طهران- لطالما تمسّكت الثورة الإيرانية منذ انتصارها عام 1979 بالقضية الفلسطينية التي تمكنت من تحريك الشارع الإيراني والأوساط السياسية في الجمهورية الإسلامية، وأن تضعها في تفاعل مباشر مع التطورات في الأراضي المحتلة.

ومنذ الساعات الأولى من عملية "طوفان الأقصى"، أظهر الإيرانيون -رسميا وشعبيا- اهتماما بالغا بالأنباء الواردة من فلسطين، وسرعان ما تحولت البهجة بنجاح عملية المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي إلى احتفالات شعبية شهدتها أغلب مدن البلاد الكبرى.

والمتابع لتاريخ الصراع المتواصل منذ أكثر من 4 عقود بين تل أبيب وطهران بسبب موقف الأخيرة الداعم لقوى المقاومة وخيار مقارعة الاحتلال، يدرك مدى أهمية الحدث بالنسبة للإيرانيين، لا سيما أن الهجوم الذي قادته "كتائب القسام" جاء بعد 4 أيام فقط من كلمة المرشد الأعلى علي خامنئي والتي شبّه خلالها "الرهان على التطبيع مع الكيان الصهيوني بالرهان على حصان خاسر".

احتفالات في طهران بعد عملية #طوفان_الأقصى و اهتمام كبير في الإعلام الإيراني بموضوع العملية#ايران pic.twitter.com/ADmzPp6YKp

— سیدرضا الغرابی(قزوينی) (@RezaGhazwini) October 7, 2023

دفاع مشروع

ورغم نفي البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة، الأحد، مشاركة طهران في عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد الاحتلال الإسرائيلي، فإنها لم تخفِ بهجة الجمهورية الإسلامية بنتائجها الأولية، واصفة إياها "بالدفاع المشروع في مواجهة 7 عقود من الاحتلال القمعي".

وبينما أكدت البعثة في بيان لها أن "طهران تدعم فلسطين على نحو لا يتزعزع"، أشاد الرئيس إبراهيم رئيسي بتحول "استغاثة الشعب الفلسطيني إلى طوفان ضد الظالمين"، مؤكدا أن "شروق شمس النصر الإلهي من فلسطين أدخل البهجة في قلوب المؤمنين".

أما القائد العام للحرس الثوري اللواء حسين سلامي، فرأى في عملية "طوفان الأقصى" "نهاية للاحتلال والعدوان" وأشاد بقوة المقاومة "التي أذلت إسرائيل"، وقال في تصريح صحفي إن "أميركا تُعد سندا ضعيفا وإسرائيل أضعف منها".

طهران وعدة مدن كبرى في إيران شهدت فعاليات تضامنية مع "طوفان الأقصى" (الجزيرة) تهنئة ودعم

وبينما أعلن نواب البرلمان الإيراني خلال الجلسة العلنية، السبت الماضي، "دعمهم لعملية طوفان الأقصى ضد الكيان الصهيوني"، هنّأ المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني "الشعب الفلسطيني العظيم وكل الفصائل وحركات المقاومة المناهضة للصهاينة في المنطقة" بالعملية.

وعلى الصعيد الشعبي، شهدت العاصمة طهران وعدة مدن كبرى في إيران فعاليات تضامنية مع معركة "طوفان الأقصى" تخللتها مظاهر الاحتفال والشعارات التي تحيي المقاومين الفلسطينيين وتدين العدوان الإسرائيلي والدعم الأميركي له.

وكانت جامعة طهران سباقة في توزيع "حلوى النصر" وإقامة احتفالات طلابية في الحرم الجامعي ظهر السابع من أكتوبر/تشرين الأول مع بداية العملية، تلتها فعاليات مماثلة في جامعات "شريف الصناعية" و"العلامة الطباطبائي" و"أمير كبير" و"علم" و"صنعت وفرهنكيان".

