«عبد الله بيج»: الإسلام تجاوز الزمن والذكاء الاصطناعي مرتبط بالدين والتدين
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
قال المهندس عبد الله بيج، خبير الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة الأمريكية: إن الإسلام كما نعلم يتجاوز الزمن، وتعاليمه قابلة للتطبيق في الوقت الحاضر بنفس الفعالية كما كانت قبل أكثر من ألف عام، ومع تقدم التكنولوجيا، يتعين علينا فهمها والمشاركة فيها.
وأضاف خلال كلمته في فعاليات الجلسة الختامية من المؤتمر العالمي الثامن للإفتاء، أن هناك اتصالًا فيما يخص مجال الذكاء الاصطناعي وسياق الدين والتدين، مشيرًا إلى أن المسلمين العظماء، مثل ابن الهيثم، وضعوا أسس المنهج العلمي، والخوارزمي أبو الجبر وضع أُسس الرياضيات الحديثة.
واليوم، ومع وعد الذكاء الاصطناعي بنهضة جديدة، يجب علينا أن نتذكر إرثنا الكبير كأصحاب رسالة قوامها العلم، فالخوارزميات المعقدة التي يديرها الذكاء الاصطناعي ليست سوى صدى حديث للمعادلات المعقدة التي اجتهد بها أسلافنا، ولا يجب أن نكون مجرد مشاهدين، بل يجب أن نكون مشاركين فعَّالين في هذا العصر التكنولوجي.
وحول ضرورة فهم الذكاء الاصطناعي، أكَّد أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد اختراع آخر، بل هو تطور لقدرات الإنسان، وأصبح يمس حياتنا اليومية بتنبئه بالطقس، ويحسِّن من عائدات الزراعة، ويساعد الأطباء في التشخيص، بل يمكنه المساعدة في البحث الديني.
وتابع: من طفل مسلم في فلسطين يحاول تعلم تفسير القرآن إلى عالم في القاهرة يدرس الحديث، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدث ثورة في التعلم الإسلامي، قائلًا: "تخيل أنه يمكن للذكاء الاصطناعي تقدير سؤال يتعلق بالفقه، ثم مراجعة آلاف كتب الفقه والتفاسير والأحاديث والآيات في لمح البصر، تخيل القدرة على ترجمة كتاب إلى 100 لغة في يوم واحد"، مشيرًا إلى أن هذا ليس حلمًا بعيدًا، بل هذه التطبيقات يتم بناؤها اليوم، وكما يملي علينا ديننا الحنيف أن الحكمة ضالة المؤمن، فمن واجبنا أن نتخذ ونوجه ونشكِّل دَور الذكاء الاصطناعي في تحسين أوضاع الأمة الإسلامية لأن الإمكانيات تحمل تحولًا كبيرًا، ولكن مثل جميع الأدوات، تكمن المفاتيح في مستخدمها.
وبشأن الاعتبارات الأخلاقية، أكد عبد الله بيج، أن مع هذه القوة تنشأ تحديات أخلاقية عميقة، مثل: من يبرمج الذكاء الاصطناعي؟ ما التحيزات التي يدرجونها، سواءً بقصد أو بدونه؟ النماذج اللغوية الكبيرة التي تعتمدها تطبيقات مثل ChatGPT تستند إلى معلومات من مجموعات بيانات ضخمة، وإذا كانت هناك أجندة مُعادية للإسلام موجودة في مجموعة البيانات وقام شخص ما بتطوير تطبيق باستخدام هذا النموذج، فسيكون لديه تحيز ضد المسلمين، مشيرًا إلى وجوب وجود المسلمين في مقدمة تطوير هذه التكنولوجيا، ذلك لأن كل تطور تكنولوجي يطرح تحديات أخلاقية، والذكاء الاصطناعي ليس استثناءً، إما أن يلتزم بمقاصد الشريعة وأهدافها العليا، أو أن ينحرف عن مبادئ العدل.
