أربعة رؤساء يقلبون العالم رأسا على عقب
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
منذ أن علمت أن والتر ليبمان نشر في عام 1947 مصطلح «الحرب الباردة» لتعريف الصراع الناشئ بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، وأنا أفكر كم هو أمر لطيف أن يتسنى للمرء تسمية حقبة تاريخية. والآن وقد انتهت فترة (ما بعد الحرب الباردة)، فإن مرحلة ما بعد (ما بعد الحرب الباردة) التي دخلناها تتوسل التسمية. وإذن، فنحن في عصر «لم تكن هذه هي الخطة».
عندكم حق تماما، هذه ليست بالتسمية السلسة التي تجري على اللسان - ولا أتوقع لها أن تعلق بالأذهان - لكنها مع ذلك صحيحة. لقد خطرت لي في رحلتي الأخيرة إلى أوكرانيا. إذ كنت أتحدث مع أمٍّ أوكرانية فقالت لي إن حياتها الاجتماعية تقلصت - منذ بدء الحرب - إلى وجبات عشاء عرضية مع الأصدقاء، وحفلات أعياد ميلاد للأطفال، «وجنائز». وبعد أن دوّنت قولها ذلك في مقال لي، أضفت إليه تعليقا مني: «لم تكن هذه هي الخطة». قبل العام الماضي، كان الشباب الأوكراني ينعم بسهولة الوصول إلى الاتحاد الأوروبي، وكانوا يقيمون شركات تكنولوجيا ناشئة، ويفكرون في المكان الذي سيؤدون فيه دراستهم الجامعية ويفاضلون بين إيطاليا وإسبانيا لقضاء الإجازات. وبعد ذلك، ومثل النيزك، يأتي الغزو الروسي ليقلب حياتهم رأسا على عقب بين عشية وضحاها.
وليست هذه الأم هي الوحيدة. لقد تعثرت تماما خطط كثير من الناس - والعديد من البلاد - في الفترة الأخيرة. لقد دخلنا حقبة ما بعد (ما بعد الحرب الباردة) التي لا تبشر بكثير من الرخاء أو القدرة على التنبؤ أو الإمكانيات الجديدة التي ميزت حقبة ما بعد الحرب الباردة طولا ثلاثين سنة منذ سقوط سور برلين. ثمة أسباب كثيرة لذلك، ولكن ليس بينها ما تفوق أهميته أهمية عمل أربعة رؤساء كبار يشتركون في شيء واحد، هو أن كلًّا منهم يعتقد أن لا غنى عن قيادته وأن أربعتهم مستعدون لبذل أقصى الجهد للتشبث بالسلطة ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
أتكلم عن فلاديمير بوتين، وشي جين بينج، ودونالد ترامب، وبنيامين نتنياهو. لقد أوجد هؤلاء الأربعة - كل بطريقته الخاصة - اضطرابات هائلة داخل بلادهم وخارج لا أساس لها عدا المصلحة الذاتية المحضة، وليس مصالح شعوبهم، وزادوا كثيرا من صعوبة أن تعمل دولهم العمل بشكل طبيعي للحاضر أو تخطط بحكمة للمستقبل.
وانظروا إلى بوتين على سبيل المثال. لقد بدأ بداية رجل إصلاحي نجح في تحقيق الاستقرار لروسيا ما بعد يلتسين وأشرف على طفرة اقتصادية تحققت بفضل ارتفاع أسعار النفط.
ثم حدث بعد ذلك أن بدأت عائدات النفط في التراجع، وعلى حد وصف باحث الشؤون الروسية ليون آرون في كتابه المقبل «امتطاء النمر: روسيا البوتينية واستخدامات الحرب»، بدأ بوتين رئاسته الثالثة في عام 2012 بانعطافة كبيرة، بعد اندلاع أكبر المسيرات المناهضة لحكمه في مائة مدينة روسية وبعد تعثر اقتصاده. كان الحل الذي توصل إليه بوتين هو: «تحويل الأساس الذي تقوم عليه شرعية نظامه من التقدم الاقتصادي إلى الوطنية العسكرية»، كما أخبرني آرون، وإلقاء اللوم في كل شيء سيئ على الغرب وتوسع حلف شمال الأطلسي.
