الفلاحي: إيران بدأت تنوع أهدافها وتستهدف إيلام إسرائيل
تاريخ النشر: 24th, June 2025 GMT
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد حاتم كريم الفلاحي إن الضربات الإيرانية الأخيرة على إسرائيل تميزت باتساع رقعتها الجغرافية وتنوع طبيعة الأهداف، مما يعكس تحولا نوعيا في إستراتيجية المواجهة يعتمد على إيقاع الألم والضرر المؤثر في البنية التحتية الإسرائيلية.
وأوضح الفلاحي أن إيران استهدفت مناطق متعددة من الشمال إلى الجنوب، بما في ذلك صفد، تل أبيب، القدس، حيفا، وأسدود، إضافة إلى منشآت حيوية كبرى مثل محطة الطاقة في الجنوب، وهو ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن آلاف المنازل، ما يثبت قدرة إيران على الوصول إلى أهداف إستراتيجية بالغة الحساسية.
وكانت الجبهة الداخلية الإسرائيلية أعلنت رصد 4 موجات من الصواريخ الإيرانية خلال 20 دقيقة، فيما قالت القناة الـ13 إن من بين هذه الصواريخ ما سقط جنوب القدس المحتلة، في وقت أكد فيه وزير الطاقة انقطاع الكهرباء عن نحو 8 آلاف منزل في أسدود بعد إصابة منشأة حيوية.
وأشار الفلاحي إلى أن إيران استخدمت في هذه الضربات صواريخ إستراتيجية نوعية مثل "خيبر" و"خيبر شكن"، وهي صواريخ ذات مدى طويل ورؤوس حربية متعددة، ما يعقّد عملية اعتراضها، ويمنحها قدرة تدميرية هائلة تصل إلى انشطار عشرات الحاويات المتفجرة داخل المجال المستهدَف.
وذكرت وكالة "مهر" الإيرانية أن الحرس الثوري استخدم صاروخ "خيبر" الباليستي متعدد الرؤوس للمرة الأولى في هذه الضربة، بينما تحدث موقع "فلاي رادار" عن تعليق هبوط 5 طائرات في مطار بن غوريون بسبب الضربات.
إستراتيجية الإيلاموأضاف الفلاحي أن إيران باتت تركز على ما سماه "إستراتيجية الإيلام"، من خلال ضرب منشآت تؤثر في الحياة المدنية والاقتصادية، مثل منشآت الكهرباء والمواقع الصناعية، وهو ما يعكس هدفا يتجاوز الرد العسكري إلى إثارة الجبهة الداخلية وإضعاف قدرة الحكومة الإسرائيلية على الصمود.
إعلانوحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، فإن إيران أطلقت منذ بداية الحرب أكثر من 500 صاروخ وألف طائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، بينما تصاعدت عمليات القصف المتبادل عقب الضربات الإسرائيلية على منشآت نووية وصاروخية إيرانية خلال الأيام الماضية.
وأكد الفلاحي أن الاستخدام الإيراني للصواريخ متعددة الرؤوس يمثل قفزة تكنولوجية عسكرية، حيث تُظهر هذه الأسلحة قدرة على تجاوز أنظمة الدفاع الجوي عبر قدرتها على تغيير المسار والانشطار إلى شظايا متعددة تصيب أهدافا متفرقة ضمن محيط واسع.
وأشار إلى أن هذا النوع من الأسلحة يُضعف قدرة إسرائيل على اعتراض الصواريخ، ويزيد الضغط على منظومات الدفاع الجوي مثل "حيتس 2" و"حيتس 3″، خاصة مع محدودية مخزونها من الصواريخ الاعتراضية، في ظل استمرار موجات القصف.
وتحدث العقيد الفلاحي أيضا عن استخدام إيران طائرات مسيّرة ذكية، قادرة على تحديد الأهداف وتدميرها بدقة، مشيرا إلى أن الطرازات المستخدمة تشمل "شاهد" بمداها الذي يتجاوز ألفي كيلومتر، و"شاهد 238″ ذات المحرك النفاث وسرعتها العالية، ما يعكس تنوعا في أدوات الحرب يربك الدفاعات الإسرائيلية.
