عربي21:
2025-07-06@05:41:30 GMT

الترامادول.. قراءة في خطاب بائس!

تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT

"تكلموا تُعرفوا؛ فإن المرء مخبوء تحت لسانه"!

هذا قول للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وهو ينطبق على حالة عبد الفتاح السيسي، والذي ما أن يتكلم حتى يصبح كتاباً مفتوحاً للعامة، على نحو يذكرنا بحالة الشيخ حسني في فيلم "الكيت كات"، والذي تكلم ففضح الحارة وأذاع أسرارها، لأنه لم ينتبه (لكونه "ضريراً") إلى أن مكبر الصوت مفتوحاً، فكانت سمعة الأشخاص والعائلات على الهواء.

لكن صاحبهم بحديث "الترامادول"، أجاب على أسئلة منذ بداية الثورة عن "الطرف الثالث"، أو ما كنا نطلق عليه "اللهو الخفي"، الذي ارتكب الكثير من الجرائم التي قُيدت سياسياً ضد مجهول، وليس أولها أحداث استاد بورسعيد، وإذا كنت يومئذ أكتب أن الطرف الثالث هو بشحمه ولحمه الطرف الأول، فهذا هو الدليل الكاشف للخبرة، وسابقة الأعمال، ويمتد الأمر إلى جانب كبير من حشود 30 يونيو، وإلى المذابح التي جرت بعد ذلك، فهل كان الجناة والجمع الكريم تحت تأثير عقار "الترامادول"؟!

أدرك تماماً أنه ما إن يتكلم حتى يكون صيداً ثميناً لمن يتربصون به، لكنه عندما فرغ من كلمته أمس (الأحد)، اعتبرت هذا الحديث استثناء فليس فيه ما يمثل امتداداً لخطابه العام، ولم تكن "الحفلة المنصوبة" على حديثه في اليوم السابق قد فُضّت، ورغم أنني استمعت إلى حديث "الترامادول"، فقد "كذّبت أذني"؛ إي وربي، فمهما حدث لا يمكن تصور أن يهبط حديث لمسؤول إلى هذا المنحدر الغارق في الشعبوية، وكأنه ليس في محفل عام، الأمر الذي يليق بعمل درامي، كهذا الذي ضم أحمد سعد (اللمبي)، والفنان الكبير حسن حسني؛ ذات سهرة!

ولأني لم "أصدق أذني"، فعندما وجدت حديث "الترامادول" منشوراً نصاً على صفحة أحد رواد فيسبوك، كصورة منسوبة لأحد المواقع، ساورني الشك أنها قد تكون مزورة، وعليه فقد دخلت على صفحة الموقع لأجدها -يا إلهي- حقيقة لا ريب فيها!

حديث مجلس القضاء الأعلى:
الجنرال الذي هبط بالخطاب السياسي إلى مستوى غير مسبوق في التاريخ المصري، قال إنه تحدث أمام مجلس القضاء الأعلى، وبدا الاجتماع وقد عُقد مؤخراً، فهل كان بمناسبة افتتاح العام القضائي (في نفس يوم خطاب الترامادول)، ليكون السؤال: لماذا لم يُذع هذا اللقاء كمثل عموم لقاءاته السابقة؟ فهل هناك من يتدخل لضبط الحالة؟ والخطاب الأخير والذي يبدو أنه على الهواء مباشرة، خضع للمونتاج، بحسب أهل الاختصاص، ومع ذلك تسرب حديث "الترامادول"
إن الجنرال الذي هبط بالخطاب السياسي إلى مستوى غير مسبوق في التاريخ المصري، قال إنه تحدث أمام مجلس القضاء الأعلى، وبدا الاجتماع وقد عُقد مؤخراً، فهل كان بمناسبة افتتاح العام القضائي (في نفس يوم خطاب الترامادول)، ليكون السؤال: لماذا لم يُذع هذا اللقاء كمثل عموم لقاءاته السابقة؟ فهل هناك من يتدخل لضبط الحالة؟ والخطاب الأخير والذي يبدو أنه على الهواء مباشرة، خضع للمونتاج، بحسب أهل الاختصاص، ومع ذلك تسرب حديث "الترامادول". قلنا من قبل: لقد رُفع عنه الستر الإلهي!

