لاشك أن استفهام كيف تتوب إلى الله تعالى وتقلع عن ذنوبك الصعبة المتكررة؟، يعبر عن أهم ما ينبغي أن يشغل الناس ، خاصة وأن الذنوب سبب كل بلية ومصيبة تنغص عيشهم، لذا عليك ككل عاقل أن تبحث عن كيف تتوب إلى الله تعالى وتقلع عن ذنوبك الصعبة المتكررة؟ قبل فوات الأوان وانغلاق باب التوبة.

ما هي أفضل سورة قبل صلاة الفجر للرزق واستجابة الدعاء؟.

. كثيرون لا يعرفونها ماذا تقول بين التشهد والتسليم في الصلاة؟.. النبي أوصى بـ26 كلمة ويغفلها كثيرون كيف تتوب إلى الله

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف: سُئلت كيف يمكن التوبة إلى الله والانخلاع عن الذنوب ، والنفوس تأبى التوبة وتأبى الانخلاع عن هذه الذنوب ؟، فقلت: أكثروا من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالليل والنهار {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.

وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابته عن سؤال: كيف تتوب إلى الله تعالى وتتخلص من ذنوبك الصعبة المتكررة؟، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  هو أحد ركني الشهادة فلا تتم لأحدٍ من الناس لا يتم له الإيمان ولا الدخول في الإسلام بأن يقول (لا إله إلا الله) أو (أشهد أن لا إله إلا الله) حتى يقول الركن الثاني من الشهادة (وأشهد أن محمدًا رسول الله).

 ونبه إلى أن كل الأعمال بين القبول والرد إلا ما كان متعلقًا بالجناب الأجل صلى الله عليه وآله وسلم، ولذلك فصلاتك وصيامك وحجك وسائر أعمالك قد تقبل وقد لا تقبل ، أما الصلاة على النبي المصطفى والحبيب المجتبى -صلى الله عليه وسلم-  فإن الله يقبلها لأنها تعلقت بحبيبه.

واستشهد بما جاء أبي بن كعب يقول: يا رسول الله أجعل لك ثلث مجلسي في الذكر؟ _بأن يصلي على النبي ثلث الوقت الذي خصصه لذكر الله_ قال: (افعل) قال: أأجعل لك نصفه؟ قال: (افعل) قال: أأجعله لك كله قال: (إذن كُفيت ووقيت)، وربنا سبحانه وتعالى يقول {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.

وتابع:  فأمرنا أمرًا واضحًا صريحا ويقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  : (لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله) لما سُئل عن عملٍ إذا ما فعلناه انثال لنا الدين وأمسكنا بعروته الوثقى فماذا نفعل؟ "لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله"، وفي الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-  تذكر ربك وتطلب منه أن يصلي عليه "اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد".

وأضاف : فلسانك يذكر اسم الله ولسانك يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يصلي عليه، فاللهم يا دائم الفضل على البريَّة ، يا باسطَ اليدين بالعطيةِ ، يا صاحبَ المواهب السنية صلِّ على سيدنا محمد خَيْر الوَرَى سجيةً وآله .

كيفية التوبة من المعاصي

وأفاد مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، بأن التوبة من المعاصي تكون بثلاث خطوات، والخطوة الأولى للخروج من المعاصي وهي أن تجعل النبي صلى الله عليه وسلم أبا لك، والخطوة الثاني أن تذكر الله كثيرا، وفصلنا في مسائل الذكر، وفي هذه المرة نتكلم عن الخطوة الثالثة وهي القدرة على التفريق ورؤية الحق من الباطل.

وأشار إلى أن هذه الخطوة مترتبة على الخطوتين السابقتين، فإن استحضار صورة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يجعله المسلم أبا له مع كثرة الذكر يولد في النفس والقلب البصيرة، ويتمكن من المفارقة، ولكن هذه المفارقة لا تتأتى إلا بالافتقار إلى الله وأن يطلب ذلك منه لأنه هو الحق سبحانه، وهو الهادي إليه.

