لجريدة عمان:
2025-05-23@21:24:15 GMT

إصلاح الحوكمة العالمية

تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT

بعد قمة مجموعة العشرين التي استضافتها الهند واجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر، سوف يحضر قادة العالَـم اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المشتركة في مراكش، قبل أن يتوجهوا إلى مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (مؤتمر الأطراف 28) في دبي. لكن التفاؤل ليس كبيرا بنجاح هذه القمم في تحقيق تقدم ملموس في التصدي لأعظم تحدياتنا، ليس بسبب أي افتقار إلى العزيمة، بل لأن كتاب القواعد العالمي الذي كنا نعمل وفقا له منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لم يعد صالحا لتحقيق الغرض منه.

وفي قمة مجموعة العشرين، تأكدت حالة التفتت المتنامية التي تبتلي العالَـم الآن. فبرغم أن الاجتماع أشار إلى وصول الهند بصفتها قوة عظمى، كانت لحظة انتصار رئيس الوزراء الهند ناريندرا مودي عابرة. فلم تفعل القمة الكثير لمنع عشرينات القرن الحالي من التحول على نحو شبه مؤكد إلى عقد منخفض النمو. على الرغم من قبول الاتحاد الأفريقي كعضو كامل العضوية في مجموعة العشرين، لم يحصل الجنوب العالمي على أي تخفيف يُـذكَـر لديونه الساحقة. وعلى الرغم من مسؤولية أعضاء مجموعة العشرين عن 75% من الانبعاثات الكربونية العالمية، فقد فشلت القمة في معالجة حجم فجوة تمويل العمل المناخي. بالعمل بناء على نتائج مراجعة مجموعة العشرين لكفاية رأس المال، تعهدت إدارة بايدن بتأمين مبلغ إضافي قدره 25 مليار دولار للبنك الدولي؛ لكن هذا الرقم أقل كثيرا عن المبلغ الذي أوصى به وزير الخزانة الأمريكي السابق لورنس سمرز (260 مليار دولار) في تقرير سينج-سمرز المقدم إلى مجموعة العشرين هذا العام.

بدلا من هذا، تختتم القمة عاما حيث عكفت الصين والغرب على إقامة «ستائر حديدية» في كل من التكنولوجيا، والتجارة، والاستثمار، والبيانات ــ وهذا يؤذن بمستقبل يتألف من «عالَـم واحد، ونظامين». في ظل هذه النزعة الجديدة إلى فرض سياسات الحماية، جاء خفض منزلة مجموعة العشرين. وفي حين اعترف الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما بمجموعة العشرين باعتبارها المنتدى الرئيسي للتعاون الاقتصادي العالمي، يرى مستشار الأمن القومي الأمريكي الحالي جاك سوليفان أن مجموعة الدول السبع (أوروبا، وأمريكا، واليابان) هي «اللجنة التوجيهية للعالَـم الـحـر».

الواقع أن خفض منزلة مجموعة العشرين جاء كنتيجة ثانوية للتحول من عالَـم أحادي القطبية إلى عالَـم متعدد الأقطاب، من اقتصاد مفرط العولمة إلى اقتصاد يمكن تسميته «العولمة الخفيفة»، ومن النيوليبرالية إلى النزعة التجارية الجديدة. على مدار السنوات الثلاثين الأخيرة، كان الاقتصاد هو الذي يحدد عملية صنع القرار السياسي. الآن، تقود السياسة ــ والسياسة الوطنية على وجه التحديد ــ عملية صنع السياسات. وانتصرت سياسة المحصلة صِـفر على اقتصاد «الربح للجميع». وفي عام 1999، عندما حضرت أول اجتماعات مجموعة العشرين (التي كانت تتألف آنذاك من وزراء المالية)، كانت الهيمنة الأمريكية بلغت أوجها، وكان بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وخزانة الولايات المتحدة سعيدين بأن يطلق عليهما مُـسمى « لجنة إنقاذ العالَـم».

