شفق نيوز:
2025-12-13@07:24:13 GMT

العشوائيات السياسية والمعارضة الهجينة!

تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT

العشوائيات السياسية والمعارضة الهجينة!

  كما في العشوائيات السكنية التي انتشرت حول المدن الكبرى في العواصم والمدن والتي استولت على مساحات واسعة من الأراضي والممتلكات العامة في غياب سلطة القانون واضمحلال العدالة الاجتماعية وضعف الدولة، والتي ضمت أناس بسطاء من بيئات مختلفة غالبيتها ممن يصنفون تحت سقف خط الفقر او الحالمون بتملك تلك الأماكن بنظرية واقع الحال، او ممن تركوا بيئاتهم الاصلية ونزحوا أو هاجروا الى تلك العشوائيات السكنية والسلوكية أملا في تحقيق هدف مرتجى خارج سياق القانون وبفرض واقع الحال.

 

   اردتُ بهذه المقدمة أن ادخل الى واقع آخر لا يختلف كثيرا عن تلك البيئات التي أنتجت هذه العشوائيات، حيث الأوضاع السياسية التي أنتجتها عمليات التغيير القيصرية في غالبية دول الشرق الأوسط الموبوءة أصلاً بضعف سلطة القانون وتخلخل العدالة الاجتماعية، من ارتفاع مستويات خط الفقر المدقع مع انخفاض مريع في الوعي والتعليم، يتم تدمير الناتج القومي واستهلاكه في بناء ترسانات أمنية وعسكرية وأسوار من هياكل الحماية للنظم السياسية ومفاصلها، هذه النظم التي تحولت وبالذات جمهوريات الانقلابات ودول الربيع العربي المخدرة بالديمقراطية المستوردة إلى عشوائيات سياسية واسعة، انتشرت فيها أنماط عديدة من النظريات الفكرية والسلوكية التي بلورت نمطاً من الديمقراطية الفوضوية والعشوائية الناتجة من طبيعة مجتمعاتها ذات الإرث المتكلس من العادات والتقاليد الاجتماعية والدينية التي تجمعت فيها هذه الفعاليات السياسية ومن مختلف الشرائح والطبقات والتوجهات، القبلية والقومية والدينية والمذهبية ومن كل الطبقات الاجتماعية. 

   هذه الديمقراطية التي تم إنزالها بمظلة خارجية فوق مجتمع تركزت في مفاصله موروثات اجتماعية قبلية ودينية تتقاطع تماما مع هذا الأسلوب في الحياة الاجتماعية والسياسية، وخير دليل على ذلك التجربة الديمقراطية الأخيرة في العراق منذ عقدين من الزمان، ناهيك عن تجربتي تركيا وإسرائيل اللتين فشلتا في الخروج من قوقعة القومية المفرطة والدينية المتزمتة، التي لم تنجح في خلق مجتمع مدني حديث يقوم على مبدأ المواطنة الجامعة، بل حصل العكس، حيث الافراط في العنصرية والتشدد الديني سواء في تركيا او إسرائيل، ومن ثم في العراق حيث انتجت التجربة كائنا سياسياً مشوهاً ووضعاً اجتماعياً قلقا اختلطت فيه تلك المصطلحات المستوردة مع المتكلسات الوراثية في بنائه الاجتماعي والديني المحافظ. إن مفهوم المعارضة في التجربة الجديدة سواء في كوردستان التي استقلت ذاتيا سنة 1991م والعراق عموما منذ 2003م هو الاخر انتج ضمن البيئة الاجتماعية وموروثاتها القبلية والدينية كائناً سياسياً هجيناً لا مثيل له حيث تشترك الأحزاب المتنافسة جميعها في السلطة، وتقوم في ذات الوقت بدور المعارضة وهي شريكة أساسية في الحكم ومخرجاته وامتيازاته، خاصة في ابتداع نظام المحاصصة الوظيفية والمناصبية، وعلى مختلف مستويات السلطة، حيث يمارس الجميع الحكم والاستئثار بعطايا وامتيازات الدولة المشرعنة من السلطة التشريعية بشكل مريع جدا، ناهيك عن ان كل هذه الأحزاب والمكونات عبارة عن دويلات لديها دكاكينها الاقتصادية وأذرعها العسكرية (الميليشيات). 