ودلل بما قال الله تعالى : ﴿قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِى إِلَى الحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِى لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِى إِلَى الحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّى إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [يونس :35]. وفي الدعاء المأثور اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، منوهًا بأن تحقيق تلك البصيرة والقدرة على التفريق بين الحق والباطل يرى المؤمن دائرة النور ودائرة الظلام، فيرى في النور طاقة، ويرى فيه بيان وحلاوة وكشف عن الحقائق.

واستطرد :  ويرى في الظلام برودة ورائحة خبيثة وأحوالا مردية، ويخرج المسلم من الظلمات إلى النور بذكر الله والاستعانة به، فالله سبحانه وتعالى يوالي الذين آمنوا به ويخرجهم من الظلمات إلى النور كما وعد سبحانه بذلك في كتابه العزيز فقال تعالى : ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة :257].

ولفت إلى أنه يتحصل الإنسان على هذه القدرة من التفريق بين الحق والباطل بتقوى الله عز وجل، قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ﴾ [الأنفال :29]، لافتًا إلى أن التفريق بين الحق والباطل نور، ويحققه الله لمن اتبع نوره الهادي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم واستجاب للكتاب العزيز القرآن الكريم، قال تعالى : ﴿يَا أَهْلَ الكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِى بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾  [المائدة :15، 16]

 


 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علي جمعة الصلاة على النبي صلى الله علیه وسلم الله تعالى رسول الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

صفة عباد الرحمن .. تعرّف عليها واحرص أن تكون منهم

كتب الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف منشورًا جديدًا عبر صفحته الرسمية على فيس بوك قال فيه: قال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا﴾ (الفرقان: 63). فكانت أولُ صفةٍ لعبادِ الرحمن أنهم يمشون على الأرض هونًا.

وأوضح أن الهونُ في اللغة: الرفقُ واللين. ومنه ما جاء في الحديث: «أَحْبِبْ حبيبَكَ هونًا ما، عَسَى أَنْ يكونَ بَغيضَكَ يومًا ما، وأَبْغِضْ بَغيضَكَ هونًا ما، عَسَى أَنْ يكونَ حبيبَكَ يومًا ما» [رواه الترمذي]، أي: حبًّا مقتصدًا لا إفراط فيه ولا تفريط.

علي جمعة: باب التوبة مفتوح ما لم يغرغر الإنسانعلي جمعة: صلاح القلب مفتاح صلاح العمل وحسن العلاقة مع اللههل تحدث علامات الساعة كلها في يوم واحد؟.. علي جمعة يرد بمفاجأةما سر قل أعوذ برب الفلق؟.. علي جمعة: تحصنك من 8 شرور مهلكة

ويُروى مُرسَلًا عن مكحول أنه قال: قال رسولُ الله ﷺ: «المؤمنون هَيِّنون لَيِّنون كالجملِ الأنف: إن قِيدَ انقاد، وإن أُنيخَ استناخَ على صخرة»؛ وذكره البيهقي في [شُعَب الإيمان]، والمراد: أن المؤمن لينٌ سهلٌ.

وبين ان فمعنى الآية: أن مشيَهم على الأرض يكون في لينٍ وسكينةٍ ووقارٍ وتواضع، وهذا كله ضدُّ الكِبر، وهو يتفق مع قوله تعالى: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾ (الإسراء: 37). 

أشار إلى أن عدمُ الكِبر يجعل الإنسانَ يعرف حقيقتَه وأنه محدودٌ؛ فيلتفت إلى وظيفته الحقيقية في هذا الوجود، وهي: عبادةُ الله، وعمارةُ الكون، وتزكيةُ النفس. 

ويتفق ذلك مع وصيةِ لقمان لابنه وهو يعظه: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ (لقمان: 18).

وقال زيد بن أسلم: كنتُ أسأل عن تفسير قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا﴾ فما وجدتُ فيه شفاء، فرأيتُ في المنام مَن جاءني فقال لي: هم الذين لا يريدون أن يفسدوا في الأرض. (القرطبي)؛ وقيل: يمشون بالوقار والسكينة.