في ثنايا ذلك، جعل بوتن من روسيا قلعة محاصرة، لا يستطيع الدفاع عنه إلا بوتن - حسبما رأى عقله ورأت دعايته - ومن ثم فلا بد من بقائه في السلطة مدى الحياة. وتحول من موزع الدخل في روسيا إلى موزع الكرامة التي تتحقق بكل السبل الخاطئة. فكان لا مفر من غزوه لأوكرانيا لاستعادة وطن روسي أسطوري.
كما تطورت الأحداث في الصين أخيرا على نحو غير متوقع. فبعد الانفتاح المطرد وتخفيف الضوابط الداخلية ابتداء بعام 1978، مما جعل الصين أكثر قابلية للتنبؤ، وأكثر استقرارًا ورخاء مما كان عليه طوال تاريخه الحديث، تحولت الصين بـ180 درجة في عهد الرئيس شي: فتخلى عن تقييد الولايات الرئاسية - الذي احترمه أسلافه لمنع ظهور ماو آخر - وجعل نفسه رئيسًا إلى أجل غير مسمى. وواضح أيضًا أن شي آمن بأن الحزب الشيوعي الصيني بدأ يفقد سيطرته - مما أدى إلى انتشار الفساد على نطاق واسع - فأعاد تأكيد سلطة الحزب على كل مستويات المجتمع والأعمال، وقضى في الوقت نفسه على أي منافسين.أدى ذلك إلى أن أصبحت الصين أكثر انغلاقا من أي وقت مضى منذ أيام ماو - واكتمل الأمر بالاختفاء المفاجئ لوزيري الدفاع والخارجية - وأثار حديثا مفاده أننا ربما شهدنا بالفعل «ذروة الصين» من حيث الإمكانات الاقتصادية للصين، وهو ما سيكون بمثابة زلزال للاقتصاد العالمي.
ومن المؤكد أنه لم يكن في خطتي أن أجد نفسي - بعد ما يقرب من عمر كامل في متابعة صراعات إسرائيل مع الأعداء الأجانب - وقد انتهيت إلى كتابة أن أكبر تهديد تواجهه الديمقراطية اليهودية اليوم هو عدو داخلي - يتمثل في انقلاب قضائي بقيادة نتنياهو يؤدي إلى قسمة بين المجتمع الإسرائيلي والجيش.
لقد قال المدير العام السابق لوزارة الدفاع الإسرائيلية، دان هاريل، لتجمع ديمقراطي في تل أبيب الأسبوع الماضي: «إنني لم أرَ من قبل أمننا القومي في حالة أسوأ من حالته الراهنة» وقال: إن «أضرارا قد لحقت [بالفعل] بوحدات الاحتياط الأساسية في تشكيلات جيش الدفاع الإسرائيلي، مما أدى إلى خفض الاستعداد والقدرة التشغيلية».
وليست هذه بالمشكلة الهينة بالنسبة للولايات المتحدة. فعلى مدار الخمسين عاما الماضية، كانت إسرائيل حليفا حاسما، وكانت عمليا قاعدة أمامية في المنطقة استعرضت أمريكا من خلالها قوتها دون استخدام للقوات الأمريكية. وقد دمرت إسرائيل محاولات من العراق وسوريا في مهدها للتحول إلى قوتين نوويتين. وإسرائيل هي الثقل الموازن الرئيسي اليوم لاحتواء توسع القوة الإيرانية في جميع أنحاء المنطقة.
ولكن لو أن أمامنا ثلاث سنوات أخرى من حكم حكومة نتنياهو المتطرفة هذه، بتطلعاتها إلى ضم الضفة الغربية وحكم الفلسطينيين هناك بنظام يشبه الأبارتيد، فقد تصبح الدولة اليهودية مصدرًا رئيسيًا لعدم الاستقرار في المنطقة، وليس للاستقرار، بل إنها قد تصبح حليفا غير مضمون - فهو أشبه بتركيا وأقل شبها بإسرائيل القديمة.
