لا يزال العالم يتعافى من تداعيات فيروس كورونا سواء على الصعيد الصحي والإنساني والوظيفي أيضًا، إلا أن الاقتصاد العالمي قد تعرض لتحديات بعدما شهد تحولات عمبقة بسبب الجائحة وانعكاساتها على مختلف قطاعاته.

وعلى الرغم من الانتهاء من أزمة فيروس كورونا الصحية رسميًا بعيدًا عن متحوراتها، إلا أن العديد من التحديات لا تزال تخيم على الاقتصاد العالمي، خاصة مع زيادة ضغوط التضخم العالمية وعدم الاستقرار المالي في كثير من الدول في أعقاب الاضطرابات المصرفية.

الاقتصاد العالمي يتجه للتباطؤ

وتوقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، أن يتجه الاقتصاد العالمي للتباطؤ، تحت تأثر زيادات أسعار الفائدة على النشاط الاقتصادي، إضافة إلى التعافي المخيب للآمال للاقتصاد الصيني من وباء كورونا.

وذكرت المنظمة أنه من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3 بالمئة خلال العام الجاري، ثم يتباطأ إلى 2.7 بالمئة في 2024.

وباستثناء عام 2020، عندما تفشى فيروس كورونا، فإن هذه التوقعات تشير إلى أضعف نمو سنوي للاقتصاد العالمي منذ الأزمة المالية العالمية.

ويتركز التباطؤ الاقتصادي هذا العام في الاقتصادات المتقدمة، وخاصة منطقة اليورو والمملكة المتحدة، حيث من المتوقع أن ينخفض النمو إلى 0.8% و-0.3% هذا العام قبل أن ينتعش إلى 1.4 و1% على التوالي. 

وعلى النقيض من ذلك، على الرغم من المراجعة المنخفصة بنسبة 0.5 نقطة مئوية، فإن العديد من اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية آخذة في الانتعاش، مع تسارع النمو من نهاية العام إلى نهاية العام إلى 4.5% في عام 2023 من 2.8% في عام 2022.

انخفاض الناتج المحلي الإجمالي

كما لا يوجد توقعات حاليًا أن يصل الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى مستويات الناتج المحلي الإجمالي المتوقعة قبل كوفيد-19 في المستقبل المنظور، فمن المتوقع أن يظل الناتج المحلي الإجمالي العالمي منخفضًا بمقدار 2.5 تريليون دولار بحلول عام 2025.

وانقلبت سلاسل التوريد العالمية التي تعتمد عليها الشركات الحديثة رأسا على عقب قبل ثلاث سنوات بعد ظهور فيروس كورونا (كوفيد-19). وحتى اليوم، لا يزال تجار التجزئة يكافحون للحفاظ على بعض المنتجات، ولا يزال الضغط العام في سلاسل التوريد مرتفعًا.

ونظرًا لأن النقص والتأخير والاختناقات يمكن أن تضر بنتائجها النهائية، فإن العديد من الشركات التي لم تتعرض للإفلاس أثناء الوباء تعيد التفكير في سلاسل التوريد الخاصة بها وتنفذ تغييرات لجعلها أكثر مرونة.

عدم استقرار سوق السندات

ولا يزال استقرار أي نظام مالي يتوقف على قدرته على استيعاب الخسائر من دون اللجوء إلى أموال دافعي الضرائب. 

وتؤكد حالة عدم الاستقرار القصيرة التي شهدتها سوق السندات المالية في المملكة المتحدة في الخريف الماضي والاضطرابات المصرفية الأخيرة في الولايات المتحدة على وجود نقاط ضعف كبيرة بين البنوك والوسطاء الماليين غير المصرفيين. وفي كلتا الحالتين، اتخذت السلطات المالية والنقدية إجراءات سريعة وقوية، ونجحت حتى الآن في منع المزيد من عدم الاستقرار.

ويكشف تقرير آفاق الاقتصاد العالمي سيناريو تقوم فيه البنوك، في مواجهة ارتفاع تكاليف التمويل والحاجة إلى التصرف بمزيد من الحكمة، بخفض الإقراض بشكل أكبر. ويؤدي هذا إلى انخفاض إضافي بنسبة 0.3 في المائة في الإنتاج هذا العام.

