أخبارنا المغربية - عبدالاله بوسحابة

أثار الفيلم السينمائي المصري الجديد "فوي فوي فوي"، جدلا واسعا بالمغرب، بسبب توظيف عبارة "ماروكيني" التي اعتبرها عدد من المتابعين إساءة للمغاربة الذين هاجروا إلى أوروبا بطرق غير شرعية، ما اضطر مخرجه "عمر هلال" إلى تقديم توضيح واعتذار.

في ذات السياق، نشر المخرج المصري "عمر هلال" تدوينة عبر حسابه الخاص على "إنستغرام"، جاء فيها: "توضيح واعتذار وحب للجمهور في المغرب الشقيق.

. بعض الأخوة المغاربة أساؤوا فهمي عندما ذكرت أن الإيطاليين يسمون عرب شمال إفريقيا الذين دخلوا البلد بهجرة غیر شرعیة بـ(ماروكيني).. للأسف هذه حقيقة مرة يعانيها أبناء هذا الشعب العظيم، ولكن ليس فقط هم، بل جميع العرب الذين آل بهم الحال لتقبل أوضاع عمل شاقة ومعيشة ضنكة هناك".

وبالعودة إلى تفاصيل هذا الفيلم الجديد الذي أثار غضب مغاربة بالداخل وأوروبا، فقد قدم الناقد المغربي "فؤاد زويريق"، قراءة لهذا العمل، مشيرا إلى أنه "أفضل عمل مصري شاهده هذه السنة"، قبل أن يؤكد أنه: "جمع بين المتعة التي يتوخاها الجمهور، واللمسة الفنية التي يبحث عنها النقاد".

في هذا الصدد، نشر "زويريق" تدوينة مطولة عبر حسابه الفيسبوكي، جاء فيها: "فيلم 'فوي فوي فوي، لمخرجه عمر هلال، هو أفضل فيلم مصري شاهدته هذه السنة"، مشيرا إلى أنه: "ليس بفيلم كوميدي ولا بفيلم هزلي، بل هو عمل ساخر لكنه تأملي، اعتمد على السخرية السوداء ليجعلك تتأمل الواقع بتفاصيله العبثية".

وتابع الناقد المغربي قراءته قائلا: "يحسب للمخرج أنه دجّن الموضوع، وروّض القصة وجعلها بعيدة عن فخ الوعظ والرسائل المباشرة المبتذلة"، موضحا أن: "المخرج رغم أنه يخوض تجربته الأولى في هذا الفيلم، كأول فيلم روائي طويل له، إلا أنه تعامل معها بذكاء واحترافية عالية"، حيث أشار إلى أنه: "وقف أمامنا وروى لنا القصة بكل بساطة وسلاسة وغادر، استعمل جرعات محسوبة من اللذع دون إيلام مبالغ فيه، اعتمد على المجتمع المصري كأرضية محايدة دون خصوصية محددة".

وشدد "زويريق" على أنه: "قد يمكننا إسقاط الموضوع على أي مجتمع آخر يعاني من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، دون أن يتأثر جوهر القصة"، وتابع: "الفيلم مؤلم لكنه مبهج، لا يحرضك على البكاء ولا على الضحك، وهنا تكمن المعادلة الصعبة، مواقفه متشابكة ومقنعة، فكل حدث وقع له مبرراته وحساباته، مما يدل على أننا أمام سيناريو محكم، ومترابط، ببناء درامي منطقي متجانس العناصر في شكله ومضمونه، حتى النهاية تظهر على أنها سعيدة لكنها في الحقيقة برؤية تراجيدية محبطة، لا تتوافق والأحلام والآمال والطموحات التي من أجلها غامر كل هؤلاء الأشخاص ورحلوا عن أوطانهم، وتركوا أسرهم وأحبائهم". 