الحرب الإلكترونيةوفيما تحدثت إسرائيل عن استخدام الحرب الإلكترونية لإسقاط المسيّرات، قال الفلاحي إن هذه العمليات تعتمد على التشويش وقطع الاتصال بين الطائرة والمشغّل، لكنها ليست فعالة في مواجهة كل الأنواع، خصوصا المسيّرات المبرمجة مسبقا.
ولفت إلى أن استهداف منشآت الطاقة في أسدود يعكس تركيز إيران على ضرب مفاصل الحياة الإسرائيلية، مشيرا إلى أن الملاجئ المحصنة تعتمد على الطاقة الكهربائية، وأن المساس بها يُمكن أن يشلّ جزءا من قدرات الصمود في الداخل الإسرائيلي.
وأضاف أن الضربات الإيرانية طالت خلال الأسابيع الماضية أهدافا للموساد، وأخرى في "القرية التكنولوجية"، فضلا عن القواعد الجوية، ما يشير إلى تدرج في إستراتيجية الاستهداف من الأمني إلى الاقتصادي، فالبنية التحتية، في محاولة لتآكل قدرة إسرائيل على الاستمرار.
وفي سياق آخر، أوضح الفلاحي أن إسرائيل لا تستخدم الصواريخ الباليستية بشكل كبير بسبب اعتمادها الرئيسي على سلاح الجو، الذي يتمتع بدقة وتأثير فائقين، وهو ما يجعل الطائرات أداتها المفضلة في العمليات الهجومية بعيدة المدى.
وأشار إلى أن الطائرات الإسرائيلية مثل "هرمز 900" تتمتع بقدرة على تنفيذ المهام داخل إيران والعودة، خلافا لطائرات مثل "إيتان" التي يمكن أن تصل إلى مسافات بعيدة لكنها لا تعود، ما يعكس أهمية النوعيات المتقدمة في حرب الاستنزاف الجارية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الفلاحی أن ما یعکس إلى أن
إقرأ أيضاً:
كاتب إسرائيلي: الانسحاب من غزة ضرورة إستراتيجية لمواجهة إيران
يدعو الكاتب الإسرائيلي بن درور يميني إلى إنهاء الحرب على قطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى، لأنه يرى أن استمرار القتال في غزة يشكل "عبئا إستراتيجيا خطيرا" على إسرائيل، ويعيق انخراطها الكامل في المواجهة الأهم ضد إيران، ويُفقدها الفرصة لتحقيق ما أسماه "نصرا إقليميا تاريخيا".
ويعتبر يميني في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت أن الحرب في غزة تحولت إلى عبء يرهق الجيش ويضر بالمكانة السياسية لإسرائيل، مشددا على أن "الحكومة الإسرائيلية من خلال أفعالها وتصريحات مسؤوليها فعلت كل ما في وسعها للوصول بإسرائيل إلى أسوأ مستوى دبلوماسي في تاريخها"، في حين أن "المعركة الحقيقية" هي تلك التي تخوضها في مواجهة إيران.
ويقول: "نعرف أنه يجب وقف القتال في غزة. لقد أصبحت مجرد مصدر إزعاج. بعد أكثر من 20 شهرا، لا يوجد نصر مطلق في الأفق، وإنما روتين قاس ومرهق. وعلى الصعيد السياسي، نحن ننهزم بأنفسنا".
تآكل الدعم الدولييرى الكاتب أن الدعم الغربي لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد إيران ما زال قائما، لكنه مهدد بالتآكل بفعل استمرار الحرب في غزة، والدمار الواسع الذي ألحقته بها، إضافة إلى "التصريحات المتهورة لوزراء الحكومة".