كما أشار أيضًا إلى العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والعقيدة الإسلامية، وأننا إذا تعمقنا في علم أصول الدين، فسنفهم الفرق بين المعلومات والعلم، وبينما يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على إنشاء وتوليد المعلومات، إلا أنه ليس لديه العلم، وقد يفك تشكيل البنية اللغوية للقرآن ولكنه لن يتفاعل مع عمقه الروحي. ومع ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي، بتوجيه أيدينا، أن يكون أداة قوية للمسلم، تمامًا كما أننا لا نأخذ علمنا الديني من غير المتخصصين، فإننا لا نأخذ العلم الديني من الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك، قيمته تكمن في تسهيل الفهم، وتعزيز الوحدة داخل الأمة، وفي مكافحة الأفكار الخاطئة حول الدين، وكل ذلك من الأهمية بمكان.
ثم وجَّه نداءً للعمل بقول الله في القرآن: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا"، موضحًا أننا نعلم من معركة الخندق أن المسلمين اعتمدوا استراتيجية اقترحها سلمان الفارسي غير معروفة لدى العرب.
وقد وضح نبينا (صلى الله عليه وسلم) أن اعتماد الأفكار الخارجية حسب الحاجة ليس مجرد رأي مقبول، بل هو جزء من حضارتنا، وأن أمتنا فريدة أيضًا لكون المسلمين يعيشون في كل زاوية من هذا العالم. الإسلام جزء من مئات الثقافات في جميع أنحاء العالم، وهذه الثقافات يمكن أن تستفيد من بعضها البعض. لهذا السبب، من الضروري أن نعمل مع قادة التكنولوجيا، ونجند أفضل المواهب في جميع أنحاء العالم، ونضمن أن قيمنا الدينية قادرة علي تشكيل وتطوير الذكاء الاصطناعي.
كما يجب أن نرعى المبادرات التي تجعل المعرفة الإسلامية الصحيحة متاحة من خلال أدوات الذكاء الاصطناعي. يجب أن نشجع على إنشاء محفزات الأعمال الناشئة والحاضنات التي يمكن أن توفر رأس المال للشباب الأذكياء في المجتمعات المسلمة.
كذلك يجب أن تصبح مؤسساتنا أفضل من مؤسسات أخرى في العالم. يجب أن نعمل بتركيز أكثر بشكل فائق على أن نصبح أكفاء ومؤثرين في عملنا حتى توفر التكنولوجيا في البلاد الإسلامية قيمة قصوى في سوق الأفكار.
وأكد أن التكنولوجيا ليست الحل الوحيد لكل مشكلاتنا، ولكنها جزء من المعادلة. عندما نشهد مأساة إبادة الفلسطينيين، نرى كيف يمكن استغلال التكنولوجيا في أيدي الأشخاص الخاطئين لنشر الأكاذيب والتضليل، في حي أن الإسلام كنظام ونمط حياة منذ زمن النبي يؤسس إطارًا لمجتمع عادل ومزدهر يعود بالنفع على جميع الناس من خلال دستور أخلاقي صالح للزمان والمكان. ومن خلال إيماننا بالله الواحد والسعي الدؤوب في خدمة الإنسانية، والعمل الجاد، والتميز، يمكننا تطوير تكنولوجيا تنافس بشكل كبير في الوقت المناسب، حتى يعلم الذين يرون العالم الإسلامي مجرد مجموعة من الدول الثالثة أو الأدنى أن نموذج الإسلام الحضاري للتقدم التكنولوجي هو ما سيقود العالم كله نحو ازدهار عالمي.
وفى ختام كلمته قال: أبدأ بنفسي اليوم فأعلن أني سأضع خبراتي المتواضعة في خدمة الأمانة العامة لهيئات الفتوى في العالم، وسأعمل مع فريق تكنولوجيا المعلومات بالأمانة لإنشاء برامج ومنصات تسهل عمل المفتين وتعزز قدراتهم بطريقة فعَّالة واحترافية، وأود أن أعيد تأكيد شكري للمنظمين على استضافتي في هذا الحدث الرائع، وأدعو الله أن يبارك في أفراد هذا الجمع المبارك، وأن يساعد الشباب المسلم في جميع أنحاء العالم على تحقيق طموحاتهم وأحلامهم.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الإسلام الذكاء الاصطناعي الجلسة الختامية المؤتمر العالمي للإفتاء مؤتمر الإفتاء المصرية الذکاء الاصطناعی یجب أن
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يحسّن علاج سرطان الرئة
أتاحت أداة من الذكاء الاصطناعي تستخدم التعلم العميق مقارنة صور الأشعة المقطعية تلقائيًا في سياق علاج السرطان، مما يسمح باكتشاف وتحديد حتى أصغر التغيرات في أورام الرئة بسرعة ودقة أكبر.
