صحف أجنبية: “طوفان الأقصى” قد توقف عملية التطبيع السعودية والدعم العسكري لكييف
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
يمانيون – متابعات
عملية “طوفان الأقصى” الفلسطينية تحتل العناوين الأولى في الصحف والمجلات الأجنبية العالمية التي تناقش الوضع في “إسرائيل”، وتطرح أسئلة عن توقيت العملية التي شنتها كتائب “القسام”، وعن آثارها إقليمياً، فيما أجمعت العديد من الصحف على أنّ العملية تؤكد فشل “إسرائيل” استخباراتياً.
مجلة “فورين بوليسي” الأميركية قالت إنّ “الهجوم الفلسطيني ليس له سابقة في التاريخ الإسرائيلي الحديث، وكمية الصواريخ التي أطلقتها حماس، في الهجمات الأولية، تجعل الهجوم أكبر هجوم صاروخي ضد إسرائيل منذ سيطرة حماس على غزة في عام 2007”.
وذكرت أنّ “حماس ابتكرت أساليب جديدة في عمليتها، حيث استخدمت الطائرات الشراعية من بين وسائل أخرى لدخول المستوطنات”، مشيرةً إلى أنّ “التسلل يعتبر مدمراً بالنسبة لإسرائيل بسبب الخسائر في الأرواح والرهائن”.
وأكدت المجلة أنّ “الوضع فوضوي، والقتال مستمر، وقد تكون الأعداد النهائية للقتلى والجرحى والرهائن أكبر بكثير من التقارير الأولية”.
كما أشارت إلى أنّ “التوترات والتحذيرات من الانتفاضة الثالثة كانت منتشرة، إلا أن حجم هذا الهجوم فاجأ إسرائيل، وكذلك المراقبين الخارجيين”، مؤكدةً أنّ “الهجوم يمثل فشلاً استخباراتياً إسرائيلياً هائلاً”.
وأوضحت أنّه “من الناحية التكتيكية، لم تكن إسرائيل مستعدة لمواجهة قدرة حماس على تسلل المقاتلين عبر الحدود وتنفيذ عملية واسعة النطاق تحت أنظار إسرائيل، التي لم تكن مستعدة لمثل هذا التصعيد الدراماتيكي في القتال”.
ولفتت “فورين بوليسي” إلى أنّ الهجوم الفلسطيني جاء في الذكرى الخمسين لحرب أوكتوبر المفاجئة أيضاً”، في حين أكدت أنّ “احتجاز حماس للرهائن سيؤدي إلى تعقيد الوضع بشكل كبير”.
أما صحيفة “بوليتيكو”، فقد حاورت دينيس روس، والذي شغل منصب مدير تخطيط السياسات بالولايات المتحدة سابقاً، وهو أيضاً مستشاراً في معهد واشنطن.
واعتبر روس أنّ “السبب الرئيسي وراء شن حركة حماس هجوماً الآن، هو احتمال التوصل إلى اتفاق أميركي سعودي إسرائيلي لتطبيع العلاقات، إذ أنها تدرك أنّ هذا حدث يعد تحول ضخم، وهي تحاول خلق ظرف يُصعّب أو يمنع التوصل إلى تطبيع”.
ووفقاً له، فإن العملية “كان مخططاً لها على مدى فترة طويلة من الزمن”، موضحاً أنّ “امتلاك طائرات شراعية، والاستعداد لاختراق السياج، وإطلاق وابلاً من الصواريخ كوسيلة للتغلب على نظام الدفاع الجوي ليس أمراً لحظوياً”.
كما اعتبر أنّ “الفشل الاستخباراتي في إسرائيل اليوم يعادل ما حدث قبل 50 عاماً في حرب أوكتوبر، رغم أنّه في عام 1973 شنّت الحرب جيوش عربية تقليدية، واليوم جهات غير حكومية”.
أما صحيفة “واشنطن بوست”، فرأت أنّ الهجوم الفلسطيني “له عواقب خطيرة، وغير متوقعة، وقد تمتد”.
