بعد طول انتظار، خرج مسلحو جماعتي "الشباب المسلم" و "جند الشام" من المدارس التي احتلوها في مخيم عين الحلوة خلال الإشتباكات التي اندلعت قبل شهرين. الخطوة هذه كانت مطلوبة ميدانياً وتعتبر مؤشراً على أن التوتر بدأ يسلك طريقه نحو الحل، إلا أن بعض الخلفيات لا توحي بذلك، وهناك مخطط من نوع آخر يفرض نفسه ويؤسس لـ"تسوية" جديدة سيشهدها المخيم لاحقاً على غرار ما كان يحصل سابقاً.



بكل بساطة، الجماعات التي تورطت بالاشتباكات ما زالت قائمة كما هي بعتادها وعديدها الذي يهدد أمن صيدا، وما حصل فقط يوم أمس هو إنسحاب المسلحين من نقطة إلى أخرى ضمن إطار تفاوضي اتضح أنه أسس لترسيخ وجودهم أكثر داخل المخيم. حتماً، النقطة هذه تعد خطيرة، فالذين خططوا وسعوا لتنفيذ أجندات تدميرية أبقوا على وجودهم العلني، وبالتالي باتت الشكوك كبيرة تحوم حول وجود قرار يهدف لإبقائهم يسرحون ويمرحون مع وجود إمكانية للجوئهم مجدداً إلى توتير الأوضاع من جديد، إما عبر حوادث أمنية أخرى قد تحصل لاحقاً أو من خلال نقل "الانغماسيين" إلى الداخل اللبناني، وهي خطوة فعلها سابقاً المسؤول العسكري في "جند الشام" وممثل "داعش" في المخيم عماد ياسين قبل توقيفه عام 2016 من قبل مخابرات الجيش في حي الطوارئ الذي يبدأ من خارج المخيم ويمتد إلى داخله.     إستعراض ورسائل حاسمة

وسط كل ذلك، كان لافتاً "الإستعراض الإعلامي" الذي أدّاه المطلوب هيثم الشعبي داخل مخيم عين الحلوة. الشعبي الذي ظهر للمرة الثانية علناً منذ بدء التوتر في المخيم أواخر تموز الماضي، أراد تصوير نفسه على أنه "الآمر الناهي" في جزء جغرافي أساسي داخل المخيم وخارجه، الأمر الذي يحمل رسائل عديدة وهي:

- الرسالة الأولى: أراد الشعبي إظهار "حسن النية" لضبط التوتر الذي شهده المخيم، وذلك من خلال إشارته إلى أن ما حصل يمكن أن يأخذ مساره نحو الحل إلتزاماً بقرار هيئة العمل الفلسطيني المشترك. هنا، بدا الشعبي وكأنه ملتزم بقرار تلك الهيئة علماً أنه لا يتمثل بها ولم يأخذ بقراراتها السابقة لضبط التوتر، كما أنه كان في طليعة المواجهين لفصيل أساسي فيها وهي"حركة فتح".

- الرسالة الثانية: "الاستعراض" الذي أداه الشعبي كان يهدف لإظهار الأخير نفسه على أنه ليس "بُعبعباً" ويريد إنهاء المشكلة. كذلك، هدف الشعبي من خلال ظهوره علناً أمام الصحافيين إلى ترسيخ وجوده كـ"مرجعية" وإلى تصوير عناصره على أنهم "مسالمون" ولا يعترضون عمل الإعلام الذي كشف عن هول الدمار الذي أحدثه مسلحو الشعبي داخل مدارس وكالة "الأونروا" في عين الحلوة.

- الرسالة الثالثة: ما فعله الشعبي كان هادفاً لإظهار أنه "الآمر الناهي" في صفوف المسلحين وأنه هو الذي "يمون عليهم" وليس شقيقه محمد الذي كان رافضاً لخطوة إخلاء المدارس من المسلحين التابعين له. ما فعله المطلوب الخطير هيثم، كان أسس أيضاً لإظهار قوة تنظيمي "الشباب المسلم" و "جند الشام" على صعيد المسلحين وحجم العتاد والتأثير من الناحية التخريبية. حتماً، الأمر هذا كان لافتاً، وخلفيته البارزة هنا تهدف إلى القول إن الإشتباكات الأخيرة لم تكسر من هيبة المسلحين وأن الحصار القائم لم يسلبهم سيطرتهم أو نفوذهم، وأن القوة التي امتلكوها وعززوها فرضتهم على طاولة التفاوض بدلاً من الظهور بحالة "استسلام".

- الرسالة الرابعة: ظهور الشعبي داخل حي الطوارئ الذي يبدأ من خارج المخيم ويمتد إلى داخله، يشير إلى أنّ تنظيمي "جند الشام" و "الشباب المسلم" سيبقيان على إنتشارهما هناك رغم أنه يحق للدولة اللبنانية بسط سيطرتها هناك بكل قوة. وعليه، فإن ما جرى كان بمثابة عنوان تحدّ للدولة وهو: نحن هنا وباقون في معاقلنا.