البحث أجري من قبل فريق من الباحثين الألمان والأطباء في الولايات المتحدة.
تُجرى فحوصات التصوير المقطعي المحوسب للصدر بشكل متزايد حول العالم للكشف عن أمراض الرئة، مثل سرطان الشعب الهوائية، في مرحلة مبكرة، مما يسمح بمراقبتها.
تُتيح هذه الفحوص تحديد أبسط آثار العلاج والآثار الجانبية، مما يُحسّن العلاج. ومع ذلك، تُعدّ مقارنة الفحوصات مهمة بالغة التعقيد وتستغرق وقتًا طويلاً، وهي عُرضة للأخطاء، إذ غالبًا ما يضطر أخصائيو الأشعة إلى العمل تحت ضغط زمني كبير عند تقييم الصور. ويُسهّل إنشاء التوافق التشريحي تلقائيًا بين الفحوصات، وهي عملية تُعرف باسم "التسجيل"، هذه العملية.
التعلم العميق
لتحسين التشخيص وتسهيل الممارسة السريرية اليومية للأطباء، يركز مشروع SPIRABENE، الذي يتم تطويره في ألمانيا بالتعاون مع جامعة أميركية، على الذكاء الاصطناعي.
يوضح يان مولتز، مهندس الأبحاث الرئيسي في تحليل الصور الطبية في معهد فراونهوفر ميفيس في ألمانيا "طورنا برنامجًا قائمًا على التعلم العميق يُمكّن من تحديد وقياس آفات الرئة بدقة أكبر وفي وقت قصير جدًا، كما يُمكّننا من اكتشاف آفات جديدة محتملة".
لمتابعة أمراض الرئتين، تُقارَن فحوصات التصوير المقطعي المحوسب السابقة بأحدث الصور لتحديد التطابق التشريحي. ويتمثل التحدي الأبرز هنا في أن صورتين للشخص نفسه تبدوان متشابهتين، لكنهما غير متطابقتين، على سبيل المثال، بسبب اختلافات في التنفس عند إجراء الفحص، أو فقدان محتمل للوزن نتيجة العلاج.
يدعم المقارنة الآلية بين الصور بالفعل مراقبة الصور اللاحقة، لكن استخدام التعلم العميق يُمكّن من مقارنة المسوحات تلقائيًا بسرعة ودقة أكبر.
يوضح مولتز "تُظهر نتائجنا أن 11% من الأورام تُكتشف تلقائيًا في صورة المتابعة بمساعدة الذكاء الاصطناعي مقارنةً بالتسجيل التقليدي القائم على البرامج، وفي أقل من ثانية واحدة". وهذا يعني أيضًا أن قوة الحوسبة المطلوبة أقل، مما يوفر الطاقة.
صمم الباحثون تقنية معالجة الصور الآلية بالكامل بالتعاون مع أطباء من جامعة ميشيغان الأميركية، مما يُمكّن من دمجها واستخدامها مباشرةً في البنى التحتية السريرية القائمة. وقد اختُبِر البرنامج وخضع للتقييم بالفعل في الممارسة السريرية اليومية، ويمكن استخدامه قريبًا في التطبيقات العملية. وتتمثل الخطة طويلة المدى في استخدام مراقبة المتابعة المدعومة بالذكاء الاصطناعي لكامل الجسم.
بعد التشغيل التجريبي، أعرب مولتز عن سعادته بالنجاح الأولي، وقال "أشعر بالحماس للعمل على برنامج يُستخدم فعليًا في الممارسة السريرية وله تأثير إيجابي على العمل اليومي للأطباء. كما يساعدنا البرنامج على تحديد العلاجات غير الفعالة بسرعة، وتجنب الآثار الجانبية والتكاليف غير الضرورية، وزيادة فرص شفاء المرضى".