واعتبرت أنّ “الهجوم المفاجئ الذي شنّه مقاتلو حماس يوم السبت على إسرائيل بمثابة تذكير قاتم بأنّ القتال في الشرق الأوسط يتفوّق على صنع السلام”، محتملةً أنّ “حماس ربما تحاول جر إسرائيل إلى مستنقع أشبه بالغزو الإسرائيلي للبنان في العام 1982، لعلمها أن القوات الإسرائيلية تصبح أكثر ضعفاً عندما تقاتل برياً راجلة مقارنة بإسقاطها قنابل من السماء”.
وقالت في هذا السياق أنّه “من الصعب أن نتصور أن محادثات السلام السعودية الإسرائيلية تحقق تقدماً كبيراً في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل أسوأ هجوم مفاجئ تعرضت له منذ حرب أوكتوبر”.
صحيفة “نيويورك تايمز” بدورها نشرت مقالاً في الرأي للكاتب توماس فريدمان، أكد فيه أنّ يوم عملية “طوفان الأقصى”، هو “أسوأ يوم لإسرائيل في الحرب”.
ورأى فريدمان أنّ “أي حرب طويلة الأمد بين إسرائيل وحماس يمكن أن تحوّل المزيد من المعدات العسكرية الأميركية التي تحتاجها كييف إلى تل أبيب، وستجعل صفقة التطبيع السعودية الإسرائيلية المقترحة مستحيلة في الوقت الحالي”.
كما قال إنّه “إذا تبين أن إيران شجعت هجوم حماس لإحباط الصفقة الإسرائيلية السعودية، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة التوترات بين إسرائيل وحزب الله، وكذلك بين الرياض وطهران”، مؤكداً أنّ “هذه لحظة خطيرة بشكل لا يصدق على جبهات متعددة”.
صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية وصفت يوم شن عملية “طوفان الأقصى”، بـ “اليوم الذي أذهل إسرائيل”، مؤكدةً أنّ “الهجمات تهز الثقة في أجهزة المخابرات”.
وأوردت الصحيفة تصريحاً لأمير أفيفي، وهو النائب السابق لقائد فرقة غزة بالجيش الإسرائيلي، يقول فيه إنّ “هذا الفشل ليس أصغر من حرب يوم الغفران.. أنا مندهش من الفشل ليس فقط في الاستخبارات العامة، ولكن أيضاً في القوات التكتيكية”، مضيفاً أنّ “عامل المفاجئة لا يجب أن يمنع فرقة غزة من القيام بعمل أفضل بكثير في الدفاع عن الحدود”.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: طوفان الأقصى
إقرأ أيضاً:
طوفان الأقصى.. تحولات في الداخل الأمريكي
منذ تأسيس كيان العدو الإسرائيلي عام 1948، كانت الولايات المتحدة أول دولة تعترف بهذا الكيان، وأصبحت راعية رئيسية له في مختلف المجالات. يتنوع الدعم الأمريكي للعدو الإسرائيلي بين الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية، مما أدى لتطور العلاقة لتكون من أكثر العلاقات الثنائية استمرارية وتأثيرًا على الساحة الدولية.
قدمت الولايات المتحدة مساعدات لكيان العدو الإسرائيلي تقارب 158.6 مليار دولار، وقد يتجاوز الرقم 260 مليار دولار عند احتساب المساعدات غير المسجلة. يشكل الدعم العسكري جزءًا كبيرًا من هذه المساعدات، إذ بلغ أكثر من 114.4 مليار دولار، بالإضافة إلى أكثر من 9.9 مليارات للدفاع الصاروخي. الدعم السياسي يتجسد في استخدام الولايات المتحدة الفيتو 45 مرة لصالح إسرائيل، بينما بلغ الدعم الاقتصادي أكثر من 34.3 مليار دولار لتعزيز الاقتصاد الإسرائيلي وتطوير البنية التحتية.