وهو معنى جليلٌ نبه إليه كثيرٌ من المفسرين. فقال القشيري: «وقيل: لا يمشون بإفسادٍ ومعصية، بل في طاعة الله، والأمورِ المباحة من غير هوك» (والهوك: الحمق). وقال ابن عباس: بالطاعة والمعروف والتواضع. 

وقال الحسن: حلماءُ إن جُهل عليهم لم يجهلوا. وقيل: لا يتكبرون على الناس. وهذه كلها معانٍ متقاربة، ويجمعها العلم بالله، والخوف منه، والمعرفة بأحكامه، والخشية من عذابه وعقابه. (تفسير القرطبي)

ونوّه أن الهونُ هنا صفةٌ لعباد الرحمن، وليس صفةً للمشي وحده؛ لأن الإنسان قد يمشي برفقٍ وفي حقيقته وذات صدره هو ذئب؛ كما قيل:

كلُّهم يمشي رويدًا ** كلُّهم يطلبُ صيدًا

والنبي ﷺ يقول للسيدة عائشة رضي الله عنها: «إنَّ الرفقَ لا يكونُ في شيءٍ إلا زانَه، ولا يُنزعُ من شيءٍ إلا شانَه» (رواه مسلم).

فهذه صفةٌ تحتاج إلى كثيرٍ من ضبط النفس والتربية. وما أحوجَنا إليها في عصرنا الحاضر؛ حتى نخرج من مصائبِ الكِبر الذي ما دخل في أمةٍ إلا أهلكها، ومن مصائبِ الفساد الذي ما شاع في قومٍ إلا أخرجهم من دائرة الرضا والقناعة إلى دائرة الطمع والحمق. فإن أساس الإفساد في الأرض وارتكاب الحرام وظلم الناس إنما هو ذلك الطمع، وما يكتنفه من عنفٍ في طلبه.

قال تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (القصص: 83). 

ونلاحظ هنا أن الله سبحانه وتعالى نهى عن مجرد إرادة العلو، فما بالك بنفس الفعل. وفي الحديث: «ألا أُخبرُكم بأهلِ النار؟ كلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مستكبر» (رواه البخاري ومسلم).

والعُتُلّ: قيل هو الغليظ العنيف، الشديد الخصومة في الباطل، والجَوّاظ: قيل الكثير اللحم المختال في مشيته (وقيل فيه غير ذلك).

ويحتاج الأمرُ منا إلى تتبع مادة "فسد" في القرآن الكريم لرسم ملامح ذلك الفساد المنهي عنه، وكذلك في السنة؛ لأن تحديد المفاهيم أصبح من الواجبات الكبار؛ فكثيرٌ من الناس يرى المنكر معروفًا، والمعروف منكرًا، ويرى الصلاح فسادًا، والفساد صلاحًا. ويمكن تحقيق ذلك بأن نتتبع ما يحبه الله وما لا يحبه في القرآن الكريم حتى نحدد مفهوم الصلاح والفساد.

طباعة شارك صفة عباد الرحمن عباد الرحمن الهون الكبر الذين يمشون فى الأرض هونا

مقالات مشابهة

  • نور على نور
  • مصيبة كبيرة وإثم عظيم.. إياك وهذا الفعل يحرمك من عفو الله
  • صفة عباد الرحمن .. تعرّف عليها واحرص أن تكون منهم
  • د.حماد عبدالله يكتب: مصر والمصريون !!
  • دعاء التوبة النصوح.. أدعية لتكفير الذنوب ومحو المعاصي
  • ما حكم من نسى الاغتسال قبل دخول مكة المكرمة؟.. علي جمعة يجيب
  • علي جمعة: باب التوبة مفتوح ما لم يغرغر الإنسان
  • فتاوى وأحكام | أصلي سنة الفجر بالبيت أم المسجد؟.. هل كل إنسان له قرين؟.. هل تحدث علامات الساعة كلها في يوم واحد؟
  • علي جمعة: صلاح القلب مفتاح صلاح العمل وحسن العلاقة مع الله
  • ما سر قل أعوذ برب الفلق؟.. علي جمعة: تحصنك من 8 شرور مهلكة