محمد سويد يكتب: لماذا لا يكذب الرئيس؟
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
ما جرى عليه العرف، واستقرت عليه العادة، أن ماراثون الانتخابات رئاسية كانت أو برلمانية، ملئ بالزبد والعسل، لا يخلو من الوعود البراقة بالنعيم الذي لا يزول، يطوي صفحة الحرمان، ويعيد الأمل إلى نفوس العاجزين، فأين الكذبة البيضاء سيدى الرئيس المنتظر، لماذا كل هذا الجفاء مع الأحلام الوردية !
بينما تجري الانتخابات الرئاسية المصرية في ظروف اقتصادية قاسية، لم ترحم ضعف الفقراء، ولا توسل الموظفين والعمال، بل بالغت قسوتها وجرفت الطبقة الوسطى إلى مرارة العوز وربما الحرمان، فلم يتبقى لسواد الناس وعمومهم، سوى ستر الحامدين، وأمل المتعلقين بيقين "أن الله لن يضيعنا".
بدى الرئيس عبد الفتاح السيسي خضم ترشحه لولاية ثانية، أكثر صراحة من ذى قبل، وكأنه قد قطع على نفسه عهدًا بألا يعد بأكثر مما يستطيع تحقيقه، بل أمعن في الحقيقة التي يعتقدها ويؤمن بها، متمنيًا وناصحًا أن يكون اختيار الشعب لمواصلة البناء والتنمية، ولو على حساب الجوع والحرمان، وكأنه يخشى أن يتورط في وعود كتلك التي جرت عليها عادة الساسة والمرشحين، بل قال مصارحا شعبة لم أكن
أملك خزائن الأرض
على مدار عقد من الزمان، دارت رحى الحرب على الإرهاب، ولم تتوقف معركة التنمية على كل شبر في أرض مصر، شاهدنا طفرة في الطرق والكباري والبنية التحتية، التي كان مخطط لها أن تفتح لمصر آفاق الاستثمار الأجنبي، لولا حكمة الله في سنوات جائحة كورونا العجاف، ومن بعدها الحرب الروسية الأوكرانية، التي هزت اقتصاديات دول عظمى، ولم ترحم ضعف وحاجة دول العالم الثالث، إلى الغذاء والدواء، وكأنها صناعة جديدة للفوضى وعودة لاستعمار الدولار.
ما اجتمع الخوف والجوع إلا وكان الهلاك حتما، "فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" صدق الله العظيم.
ولما كانت الديمقراطية في أبسط معانيها، هي حكم الشعب أو حكم الأغلبية، فلا يمكن أن يمارسها جائع أو خائف، وإلا أفرزت نظاما مشوها مستغلا لطعام الناس وأمنهم.
أما وقد تخلصنا من شبح الخوف الذي صاحب الانفلات الأمني، والفوضى التي صنعها الربيع العربي، وعانقها الإرهاب، فلا يتبقى إلا حرب الجوع والعوز، التى تخوضها الدولة ضد تلك السياسات الاستعمارية الاقتصادية التي تسعى لهدم الأنظمة من الداخل، تستغل حاجة الشعوب الجائعة لتدفع ثمنا زهيدا للتغيير، تحدث عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولم يكن مفاجئا للجميع عندما قال إنه يمكن هدم مصر "بباكت وشريط ترامادول و20 أو حتى 100 جنيه يتوزعوا على 100.000 محتاج تحت وطأة الظروف الصعبة لخلق حالة من الفوضى"، لا تزيد ثمنها عن تكلفة إقامة حفلة !
ولم يختلف خطاب الترشح عن سابقيه فقال، واجهت معكم وبكم كل التحديات والأزمات وعبرنا معا جسور الأمان، ونحن بصدد استحقاق انتخابي يتولى مسئولية إدارة الدولة المصرية وإنني منذ سنوات عشر لا أبادر إلا باستدعاء المصريين الذين أدعوهم أن يجعلوا هذه الانتخابات بداية حقيقة لحياة سياسية مفعمة بالحيوية تشهد تعددية وتنوعا واختلافا دون تجاوز أو تجريح".
الأمر جلل والحقيقة لا تحتمل المواربة، لأن الأوطان لا تُبنَى بالكذب والخداع، وإنما تبنى بالمصارحة والإصلاح والجد والعمل، ولا أستثني فى ذلك مواطنا أو رئيس كلنا مسؤول قدر استطاعته وسلطاته، فلتذهبوا إلى صناديق الاقتراع، متطلعين لغد أفضل تصنعه أصواتكم وإرادتكم لا إملاءات وضغوطات الآخرين.
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
محمد كركوتي يكتب: الإمارات... النمو الأعلى
سيكون النمو الاقتصادي حاضراً في العامين المقبلين على الأقل في منطقة الخليج «ضمن نمو عالمي لا بأس به»، إلا أنه سيظل الأسرع في الإمارات، وذلك في إطار المسار الاقتصادي للبلاد، الذي يحقق قفزات نوعية بفترات زمنية قصيرة. وتبقى «محركات» هذا النمو مرتبطة بصورة تصاعدية، بالقطاعات غير النفطية، ضمن استراتيجية استكمال عملية البناء الاقتصادي، القائمة على التنوع، وعلى قطاعات جديدة وأخرى متجددة، تساهم في دفع النمو على الساحة المحلية. توافقت توقعات صندوق النقد والبنك الدوليين بشأن النمو القوي في الإمارات عند 4.8% في العام الجاري، و5% في العام المقبل، بل يتوقع البنك الدولي أن تستمر هذه النسبة في عام 2027، مما يعزز مجدداً الحراك الاقتصادي المحلي، ويفتح مزيداً من الآفاق أمام حصة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي.
الذي يدعم هذه التوقعات، النتائج التي حققها الاقتصاد الإماراتي في العام الماضي، خصوصاً على صعيد القطاعات غير النفطية. ففي 2024، بلغت مساهمة هذه القطاعات 75.5% من الناتج الإجمالي المحلي، وفي ظل وتيرة هذا النمو، ستتحقق مستهدفات «رؤية الإمارات 2031»، التي «كما هو معروف» تتضمن بالدرجة الأولى مضاعفة الناتج المحلي، ورص القاعدة الصلبة للاقتصاد الوطني على الساحة العالمية. كما ساهمت الاستثمارات الأجنبية في دعم المسار الاقتصادي الصحي، لأسباب عديدة، على رأسها، أن البلاد اتخذت منذ سنوات موقعها الراسخ كرائدة في جذب هذا النوع من الاستثمارات، التي بلغت 45.6 مليار دولار في العام الماضي، شملت قطاعات متنوعة، مثل الخدمات المالية، والتكنولوجيا، والاتصالات، وغيرها.
مسار النمو في الإمارات، يمضي أيضاً وفق وضعية «صحية» للتضخم التي سيستقر عند 2% حتى عام 2027، في حين أن كثيراً من الدول ذات الاقتصادات الحرة المشابهة، لا تزال تعاني ارتفاع أسعار المستهلكين، على الرغم من إجراءات عديدة اتخذت للحد منها. المؤشرات كلها تدل على أن الاقتصاد المحلي لا يحقق قفزات نوعية كل عام فحسب، بل يتجه لتحقيق مستهدفات الاستراتيجية العامة للبلاد. فحتى معدلات التشغيل هي الأعلى في المنطقة، مقارنة أيضاً ببقية الاقتصادات المشابهة، مع زيادة متواصلة لوتيرة مشاركة النساء في القوى العاملة.