ويتحدث يميني عما أسماه بالإعلانات المتفاخرة عن الهلاك والانتقام واستخدام المصطلح التوراتي (عماليق) لتبرير إبادة الفلسطينيين والتحجج بعدم وجود أبرياء بينهم، ويقول "لم تكن الدعاية المؤيدة لحماس لتصل إلى المستويات التي وصلت إليها في الغرب لولا هذه التصريحات الغبية والعنصرية والفاشية التي أصر الوزراء وأعضاء الكنيست والشخصيات العامة والصحفيون على استخدامها، وأدت إلى تقويض الدعم الدولي لإسرائيل".
ويشير إلى أن حملة التضامن الدولي مع إسرائيل خلال الهجوم الإيراني على أراضيها أواخر أبريل/نيسان، التي تضمنت "رحلات نقل أسلحة ومساعدات غير مسبوقة من موانئ غربية، رغم خضوعها لنقابات يسارية معادية"، (على حد زعمه)، لم تكن أمرا بديهيا، وأن استمرار هذه المعونة يرتبط كثيرا بـ"الرأي العام الذي يتأثر سلبا بما يحدث في غزة".
إعلانويستشهد يميني بالصحفي البريطاني بيرس مورغان كمؤشر على تحول الرأي العام في الغرب، ويعتبر أن مورغان بدأ داعما لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنه "غيّر موقفه بعد التصريحات التحريضية لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي دعا إلى تدمير ما تبقى من غزة".
ويصر الكاتب على أن سبب تغيير الغرب موقفه من إسرائيل هو المجازر التي ترتكبها إسرائيل بحق الغزيين، وليس فقط تصريحات الوزراء المتطرفين، ويقول: "لم يكن كافيا أن تلاحق القادة والجنود الإسرائيليين محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية بتهم جرائم الحرب، بل أصر وزراؤنا على منح خصومنا الذخيرة، وإبعاد المتعاطفين عنا".
ويضيف: "بعد الهجوم على إيران، عاد مورغان وأبدى تأييده لإسرائيل بناء على معطيات نووية وأمنية واضحة. لكن هذا الدعم مهدد، وهو السيناريو نفسه الذي حصل بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، حين فرطنا بدعم عالمي نادر بتصريحات انتقامية وغبية".
التركيز على إيرانوينتقد الكاتب بشدة تصريحات وزراء في الحكومة الحالية، مثل وزير الطاقة إيلي كوهين ووزيرة المواصلات ميري ريغيف، الذين دعوا إلى إسقاط مبان في إيران أو "تطهيرها بالكامل"، مشيرا إلى أن هذه التصريحات تعطي الانطباع أن إسرائيل في "حرب انتقامية ضد الشعب الإيراني"، لا ضد نظام يشكل تهديدا نوويا.
ويعتبر أن "مثل هذه التصريحات تُحوّل الحرب على إيران إلى نسخة من حملة غزة"، وتساعد خصوم إسرائيل على تصويرها كدولة عدوانية، وتفقدها دعم الرأي العام الغربي، مما قد يؤدي إلى نجاح حملات شعبية تقودها نقابات العمال في أوروبا وأميركا للتوقف عن شحن الأسلحة والمعدات إلى إسرائيل.
ويضيف ساخرا: "ألا يكفي أن ماكرون بدأ يطالب بوقف ضرب البنى التحتية للطاقة في إيران؟".
ويختم يميني مقاله بمناشدة صريحة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزرائه، قائلا: "إذا تبقى لديكم ذرة عقل، غادروا غزة. أطلقوا سراح الرهائن. هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يساعد إسرائيل على التركيز في الهدف الأساسي الذي هو إيران".
ويشدد على أن "إسرائيل أهم بكثير من القاعدة اليمينية المتعطشة للدماء التي يغازلها الوزراء بتصريحاتهم"، مضيفا أن التصرفات الحالية "تُقوّض الجهد العسكري والسياسي"، وقد تعيد سيناريو فقدان الدعم كما حصل في بداية الحرب على غزة.