ومع ذلك، فإن النظام المالي قد يتعرض لاختبارات أكبر، وهذا كثيراً ما يبحث المستثمرون المتوترون عنه، كما فعلوا مع بنك كريدي سويس المتعثر.

ويمكن أن تصبح المؤسسات المالية التي تعاني من الإفراط في الاستدانة، أو التعرض لمخاطر الائتمان أو التعرض لأسعار الفائدة، أو التي تعتمد بشكل كبير على التمويل قصير الأجل، أو الموجودة في ولايات قضائية ذات حيز مالي محدود، هي الهدف التالي. وكذلك الحال بالنسبة للبلدان ذات الأساسيات الأضعف.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: العالم فيروس كورونا اضطرابات اقتصاد العالم

إقرأ أيضاً:

"بنك قطر الوطني" يتوقع تراجع النمو العالمي وسط تحديات اقتصادية متصاعدة

رجح بنك قطر الوطني /QNB/ انخفاض النمو العالمي في ظل تزايد الرياح المعاكسة، على خلفية تراجع آفاق التجارة الدولية، وتوقع ضعف الأداء على نطاق واسع في كل من الاقتصادات المتقدمة والاقتصادات النامية، بالإضافة إلى الأوضاع المالية المشددة التي تؤثر سلبا على الاستهلاك والاستثمار.

ونوه البنك في تقريره الأسبوعي إلى أن التوقعات في بداية العام كانت تشير إلى استقرار النمو، مدعومة بتفاؤل حذر انعكس في استمرار السياسات النقدية التيسيرية للبنوك المركزية الكبرى، ومرونة الاقتصاد الأمريكي، إلى جانب بوادر تعاف في منطقة اليورو والصين، وهو ما عزز آفاق الاقتصاد العالمي آنذاك.

ووفقا لتلك التقديرات الأولية، كان من المرجح أن تستقر معدلات النمو في مختلف الاقتصادات حول مستويات العام الماضي، ما يدعم الحفاظ على معدل نمو عالمي يبلغ نحو 3.3 بالمئة.

ولفت التقرير إلى أن أجواء التفاؤل والمعنويات الإيجابية في الأسواق بدأت تشهد تحولا ملحوظا في فبراير، مع انطلاق الإدارة الأمريكية الجديدة في تنفيذ برنامج طموح لتعديل السياسات، ما أحدث تداعيات كبيرة على المشهد الاقتصادي الكلي العالمي.

وأوضح أنه بعد حالة عدم اليقين المتعلقة بالتجارة التي تسببت بها الولايات المتحدة عقب ما يعرف بـ"يوم التحرير"، تراجعت توقعات النمو بشكل ملحوظ، حيث بلغ المعدل المتوقع لهذا العام 2.8 بالمئة، منخفضا بشكل واضح مقارنة بالتوقعات الأولية، وأدنى من المتوسط طويل الأجل البالغ 3.5 بالمئة للفترة من 2000 حتى 2024.

وتناول البنك تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، معتبرا إياه أداة مهمة لمناقشة التطورات الاقتصادية على المستوى الدولي.

و يعد هذا التقرير، الصادر عن صندوق النقد الدولي مرتين سنويا، مرجعا رئيسيا للقطاعات والأسواق، حيث يوفر تحليلا شاملا للأوضاع الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى استعراض الاتجاهات والمخاطر ذات الصلة.

في تقريره، ناقش بنك قطر الوطني العوامل الرئيسية التي أدت إلى مراجعة وتخفيض توقعات صندوق النقد الدولي لنمو الاقتصاد العالمي.

وأوضح أن العامل الأساسي وراء هذه المراجعة هو تصاعد الخلافات التجارية والشكوك التي تثيرها لدى المستثمرين والمستهلكين على حد سواء كما من المتوقع أن تؤدي التوترات الجيوسياسية المتصاعدة واضطراب السياسات إلى تراجع حجم التجارة والإنتاج عبر الحدود، لا سيما في البلدان التي تعتمد على استراتيجيات نمو مدفوعة بالصادرات.

وأشار التقرير إلى تدهور حاد في المؤشرات الاقتصادية الرئيسية للدول الآسيوية التي تعتمد بشكل كبير على التجارة، والتي تعتبر مؤشرا حيويا للنشاط التجاري العالمي.