كما أكد ذات المتحدث أن: "عناصر الفيلم كلها موفقة تقريبا، من إخراج وتصوير وموسيقى وتشخيص…"، مشيرا إلى أن: "الفيلم في مجمله هو القصة أولا والرؤية الإخراجية التي شكلتها"، قبل أن يؤكد قائلا: "يمكن أن أقول أن المخرج هنا هو البطل، رغم أن هذا العمل لا يمكن تصنيفه ضمن سينما المؤلف، لكنه يُظهر لنا بشكل جلي عمق الكتابة واجتهاد المخرج في بلورتها إبداعيا، الفيلم لم يعتمد على نجوم الشباك، بل اعتمد على تشكيلة من أسماء مميزة ومنتقاة بعناية شديدة، نجح بامتياز في تسكينها".

وتابع الناقد المغربي حديثه قائلا: "كل اسم في الدور الذي يليق به، وهكذا نجد محمد فراج يقوم بواحد من أجمل أدواره، حيث يمكنك أن تستلقي باسترخاء أمام الشاشة وتستمتع بتشخيصه وإبداعه الجميل، وهذا ليس بغريب عنه فهو مُشخِّص مميز، بأدائه المتقن والمبتكر الذي يتجاوز بكثير قدرات أغلب من نسميهم نجوم الشباك".

 نفس الشيء بالنسبة للفنان "طه دسوقي"، فقد أوضح "زويريق" أنه: "مازال كما عهدناه، شاب مبدع، مجتهد، طموح، يدهشنا من عمل لآخر، واختياره كان موفقا بأداء تعبيري صادق ومقنع"، والأمر ذاته ينطبق بحسب الناقد المغربي على الفنانة "نيللي كريم" التي قال أنها: "كانت هنا كممثلة مساندة لكن بدور مؤثر، وهي كما نعرفها فنانة حقيقية بعيدة عن الابتذال والمبالغة في التشخيص".

وتابع قائلا: "نفس الشيء بالنسبة لأمجد الحجار، فقد كان متماهيا ومنصهرا مع باقي المشخصين"، أما "بيومي فؤاد"، فقد أوضح "زويرق" أنه: "وظف هنا ليس للإضحاك كما عهدناه في الكثير من الأعمال، بل في دور مختلف بأداء أكثر انضباطا ونضجا"، قبل أن يعرج للحديث عن الفنانة "حنان يوسف"، التي قال عنها: "جعلتنا نكتشف عمق موهبتها في مسلسل سفاح الجيزة، من أكثر الشخصيات تأثيرا في هذا الفيلم، بعد أن تميزت بحضور وكاريزما قويان، وسحر أداء متوازن ومقنع إلى أبعد الحدود". 

وختم الناقد المغربي "فؤاد زويريق" قراءته النقدية مؤكدا أن: "الفيلم باختصار يستحق المشاهدة والقراءة من زوايا عدة، وهو كما قلتُ أجمل فيلم مصري شاهدته هذه السنة، وقد جمع بين المتعة التي يتوخاها الجمهور، واللمسة الفنية التي يبحث عنها النقاد".

يذكر أن المخرج "عمر هلال" كان قد أكد خلال اعتذاره للمغاربة أن المصريين وغيرهم من العرب يعملون في الظلام بأوروبا، والحياة ليست كما كانوا يتوقعون، مشيرا إلى أن الفيلم يحث كل من تراوده نفسه على التفكير في الهجرة غير الشرعية ألا يقدم على هذه الخطوة، وهذا ليس تقليلا من أي إنسان يعمل بشرف في أي عمل مهما كان، ولكن ألا يعمل تحت ضغط وخوف من السلطات، وفق تعبيره.

كما أوضح المتحدث ذاته أنه: "صنعت هذا الفيلم أملا في تحسن الحال لأبناء وطننا العربي الغاليين، الذين يضحون أحيانا بحياتهم في عرض البحر، بحثا عما يعتقدون أنها حياة أفضل".