كما شهدت "ساحة فلسطين" وسط العاصمة طهران احتفالا كبيرا مساء السبت الماضي على مقربة من السفارة الفلسطينية، ورفع المحتفلون أعلام إيران وفلسطين وحزب الله اللبناني وحملوا صور القائد السابق لفيلق القدس بالحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني، الذي قضى في غارة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي في يناير/كانون الثاني 2020 وأمسى يُعرف "بشهيد القدس" لدى الإيرانيين.

طهران تتضامن مع #طوفان_الأقصى#الكيان_الصهيوني_يحتضر pic.twitter.com/VBZYo6wb6l

— الجنرال_الاهوازی???????? (@aljenral_wael) October 7, 2023

انعكاسات

ورددت الحشود الشعبية في مدن طهران وأصفهان وتبريز والأهواز وأراك وكركان وبجنورد ومشهد وقُم ورشت وغيرها من المدن الإيرانية، هتافات "الموت لإسرائيل، والموت لأميركا، ولبيك يا أقصى".

وتتواصل احتفالات الإيرانيين بعملية "طوفان الأقصى" بينما انعكست المعركة سلبا على الاقتصاد الوطني، حيث تراجع مؤشر بورصة طهران خلال اليوم الأول من العملية بنحو 50 ألف نقطة.

كما تراجعت قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار الأميركي الذي ارتفع من 490 إلى قرابة 530 ألف ريال إيراني للدولار الواحد، حتى مساء أول أمس الاثنين.

وبينما ارتفعت أسعار المصكوكات والمجوهرات على غرار سعر الدولار الأميركي في سوق طهران، ساهمت العملية العسكرية بتحريك سوق السيارات الذي كان يعاني من انكماش خلال الأشهر الماضية، ونشر الإعلام الناطق بالفارسية تقارير عن زيادة في أسعار السيارات الإيرانية نتيجة ارتفاع الطلب عليها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

تآكل صورة إسرائيل عالميًّا.. طوفان الأقصى يكسر هيبة الاحتلال.. دراسة جديدة

خلصت ورقة علميّة، أعدّها الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي وأصدرها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات تحت عنوان: "تأثير طوفان الأقصى على مؤشرات المكانة الدولية لـ"إسرائيل""، إلى حدوث تراجع كبير في مكانة "إسرائيل" الدولية نتيجة طوفان الأقصى. حيث رصدت الدراسة المؤشرات المركزية لقياس المكانة، وعملت على قياس درجة التغير السلبي أو الإيجابي على ترتيب "إسرائيل" في المكانة الدولية العامة قبل الطوفان مباشرة وبعده.

وكشف رصد تلك المؤشرات أنّ المكانة الدولية لـ"إسرائيل" تراجعت في 8 مؤشرات من أصل 13 مؤشراً مركزياً، أي ما نسبته 61.5%. فقد برز تراجع كبير في مؤشر الاستقرار السياسي لـ"إسرائيل"، بلغ 132 نقطة، وذلك نتيجة أسباب عديدة كالحرب على جبهات عدة، والخلافات الداخلية وغيرها. أما مؤشر الديموقراطية، فتراجع بشكل بسيطـ، بلغ نقطتين، واعتبر الباحث ذلك أمراً طبيعاً لميل الدول إلى بعض الاجراءات التي تقيّد الحريات في حالة الحرب. كما تراجع مؤشر العولمة نقطتين أيضاً، نتيجة تقليص دولة الاحتلال لبعض نشاطاتها، خصوصاً الأقل استراتيجية، للاهتمام بما هو أكثر ضرورة لإدارة المعركة.