وعلى الصعيد الأوسع، من المتوقع أن يشهد حجم التجارة العالمية في السلع نموا بنسبة 1 بالمئة فقط هذا العام، وهو ما يمثل ربع المتوسط السنوي للنمو خلال العقدين الماضيين.

واعتبر التقرير أنه نظرا للدور الحيوي الذي تلعبه التجارة في تحفيز النشاط الاقتصادي، فإن ضعف أدائها هذا العام من المتوقع أن يثقل كاهل النمو الاقتصادي العالمي.

وتوقع التقرير في العامل الثاني أن يكون تأثير الصدمات الاقتصادية واسع النطاق، ليشمل مختلف المناطق الجغرافية ومجموعات الدول حيث تبرز في الاقتصادات المتقدمة الولايات المتحدة كأكثر الدول تعرضا لتخفيض توقعات النمو، ومن المرجح أن يتراجع معدل نموها إلى 1.8 بالمئة هذا العام، بانخفاض مقداره نقطة مئوية كاملة مقارنة بالعام السابق.

ونوه التقرير إلى أن الولايات المتحدة، رغم أن التجارة تشكل جزءا صغيرا نسبيا من ناتجها المحلي الإجمالي، قد تتأثر بشكل كبير بسبب مركزيتها في حالات عدم اليقين السياسي، كما أن التعريفات الجمركية الشاملة التي فرضتها واشنطن، إلى جانب الإجراءات المضادة من دول أخرى، تعني أن نسبة كبيرة من إجمالي واردات وصادرات البلاد ستتأثر بشكل مباشر.

وشمل تخفيض توقعات النمو أيضا باقي الاقتصادات المتقدمة، مثل منطقة اليورو واليابان والمملكة المتحدة ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يتباطأ النمو في مجموعة الاقتصادات المتقدمة، التي تمثل نحو 40 بالمئة من الاقتصاد العالمي، إلى 1.4 بالمئة هذا العام.

كما رجح التقرير تباطؤ النمو في الاقتصادات النامية، حيث من المتوقع أن ينخفض معدل النمو إلى 3.7 بالمئة.

وتشير التوقعات الحالية إلى تباطؤ في الأسواق الناشئة والنامية في آسيا وأوروبا، فضلا عن أمريكا اللاتينية وإفريقيا جنوب الصحراء، في حين من المتوقع أن تشهد منطقتا الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تحسنا مقارنة بالعام الماضي وبالتالي ساهم تراجع توقعات النمو على نطاق واسع في كل من الاقتصادات المتقدمة والنامية في إضعاف التوقعات الاقتصادية العالمية.

وفي العامل الثالث، رأى التقرير أن بقاء الأوضاع المالية مشددة لفترة أطول مما كان متوقعا سابقا سيزيد من تكاليف الاقتراض على الشركات والمستهلكين، حيث بدأت عائدات السندات السيادية في الاقتصادات المتقدمة في الارتفاع مع دورات تشديد السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية الرئيسية في عام 2022.

مقالات مشابهة

  • فريق الصحة السكانية يواصل جولاته الميدانية للارتقاء بصحة الحجاج
  • الدفاع المدني: الدخان المتداول في أحد مباني مكة ناتج عن استخدام مطفأة حريق ولا إصابات
  • توقعات بتراجع الدولار لمستويات جائحة كورونا
  • توقعات بزيادة الطلب العالمي على النحاس بأكثر من 40% حتى عام 2040.. والتقرير يشدد على أهمية الاستثمار في التعدين وإعادة التدوير لتلبية احتياجات الاقتصاد الأخضر
  • إيران تسجل نموًا اقتصاديًا في العام المنصرم مع ارتفاع الناتج المحلي بنسبة 3%
  • مسؤولة بهيومن رايتس: خطر تجدد القتال بطرابلس لا يزال قائماً وبشكل كبير 
  • أضاحي العيد “2025”… وفرة في العرض وانخفاض بالأسعار‏
  • الإسماعيلية .. ارتفاع حصيلة توريد القمح المحلي
  • محافظ الإسماعيلية: ارتفاع حصيلة توريد القمح المحلي لموسم ٢٠٢٥ لأكثر من ٤٢ ألف و٣٩٥ طن
  • "بنك قطر الوطني" يتوقع تراجع النمو العالمي وسط تحديات اقتصادية متصاعدة