في أقل من أسبوع، حل وزيران إسرائيليان علنا في السعودية، في وقت تكتسب فيه المحادثات بشأن توقيع اتفاق تطبيع بين البلدين زخما ملحوظا.

وزادت التوقعات خلال الأسابيع الماضية، بأنه سيتم التوصل إلى اتفاق سعودي-إسرائيلي تاريخي بوساطة أميركية رغم أن التوقيت والشروط لا تزال غامضة.

ومع تطور المفاوضات بين البلدين، شكك تحليل نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في أن تظل مكانة الأردن فيما يتعلق بالوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة ونفوذها في القضية الفلسطينية، إذا أبرمت السعودية اتفاقا للتطبيع مع إسرائيل.

 

"قلق أردني"

وترى الصحيفة في تحليل، نشرته الاثنين، أن هناك "قلقا أردنيا" من تطبيع إسرائيلي محتمل مع السعودية، ينبع من أن هناك خشية من طموح أكبر لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، من ألا يكون خادما للحرمين الشريفين فحسب، بل وللحرم القدسي أيضا. 

وتشير إلى أن هذا القلق عبر عنه العاهل الأردني، عبدالله الثاني، في القمة العالمية الأولى للشرق الأوسط على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، عندما تحدث عن تطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين عبر ما عرف بـ"اتفاقيات أبراهام" التي توسطت فيها الولايات المتحدة خلال ولاية الرئيس السابق، دونالد ترامب، حيث أشار  إلى أنها لا يمكن أن تحقق التطلعات مالم تحل مشكلة الفلسطينيين. 

وشدد الملك الأردني على أنه من "غير الممكن القفز بالمظلة فوق الفلسطينيين للتعامل مع العرب، ومن ثم العودة، هذا لا ينجح". 

وقال: "هناك شيء تريده المملكة العربية السعودية، وهناك شيء يريده الإسرائيليون، وهناك شيء يريده الأميركيون. ما عليك إضافته إلى هذا العنصر هو ما الذي سيخرج به الفلسطينيون؟".

وترى الصحيفة أنه "يبدو الآن أن إسرائيل والسعودية والولايات المتحدة تهبط بالمظلات مرة أخرى فوق الأردن، وهو أمر سيؤثر على نفوذها في القضية الفلسطينية". 

في المقابل، يرى المحلل السعودي، مبارك آل عاتي، في حديثه مع موقع "الحرة" أن المفاوضات التي لا تزال جارية بين السعودية وإسرائيل، "محددة على طبيعة العلاقات السعودية الإسرائيلية الأميركية الفلسطينية، ولا تتعلق بقضية الوصاية على الأماكن المقدسة". 

وأكد أن "ما أشارت إليه هآرتس حول مسألة تأثير ذلك على سلطة الإشراف الديني الهاشمي على القدس بعيدة كل البعد عن الحقيقة". 

"خلق قضايا خلافية"

وقال  آل عاتي إن "السعودية تدرك بالفعل مسألة الإشراف الهاشمي على بيت المقدس، وأكاد أجزم أن السعودية لن تتناول هذا الموضوع في مباحثاتها مع إسرائيل، وخصوصا مع طبيعة العلاقات السعودية الأردنية القوية، كما أنها ترى أنها في أيد أمينة فضلا عن أن السلطات في المملكة الأردنية الهاشمية تقوم بواجبها على أكمل وجه في مسألة الإشراف على الحرم القدسي". 

واعتبر أن "هذا الأمر يراد تضخيمه وخلق قضايا خلافية جانبية، لم تكن مطروحة للبحث على الأقل حتى الآن". 

ويؤكد المحلل السياسي الأردني، خالد شنيكات، في حديثه مع موقع "الحرة" أن الرعاية الهاشمية للأماكن المقدسة مؤطرة في معاهدة السلام الموقعة بين الدولتين، وهي جزء منها، "وعدم الالتزام به يمثل خرقا للمعاهدة". 

وتعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الأردن عام 1994، بإشراف المملكة ووصايتها على المقدسات الإسلامية في القدس التي كانت كسائر مدن الضفة الغربية تخضع للسيادة الأردنية قبل أن تحتلها إسرائيل عام 1967.

وقال شنيكات إن "الرؤية الأردنية بالنسبة للأماكن المقدسة هي أماكن عبادة يجب أن يسمح للديانات الثلاث بممارسة العبادة بدون عائق، وأن الأردن يقف بقوة ضد أي تغيير تاريخي أو حضاري للقدس، لأن القدس تمثل قيمة حضارية ودينية للإسلام والمسيحية تحديدا". 

وأضاف: "لا أعتقد أن السعودية تخالف هذه الرؤية، وبالتالي مسألة التنافس السعودي الأردني حول الأماكن المقدسة مسألة لا يتم طرحها من الأساس". 

وشدد على أن "العائلة الهاشمية لديها مسؤولية تاريخية ودينية بحكم النسب والأصول تجاه الأماكن المقدسة وجميع الدول العربية تعترف بهذه الوصاية ومتوافقة حول هذه الرؤية".  