عندما انهار الاقتصاد العالمي في عام 2008، وجهت المملكة المتحدة ودول أخرى الدعوة إلى رؤساء حكومات الدول الأعضاء للاجتماع معا لأول مرة. وفي قمة مجموعة العشرين في لندن في عام 2009، كنا حريصين على انضمام الصين إلى الغرب في دعم الاقتصاد العالمي بمبلغ تريليون دولار. كان بوسعنا بالفعل أن نرى أن العالَـم يتحرك نحو اتجاه أكثر تعددية.

كما كلفت قمة لندن رئيس وزراء الهند آنذاك مانموهان سينج بالإشراف على عملية مراجعة البنية الدولية الغالِـبة. ثم في إطار قمة بيتسبرج في خريف 2009، وافقت مجموعة العشرين على ميثاق عالمي للنمو، بقيادة صندوق النقد الدولي، الذي سيقوم بنشر تقييمات سنوية لتحديد المخاطر التي تواجه الاقتصاد العالمي وفرص العمل المنسق. لكن مع تقهقر الغرب إلى سياسات التقشف وتبنيه لأشكال جديدة من تدابير وسياسات الحماية، تلاشت هذه المبادرات. في عهد دونالد ترامب، خرجت الولايات المتحدة عن تقليدها المتمثل في العمل (عادة) ضمن أطر متعددة الأطراف، ولاحقت نهجا أحاديا حتى في حين بدأ العالـم المتعدد الأقطاب يظهر إلى الوجود. بيد أن أزمات مثل تغير المناخ، وجائحة كوفيد-19، وأزمات الطاقة والغذاء في عام 2022، تؤكد أن القضايا التي نواجهها اليوم هي مشكلات عالمية حقا وتحتاج إلى حلول عالمية. ولن يتسنى تحقيق التقدم من خلال التدخلات الثنائية والإقليمية وحدها؛ بل يتطلب الأمر عملا منسقا على مستوى العالَـم.

في رفع مستوى مجموعة السبع على حساب مجموعة العشرين، يجب أن نسأل أنفسنا ماذا قد يحدث في المرة القادمة التي تندلع فيها أزمة مالية عالمية فنعجز عن إيجاد طريقة للجمع بين كل اللاعبين الأساسيين. ما هي الفرصة التي قد نحظى بها لتحقيق التقدم في الحد من الانبعاثات العالمية ومنع «رُكّـاب المجان» في عالَـم حيث «يعمل كل شخص لنفسه»؟ ما هي الفرصة المتاح لنا في التعامل مع فجوة التفاوت العالمية إذا كانت البلدان ترى العالَـم فقط من منظور «نحن في مواجهة هم»، وحيث تغيب أي منتديات يمكن من خلالها إيجاد أرضية مشتركة؟ صحيح أن الرئيس الأمريكي جو بايدن اعترف بالحاجة إلى التعاون العالمي وأنه الأكثر ميلا إلى النزعة الدولية بين رؤساء الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة. ولكن برغم أن أجندته الخاصة في مجموعة العشرين لم تكن في الاتجاه الخاطئ، فإنها كانت فاترة، حيث فضلت التحالفات الثنائية على العمل المنسق عالميا.

على نحو مماثل، تقدم الصين نفسها باعتبارها نصيرا للنظام العالمي القائم على القواعد، وتَـعِـد بدعم ميثاق الأمم المتحدة؛ ومع ذلك لم يحضر زعيمها، شي جين بينج، قمة مجموعة العشرين أو الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر. نحن نعيش لحظات نادرة حيث يلتقي الاستعداد بالفرصة وحيث يتعين علينا أن نعمل معا. لقد أظهرت معاهدة حظر التجارب النووية التي أقرها الرئيس الأمريكي جون ف. كينيدي، واتفاق خفض التسلح النووي الذي أقره رونالد ريجان وميخائيل جورباتشوف، واتفاق 1987 التاريخي لمعالجة استنفاد طبقة الأوزون، أن الزعماء الأقوياء قادرون على ضمان إحداث تغيرات جذرية في الاتجاه. ولا يجوز لزعماء العالَـم اليوم أن ينتظروا وقوع الكارثة قبل أن يضطروا إلى التحرك.