وما السبب في هذا؟ في مقال عن نتنياهو نشرته صحيفة التايمز أخيرا، نقلت روث مارجاليت عن زئيف إلكين، الوزير السابق المنتمي إلى حزب الليكود في حكومة نتنياهو، وصفه التالي لنتنياهو: لقد بدأ برؤية مفادها: «أنا أفضل قائد لإسرائيل في هذا الوقت». وتحولت هذه الرؤية ببطء إلى رؤية أخرى مفادها: «إن أسوأ ما يمكن أن يحدث لإسرائيل هو أن أكف عن قيادتها، وبالتالي فإن بقائي مبرر لأي شيء».
ومن نافلة القول إن مشاهدة جهود دونالد ترامب لإلغاء انتخابات عام 2020 بإيحائه للغوغاء باقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021، ثم مشاهدة هذا الرجل نفسه إذ يصبح المرشح الجمهوري الرئيسي للرئاسة في عام 2024، تجعلان انتخاباتنا المقبلة من بين أهم الانتخابات على الإطلاق - وعسى ألا تكون الأخيرة على الإطلاق. ولم تكن هذه هي الخطة.
القاسم المشترك الذي يربط هؤلاء القادة الأربعة هو أنهم جميعًا انتهكوا قواعد اللعبة في بلادهم - فضلًا عن خوض حرب خارجية في حالة بوتين - لسبب مألوف للغاية، هو البقاء في السلطة. وليست أنظمتهم المحلية - أي النخبة الروسية، والحزب الشيوعي الصيني، والناخبين الإسرائيليين، والحزب الجمهوري - قادرة على تقييدهم بشكل فعال أو كامل.
ولكن بين الأربعة أيضًا اختلافات مهمة. فنتنياهو وترامب يواجهان مقاومة في ديمقراطيتيهما، حيث يمكن أن يطرد الناخبون كليهما أو يوقفونهما - ولم يشن أي منهما حربا. وقد يكون شي حاكما مستبدا، ولكن لديه أجندة لتحسين حياة شعبه وخطة للسيطرة على الصناعات الرئيسية في القرن الحادي والعشرين، من التكنولوجيا الحيوية إلى الذكاء الاصطناعي. لكن حكمه المتزايد نزوعًا إلى القبضة الحديدية ربما يكون هو بالضبط ما يمنع الصين من الوصول إلى هذا، لأنه أساسا يؤدي إلى هجرة العقول.
ولن يبقى من بوتين في ذاكرة أناس إلا أنه حوّل روسيا من قوة علمية - وضعت أول قمر صناعي في مداره سنة 1957 - إلى دولة لا تستطيع تصنيع سيارة، أو ساعة، أو محمصة خبز يمكن أن يشتريها أحد خارج روسيا. حتى أن بوتين نفسه اضطر إلى الاتصال بكوريا الشمالية لطلب المساعدة لجيشه المدمر في أوكرانيا.
ترامب، في نهاية المطاف، هو أخطر الأربعة - لسبب واحد بسيط: عندما تعتري الفوضى العالم، وتخرج مثل هذه الدول الكبيرة عن الخطة، تعتمد بقية العالم على الولايات المتحدة في أخذ زمام المبادرة لاحتواء المتاعب ومعارضة مثيري الشغب.
لكن ترامب يفضل تجاهل المتاعب وأشاد بمثيري الشغب، ومنهم بوتين. وهذا ما يجعل احتمال وصول ترامب إلى رئاسة أخرى أمرًا مخيفًا للغاية وشديد التهور وغير قابل للفهم.
لم تزل أمريكا هي عمود الخيمة الذي يقوم عليه العالم. ونحن لا نتحرى الحكمة دائما في القيام بهذا الدور، لكن احذروا لحظة أن نتوقف عن القيام به على الإطلاق. وفي ضوء ما يحدث بالفعل في هذه البلاد الثلاث المهمة الأخرى، إذا ما ترنحنا نحن، فسوف يولد عالم لن يتمكن فيه أحد من وضع أي خطط.