المكانة الدولية لـ"إسرائيل" تراجعت في 8 مؤشرات من أصل 13 مؤشراً مركزياً، أي ما نسبته 61.5%. فقد برز تراجع كبير في مؤشر الاستقرار السياسي لـ"إسرائيل"، بلغ 132 نقطة، وذلك نتيجة أسباب عديدة كالحرب على جبهات عدة، والخلافات الداخلية وغيرها.وتلفت الدراسة الانتباه إلى أنه بالرغم مما تسببت به الحرب من استنزاف للموارد البشرية، كسقوط آلاف القتلى والجرحى ونزوح المهجرين، وخسائر المعدّات، وتعدد الجبهات القتالية؛ بالإضافة لقوة الصدمة التي أحدثها الطوفان في صورة الردع العسكري الإسرائيلي، إلا أن التراجع في مؤشر القوة العسكرية كان بحدود ثلاث نقاط فقط، وذلك نتيجة التدخل الأمريكي والأوروبي لمساندة "إسرائيل" مالياً ولوجيستياً وسياسياً وإعلامياً لتعويضها عن ما تواجهه وتفقده.

أما عن مؤشر الصورة الذهنية لـ"إسرائيل" في العالم، فقد أشارت الدراسة إلى اهتزاز الصورة الإيجابية التي عملت "إسرائيل" على تكريسها، ما جعل التغير في صورة "إسرائيل" تغيراً عالياً بلغ 20 نقطة. وقالت الدراسة إن ذلك كان بفعل قرارات المحاكم الدولية، وتقارير المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، وانتشار صور السلوك والتصريحات الإسرائيلية الهمجية، والتهديد بضرب لغزة بالسلاح النووي ودعوات التجويع والتهجير وقتل المدنيين.

وجاء في الدراسة أن التغير في مؤشر التصويت في الأمم المتحدة كان سلبياً أيضاً، حيث تراجعت مكانة "إسرائيل" بشكل كبير وصل إلى 70 نقطة، وذلك بفعل السياسات الإسرائيلية في إدارة المعركة في قطاع غزة والتي أدّت إلى إحراج العديد من الدول الصديقة لـ"إسرائيل" أو المحايدة في مواقفها، وهو ما جعل تلك الدول تجد صعوبة أمام مجتمعاتها في التغطية على الموقف الإسرائيلي.

وأشارت الدراسة أن مؤشر السلام العالمي كشف عن تراجع كبير أيضاً في مكانة "إسرائيل" في الإسهام في السلم العالمي بـلغ 42 نقطة. إذ شكّل مستوى العنف في قطاع غزة، والاضطرابات في "إسرائيل"، والمظاهرات في أغلب دول العالم وخصوصاً في المؤسسات الأكاديمية الغربية، واضطراب حركة الملاحة البحرية وانعكاسات ذلك على التجارة الدولية والأسعار والنقل الجوي والبحري أمراً لم يستسغه المجتمع الدولي خصوصاً نتيجة التردد الإسرائيلي في قبول دعوات وقف إطلاق النار المتكررة.

وتوقفت الدراسة عند مؤشر الرأي العام الدولي، باعتباره يعكس المؤشرات كلها، سلباً أو إيجاباً، وأشارت أنه شهد تراجعاً كبيراً في مكانة إسرائيل بلغ 42 نقطة. وذلك لأن أغلب المؤشرات لم تكن في صالح "إسرائيل".

وكشفت الدراسة أنّ مقارنة معدل التغيّر السلبي والإيجابي في المكانة الإسرائيلية في المجتمع الدولي يشير إلى أن التغيّر السلبي بلغ 78.8% مقابل 21.2% للتغيّر الإيجابي.

ورأى الباحث أن الشرخ الذي أحدثه طوفان الأقصى في بنية التأييد الدولي لـ"إسرائيل" يمثّل عاملاً استراتيجياً ستظهر آثاره في فترة تتراوح بين المدى المتوسط والبعيد، باعتبار المساندة الدولية، خصوصاً من القوى الكبرى، هي إحدى المتغيّرات الرئيسية في استمرار المشروع الصهيوني.

