2013، لجأت الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات مختلفة وضغوط دبلوماسية لمنع العلاقات بين دول الشرق الأوسط والصين.
اقرأ أيضاً
طريق التنمية.. تركيا تدفع ببديل للممر التجاري بين الهند وأوروبا
"الممر الاقتصادي".. أمريكا تدخل على الخطوفي الآونة الأخيرة، هدفت الولايات المتحدة إلى تشكيل تحالفات مختلفة وبناء طرق تجارية مختلفة من خلال التحالفات، وخلق بدائل لطرق التجارة التي تروج لها الصين تحت شعار مبادرة "الحزام والطريق".
إحدى الخطوات الأخيرة التي تم اتخاذها في هذا السياق هي التوصل إلى اتفاق بشأن الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC) تحت قيادة الولايات المتحدة في قمة مجموعة العشرين الأخيرة في الهند.
وقد أعلن البيت الأبيض عن الطريق التجاري، الذي يتصور ربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا عبر السكك الحديدية والموانئ، باعتباره "عصرًا جديدًا من الاتصال"، والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اتفقوا على تطوير المشروع معًا.
وبهذه الطريقة، تحاول الولايات المتحدة زيادة نفوذها في الخليج على حساب الصين والحفاظ على ريادتها في المنطقة.
اقرأ أيضاً
الإمارات تطلب المشاركة رسميا في طريق التنمية بين العراق وتركيا
وكما يقول التحليل، يعد هذا المشروع واحدًا من أكثر الخطوات الملموسة التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد مبادرة "الحزام والطريق".
علاوة على ذلك، كان "الممر الاقتصادي" بمثابة إعلان بأن واشنطن لا يزال بإمكانها وضع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين أقامتا مؤخرًا تعاونًا اقتصاديًا وثيقًا مع الصين، إلى جانبها.
المصدر | سيركان تشاليشكان / جيوبولوتيكال فيوتشرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: العلاقات الأمريكية الصينية الشرق الاوسط طريق التنمية الممر الاقتصادي ميناء الفاو الولایات المتحدة الممر الاقتصادی الحزام والطریق طریق التنمیة الشرق الأوسط میناء الفاو اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
الولايات المتحدة تطالب إسرائيل بإزالة الأنقاض من غزة
طلبت الولايات المتحدة من إسرائيل تحمل تكاليف إزالة الأنقاض من قطاع غزة، بعد عامين من العدوان بتكلفة تُقدّر بمليارات الشواكل.
إزالة أنقاض غزةوقالت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، إنه واشنطن طالبت إسرائيل بتحمّل تكاليف إزالة الدمار الهائل الذي لحق بقطاع غزة خلال العامين الماضيين من القتال، بما في ذلك قصف سلاح الجو وهدم المباني باستخدام جرافات .
ونقلت يديعوت أحرونوت عن مصدر سياسي رفيع، أن إسرائيل وافقت على هذا المطلب مؤقتًا.
وذكر تقرير في صحيفة "وول ستريت جورنال" هذا الأسبوع أن غزة تُعاني من تراكم 68 مليون طن من مخلفات البناء، حيث دُمّر أو تضرّرت معظم المباني في القطاع.
بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، المشرف على إزالة الأنقاض في غزة، يُقدّر الوزن التراكمي لمخلفات البناء في القطاع بنحو 68 مليون طن.
ووفقًا لحسابات صحيفة أمريكية، يُعادل هذا الوزن وزن نحو 186 مبنى، مثل مبنى إمباير ستيت في نيويورك.
إعادة إعمار غزةوتُعدّ إزالة الأنقاض شرطًا أساسيًا لبدء أعمال إعادة إعمار غزة في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وترغب الولايات المتحدة في البدء بإعادة إعمار منطقة رفح، آملةً أن تجعلها نموذجًا ناجحًا لرؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعادة الإعمار، وبالتالي استقطاب العديد من السكان من مختلف أنحاء قطاع غزة، على أن تُعاد إعمار المناطق التي تم إخلاؤها في مراحل لاحقة.