هناك حالات يصبح السائل الذي ينتجه الطفل أقل من اللازم أو ينعدم بفعل تمزُّق في الأغشية . الإشكال في هذه الحالة يأتي من أن ثقب الأغشية الذي يسمح بخروج السائل ، يسمح أيضا بدخول جراثيم قد تهدّد حياة الأم و الجنين .
ماذا يفعل الأطباء في هذه الحالة؟
أمامنا حالة قد تصبح خطراً على الأم وجنينها ، و علاجها بتحريض الولادة قد يؤدي إلى ولادة طفل قبل اكتمال وظائف أعضائه ، مّما يعنى الحاجة إلى البقاء في حضانة للأطفال المبتسرين ، و الحاجة للكثير من الدعم ، كالتنفس الصناعي و الأدوية ، و رغم كل ذلك فإن الطفل قد لا يتمكن من تجاوز هذه الحالة إلا مع درجة ما من الاعاقة تتراوح بين الإعاقة الخفيفة والشديدة.
يوازن الطب هنا بين ولادة طفل لم يصل الى اكتمال وظائف الأعضاء ، أو استمرار الحمل مع مراقبة الأم وجنينها مراقبة لصيقة ، و أخذ احتياطات لاكتشاف أى مؤشرات على بدء حالة التهاب جرثومي ، و هنا نتدخل لتوليد الجنين قبل أن يصل الى مرحلة خطر إنتانى له أو لأمه. و قد تقتضي هذه المعالجة وجود الأم داخل المستشفى فترات قد تطول.
إذن فالقرار يعتمد على عمر الجنين، فلو كان قد وصل الى عمر النضج ، أى إلى إنهاء خمسة وثلاثين أسبوعا من عمره الرحمي ، حيث تصبح مخاطر الولادة المبكرة قليلة جداً ، يمكن تجاوزها ببعض الدعم الطبى ، و بالتالى لا حاجة للإستمرار في الحمل، هنا يقوم الأطباء عادة بتحّريض الولادة .
لكن في حالة أن يحدث تسرب السائل الأمنيوسي بين الأسبوع الثانى والعشرين والأسبوع الخامس والثلاثين، حيث تكون مخاطر الولادة المبكِّرة كبيرة، عادة ما يلجأ الطب إلى استبقاء الحمل مع الإلتزامات بالإحتياطات المشدّدة التى أشرنا اليها ، و إذا نشأت الحاجة للتوليد ، يجب ترتيب الولادة في مكان قادر على تقديم الدعم المكثف للطفل ، حتى نصل إلى اكتمال السلامة ، و كلما زاد عمر الطفل الجنينى ساعة الولادة كلما نجا الطفل من عواقب الولادة المبكرة، و بحمد الله أصبحت معظم مراكز العناية المشددة للأطفال قادرة على تحقيق كامل السلامة للطفل منذ الأسبوع الثامن و العشرين ، و نأمل بالمزيد من الكفاءة مستقبلا.
ماذا لو حدث تسرب السائل الأمنيوسي قبل بلوغ الجنين أسبوعه الثاني و العشرين في الرحم؟ المشكلة الكبرى أنه بغياب السائل الامنيوسى لن تصل رئتا الطفل إلى النضج الوظيفي، أي أنها لن تستطيع ممارسة وظيفتها بنقل الأكسجين من الهواء الجوى إلى الدم ، و إخراج ثانى اكسيد الكربون من الدم إلى الهواء الجوي، و حتى لو أمكن إطالة مدة الحمل حتى تصل إلى شهرها الأخير ، فإن الطفل لن يكون قادراً على التنفس مطلقاً في تسعين في المائة من الحالات.
هنا يرى الأطباء أن استمرار الحمل يزيد من المخاطر الإنتانية على الأم أو الجنين دون فائدة ، و لو أمكن الإتفاق على هذا الأمر بخصوص حالة من الحالات من مجموعة من الأطباء العدول، من حيث الموثوقية و الفهم الطبى و الشرعى ، فإن إنزال الطفل يصبح قانونياً و طبياً من الناحية الشرعية.
بطبيعة الحال فإن التطورات المتلاحقة في الطب ، قد تغيّر من طرق المعالجة بما يفيد البشر.
والأمر لله من قبل و من بعد.
SalehElshehry@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
أسبوع مايو الثاني ما بين رئاسة مانديلا وحكم إعدام شاه إيران
واستعرض برنامج "في مثل هذا الأسبوع" -عبر منصة الجزيرة 360، في حلقته الجديدة- المحطات التاريخية الفارقة التي طبعت الأسبوع الثاني من مايو/أيار، والتي تنوعت بين مجازر استعمارية وثورات شعبية وابتكارات طبية.
ففي الثامن من مايو/أيار 1945، وبينما كانت أوروبا تحتفل بنهاية الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء على ألمانيا النازية، كان المشهد مختلفا تماما في الجزائر التي شهدت واحدة من أبشع المجازر الاستعمارية.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4نيلسون مانديلا.. الزعيم المكافحlist 2 of 4عنف الاستعمار بالجزائر.. فرنسا استخدمت التعذيب والحرق والأسلحة الكيميائيةlist 3 of 4من السجن إلى الرئاسة.. هل تتكرر تجربة مانديلا مع البرغوثي؟list 4 of 4ما بعد سقوط الشاه.. كيف حمت الثورة الإيرانية مكتسباتها؟end of listوبدأت الأحداث في مدينة سطيف، حين خرج الجزائريون في مسيرات حاشدة مطالبين بالاستقلال، بعدما خلفت فرنسا وعودها بمنحهم حريتهم مقابل مشاركتهم في تحريرها من الاحتلال النازي.