الشرخ الذي أحدثه طوفان الأقصى في بنية التأييد الدولي لـ"إسرائيل" يمثّل عاملاً استراتيجياً ستظهر آثاره في فترة تتراوح بين المدى المتوسط والبعيد، باعتبار المساندة الدولية، خصوصاً من القوى الكبرى، هي إحدى المتغيّرات الرئيسية في استمرار المشروع الصهيوني.وأشارت الدراسة إلى أنّ أطرافاً عربية كانت أكثر تحريضاً على المقاومة قياساً بالفترات السابقة، ما يعني أنّ السياسات العربية ووسائل إعلامها وبعض نخبها المرتبطة بهذه السياسات لم تستثمر هذه البيئة الدولية المواتية لمزيد من الضغط على "إسرائيل"، بل ساعدت في تخفيف التسارع في التراجع في المكانة الإسرائيلية. ورأى الباحث أنّ تراجع الدول العربية والإسلامية عن مسار التطبيع وتعليق العلاقات مع "إسرائيل"، على أقل تقدير، يعزّز من وطأة العزلة الإسرائيلية والتأثير على مكانتها الدولية، كما أنّ مساندة المقاومة وتعزيز التلاحم بين قوى المقاومة يؤسّس لتفعيل الآثار الاستراتيجية للتراجع في المكانة الإسرائيلية.

وأوصت الدراسة قوى المقاومة ومسانديها بالعمل على تعميق التراجع في المكانة الدولية لـ"إسرائيل" من خلال لجم سياسات "المكايدة الإعلامية" العربية الرسمية ضدّ المقاومة، وتوجيه هذا الإعلام نحو "الحيادية العلميّة" على أقل تقدير، وهو ما يستوجب تقديم الصورة الحقيقية لتأثير طوفان الأقصى على المكانة الإسرائيلية دولياً.

كما دعت الورقة إلى تعميق تحليل تراجع المكانة الدولية لـ"إسرائيل" ومآلات ذلك مستقبلياً، وإبراز ذلك إعلامياً بلغات غير العربية، وزيادة إسهامات النّخب الفكرية والسياسية النزيهة، من غير العرب والمسلمين، والسعي إلى تصحيح الصورة الذهنية لدى الشعوب الأخرى عن دولة الاحتلال باعتبارها صاحبة أعلى معدل انتهاك لقرارات الأمم المتحدة بشكل يؤثر على الأمن والسلم العالمي، حيث قارب معدل الإدانات لـ"إسرائيل" من المنظمة الدولية ثلاثة أضعاف الإدانات لبقية دول العالم خلال السنة التالية لطوفان الأقصى (2024).

يذكر أن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات هو مؤسسة بحثية مستقلة مقرّها بيروت، تُعنى بإنتاج الدراسات والتحليلات العلمية المتخصصة حول القضايا السياسية والاستراتيجية، لا سيما ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية والصراع العربي ـ الإسرائيلي، ويضم نخبة من الباحثين والخبراء في مختلف المجالات ذات الصلة.

مقالات مشابهة

  • ضياء رشوان: طوفان الأقصى أيقظ العالم العربي.. هاجم الاحتلال بشدة (شاهد)
  • الدويري: مصر قدمت حلا لأزمة غزة بعد 14 يوما من طوفان الأقصى
  • ضياء رشوان: عملية طوفان الأقصى أيقظت الوعي العربي
  • فلسطينيون ولبنانيون يشيعون القائد “القسامي” خالد الأحمد في صيدا
  • كتائب القسام  تزف القائد الميداني الشهيد خالد الأحمد
  • نائب ترامب: المباحثات النووية الإيرانية على المسار الصحيح
  • من مقاومة 2005 إلى طوفان الأقصى.. كيف حطمت غزة أسطورة الغزو الإسرائيلي؟
  • كيف يقرأ الإيرانيون التهديدات الأميركية والإسرائيلية بضرب طهران؟
  • تآكل صورة إسرائيل عالميًّا.. طوفان الأقصى يكسر هيبة الاحتلال.. دراسة جديدة
  • طوفان الأقصى.. حرب غزة تُخرِجُ حل الدولتين من غرفة العناية الفائقة