علاقات متوترة 

تشير "هآرتس" إلى أن العلاقات متوترة بين الأردن وإسرائيل حاليا في ظل حكومة، بنيامين نتانياهو، وبالتزامن موقف مرن من جانب السعودية. 

لكن آل عاتي يرى أن وصول العلاقات الأردنية الإسرائيلية إلى حالة فتور "أمر غير مستغرب في ظل الخلافات الكبيرة بين البلدين بسبب مواقف اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يلقى حتى انتقادات داخلية". 

وأضاف أنه بسبب سياسات اليمين المتطرف فإن ذلك أدى إلى توتر العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية الأربعة التي وقعت معها اتفاقات أبراهام". 

حل الدولتين أم الدولة الواحدة؟

أشارت الصحيفة إلى، أنه في مقابل الموقف الرسمي للملك عبدالله الثاني المتمسك بحل الدولتين، فإن هناك موقفا سعوديا مرنا. 

لكن آل عاتي يقول لموقع "الحرة": "حتى وإن كان هناك مرونة من الجانب السعودي، فأعتقد أن حل الدولتين حاضر بقوة مع تمسك السعودية بمبادرة السلام العربية". 

وكانت السعودية قد طرحت مبادرة السلام العربية عام 2002، وتبنته الدول العربية على نطاق واسع فيما بعد، وتشير إلى أن إسرائيل لن تحصل على اعتراف عربي بها إلا إذا انسحبت من الأراضي التي احتلتها في حرب عام 1967، ومن بينها تلك التي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها.

وقال آل عاتي: "من الواضح أن السعودية متمسكة بحل الدولتين وقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، والموقف السعودي يبدو لي متصلب في هذه القضية وأن المملكة لن تتنازل في هذا الأمر". 

وقام سفير السعودية غير المقيم لدى الفلسطينيين، وهو منصب كشفت عنه المملكة في أغسطس الماضي، بأول زيارة إلى مقر الحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية في 26 سبتمبر الماضي، وقدم أوراق اعتماده أيضا "قنصلا عاما في القدس".

ولهذا اللقب حساسية نظرا لأن إسرائيل تعتبر القدس بالكامل عاصمة لها وترفض مطالب الفلسطينيين بأن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم التي يأملون إقامتها في المستقبل.

وقال السفير، نايف السديري، للصحفيين في رام الله إن زيارته تعد تأكيدا "على أن القضية الفلسطينية وفلسطين وأهل فلسطين يقعون في مكانة عالية ومهمة، وإن شاء الله في الأيام القادمة يكون هناك مجال لتعاون أكبر بين المملكة العربية السعودية ودولة فلسطين من خلال هذا التأييد وهو دلالة مهمة لحرص المملكة على هذه البلد وأهلها".

وأكد آل عاتي أن "المملكة لن تتنازل عن حق الشعب الفلسطيني ولديها التزام تاريخي، حيث تعتبر نفسها معنية بالقضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية". 

من جانبه، يقول شنيكات: "بالنسبة لحل الدولتين، فقرارات الشرعية الدولية 242 ومجلس الأمن الدولي 338 يؤيد فكرة حل الدولتين وهو الحل الذي يمثل مصلحة حيوية لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين وكذلك الأردن، لأنه يمثل الاستقرار للجميع". 

وأوضح أن "نهاية مطاف القضية الفلسطينية هو أن يكون للفلسطينيين دولة، تتمتع بالسيادة وبحدود معترف بها ومقبولة من الجميع"، مشيرا إلى أن "حل الدولتين هو الموقف العام أو المقبول على الأقل منذ 1967 الذي يضمن تسوية يحفظ أمن الإسرائيليين ويؤسس للفلسطينيين دولتهم". 

وأضاف: "في حال غياب حل الدولتين، يعني ضمنا، هو حل الدولة الواحدة، لا أعتقد أن إسرائيل نفسها ستتقبله، لأنه سيؤدي إلى خلق مواطنين من الدرجة الثانية واستنساخ نظام الأبارتايد "الفصل العنصري" مثل الذي كان موجودا في جنوب أفريقيا قبل تسعينيات القرن الماضي". 

وأضاف: " حل الدولتين لا يمثل وجهة نظر أردنية فقط، بل وجهة نظر عربية في جميع القرارات العربية، وهو موقف سعودي أيضا". 

وأقر شنيكات بأن هناك وجهة نظر متداولة حاليا بأن فكرة حل الدولتين تتراجع وقد تضمحل أكثر مع زيادة عمليات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، فضلا عن التوسع الاستيطاني وسياسات اليمين المتطرف في إسرائيل. 