وختم المخرج المصري قائلا: "أعتذر من كل قلبي إذا كان هذا قد أخذ على أنه تقليل من شأن الشعب المغربي العظيم، من لا يعلم فإن أهلي في الأصل مغاربة، وأعشق هذا البلد ولدي العديد من الصداقات مع مغاربة داخل وخارج المغرب، أكرر أسفي حقكم عليا بالزاف".

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: هذا الفیلم عمر هلال

إقرأ أيضاً:

فؤاد شكر… قلبُ المقاومة وعقلُ الطوفان

عدنان عبدالله الجنيد.

من عليّ العلوِّ، ومحسن الإحسان، وشكر الوفاء، خرج قلبٌ بحجم أمة وروحٌ بحجم السماء.
هنا… حيث البقاع يرفع رأسه إلى السماء، وحيث الجبال تحفظ أنفاس الأبطال، خرج فؤاد شكر كالسيف المسلول من غمد التاريخ، يحمل على كتفيه وصايا الشهداء ورايات النصر.
لم يكن رجلًا عابرًا في دفتر الأيام، بل كان العاصفة التي تسبق الانتصار، والعقل الذي يرسم خرائط الميدان بمداد الدماء. في زمن المساومة والانكسار، جاء فؤاد شكر ليقول للأمة: الطريق إلى القدس لا يُرسم بالحبر… بل يُخطّ بالدم، ولا يُقاس بعدد الخطوات… بل بعدد الشهداء.

في زمن غابت فيه الأبطال، وقفت النبي شيت شامخة، تلد قلوبًا لا تعرف الهوان، ومنها خرج فؤاد شكر… عقل الطوفان، وقلب الثورة التي لا تهدأ، وصوت الدم الذي ينطق بالحق. هو ذاك الذي جعل من النصر رسمًا على جبينه، ومن الشهادة شعلةً لا تنطفئ، ومن المقاومة ملحمةً تُروى على ألسنة الأحرار.
فليشهد التاريخ أن العقول التي تُقتل لا تموت، وأن القلوب التي تُنزف تولد أجيالًا لا تعرف الاستسلام.

في سفوح النبي شيت، القرية البقاعية التي كانت وما تزال معقل العزّة ومصنع الرجال، حيث يمتزج هواء البقاع بعبق البارود، وحيث تُزرع في قلوب الفتيان بذور المقاومة كما تُزرع في الحقول سنابل القمح، وُلد رجل استثنائي سيصبح لاحقًا أحد أعمدة المقاومة الإسلامية وأدمغتها الفذة.
هناك، حيث التاريخ يسير جنبًا إلى جنب مع البطولة، خرج فؤاد علي شكر – السيد محسن – حاملاً إرثًا من الإيمان والصلابة، وممهورًا بوصايا الأبطال الذين سبقوه إلى ساحات الجهاد. من هذه الأرض التي أنجبت السيد عباس الموسوي، انبثق قلبٌ نابض وعقلٌ متّقد، سيخطّ اسمه في سجل الخالدين.

فؤاد القلب… علي العلو:

كان اسمه الأول فؤاد، والقلب في اللغة هو موضع الإحساس والعقل معًا، حيث تتلاقى المشاعر والفكر.
وقد كان قلبه بحجم أمة، ينبض بالإيمان، ويضخ العزيمة في شرايين الميدان.
أما علي، فهو العلوُّ والرفعة والشرف، وقد تجسدت فيه هذه المعاني حين ارتقى فوق كل الصغائر، وحمل راية الجهاد بيد لا تعرف الانكسار، ووقف شامخًا كالجبال التي تحتضن قريته.