ويبدو أن هناك من صار يتدخل لحماية الجنرال من نفسه، لا سيما وأن البلد في موسم انتخابي، فحجب بالكلية اللقاء مع مجلس القضاء الأعلى، ربما لأنه لم يجد فيه ما يصلح لأن يذاع على الرأي العام، تماماً كما أخضع حديثه هذا للمونتاج، لكن لا يُغني حذر من قدر!

ما قاله السيسي أنه في اللقاء المشار إليه ذكر "أنا ممكن أدي شريط ترامادول و1000 جنيه لـ100 ألف إنسان ظروفهم صعبة وأنزلهم 10 أيام يعملوا حالة، ممكن أهد بلد بمليار جنيه يعني بمبلغ ناس بتصرفه في حفلة". وقد تداخلت لديه الأرقام فاستعان بمن حوله في عملية الضرب والقسمة، وهبط بالرقم المدفوع إلى 100 جنيه في اليوم، قبل أن يرفعه مرة أخرى إلى ألف جنيه، لكنه أبداً لم يتراجع عن نسبة الفعل لذاته؛ "أنا ممكن.. وأهد"، على نحو كاشف عن مخططه للمستقبل، إذا استبعدنا ملف خدمته في هذا الجانب، لأن الأحكام لا تبنى على الشك والتخمين، ولكن على الجزم واليقين، كما تقول المبادئ المستقرة لمحكمة النقض!

"بشار" المثل الأعلى:

إن من يفكر في استدعائه المتكرر للحالة السورية، يؤكد أن ما فعله بشار الأسد من تدمير سوريا على رؤوس السوريين هي خطة حاضرة في الذهن وقت اللزوم، ولو في حديثه عن أنه حمى مصر من مصير سوريا، وفي الواقع أنه فعل ما فعله بشار الأسد، وقد بدأ انقلابه بمذابح رابعة والنهضة والحرس الجمهوري وغيرها، لكن إذا كان ثمة فضل لأن مصر لم تتحول إلى سوريا، فإنه يعود لجماعة الإخوان المسلمين، التي لم تسلح الثورة ولم تدعُ للمواجهة، ولم تشكل الجيش المصري الحر!

بيد أن الفكرة مختمرة في عقله، لكن فاته أن مصر ليست سوريا، وأن الجيش المصري ليس جيش عائلة أو قبيلة، كما الجيش العلوي هناك، وربما أدرك هذه الحقيقة فكان حديث المئة ألف وشريط الترامادول لكل شخص، وكان في إدراكه لهذه الحقيقة سبباً في إسناد شركة أمن مملوكة للأجهزة السيادية لزعيم الزعران في مصر، بعد أن أخلى سبيله بعفو صحي، وإذا به كما الثور، الأمر الذي يجعل "العفو الرئاسي الصحي" يمثل إساءة الحق في استخدام السلطة!

من يفكر في استدعائه المتكرر للحالة السورية، يؤكد أن ما فعله بشار الأسد من تدمير سوريا على رؤوس السوريين هي خطة حاضرة في الذهن وقت اللزوم، ولو في حديثه عن أنه حمى مصر من مصير سوريا، وفي الواقع أنه فعل ما فعله بشار الأسد، وقد بدأ انقلابه بمذابح رابعة والنهضة والحرس الجمهوري وغيرها، لكن إذا كان ثمة فضل لأن مصر لم تتحول إلى سوريا، فإنه يعود لجماعة الإخوان المسلمين
إنه يشكل قوات "الدعم السريع"، ويصنع حالة حميدتي في السودان، والذي صنعه البشير لإحداث توزان في القوة مع الجيش، فإذا فكّر في الانقلاب عليه كانت هناك "حمايته" التي يمكنه بها أن يواجه التمرد!

إذا سلمنا بأن الجنرال قد خانه التعبير، وأنه يقصد بهذا الأشرار مثلاً، وإن كان النص لا يحتمل ذلك وهو يتكلم عن نفسه "أنا ممكن أدي.."، "أهد بلد بمليار جنيه.."، فإن اتهام الأعداء بهذه المقدرة يفيد نهاية الدولة المصرية بمؤسساتها ومن ضمنها مؤسسات القوة!

