بينما يمضى الوقت – «اقدلو وانزلو في عوازل كي» – أمل أبوالقاسم
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
منذ ان خرج رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان من مقر القيادة العامة بالخرطوم وظهوره بغتة في وادى سيدنا بمدينة ام درمان منطلقا بعدها في جولات ماكوكية داخل وخارج السودان، من وقتها ونار المليشيا و قحت ومن لف لفهم لم تخمد بل زاد اوارها خروج نائبه الفريق أول ركن شمس الدين كباشي بلا اي ضوضاء فاستعرت النار ومسكت بتلابيب كل الظنون ولكن.
عند خروج البرهان ذهبت ظنون وفتاوى أسباب خروجه كل مذهب وتبادر إليهم بل قطعوا الظن متيقنين انه خرج بصفقة وهو ما يعتمل في عقلهم الباطن ويتمنون نزوله واقعا، لكنها ظلت وستظل محض امنيات إذ سرعان ما بدد البرهان هذه الأمنيات عبر عدد من اللقاءات والمنابر. ثم عندما خرج الكباشي ولأن الإحباط بتلبسهم، ولأن لم يعد في جراب احلامهم شيء، قالوا ان خروجه هروبا من ارض المعركة التي خسروها، ولكى يوقعوا بينهم وجنودهم وهم يعلمون في قرارة نفسهم ان ذلك لن ينطلي عليهم ولا على القاعدة العريضة التي تلتف حولهم وان اللحمة التي بينهم عصية على الذوبان، قالوا ذلك وعبثا يحاولون ويتفوهون ( حراق روح ساي).
ومن عجب من يتحدثون عن الهروب هم أول الهاربين بأسباب عدة غاية في القذارة سوى ان كانوا سابقا أو لاحقا بعد الحرب. اما عضو لجنة التمكين الفاسدة المحلولة صلاح مناع الهارب فقد المنطق وهو (يهضرب) بعدد من التغريدات في حسابه على تويتر متناولا خروج كباشى ووصمه بالهارب لكن ما يعجب هو ديدن كل ما بكتبه قادة قحت الذين يتجرأون بالتدوين على حساباتهم في منصات التواصل الاجتماعى حيث تنالهم اقذع عبارات النقد. اما مناع فنصيبه من ذلك وابل من رصاص التعليقات المستخفة لعل من ببنها تعليق احدهم مستشهدا بالمثل ( عندما تتحدث العاهرة عن الشرف) ومناع الهارب يرمى بدائه وينسل. ولا ادرى لماذا لم يتحدث عن هروب رفاقه وعلى رأسهم عبدالرحيم دقلو..(كدى بس انتوا جربو تعالوا السودان وخلونا نتفرج).
قلت أعلاه ان بخروج كباشي استعرت النار ومسكت بتلابيب كل الظنون ولكن.. ولكن عندما تسرب مقطع الفيديو وهو يتحدث الى الضباط في قاعدة وادى سيدنا متناولا أمر مفاوضات جدة تنفسوا الصعداء واصبح كباشي ملهمهم او كما علق أحدهم متندرا (كأن كباشي من اوقد ثورة ديسمبر) كيف لا والمنبر بالنسبة لهم القشة التي سيتعلقون بها بعد ان باءت كل المحاولات العسكرية الدموية بالفشل، فنزعوا ببحثون عن ضالتهم في منبر جدة ولكن هبهات..
وللذين يبحثون عن وقف الحرب في عواصم الدول والحواضن بين الغرف والصالات المبردة وفي قرارة نفسهم لا يتمنون ذلك الا وفقا لامنياتهم وبالطريقة التي يريدون لصالح نفسهم ورعاتهم، دولة الشر ورفيقاتها فقط لا غير. نطمئنكم ان الحرب لابد انها ستقف وهى قاب قوسين أو ادنى من ذلك، سيوقفها ابطال وأحرار السودان الخلص في الميادين تحت لهب الشمس الحارقة، وسهر الليالي الطوال، ستقف الحرب وعندها لكل حدث حديث والحساب ولد بينكم والشعب.