محسن في فعله… شاكر في وفائه:

كان محسنًا في عمله إلى أبعد الحدود، يتقن التخطيط كما يتقن المجاهد حمل بندقيته، يزرع النجاح في كل مهمة أوكلت إليه، ويؤدي واجبه بأرقى صور الإحسان.
وكان شكرًا في وفائه، لا ينسى دماء الشهداء الذين سبقوه، من عباس الموسوي إلى عماد مغنية، وفاءً لمبادئهم واستمرارًا لطريقهم.
المؤسس والمقاتل الأممي:

وُلد في 25 نيسان 1961، وكان من الجيل المؤسس لحزب الله. برز منذ بداياته كقائد ميداني محنّك، أصيب في معركة خلدة عام 1982 وهو يذود عن تراب الوطن. لم يكن جهاده حبيس الجنوب اللبناني، بل حمل همّ الأمة إلى البوسنة والهرسك بين عامي 1992 و1995، مناصرًا المستضعفين هناك في وجه آلة القتل الصربية، مؤكدًا أن المقاومة عقيدة لا تعترف بالحدود الضيقة.
مهندس العمليات النوعية:

قاد تأسيس الوحدة البحرية للمقاومة، وأشرف على عمليات نوعية هزت أمن الاحتلال، وكان العقل المدبر لعمليات الثأر بعد استشهاد السيد عباس الموسوي عام 1992.
وكان أحد أهم المخططين لعمليتي تصفية الحساب عام 1993 وعناقيد الغضب عام 1996، ورافق السيد حسن نصر الله في مفاوضاته غير المباشرة حينها.
في حرب تموز 2006، تجلت عبقريته العسكرية وهو يضع الخطط التي أربكت العدو، ليصبح في قاموس الاحتلال “كابوس التخطيط” و”اليد اليمنى للأمين العام”.
عقل الطوفان:

منذ طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول 2023، كان شكر القائد المشرف على جبهة الإسناد اللبنانية، يمد غزة بالسلاح والخطط، ويحول جنوب لبنان إلى خاصرة مشتعلة تربك العدو.
إسرائيل والولايات المتحدة لاحقتاه لسنوات، وعرضت واشنطن خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه، لكن قلب المقاومة ظل ينبض، حتى جاءت غارة الغدر الصهيونية في 30 تموز 2024، لتستهدفه في حارة حريك بالضاحية الجنوبية.
الخاتمة:

رحل فؤاد شكر جسدًا، لكنه بقي عقل المقاومة المدبر وقلبها النابض.
بقي مثالًا للقائد الذي جمع بين عمق الفكر وصلابة الميدان، بين عليّ العلو ومحسن الإحسان وشكر الوفاء.
سلامٌ على النبي شيت التي أنجبته، وعلى كل بقعة من الجنوب حفظت خطاه.
وليعلم العدو أن كل فؤاد يُستشهد، يولد ألف فؤاد جديد… وأن دماء القادة هي نهر يسقي طريق القدس حتى يتحقق الوعد الحق.
“في الذكرى الأولى لرحيله: الرجل الثاني في حزب الله، المخطّط العسكري لحرب تموز، وصاحب البصمة الخفية في العمليات النوعية، وناصر المسلمين في البوسنة والهرسك”

مقالات مشابهة

  • خيوط الخيانة في أوسلو وما بعـد أوسلو
  • بالصور: خيوط النجاة في مراكز الإيواء
  • فؤاد شكر… قلبُ المقاومة وعقلُ الطوفان
  • الغلاء يبعد مغاربة المهجر عن شواطئ المملكة هذا العام !! (فيديو)
  • الجزائر.. حالة صحية نادرة تصيب عائلة وتثير القلق
  • الصحافي المغربي محمد البقالي بعد وصوله مطار محمد الخامس..أدركت اليوم لماذا المغاربة لديهم باب وحارة باسمهم في القدس
  • عرض أفلام تسجيلية وندوة ثقافية بنادي سينما أوبرا دمنهور ضمن فعاليات «تراثك ميراثك»
  • فنان مصري سبعيني يعلن طلاقه بعد عام ونصف من الزواج
  • منع فتاة من احتضان الفنانة فيروز في عزاء نجلها زياد الرحباني.. فيديو
  • مثقفون ونشطاء مغاربة يدعون لوقف الإبادة ومراجعة التطبيع