ومع توافر الإرادة لدى الأشرار لـ"هد الدولة"، وتوافر المليار جنيه، فإن المرء يحار في كيفية امتلاكهم لأدوات الهدم، فهل الترامادول في السوق المصري يكفي "لتموين" مائة ألف شخص، بواقع شريط منه لكل فرد؟ مع العلم أنه من الأدوية التي تقع ضمن الجدول، فلا تصرف إلا بتذكرة الطبيب، وهو عقار يتم استيراده، وهذه فرصة طيبة لنسأل عن الجهة التي تستورد الترامادول، وإمكانية سيطرة الأشرار عليها، إلا إذا تم الوضع في الاعتبار أن نفوذ الأشرار سيدفعهم لاستيراده من الخارج لحسابهم الشخصي، وهنا يعني عدم ثقة في الجهات التي تراقب المنافذ في البلد سواء المطارات أو الموانئ، ومن يملك هذا العدد الضخم من السكارى الذين يندفعون لهد البلد تحت تأثير المخدر، هل يوجد في مصر كل هذا العدد؟ إنها كارثة إذاً؟

أكثر ما يحير هو هذا التصفيق الحاد لحديث الترامادول من جانب الجمع الكريم، فهل يصفقون لقدرة الجنرال على "هد البلد"، أم لقدرة الأشرار على القيام بالمهمة؟!

إن المرء مخبوء تحت لسانه!

twitter.com/selimazouz1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السيسي الترامادول المصري تدمير مصر السيسي تدمير الترامادول مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مجلس القضاء الأعلى

إقرأ أيضاً:

أيمن سماوي، “تعالوا نُكمل الحكاية”. في حديث مع المدير التنفيذي لمهرجان جرش للثقافة والفنون

صراحة نيوز-

قائمة المحتويات لماذا اختيرت المدينة الأثرية جرش لتكون موطنًا لهذا المهرجان منذ انطلاقه؟ما الذي يميز مهرجان جرش عن غيره من التظاهرات الثقافية في المنطقة؟ رغم الأزمات العالمية والإقليمية، لم يتوقف المهرجان. كيف تفسّرون هذه الاستمرارية؟ ماذا عن الدورة الحالية؟ ما الذي يميز “جرش 39”؟ أخيرًا، كيف تصف رسالة مهرجان جرش اليوم؟  لماذا اختيرت المدينة الأثرية جرش لتكون موطنًا لهذا المهرجان منذ انطلاقه؟

حين اختارت الدولة الأردنية أن يُقام مهرجانها الثقافي الأبرز في قلب مدينة جرش الأثرية، كان اختيارًا يستند إلى تاريخ ضارب في العمق، وإلى مخزون حضاري وجغرافي يجعل من جرش قلبًا نابضًا في الأردن.

ما الذي يميز مهرجان جرش عن غيره من التظاهرات الثقافية في المنطقة؟

جرش صُمم ليكون مسرحًا للفنان الأردني أولًا، ومساحة تتيح له التفاعل مع محيطه العربي والدولي. في كل دورة، نوسّع المساحات الإبداعية، ونكرّس التشاركية، ونفتح الباب أمام تنويعات فنية تعبّر عن الإنسان والمكان في آنٍ واحد. نُجدّد رؤيتنا باستمرار، مستندين إلى إرث تراكم عبر العقود.

 رغم الأزمات العالمية والإقليمية، لم يتوقف المهرجان. كيف تفسّرون هذه الاستمرارية؟

واجهنا مثل غيرنا تحديات كبيرة؛ من جائحة كورونا إلى التوترات الإقليمية، ومع ذلك بقي المهرجان حيًّا. نتيجة لإيماننا العميق برسالة المهرجان، وبالفنان الأردني. مهرجان جرش مساحة مضيئة تُعبّر عن روح المبدع الأردني، وتُتيح له أن يقول كلمته وتؤكد إصراره أن يضيء مسرحه مهما اشتدّت العتمة.