واشتعلت شرارة المواجهات عندما رفع الشاب بوزيد سعال علم الاستقلال رافضا أوامر الضباط الفرنسيين، ليستشهد برصاصهم، مما أشعل انتفاضة شعبية واسعة واجهتها القوات الفرنسية بوحشية مفرطة.
وخلال أسابيع، ارتكبت فرنسا مجازر في مدن سطيف وقالمة وخراطة وسوق أهراس، مستخدمة كل أنواع العنف ضد المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء والشيوخ، وذهب ضحية هذه المجازر نحو 45 ألف جزائري.
وبلغت وحشية القوات الفرنسية مستويات صادمة حين تخلصت من جثث الضحايا بإحراقها في أفران الجير، ولا تزال فرنسا ترفض الاعتذار عن هذه الجرائم، بينما تخلد الجزائر ما جرى سنويا كيوم وطني للذاكرة.
إعلان أول حبوب لمنع الحملومن مأساة الاستعمار إلى ثورة في عالم الطب، ففي التاسع من مايو/أيار 1960، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على إنتاج أول حبوب لمنع الحمل، في حدث مفصلي لمحاولات لما يسمى تنظيم النسل.
وتعود قصة اختراع هذه الحبوب إلى نهاية القرن الـ19 مع الممرضة الأميركية مارغريت سانغر، التي فقدت والدتها بسبب مضاعفات الحمل المتكرر، مما دفعها للبحث عن حل أبسط وأرخص وأكثر أماناً.
وبدعم من الناشطة كاثرين ماكورميك، نجح فريق سانغر في تطوير حبوب تحاكي عمليات حيوية طبيعية تؤجل الحمل، لكن تجربة الحبوب على النساء مثّلت تحديا كبيرا في ظل القوانين التي كانت تجرّم تداول مثل هذه المنتجات.
وللالتفاف على القانون، توجه الفريق الطبي إلى جزيرة بورتوريكو التابعة للولايات المتحدة، حيث أقنعوا النساء هناك بتجربة "حبوب سحرية" في أنها كانت في الواقع ما تزال في مرحلة التجارب السريرية.
وبعد سنوات من التطوير والتجارب التي شهدت وفيات بسبب الأعراض الجانبية، أصبحت حبوب منع الحمل واقعا، لتصل خلال عامين فقط إلى أكثر من مليون امرأة أميركية، محدثة ثورة في مفهوم "تنظيم النسل".
مانديلا يعتلي كرسي الرئاسةوفي العاشر من مايو/أيار 1994، كتب نيلسون مانديلا فصلا جديدا في تاريخ جنوب أفريقيا، حين أدى اليمين الدستورية كأول رئيس أسود للبلاد، معلنا نهاية حقبة مظلمة من الفصل العنصري.
وكانت رحلة مانديلا إلى سدة الرئاسة شاقة، بدأت بانضمامه إلى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي المعارض عام 1942، وتحوله من النضال السلمي إلى المقاومة المسلحة بعد مذبحة شاربفيل عام 1960 التي راح ضحيتها مئات المتظاهرين العزل.
وسافر مانديلا إلى الجزائر لترتيب دورات تدريبية -لأعضاء الجناح العسكري للحزب- على حرب العصابات، مستفيدا من خبرة الجزائريين في مقاومة الاستعمار الفرنسي، ليعتقل بعد عودته وتصدر بحقه أحكام متتالية انتهت بالسجن المؤبد.
إعلانوظل مانديلا سجينا لأكثر من 27 عاما، رافضا كل العروض التي ساومته بالإفراج مقابل إنهاء النضال، حتى أصبح رمزا عالميا للكفاح ضد العنصرية، مما أجبر حكومة جنوب إفريقيا على إطلاق سراحه عام 1990.
وخاض مانديلا بعدها مفاوضات مع رئيس البلاد، حتى نجح في فرض شروط تنهي حكم الفصل العنصري، ليفوز بعدها بالانتخابات العامة التي أجريت في أبريل/نيسان 1994، ويصبح رئيسا للبلاد في العاشر من مايو/أيار من نفس العام.
فصل تعيس لشاه إيرانوبينما كانت جنوب أفريقيا تكتب فصلا سعيدا من تاريخها، كان الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي يعيش فصلا تعيسا من نهاية حكمه، إذ صدر يوم 13 من مايو/أيار 1979 حكم بإعدامه وأسرته، في إيذان بطي صفحة حكمه الذي دام 37 عاما.
وكانت نقطة التحول في مسار الشاه هي "الثورة البيضاء" البرنامج الإصلاحي الذي أطلقه بالتعاون مع الولايات المتحدة عام 1963، والذي لم ينعكس إيجابا على الداخل الإيراني بسبب التناقض بين منح بعض الحريات الشكلية وتشديد القمع السياسي.
ومع بداية السبعينيات، ازداد السخط الشعبي ضد الشاه بسبب الإسراف وغياب العدالة في توزيع الثروات، وحظر الأحزاب المعارضة، والقمع الوحشي لجهاز الشرطة السرية، فضلا عن الفجوة العميقة بين الشاه والشعب الذي كان يعاني من الفقر.
وظل الوضع محتقنا حتى عام 1978، حين نشرت صحيفة "إطلاعات" مقالا مسيئا للخميني وعلماء الدين، مما أشعل الاحتجاجات التي استمرت 9 أشهر، فشل خلالها الشاه في السيطرة على الأوضاع، ليترك السلطة ويفر إلى مصر.
وبعد عودة الخميني من المنفى كزعيم للثورة الإيرانية، صدر حكم الإعدام على الشاه وأسرته، لكن الحكم لم ينفذ، إذ ظل بهلوي طليقاً حتى وفاته في يوليو/تموز 1980 -في مصر- بعد معاناة مع مرض السرطان.
16/5/2025