يلعب اللوبي الصهيوني دورًا محوريًا في الحفاظ على هذا الدعم؛ حيث يضغط بقوة على صانعي القرار الأمريكيين لتعزيز العلاقات مع كيان العدو الصهيوني وتوجيه السياسة الأمريكية نحو دعم غير مشروط لهذا الكيان. الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة متجذرة بقوة في النسيج الاجتماعي والسياسي، حيث يتمتع اليهود بتمثيل سياسي بارز في الكونغرس ويتلقون دعماً قوياً من اللوبيات الصهيونية. كذلك، تسيطر الحركة الصهيونية على وسائل إعلام كبيرة ومؤثرة، مما يعزز قدرتها على تبرير سياسات وجرائم العدو الإسرائيلي في فلسطين المحتلة.
ومع ذلك، بدأ هذا الدعم المطلق لإسرائيل يواجه انتقادات وانقسامات متزايدة، سواء على الصعيد الدولي أو داخل الولايات المتحدة. تعود جذور هذا التغير إلى الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني والتي شوهت صورته الأخلاقية على مر السنين. وفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة “غالوب” في 2013، تماهى 64 % من الأمريكيين مع إسرائيل، بينما تماهى 12 % فقط مع فلسطين. في 2017، انخفضت النسبة لصالح إسرائيل إلى 62 % وارتفعت لصالح فلسطين إلى 19 %. وفي 2021، تماهى 25 % من الأمريكيين مع الفلسطينيين وانخفضت نسبة المتماهين مع إسرائيل إلى 58 %. كما ارتفعت النظرة الإيجابية إلى فلسطين من 12 % في 2013 إلى 30 % في 2021.
يمثل السابع من أكتوبر 2023 نقطة تحول مفصلية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي. في هذا اليوم، تمكنت المقاومة الفلسطينية من توجيه ضربة قوية لجيش العدو الصهيوني، مما كشف عن ضعف هذا الكيان الذي طالما اعتبر حصينًا.
لم تكن هذه المعركة مجرد انتصار عسكري، بل كانت أيضًا انتصارًا فكريًا أسفر عن تغيرات جوهرية على الصعيدين الإقليمي والعالمي. حرب الإبادة الجماعية في غزة، التي قام بها العدو الصهيوأمريكي رداً على ملحمة طوفان الأقصى، تمثل واحدة من أكثر الفصول دموية في الصراع. بدعم سياسي ودبلوماسي وعسكري كامل من الولايات المتحدة، شن العدو الإسرائيلي حملة واسعة النطاق استهدفت قطاع غزة، مما أسفر عن سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى الفلسطينيين وتدمير شامل للقطاع وبنيته التحتية، بالإضافة إلى موجة نزوح غير مسبوقة.
في هذا السياق، أشارت استطلاعات الرأي إلى أن كثيراً من الأمريكيين أصبحوا أكثر انتقادًا لجرائم العدو الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
استطلاع غالوب في عام 2023 كشف عن أن دعم إسرائيل تراجع إلى 58 %، وهو أدنى مستوى منذ أكثر من 20 عامًا، بعد أن كان 68 % في 2022، مما يعكس تراجعًا عامًا في التأييد.
هذا التراجع يتزامن مع نتائج استطلاع وول ستريت جورنال في العام 2023، الذي أظهر أن 54 % من الأمريكيين يرون أن إسرائيل تستخدم القوة المفرطة ضد الفلسطينيين، مما يعكس تزايد الانتقادات لسلوك الكيان العسكري ويعزز الشكوك حول دعمه.
كما يعكس استطلاع مركز بيو للأبحاث من العام 2023 هذا الاتجاه، حيث أظهر أن 69 % من الأمريكيين، خاصة بين الشباب من 18-34 عامًا، يدعمون القضية الفلسطينية، بينما 38 % فقط يحملون آراء إيجابية تجاه إسرائيل، مما يدل على أن الشباب أكثر انتقادًا لها.
بالإضافة إلى ذلك، أظهر استطلاع مركز أبحاث السياسة العامة 2023 أن 60 % من الأمريكيين يفضلون فرض قيود على الدعم العسكري لإسرائيل في حال استمرت بارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين، مما يشير إلى زيادة الوعي ويعزز النتائج السابقة حول تراجع التأييد لكيان العدو الإسرائيلي.
أكدت صحيفة “واشنطن بوست” أن مواقف الأمريكيين من “إسرائيل” شهدت تحولاً جيلياً، حيث أن الجيل الأصغر من الأمريكيين بات ينظر إلى إسرائيل كقوة استعمارية، وليس كدولة مضطهدة.