 ماذا عن الدورة الحالية؟ ما الذي يميز “جرش 39”؟

“جرش 39” ليس مجرد دورة رقمية. هو امتداد لما بُني عبر السنوات، لكنه أيضًا خطوة باتجاه المستقبل. نعمل على رسم خارطة جديدة للمهرجان، في صلب هذه الخارطة: تمكين الفنان الأردني، وفتح الأفق أمام الجيل الجديد من المبدعين ليكون لهم مكان فعلي ومؤثر في المشهد الثقافي الوطني.
مهرجان جرش لا يتوقّف عن التجدّد. نحن نعمل بخطى مدروسة تبني على التراكم، وتعزز الحضور في المشهدين العربي والدولي.
• مهرجان المونودراما المسرحي أصبح مكوّنًا أساسيًا، بثيمة مختلفة عن المهرجانات الرسمية، واستقطب مشاركات عربية نوعية، وها هو اليوم، يشهد إقبالًا نوعيًا استدعى تشكيل لجنة إضافية لفرز العروض، ما يؤكّد على مصداقية المهرجان وتطوره.

• الفن التشكيلي لم يعد زاوية جانبية، بل تحوّل إلى مساحة حوار بصري عالمي، من خلال مشاركة فنانين أردنيين وعرب وأجانب، وإنتاج لوحات ومنحوتات.
• الشعر والندوات الفكرية باتت مكوّنًا ثابتًا في البرنامج، مما يضفي بُعدًا معرفيًا على التظاهرة، ويمنح الكلمة نفس الأهمية التي تُمنح للموسيقى واللوحة والعرض المسرحي.
• الحضور الدولي يتسع، إذ تشارك هذا العام فرق ووفود من أكثر من ثلاثين دولة عربية وأجنبية، تلتقي وتتقاطع مع التجربة الأردنية في حوار ثقافي حي.

 أخيرًا، كيف تصف رسالة مهرجان جرش اليوم؟

رسالة جرش هي أن الإبداع أحد وجوه السيادة الثقافية الأردنية، وجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية. ومنذ تسعة وثلاثين عامًا، ظل الفنان الأردني هو المحور، وهو الدافع، وهو العنوان الذي نتحرّك لأجله. نفتح له الأبواب، ونمنحه المساحة ليقدّم فنه أمام جمهوره، ويؤكد أن الفنان الأردني، رغم كل التحديات، قادر على صناعة الجمال، وتقديمه للعالم بثقة وشغف.

 

مقالات مشابهة

  • أستاذ تاريخ حديث: الإخوان لا يؤمنون بالديمقراطية.. والمنطقة تدفع الثمن
  • أيمن سماوي، “تعالوا نُكمل الحكاية”. في حديث مع المدير التنفيذي لمهرجان جرش للثقافة والفنون
  • أردوغان: المرحلة التي وصلت إليها سوريا بارقة أمل للمنطقة
  • أحمد الشرع: الهوية التي نطلقها اليوم تعبر عن سوريا التي لا تقبل التجزئة ولا التقسيم
  • سوريا تكشف عن هوية بصرية جديدة.. فما الرسائل التي تحملها؟
  • الرئيس الشرع: الهوية التي نطلقها اليوم تعبر عن سوريا التي لا تقبل التجزئة ولا التقسيم الواحدة الموحدة
  • وزير الخارجية: سوريا التي نراها اليوم تشبه الشعب السوري
  • الرئيس الشرع: شعبنا العظيم إن الهوية التي نطلقها اليوم تعبر عن سوريا التي لا تقبل التجزئة ولا التقسيم، سوريا الواحدة الموحدة، وإن التنوع الثقافي والعرقي عامل إغناء وإثراء لا فرقة أو تنازع
  • وزير الخارجية: توجت جهودنا برفع العقوبات ورفع علم سوريا في مقر الأمم المتحدة، سوريا التي نراها اليوم تشبه الشعب السوري، والرمزية السورية اليوم أكثر انفتاحاً ترمز إلى الإنسان السوري وثقافته وأرضه
  • وزير الخارجية: عملنا على خطاب يظهر سوريا بوجهها الحقيقي، بعيداً عن الشعارات ويحفظ كرامة المواطن السوري