- الرسالة الخامسة: إصرار الشعبي على عدم وصف المطلوبين بجريمة إغتيال المسؤول في حركة "فتح" أبو أشرف العرموشي بـ"القتلة" وحرصه على تسميتهم بـ"المشتبه بهم"، يدل بشكل أو بآخر على أن إطار تسليم هؤلاء لن يكون سهلاً ويجب أن يسلك طريقه نحو المفاوضات العميقة التي سيكون للمسلحين قوة خلالها بسبب الحفاظ على وجودهم ! كل ذلك يعني أن المسلحين قد يفرضون خطوة عدم التسليم والإستعاضة عنها بـ"تسوية" تتماهى مع قوتهم ووجودهم، وفي حال حصل هذا الأمر يمكن القول إن معركة عين الحلوة ثبتت التنظيمات المسلحة وتوابعها إلى أجل غير مسمى وبتغطية علنية.   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: عین الحلوة جند الشام على أن

إقرأ أيضاً:

مقتنيات الجاسوس كوهين تفضح الشرع، وتكشف كذب الأنظمة العربية

فالح حسون الدراجي ..

منذ ثلاثة أيام والعالم مخبوص بخبر استيلاء الكيان الصهيوني وجهازه الاستخباري ( الموساد ) على مقتنيات وأرشيف الجاسوس الإسرائيلي كوهين، الذي أعدم في دمشق العام 1965 .. وسبب هذه الخبصة لا يعود برأيي لأهمية هذه المقتنيات، إنما لضجيج اللغط وصخب التناقضات التي أحدثتها هذه العملية بخاصة وأن إعلام الكيان الصهيوني، ومن خلفه جهاز الموساد، حاول أن يجعل من الحبة قبة كما يقولون، فتقصٌد أن يصور الحصول على هذه المقتنيات وكأنه منجز عظيم، ونصر لا يضاهيه سوى نصره باحتلال سيناء أو الجولان، أو اغتيال السيد حسن نصر الله.. وقد ساعد في نفخ هذه العملية وتضخيمها، صمت النظام السوري التام و ( تطنيشه) إزاء الموضوع، أو ما تسرب من بعض المحسوبين على الشرع، بنفي خجول للعملية، وهو الأمر الذي جعل القضية مشوشة، بل ومحاطة بعتمة وغموض شديدين، لايستحقهما موضوع تافه كموضوع مقتنيات عتيقة مضى عليها ستون عاماً، وفقدت أية أهمية لها إن كانت لها أهمية أصلاً ..!

إذاً فالكيان الصهيوني استغل الصمت السوري استغلالاً بشعاً، وراح إعلامه وقادته وجهازه الاستخباري يتنافسون في المبالغة بتهويل العملية .. وادعاء البطولة والتميز، وطبعاً فإن نتنياهو كان أول من استثمر الحالة، وراح يفاخر بقوة الموساد ونجاحاته، مستغلاً فرصة تسليم ارملة الجاسوس كوهين مقتنياته وأغراضه ورسالته التوديعية، قائلاً: ( لقد قاد الموساد عملية صعبة ومعقدة حتى تمكن من الاستيلاء على أرشيف ومقتنيات بطلنا الفذ والأسطوري كوهين) !!

إلى آخر المعزوفة التي يصر نتنياهو وقادة الكيان الصهيوني على عزفها بغرور في مثل هذه الاختراقات والمناسبات ..

وأظن أن هذه الادعاءات المفخمة، وصمت النظام السوري، أو نفيه الخجول، قد جعل من الأمر وكأن شيئاً خارقاً وبطولياً قد فعله جهاز الموساد عند حصوله على مقتنيات العميل كوهين..!

ولولا وكالة “رويترز ” التي فضحت وهم هذا الإدعاء الصهيوني، وكشفت السر المستور، لبقيت البالوعة مغطاة بغطاء صهيوني، ولظل الموساد وقادة إسرائيل يتفاخرون بوهم منجزهم و ( عمليتهم المعقدة والأسطورية) !!لكن “رويترز ” التي نقلت عن ثلاثة مصادر سورية مهمة، بعضها يعمل في بنية الشرع، وقريب منه، قولها بأنّ القيادة السورية وافقت على تسليم وثائق ومتعلّقات الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين إلى كيان الاحتلال، “في محاولة لخفض حدة التوتر مع تل أبيب وكبادرة حسن النوايا تجاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فضلاً عن محاولة ترطيب العلاقات وتحسينها بشكل أفضل مع إسرائيل ” !

إذاً، فالقضية لم تكن كما يحاول تصويرها الموساد وتسويقها للعالم، فلا هي عملية معقدة وصعبة، ولا أسطورية، ولاهم يحزنون، إنما ثمة (رشوة) قدمها (المجاهد الشرع) إلى كيان تل أبيب الصهيوني، لشراء رضاها أولاً، وفي الوقت ذاته هي هدية شخصية يقدمها الرئيس السوري إلى الرئيس الأمريكي ترامب لموقفه الداعم لسوريا ..!