ستقف الحرب وستعود الحياة أو بالاحرى فهى بدأت فها هى المدارس والجامعات ستباشر الدراسة وغير ذلك الكثير نعلم ان ذلك يوجعكم كما اوجعكم عودة الحياة في أم درمان محلية كررى فاستهدفتموها. نعود ونطمئنكم نيالا عصية عليكم كما عصت الخرطوم.. ستعود الخرطوم وسيخيب فألكم ان لم يكن خاب فعليا.. ستعود الحياة اجمل وانضر وبدونكم فموتوا بغيظكم.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: الوقت بينما يمضى
إقرأ أيضاً:
ظفار أرض اللبان والتباشير.. ولكن!
خالد بن سعد الشنفري
هبَّة جديدة من هبات ظفار حدثت في كل وسائل التواصل الاجتماعي ولم تهدأ بعد.. وذلك حول استبدال اللبان وشجرته كهوية وشعار للمُحافظة واستبداله بوسم وشكل التباشير.
كواحد من أبناء هذه المُحافظة تابعت كل ذلك دون أن أدلي برأيي حوله؛ فقد كنت متوقفًا عن الكتابة لظروف خاصة، إضافة إلى أنني منشغل حاليًا بإعداد كتابي الجديد "ظفار.. ذاكرة زمان ومكان" الذي سيصدر قريبًا؛ لذا آثرت التروي حتى تهدأ النفوس فقد كفى ووفى الناشطون في وسائل التواصل وأصحاب الأقلام.. غير أن الكثير من الزملاء ومن قرائي ألحوا عليَّ بالكتابة عن هذا الموضوع المهم.
وإحقاقًا للحقيقة والتاريخ نقول إنَّ وسم "التباشير" لا يقل أهمية عن وسم "شجرة اللبان"؛ فكلاهما تاريخيًا من صميم إرث ظفار وقد سبق لي أن نشرت مقالًا في جريدة الرؤية الغراء، بتاريخ 4 ديسمبر 2021، عن التباشير واللبان بعنوان "التباشير والزاوية واللبان" كموروثات تاريخية ظفاريّة، وسأقوم بتذييل مقالي هذا برابط المقال القديم لمن أحب الاطلاع عليه، وسأضمنه كذلك كتابي الجديد المعزم نشره في فترة خريف هذا العام بإذن الله.
اللبان والتباشير كلاهما ارتبطا بظفار تاريخيا ولازالا إلى اليوم.
والتباشير هي من علامات ومميزات المعمار الظفاري القديم على أسطح بيوتها ومساجدها وزواياها وحتى أضرحة أوليائها والصالحين، ولا زالت شامخة إلى اليوم ولا تخطئها عين أي زائر للمحافظة، وهي مع منظرها الصوري الجمالي هذا كانت أيضًا قرينة اللبان وتستخدم لوضع مجامر بخور اللبان الكبيرة عليها وحرقه في الأجواء ترحيبا بالزائرين وفي المناسبات كما أن مجامر اللبان والبخور الظفارية يوجد على أعلاها شكل التباشير وهذا دليل الارتباط التاريخي بين الإثنين شكليا وعمليا أيضا.
لغويًا.. التباشير حسب المجامع اللغوية تعني البُشرى وأوائل الأشياء أو باكورتها؛ فيقال تباشير الخريف وتباشير الصباح، مثلما يُقال تباشير الرطب في محافظات عُماننا الحبيبة، وتباشير موسم الفتوح في ظفار الذي كان يترقبه أبناء ظفار بعد انتهاء فترة الخريف، وتهدأ زمجرة أمواج بحره العاتية، ويستقبلون السفن التجارية الخشبية القديمة إلى ظفار مُحمَّلة بمختلف البضائع وتحمل في ذهابها منتوجات ظفار من لبان وقطن وفلفل أحمر وجلود وسمن بلدي وأسماك سيسان مرباط المجففة (الصافي) والصفيلح وغيرها.
