في عالم اليوم الذي يسيطر عليه السلوك الاستهلاكي بات من السهل الوقوع في فخ المادية المفرطة، حيث نمضي العمر نركض وراء الأكبر والأكثر والأفضل، حتى يؤدي هذا السعي بالكثيرين إلى الإحباط والتوتر والقلق وعدم الرضا، عوضا عن السعادة المنشودة؛ لهذا ظهر في الغرب المفرط في المادية اليوم، منهج حياة بات يسمى بتبسيط الحياة.
يتطلب انتهاج حياة البساطة التركيز على المعنى في الحياة، وربطها بالمبادئ والقيم وما يجلب السعادة الحقيقية من علاقات ذات معنى ونمو شخصي وتجارب تثري الحياة، وقبل مدة طرحنا التخلي على صفحة الانستجرام، وكانت الانطباعات مذهلة في دور تنظيم مساحة المعيشة والتخلص من كل عنصر لا يضيف قيمة إلى حياتنا من خلال التبرع أو بيع المقتنيات التي لم تعد تضيف قيمة، وقد أفاد الكثيرون
بأنه ومن خلال تبسيط البيئة المحيطة اختبروا إحساسا بالحرية والوضوح، وهذا يجرنا إلى تبني سلوك الاستهلاك الواعي من خلال التوقف قبل أي عملية شراء، وسؤال أنفسنا ما إذا كنت أحتاج حقًا هذا المنتج أم أنها مجرد رغبة مدفوعة بثقافة الاستهلاك، وهذه الوقفة وحدها كان لها تأثير كبير على حياة الكثيرين ممن تابع التحدي، فممارسة الاستهلاك الواعي تجعلك واعيا بعادات الإنفاق، وبالتالي قادرا على اتخاذ خيارات واعية تتوافق مع قيمك واحتياجاتك ووضعك المالي.
وهذا يجعل الفرد يحول تركيزه من الحصول على الأشياء إلى خلق تجارب ذات معنى، مثل الرحلات التي جربها البعض للمرة الأولى، أو قضاء الوقت مع الآخرين، أو ممارسة هواية جديدة، فالتجارب عادة تجلب سعادة دائمة أكثر من الممتلكات المادية؛ لأنها تخلق ذكريات وتعزز النمو الشخصي، الأمر الآخر هو الامتنان الذي يعد ترياقا قويا للمادية، خذ وقتا كل يوم للتفكير في الأشياء التي تشعر بالامتنان لها، إذ يمكن أن تساعدك هذه الممارسة على تقدير ما لديك وتقليل رغبتك في الحصول على المزيد، كما أن وضع أهداف مالية واضحة تجعلك تركز على رفاهيتك على المدى الطويل عوضا عن الإنفاق على المتع قصيرة المدى، كما أن الادخار والاستثمار للمستقبل يمنحك إحساسا بالأمان ويقلل من الرغبة في الإنفاق على الرغبات الآنية.
وختاما، اعمل على بناء وتعزيز علاقات هادفة مع الأصدقاء والعائلة، ذلك أن الروابط الاجتماعية القوية توفر الدعم العاطفي والإشباع الذي لا تستطيع الممتلكات المادية منحك إياه، أن تصبح أقل مادية هي رحلة تتطلب اليقظة والتأمل والاختيارات الواعية، من خلال تنظيم المساحة الخاصة بك، وتحويل تركيزك نحو التجارب، ومواءمة أفعالك مع قيمك، ويمكنك اكتشاف شعور أكبر بالرضا، جرب جمال البساطة واكتشف الرضا في ثراء اللحظات والتجارب، وتذكر أن الحياة الأقل مادية هي حياة غنية بالمعنى والبهجة.
حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
الإنفاق السخي على المشاريع الإنمائية
يومًا بعد يوم، نلمس جميعًا الإنجازات التنموية في مختلف المحافظات وذلك في مختلف القطاعات الخدمية وذات البُعد الاجتماعي وقطاعات التنويع الاقتصادي؛ بهدف تحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة وإيجاد خدمات ومرافق متطوِّرة، وأكثر جودة وكفاءة للمواطنين والمستثمرين.
ويتجسَّد ذلك في الإحصاءات الصادرة عن وزارة الاقتصاد والمتعلقة بالخطة الخمسية العاشرة (2021- 2025)، والتي كشفت عن ارتفاع في حجم الاعتمادات المالية للمشروعات الإنمائية، وانتهاء العمل وتشغيل العديد من هذه المشروعات وتسارع الإنجاز الفعلي في المشروعات التنموية الجاري العمل بها حاليًّا.
ويعكس هذا النهج وهذه الإحصاءات، الإنفاق السخي لتطوير البنية الأساسية والاقتصادية وتحفيز الاستثمار والأنشطة الاقتصادية في كافة المحافظات؛ إذ ارتفع حجم الاعتمادات المالية الإنمائية للخطة إلى نحو 11 مليار ريال بزيادة نسبتها 72%، وجاءت هذه الزيادة بهدف تنمية المحافظات في مختلف القطاعات والتركيز على تطوير قطاع الشباب.
إنَّ السنوات الأخيرة شاهدة على نقلة نوعية في مختلف المجالات، انطلاقًا من التوجيهات السامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- إلى جانب التركيز على تحقيق اللامركزية في المحافظات، والاهتمام بقطاع الاستثمار وتوطين المشروعات، وهو ما يسير جنبًا إلى جنب مع الارتقاء بالكفاءات الوطنية وتنفيذ خُطط الإحلال والتعمين، سعيًا نحو مُستقبل مُشرِق لهذا الوطن العزيز وأبنائه الأوفياء.