وللحق، فإن المشكلة بالنسبة لي لا تتعلق قط بمقتنيات كوهين ومدى أهميتها، ولا حتى بأخلاقية وعدم اخلاقية الرشوة أو الهدية التي قدمها الشرع، إنما المشكلة تتلخص بكذب النظام السوري، وعدم كشفه عن (ذمته) السياسية والاخلاقية، وعدم اعترافه بهذه القضية إلا بعد افتضاح أمره وكشف سره.. ولا اعرف لماذا صمت النظام أولاً، ولماذا نفى بشكل خجول ثانياً، ولماذا اعترف بحصول إسرائيل على مقتنيات كوهين بعملية بسيطة، وبموافقة الشرع شخصياً – كما يدعي المطبلون للشرع – وليس بعملية استخباراتية صعبة ومعقدة قام بها جهاز الموساد بمساعدة استخبارات دولة صديقة (قطر) كما تدعي إسرائيل؟!.

والسؤال الذي يشغلني حقاً، هو لماذا كل هذا اللف والدوران إذا كانت الغاية مفيدة لسوريا، ونافعة لشعبها كما يقول أتباع النظام السوري- مع أني شخصياً لا أتوقع أي خير أو فائدة تأتيان من العلاقة مع هذا الكيان الإجرامي الشرير -كما لا اعرف لماذا يخفي الشرع وجماعته سر العلاقة مع تل أبيب، وهي العلاقة التي تحيكها وتنسجها قطر وتركيا منذ فترة بعيدة، أي قبل أن تستلم هيئة تحرير الشام السلطة في دمشق، أقول لماذا يخفون هذه العلاقة إذا كانت شريفة وعفيفة وطبيعية.. لماذا ؟

اما إذا كانت العلاقة معيبة ومخجلة وعاراً على أصحابها، بحيث يضطرون إلى إخفائها، فما الداعي إذاً لإقامة هكذا علاقة مخجلة ومذلة، ولماذا الارتباط بمن يجلب لك العار والخزي ؟

إن مشكلة الجبن والخوف من الشعوب، والكذب على الجميع، والعمل في الظلام، ليست مشكلة نظام الشرع لوحده، بل هي مشكلة كل الأنظمة العربية للأسف الشديد.. واعتقد أن فضيحة تسليم مقتنيات كوهين إلى تل أبيب ستظل مدفونة لولا وكالة ” رويترز” التي نبشت في أزبال الشرع، وعثرت عليها، ولا أعرف كم من جريمة عفنة مثلها أخفاها هذا النظام، أو اخفاها نظام الأسد في المزابل السورية قبله، وكم فضيحة ستظل مستترة ومخفية بين قمامات الأنظمة العربية دون أن تعثر عليها “رويترز ” أو شقيقاتها من الوكالات الأخريات ؟!

إن مشكلة نظام الشرع وبقية الأنظمة العربية لا تكمن في ضعفها وجبنها من شعوبها فحسب، إنما في كذبها على الآخرين، وعلى نفسها حتى، وهذا ما جعلها محتقرة وغير محترمة في عيون الكل دون استثناء ..

ختاماً أود الاعتراف بأني شخصياً ضد التطبيع من الوريد إلى الوريد، واحتقر كل المطبعين مع الكيان الصهيوني، لكني سأحتقر أكثر أولئك المطبعين له في الليل والمعارضين له في النهار.. فهؤلاء المقنعون صهاينة وجبناء معاً .. وأنا شخصياً أكره الصهاينة، وأكره الجبناء، أكرههم جميعاً مذ أن ولدتني أمي العظيمة .

فالح حسون الدراجي

مقالات مشابهة

  • إمارة مكة توضح خطوات تسجيل «زائر» بتطبيق توكلنا
  • ما هذا الصوت؟.. تعابير وجه زوجة قائد الغواصة تيتان لحظة سماع الانفجار الداخلي يكشفها فيديو جديدة وسط تفاعل
  • وثيقة نادرة تكشف أول احتفال بالاستقلال في إمارة شرق الأردن عام 1928
  • رويترز تفضح صورة مغلوطة استخدمها ترامب ضد حكومة جنوب أفريقيا
  • في ليلة مصرية بامتياز.. ميريام فارس: الروح الحلوة عند المصريين ما بتتغير
  • لوجون أفريك: شعب الفلان بغرب أفريقيا عالق بين المسلحين والعسكريين
  • صمت العالم ينكسر.. غزة تفضح النفاق الدولي تجاه إسرائيل| تقرير خاص
  • عملية سرقة فيلا في لبنان تفضح شبكة يقودها مراهقون
  • مقتنيات الجاسوس كوهين تفضح الشرع، وتكشف كذب الأنظمة العربية
  • البابا تواضروس يستقبل ولي عهد إمارة الفُجَيْرة بالإمارات العربية المتحدة | صور