ثم اسم يسير لهذا العصر هو «عصر الفوضى».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ما بعد الحرب الباردة
إقرأ أيضاً:
صحيفة: الانكماش السكاني يهدد مستقبل الصين الاقتصادي ومكانتها كـ مصنع العالم
تواجه الصين اليوم أكبر تحد داخلي في تاريخها الحديث، لا يتمثل في حملة الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب للفصل بين أكبر اقتصادين في العالم، بل في تراجع سكاني حاد وغير مسبوق في السرعة والحجم، من شأنه أن يهز أسس الاقتصاد الصيني ويعيد تشكيل موازين القوى العالمية لعقود قادمة.
ووفقا لما نقلته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية اليوم /الأحد/ عن تحليلات اقتصادية حديثة، يهدد الانخفاض السريع في عدد السكان بتقويض النمو الاقتصادي طويل الأجل للصين، ما قد يعرقل طموح بكين في أن تصبح قوة عالمية تضاهي أو تحل محل الولايات المتحدة، كما أن نقص العمالة الحاد المتوقع مستقبلا قد يؤثر على سلاسل الإمداد العالمية لمنتجات تتراوح بين الدمى والألعاب والأحذية والهواتف المحمولة والسيارات الكهربائية.
وقالت لويز لو، رئيسة قسم الاقتصاد الآسيوي في مؤسسة "أوكسفورد إيكونوميكس"، إن "عكس الانحدار الديموجرافي أمر شبه مستحيل"، وقدرت أن انكماش القوة العاملة في الصين سيؤدي إلى خفض معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي بنحو نصف نقطة مئوية خلال العقد المقبل.
وفي عام 1990، كان متوسط عمر السكان في الصين 23.7 عاما، وكانت المرأة الصينية تنجب في المتوسط 2.51 طفل، وهو معدل يفوق مستوى الإحلال السكاني البالغ 2.1 طفل للحفاظ على ثبات عدد السكان، لكن بحلول عام 2023، تغيرت الصورة جذريا، إذ ارتفع متوسط العمر إلى 39.1 عاما، بينما انخفض معدل الخصوبة إلى طفل واحد لكل امرأة، كما تشير بيانات التعداد إلى أن عدد سكان الصين بلغ ذروته عند 1.4 مليار نسمة في عام 2022، ومنذ ذلك الحين بدأ في التراجع المستمر.
وتتوقع الأمم المتحدة أن يتراجع عدد سكان الصين إلى 1.26 مليار نسمة بحلول عام 2050، وأن تصبح التركيبة العمرية أكثر اختلالا، حيث لن تتجاوز نسبة من هم دون الخامسة عشرة 10%، في حين سيشكل من هم فوق الستين نحو 40% من السكان، وبحلول عام 2100، تتوقع المنظمة أن ينخفض عدد سكان الصين إلى 633 مليون نسمة فقط، منهم 7.8% دون الخامسة عشرة، مقابل 52% فوق الستين، ما يعني تحول البلاد إلى واحدة من أكثر الدول شيخوخة في العالم.
ويعود جوهر هذه الأزمة إلى سياسات ضبط النمو السكاني الصارمة التي تبنتها بكين منذ سبعينيات القرن الماضي، بعد حملة حكومية لتشجيع الزواج المتأخر وتقليل عدد الأطفال، وفرض سياسة الطفل الواحد عام 1979، ورغم نجاح السياسة في خفض معدلات الولادة بسرعة فائقة، فإنها تجاوزت أهدافها إلى حد أضر بالهيكل الديموجرافي، لتضطر الحكومة إلى تخفيف القيود تدريجيا، بالسماح بإنجاب طفلين عام 2016، ثم ثلاثة أطفال عام 2021، لكن لم تنتعش معدلات الولادة، بل انخفضت من 1.77 طفل لكل امرأة في 2016 إلى 1.12 في 2021، باستثناء ارتفاع طفيف عقب جائحة كورونا.