ومن المفارقات وأنا أكتب هذا المقال تتلبد كتل السحب الكثيفة سماء الشريط الساحلي لظفار وتحجب شمس هذا الأيام الحارة، فنحن في "نجم الكليل" أشد نجوم ظفار حرارة ورطوبة على الإطلاق، ما قبل موسم الخريف؛ وكأنها استجابة القدر للوحات شعار التباشير الذي زُيِّنت به صلالة وشوارعها وأبت إلّا أن تشاركهم وتُبشِّر بالخريف قبل حلوله فلكيًا بعد شهر من الآن؛ جعلها الله سحب غيث ماطر يروي الأرض وينبت الزرع ويدر الضرع والمرعى ليتواصل مع التوقيت الفلكي له في الثالث والعشرين من يوليو القادم.
أما اللبان، فهي شجرة مميزة تحمل ثمرتها اللبان وسط أحشاء سيقانها ويحسبها الظفاريون مباركة عليهم، وهذا لم يكن ينطبق على ظفار وعمان فقط بل كانت كذلك لشعوب وحضارات قديمة منذ آلاف السنين وكانت مصدر رزق رئيس وثراء لظفار حتى حيكت حولنا أساطير وحكايات قديمة لديهم بأننا البلاد السعيدة وأرض العمالقة، ويحلو للبعض اليوم وصفه بالنفط الأبيض لتلك الحقب الزمنية ولا زال يقوم بهذا الدور مع الفارق طبعًا وإلى وقتنا الراهن، ويحرص كل من يزور ظفار في خريفها أو أي من مواسمها المعتدلة عموما على اقتنائه وأصبح حاليًا يدخل في صناعة العطور الراقية ومستحضرات التجميل والحلوى العمانية وحتى الدواء.
محافظة ظفار من المناطق القليلة جدًا على مستوى العالم بنمو هذه الشجرة ومن أفضله جودة وشهرة على الإطلاق، وقد ارتبط تاريخيًا اسمها به على مستوى العالم، بعكس التباشير التي تشترك معنا مناطق عديدة في العالم العربي فيها، ولا مقارنة بينهما تاريخيًا، فبيمنا تمتد شهرة اللبان الظفاري الذي كانت سمهرم شرقًا والمغسيل غربًا أهم موانئ تصديره للعالم قبل أكثر من 3 آلاف عام نجد بالمقابل أن مدينة البليد عاصمة ظفار القديمة قبل 700 عام تخلو مبانيها من التباشير وهذا دليل على دخوله إلى معمارنا بعد هذا التاريخ.
وإذا ذكر أمامك اسم مصر تستحضر مباشرة الأهرامات، واسم الصين سورها العظيم، وباريس برج إيفل، واليمن ناطحات سحابها، والإسكندرية منارتها، وكذلك ظفار أول ما يتبادر للذهن عند ذكر اسمها هو اللبان وخريفها، لا تباشيرها.
وإذا جاز لنا من اقتراح بهذا الصدد؛ فنتمنى أن يقتصر شعار التباشير على موسم خريف هذا العام فقط، خصوصًا وأنه قد تم نشر لوحاته على معظم شوارعنا الرئيسية، ونعتبره تباشير خريف هذا العام، أما اللبان وشجرته فيجب أن تظل الشعار والهوية للمحافظة؛ كي لا يُقال عننا- ومع الأسف الشديد لقول ذلك- "أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير".
كنَّا نتمنى أن تنتشر شجرة اللبان في كل شوارعنا وعلى دوراتها وكل جوانبها جنباً إلى جنب، كما نعمل لنخلة النارجيل بدل أن نخرجها من المشهد والصورة لتنزوي؛ فأول ما يهُم الزائر لنا في المحافظة هو النخلة ومشلاها وكذا شجرة اللبان ولبانها وبخورها.
مبارك علينا جميعا تباشير خريف هذه السنة المبكر وكل عام وأنتم في خريف وتباشير وعبق لبان.
رابط مختصر