جوردون براون رئيس وزراء المملكة المتحدة الأسبق، ومبعوث الأمم المتحدة الخاص للتعليم العالمي.

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قمة مجموعة العشرین العال ـم عال ـم فی عام

إقرأ أيضاً:

البنتاغون يقبل رسميا الطائرة التي أهدتها قطر للرئيس ترامب

أكد متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، اليوم الأربعاء، أن الولايات المتحدة قبلت رسميا الطائرة التي أهدتها قطر للرئيس دونالد ترامب، وطُلب من القوات الجوية إيجاد طريقة لتطويرها بسرعة، لتصبح طائرة رئاسية جديدة للرئيس الأميركي، وفق ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز.

وقال شون بارنيل، المتحدث باسم البنتاغون، في بيان، "قبل وزير الدفاع طائرة بوينغ 747 من دولة قطر بشكل يتماشى مع جميع القواعد واللوائح الفدرالية".

وأضاف "ستعمل وزارة الدفاع على ضمان مراعاة الإجراءات الأمنية المناسبة، ومتطلبات المهام الوظيفية للطائرة المستخدمة لنقل رئيس الولايات المتحدة".

وأقر مسؤولون بالبنتاغون في الأيام الأخيرة بأن الطائرة، التي قدّر مسؤولون تنفيذيون قيمتها بنحو 200 مليون دولار، ستتطلب تعديلات تقنية قبل أن تُعتبر آمنة بما يكفي لحمل الرئيس ترامب.

وكان ترامب قد اعتبر -خلال مؤتمر صحفي قبيل جولته الخليجية الأخيرة في كل من السعودية وقطر والإمارات- أن تقديم دولة قطر طائرة للولايات المتحدة يعد "لفتة عظيمة لا يمكن رفضها"، حسب تعبيره.

كما عبّر عن احترامه للقيادة القطرية، موضحا أنه لا ينوي استخدام الطائرة بعد مغادرته منصبه.

إعلان

وأشار إلى أن قبولها يعد حلا عمليا للولايات المتحدة على ضوء تأخير شركة "بوينغ" في تسليم طائرة رئاسية جديدة، حسب قوله.

كما رفضت دولة قطر الانتقادات التي وُجهت لها بشأن إهداء الطائرة الفاخرة للرئيس الأميركي لاستخدامها في المهام الرئاسية.

وتحدث رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عن الطائرة خلال جلسة بمنتدى قطر الاقتصادي، أمس الثلاثاء، قائلا إن الأمر يتعلق بـ"معاملة طبيعية بين وزارتي الدفاع في البلدين، وتتم كجزء من التعاون بين البلدين، وهو أمر طبيعي يحدث بين الحلفاء".

مقالات مشابهة

  • الإمارات تشارك في اجتماع مجموعة العمل الثقافية بمجموعة العشرين
  • منظمة جنود الاحتياط الأمريكي تطالب برفع الحصار عن قطاع غزة وتعلن اتخاذ إجراءات تصعيدية (تفاصيل)
  • البنك الزراعي المصري يعزز الحوكمة ويستعد لإطلاق استراتيجية تنموية جديدة
  • تراجع الدولار إلى أدنى مستوى في نحو أسبوعين وسط مخاوف بشأن الاقتصاد الأمريكي
  • أول مجموعة قصصية تفوز بالبوكر.. تحوّل في مزاج الجوائز الأدبية العالمية
  • ترامب يترك الباب مفتوحاً أمام مشاركته في قمة العشرين
  • البنتاغون يقبل رسميا الطائرة التي أهدتها قطر للرئيس ترامب
  • وزير الخارجية الأمريكي: الولايات المتحدة لم تعد قادرة على حل جميع مشاكل العالم
  • الاقتصاد العالمي بين الصعود الصيني والتراجع الأمريكي
  • مجموعة قصصية هندية تفوز بجائزة بوكر العالمية للروايات المترجمة لهذا العام