   ولا تختلف بقية الأنظمة التي انبثقت من الانقلابات أو من التغييرات الفوقية بمساعدة الدول العظمى عن التجربة العراقية في ممارساتها ومضمون تفكيرها ٳلا بالعناوين والأسماء، وقد أضاعت فرصة ذهبية لبلورة معارضة وطنية تحت ظلال المواطنة الجامعة، حيث تتكالب كل القوى على اقتطاع جزء من الدولة لتحويلها إلى دويلة وبقرة حلوب، حتى وصلت الأمور إلى درجة بيع وشراء المناصب الوزارية والأمنية والعسكرية بما يمنع قيام أي شكل من أشكال الدولة الحديثة، بل على العكس أصبحت الدولة في هذه البيئة التي تهيمن عليها ثقافة القبيلة والطائفية والمناطقية عبارة عن غطاء أو إطار لهذا الشكل المشوه سواء في العراق أو في بقية هذه المنظومة من الدول التي تحتاج إلى تغيير جذري في بنية النظام السياسي وفي كثير من المفاهيم والنظم الاجتماعية أكثر من حاجتها إلى تداول السلطة بأدوات مشبوهة وصيغ لا تختلف في مخرجاتها عن طبيعة الأنظمة الدكتاتورية. 

   ما يتم ممارسته اليوم في هذه المجموعة من الدول التي اجتاحتها عواصف التغيير المدعوم خارجياً لا علاقة له بالديمقراطية التي عرفناها في الدول الغربية عموماً، رغم أنها ترتدي عباءة الديمقراطية وتستخدم بعض أدواتها في الظاهر وتبطن في داخلها نظاماً شمولياً متشدداً بأدوات دينية أو مذهبية أو عنصرية حتى أصبحت الديمقراطية في بلداننا كالعاهرة المحجبة.

المصدر: شفق نيوز

كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي

إقرأ أيضاً:

علي ناصر محمد: لم أكن سعيدًا بتولّي رئاسة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.. مسؤوليات بلا امتيازات

 

تحدث علي ناصر محمد، رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الأسبق، عن مرحلة تولّي عبدالفتاح إسماعيل رئاسة الدولة والأمانة العامة للحزب، بينما بقي هو نائبًا للرئيس ورئيسًا للوزراء، قائلا إن عبدالفتاح كان "رجلًا مثقفًا ومهذّبًا ومؤدّبًا"، مشيرًا إلى وجود بعض الملاحظات على أسلوب أدائه، لكنه رغم ذلك وقف إلى جانبه ودعمه.

وأضاف خلال لقاء مع الكاتب الصحفي والإعلامي سمير عمر، في برنامج "الجلسة سرية"، المذاع على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن عبدالفتاح جاء بعد مرحلة سالم ربيع علي، الذي كان يحظى بشعبية واسعة، في حين كان البعض ينتقد أداء عبدالفتاح، لكنه شدد على أنه كان سندًا له. وتابع: "واجه عبدالفتاح ضغوطًا كبيرة وقدّم استقالته، ولم أوافق على ذلك لأننا لا نريد تغييرات مستمرة؛ فكل تغيير يجرّ تغييرات أخرى".

وأوضح علي ناصر أنه لم يكن سعيدًا عندما أصبح رئيسًا للجمهورية، قائلًا: "كان عبدالفتاح يتقاسم معي الهم، بل كان يحمل العبء الأكبر، ولم تكن هناك أي امتيازات في المنصب: لا مصالح، ولا ثروات، ولا ودائع أو أموال في الخارج، كنت أعمل 18 ساعة يوميًّا".

مقالات مشابهة

  • مسئوليات بلا امتيازات.. علي ناصر محمد: لم أكن سعيدًا بتولّي برئاسة اليمن الديمقراطية
  • علي ناصر محمد: لم أكن سعيدًا بتولّي رئاسة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.. مسؤوليات بلا امتيازات
  • الظهور الأول لسيارة لوتس الرياضية.. إليترا الهجينة بقوة تقارب 1000 حصان
  • سمارت تقدم #6.. الأولى في عالم السيدان الهجينة| صور
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • ألغاز الاغتيالات السياسية
  • ‎الاتحاد الأوروبي وإقليم كوردستان يعززان تعاونهما بملفات الديمقراطية وحقوق الإنسان
  • الفطيم BYD السعودية تكشف عن ATTO 8: سيارة الدفع الرباعي العائلية الهجينة فائقة القدرة في المملكة
  • رواتب وامتيازات السلطة المتضخمة مفتاح الفساد!
  • ترامب: الفساد في أوكرانيا هائل وغياب الانتخابات يثير تساؤلات حول الديمقراطية