أظهرت استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسات مثل “يوغوف” و”بيو” أن هناك تحولاً ملحوظاً في توجهات الشباب الأمريكي تجاه الصراع العربي الإسرائيلي. فبينما يظل الدعم لإسرائيل قوياً بين الأجيال الأكبر سناً، يُظهر الشباب الأمريكيون (خاصة الطلاب) دعماً أكبر للقضية الفلسطينية مقارنة بالأجيال السابقة.
الاحتجاجات التي حدثت في الجامعات الأمريكية كانت من أبرز مظاهر هذا التغير. الطلاب عبروا عن مواقفهم بشكل جريء؛ هذه الاحتجاجات لم تكن مجرد رد فعل عابر، بل كانت تعبيرًا عن وعي متزايد ورغبة في التغيير. هذه التحركات أظهرت تباينًا واضحًا بين الطبقة السياسية والطبقة الشعبية، حيث بدأ الطلاب في تحدي السرديات التقليدية، مما يعكس تحولًا في آراء الشباب تجاه السياسات الأمريكية الداعمة لإسرائيل.
رغم سلمية الاحتجاجات، واجهتها السلطات الأمريكية بقمع شديد شمل اعتقالات وعقوبات تأديبية، ولعب اللوبي الصهيوني دوراً محوريًا في هذا السياق؛ حيث مارس الضغط على الجامعات لقمع هذه الاحتجاجات من خلال التهديد بقطع التمويل والضغط السياسي. كما قدم الدعم القانوني للجامعات في مواجهة المحتجين، وعمل على ربط الاحتجاجات بخطاب معاداة السامية عبر الإعلام والتأثير على الرأي العام.
ورغم القمع، استمر الطلاب في التعبير عن آرائهم، وتوسعت الاحتجاجات إلى عواصم ومدن وجامعات في الدول الغربية، جميعها تؤكد وجود تحول جذري في تفكير الجيل الجديد حول الصراع العربي الإسرائيلي.
في هذا السياق، يُظهر القمع الذي واجهته الاحتجاجات عدم احترام الولايات المتحدة لحرية التعبير وحقوق الإنسان، مما يزيد من شعور عدم الثقة في الحكومة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاتهامات الموجهة للطلاب بمعاداة السامية تعكس محاولات لتقويض المطالب المشروعة، نتيجة لذلك، تجد الإدارة الأمريكية نفسها في موقف صعب للحفاظ على صورتها كمدافعة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي القيم التي لطالما تغنت بها.
لعبت معركة “طوفان الأقصى” دورًا محوريًا في زيادة وعي الأمريكيين ونقطة تحول في كيفية فهمهم للصراع العربي الإسرائيلي. فجرائم العدو الإسرائيلي في غزة بحق الأطفال والنساء وكبار السن أثرت بشكل عميق على الرأي العام خاصة الشباب الأمريكي، حيث ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في نقل صورة حية للأحداث، مما عزز التعاطف مع الفلسطينيين، بالتزامن مع التجارب الشخصية مثل العنصرية داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
على مر العقود، تلقى الكيان الإسرائيلي دعماً كبيراً من قبل الولايات المتحدة، ويعود ذلك جزئيًا إلى الروايات التاريخية والسياسية التي تم تعزيزها عبر وسائل الإعلام والنظام التعليمي، والتحالفات الاستراتيجية، والتأثير الكبير للمنظمات اليهودية واللوبيات الصهيونية السياسية.
لا شك أن “طوفان الأقصى” لم يكن مجرد حدث عابر، بل إنه يمثل بداية لتحولات عميقة في المشهد الأمريكي الداخلي. فالدعم الأمريكي لإسرائيل يواجه تآكلًا في الأسس التقليدية، ويُظهر الجيل الجديد استعدادًا لإعادة تقييم هذه العلاقة والتي ترتبط بشكل وثيق بالسياسات الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، ولا يمكن فصلها عن مستقبل الهيمنة الأمريكية ومستقبل الكيان الصهيوني المؤقت.