لكنه قال: "لا يعني استمرار قطار التطبيع أن ينتهي النزاع العربي الإسرائيلي أو الفلسطيني الإسرائيلي، حتى الآن نشاهد التغيرات اليومية في الضفة الغربية، هناك هجمات فلسطينية وهجمات مضادة إسرائيلية، وهذا يشير ببساطة أن الحل ليس فقط في الجانب العربي، بل إذا أرادت إسرائيل أن تضمن استقرارا، فعليها أن تفكر بحل سياسي في الضفة الغربية وغزة". 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة الضفة الغربیة حل الدولتین أن إسرائیل إلى أن

إقرأ أيضاً:

ما هي بنود وقف إطلاق النار المحتمل في غزة؟

في الآونة الأخيرة، كثر الحديث عن احتمال التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس، بعدما أعلن البيت الأبيض، الخميس، أن تل أبيب وافقت على مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف. فما هي بنود الصفقة المحتملة؟ اعلان

كشفت وكالة "رويترز" عن تفاصيل الخطة الأمريكية لوقف إطلاق النار في غزة، والتي تنص على هدنة لمدة 60 يومًا، تتضمن إفراج حركة حماس عن 30 أسيرًا إسرائيليًا من أصل 58، سواء كانوا أحياء أو أمواتًا، خلال الأسبوع الأول، مقابل إطلاق إسرائيل سراح 1,236 أسيرًا فلسطينيًا وتسليم رفات 180 قتيلًا آخر.

وتشمل الخطة التزامًا من الولايات المتحدة، إلى جانب مصر وقطر، بأن تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة فور توقيع حركة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.

وتتولى إدارة هذه المساعدات كل من الأمم المتحدة والهلال الأحمر الفلسطيني، بالإضافة إلى قنوات أخرى يتم الاتفاق عليها مسبقًا.

كما تنص على توقف الدولة العبرية عن جميع العمليات العسكرية في غزة فور بدء سريان الهدنة، مع إمكانية تمديد وقف إطلاق النار.

في هذا السياق، ذكرت صحيفة "معاريف" العبرية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقد مشاورات استمرت ثلاث ساعات لبحث مقترح ويتكوف، ليعلن لاحقًا موافقته عليه، لكنه أكد أن الجيش لن ينسحب من القطاع قبل إعادة جميع الأسرى الإسرائيليين.

Relatedمصر تعرض مقترحا جديدا لوقف إطلاق النار في غزة.. ماذا نعرف عنه؟بعد موافقة حماس على مقترح وقف إطلاق النار تقارير عن عزم نتنياهو أن يزف قريبا خبرا سعيدا حول الرهائن ساعات حاسمة لمباحثات وقف إطلاق النار.. اتصال جديد بين روبيو ونتنياهو بشأن غزةحماس لم تحسم أمرها بعد

وكانت "رويترز" قد نقلت عن مسؤول فلسطيني قوله إن حماس قد وافقت على المقترح، ومع ذلك، نفت مصادر أخرى حسم هذا الأمر، مشيرة إلى أنه لم يصدر أي قرار رسمي بعد، حيث لا تزال الخطة تخضع للتقييم من قبل الحركة.

ومنذ انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في مارس الماضي، تعثرت عدة محاولات للتوصل إلى هدنة. فبينما تشترط إسرائيل نزع سلاح حماس بالكامل وإعادة جميع الأسرى، ترفض الحركة التخلي عن سلاحها وتطالب بانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، وقد فشل الوسطاء غير مرة في خلق أرضية مشتركة بينهما.

سموتريتش وبن غفير يعارضان الصفقة

من جهة ثانية، يعارض بعض الوزراء الإسرائيليين اليمينيين المتطرفين الاتفاق. إذ نقل الإعلام العبري عن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير قوله لنتنياهو: "بعد رفض حماس المتكرر لمقترح الصفقة، لم يعد هناك مبرر للاستمرار في التعامل المتهاون مع غزة. لقد أضعنا فرصًا كافية".

كما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن التقديرات داخل مكتب رئيس الوزراء تشير إلى أن بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش قد يعارضان الصفقة، لكنهما لن ينسحبا من الائتلاف و لن يسقطان الحكومة. مع ذلك، أفادت تقارير أن سموتريتش "سيتخذ قراره بناءً على محتوى الاتفاق".

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • وزير خارجية السعودية: رفض إسرائيل زيارة اللجنة العربية الى الضفة الغربية "تجسيد لرفضها مسلك السلام"
  • السفير الأمريكي في إسرائيل ينتقد الرؤية الأوروبية في تنفيذ حل الدولتين
  • صالح المربع: هناك 12 محطة خارج المملكة لخدمة الحجاج في بلدانهم .. فيديو
  • السعودية: رفض إسرائيل زيارة اللجنة العربية يؤكد تطرفها ورفضها للسلام
  • إسرائيل تمنع وصول وفد وزاري عربي لرام الله لبحث حرب غزة وحل الدولتين
  • دبلوماسي أوروبي يهدد بتصعيد الضغط على إسرائيل
  • ما هي بنود وقف إطلاق النار المحتمل في غزة؟
  • أحدهما أردني الجنسية.. السعودية تعلن إعدام 3 أشخاص وتكشف هويتهم وتفاصيل ما أدينوا به
  • الحوثي استهدفنا مطار بن غوريون.. وإسرائيل اعترضنا صاروخا في سماء القدس
  • قيادى بحركة فتح : جماعة الإخوان وإسرائيل يسعون لإثارة الفتن بين الشعوب العربية