ويرتبط هذا التراجع إلى حد كبير بارتفاع تكاليف تربية الأطفال، والتي تبلغ في المتوسط نحو 74 ألفا و963 دولارا حتى التخرج الجامعي، وفق تقرير معهد "يووا" للأبحاث السكانية في بكين، بينما تصل التكلفة إلى 140 ألفا و747 دولارا في مدينة شنجهاي.
وتحاول الحكومة الصينية تحفيز الإنجاب من خلال حوافز مالية، لكنها تبدو متأخرة ومحدودة، إذ أعلنت في سبتمبر الماضي منحة سنوية قدرها 500 دولار للطفل خلال أول 3 سنوات من حياته، وهو ما أثار سخرية مستخدمي وسائل التواصل الذين قال بعضهم إنهم قد يفكرون في الإنجاب لو كانت المنحة أكبر بعشر مرات.
وفي محاولة لوقف تدهور معدلات الولادة، تحاول الحكومة إقناع جيل الألفية وجيل "زد" بالزواج، لكن الأرقام تظهر تراجعا حادا في عدد الزيجات، حيث سجلت الصين 6.1 مليون عقد زواج في عام 2024، أي أقل من نصف عدد الزيجات المسجلة عام 2013، ويعد معدل الزواج مؤشرا رئيسيا على الاتجاهات المستقبلية للخصوبة، نظرا لأن معظم الأطفال في الصين يولدون داخل إطار الزواج.
وفي المقابل، تواصل الدولة الضغط عبر جميع المستويات، فبعض الجامعات تدرّس مقررات عن الحب وآداب المواعدة، وبعض الشركات تطالب موظفيها العُزّاب بالزواج خلال فترة محددة، بينما تمنح الحكومات المحلية حوافز مالية للمتزوجين حديثا، وحتى الإعلام الرسمي بدأ ينتقد الأعمال الفنية التي تمجد الطلاق، فيما تتابع موظفات التخطيط الأسري المتزوجات الجدد بأسئلة عن توقيت إنجابهن وأحدث دوراتهن الشهرية.
وفي الوقت نفسه، يزداد عدد كبار السن في الصين بوتيرة سريعة، إذ ارتفع متوسط العمر المتوقع ومن المرجح أن يتضاعف عدد كبار السن خلال الثلاثين عاما المقبلة، مما سيشكل عبئاً غير مسبوق على نظام المعاشات القائم على الضرائب، ووفق الأمم المتحدة، فإنه بحلول عام 2100 سيكون عدد غير العاملين أكبر من العاملين.
ولعقود طويلة، تمتعت الصين بمكانة "مصنع العالم" بفضل وفرة الأيدي العاملة، لكن مع الانخفاض الحاد في أعداد السكان في سن العمل، فإن ذلك العصر يقترب من نهايته، وبينما تلجأ دول أخرى إلى الهجرة كحل لأزمة نقص العمالة، ترفض بكين هذا الخيار حفاظا على تجانسها الثقافي، وتراهن بدلا من ذلك على الروبوتات والأتمتة لتعويض النقص في العمالة والإنتاجية، رغم أن تأثيرها سيكون محدودا في القطاعات الخدمية.
وتواجه الشركات الصينية بالفعل ارتفاعا في تكاليف العمالة، إذ قال توني زو، مدير التسويق بشركة "إل سي ساين" في جوانجتشو، إن الشركة لم تعد الأرخص مقارنة بمنافسيها في الهند وأوروبا والمكسيك، مضيفا: "نحن نواجه منافسة متزايدة، وربما خلال خمس إلى عشر سنوات سنبدأ بمواجهة نقص العمالة فعليا".
وبينما يحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال سياسته الجمركية إقناع الشركات الأمريكية بالعودة إلى التصنيع داخل الولايات المتحدة الأمريكية، يرى الخبراء أن هذه الجهود ستصطدم بواقع اقتصادي يدفع الشركات إلى البحث عن أرخص مصادر العمالة، والتي لن تكون في الصين بعد الآن.